الفصل 13
هل اخطأت النظر؟
لكن لا، لا يمكن أن يخطئ البصر في ذلك الجمال الساطع.
كان إدوين يتلألأ تحت أشعة شمس الربيع.
“سينباي.”
اقترب إدوين بخطوات واثقة وهو يقف أمام القصر.
ثم، وبكل بساطة، التقط حقيبة دانا.
“…هل أتيتَ لتأخذني؟”
هل لأنه خشي أن تكون حقيبتي ثقيلة؟
لكن قبل أن تفتح دانا فمها، قال إدوين.
“أردت فقط أن أذهب معكِ إلى العمل.”
“..…”
“أعتذر لظهوري المفاجئ.”
ابتسم ابتسامة دافئة، وكأنه يؤكد أن مجيئه كان برغبته وحده، حتى لا تشعر دانا بالحرج.
فابتسمت بدورها وهي تستشعر نِيته.
“شكرًا لقدومك.”
“….”
ارتجف بريق عينيه عند رؤيته ابتسامتها، ثم أدار وجهه متجنبًا النظر إليها.
ظهر إحمرار على أطراف أذنيه.
إدوين لم يعرف في حياته طعم الخجل، لكن حين يكون مع دانا، يجد نفسه في مواجهة مشاعر لم يألفها من قبل.
وفيما كان يحاول تهدئة قلبه، راحت دانا تشرح له تفاصيل الرحلة.
“الشيء الجيد أن القصر سيفتح لنا البوابة السحرية. وإلا كنا سنقضي أيامًا في القطار.”
“.…صحيح.”
“ثم إننا لن نواجه وحوشًا، فلا داعي للقلق.”
نظر إليها إدوين بنظرة غامضة.
“قلتِ من قبل إنك عملتِ في الشمال؟”
“نعم، قضيت هناك سنة كاملة.”
“وكيف وجدتِ فرسان الـرون؟”
أثار السؤال فضوله فجأة.
كيف ترى دانا الفرسان الذين كان هو يقودهم؟
هل ستفزع منهم كما فعل توني، وتعتبرهم مجانين؟
أم ستتجاوز الأمر ببرود كعادتها؟
انتظر أن تنفرج شفتاها الصغيرتان بالكلام…
“لا أدري.”
تجمد إدوين للحظة أمام الجواب غير المتوقع.
لكن دانا أكملت بهدوء
“لم أكن أحتك بهم مباشرة. كنت مشغولة أكثر بتضميد الجرحى أو تعقيم إصاباتهم.”
“إذن لا يراكِ أحد إلا إذا كان مصابًا بجراح خطيرة.”
“يمكن أن تقول ذلك.”
كما دائمًا، كانت أجوبتها تبتعد عن توقعاته. فتلألأت عينا إدوين بفضول أكبر.
وبينما هما يتبادلان الحديث، كانا قد وصلا إلى مقر إدارة السحر.
هناك مُنح كلٌّ منهما زيًّا رسميًا خارجيًا، يُرتدى عادة في الحملات التطوعية أو الفعاليات.
سأل إدوين بابتسامة بدت سعيدة بشكل غريب.
“هل نحن فقط من سيرتدي هذا الزي؟”
“نعم.”
‘لماذا يبتسم هكذا؟’
نظرت إليه دانا بتعجب.
في مركز كل إدارة من إدارات الإمبراطورية توجد بوابة سحرية، ولم يكن قسم السحر استثناءً.
وعندما نزلا إلى الأسفل، كان وزير السحر “ديريك” في انتظارهما.
إذ لم يكن مسموحًا بفتح البوابات السحرية إلا للإمبراطوريين أو للوزير نفسه.
“أنتم من قسم ادارة الجرعات. أتمنى لكم رحلة آمنة.”
أخبرهما أن رجال القصر قد عبروا للتو نحو الشمال، ثم أعاد فتح البوابة.
انحنت دانا احترامًا لديريك وسارت باتجاه البوابة.
لكن الوزير أوقف إدوين فجأة.
“لم أرك منذ زمن يا موظف إدارة الجرعات الجديد.”
“ماذا؟”
ألقى إدوين عليه ابتسامة كالقناع.
راقبت دانا الموقف بفضول، فبديا وكأن بينهما معرفة قديمة.
أما ديريك، فقد كان يعرفه حق المعرفة كصديق قديم، وفهم على الفور المشاعر التي يخفيها إدوين خلف تلك الابتسامة.
إنها لم تكن إلا انزعاجًا صريحًا.
ابتسم هو الآخر ابتسامة متحدية، وقال.
“كيف أحوالك مؤخرًا؟ أردت فقط أن أعرف إن كنتَ بخير.”
ثم أشار بعينيه نحو دانا.
من الواضح أنه كان فضوليًا بشأن أحوال صديقه العاطفية.
أجاب إدوين بابتسامة.
“وجدت القبو مظلمًا في طريقي إلى هنا. أستطيع أن أجعله أكثر إشراقًا.”
وكان مقصده واضحًا: كفّ عن التدخل قبل أن أشعل المكان نارًا.
بعبارة أخرى: اخرس واختفِ.
أومأ ديريك برأسه، ثم انسحب بسرعة.
فإدوين كان من النوع القادر فعلًا على تنفيذ تهديد كهذا.
راقبت دانا الحوار الغامض ورحيل ديريك بعينين متسائلتين.
“أأنتما صديقان قديمان؟”
“مستحيل.”
أجاب إدوين بوجه بريء لا يشوبه أثر.
“رجل غريب الأطوار فعلًا.”
“فعلا.”
“لقد تأخرنا كثيرًا. هل ننطلق؟”
مد ذراعه فطوّق كتفها، وسارا معًا داخل البوابة.
***
وصلا في لحظات إلى البوابة الشمالية.
وكما كان متوقعًا، استقبلهما هواء أبرد من العاصمة.
سأل إدوين بلهجة قلقة.
“ألستِ تشعرين بالبرد؟”
“لا بأس. الزي سميك بما يكفي.”
“لكن إن شعرتِ بالبرد فأخبريني.”
“وماذا بعد؟ ستوقد نارًا من أجلي؟”
ألقت دانا النكتة بخفة، فاكتفى بابتسامة صامتة.
ثم أخذ يتأمل المكان من حوله.
رأى أكواخًا خشبية بدا أنها مخصصة للمبيت، فأومأ برأسه.
‘الحطب متوفر بكثرة إذن.’
لكن أحدًا لم يعرف ما دار في باله من افكار خطرة.
في تلك الأثناء، بدأ أفراد الحاشية الإمبراطورية يخرجون واحدًا تلو الآخر من الأكواخ.
عرفت دانا بعض الوجوه، فقد اعتادت رؤيتهم في أنشطة الخدمة المنتظمة.
اقتربوا بحذر على الثلج حتى بلغوا حيث وقفت هي وإدوين.
“لقد وصلتما، أنتما من قسم إدارة الجرعات صحيح؟”
“نعم، نرجو تعاونكم.”
“سبقناكم إلى هنا فاسترحنا قليلًا. أما فرسان الرون، فهم الآن يتناولون إفطارهم.”
“ومتى نلتقي بهم إذن؟”
“بعد ساعتين، في ساحة التدريب هناك.”
وأشار إلى مبنى واسع بدا واضحًا للعيان.
ابتسمت دانا بابتسامة رسمية، ثم توجهت نحو مسكنها.
وكان إدوين يتبعها وهو يحمل حقيبتها.
“إدوين، هل تناولت الإفطار؟”
“لا، وأنتِ، سينباي؟”
“أنا أصلًا لا أتناول الإفطار.”
“ألأنه لا شهية لكِ؟”
“ليس كذلك، بل بسبب الانشغال فقط.”
توقف إدوين فجأة في منتصف الطريق، ونظر إليها بذهول.
“وماذا عن العشاء؟”
“……”
لم تُجِب دانا، بل اكتفت بابتسامة مرتبكة.
‘وجبة واحدة في اليوم؟’
ثم تذكّر كيف كانت تقتات على شطائر رديئة في الغداء قبل مجيئه.
إرهاق زائد، وسوء تغذية… وضع ينذر بانهيار في أي لحظة.
‘هذا غير مقبول إطلاقًا.’
قرر أن يجعل طعامها أولوية قصوى.
كان مسكنهما في الطابق العلوي.
المكان ضيق إذ حُوِّلت علّية السقف إلى غرفتين فقط.
“إذن نحن وحدنا في هذا الطابق.”
“يبدو كذلك. إن شعرت بالملل، تعال لزيارتي.”
ابتسم إدوين مازحًا، فابتسمت بدورها.
وضع حقيبتها في منتصف غرفتها، ثم خرج بهدوء.
“أراك بعد ساعتين.”
“حسنًا، ارتح قليلاً أنت أيضًا، إدوين.”
ابتسم لها وأغلق بابها برفق.
لكن ما إن عاد إلى غرفته حتى ألقى حقيبته أرضًا بلا مبالاة، ثم نزل إلى الطابق السفلي.
كان وجهه جادًا وخطواته ثابتة بلا تردد.
المكان بدا مألوفًا له إلى حدٍّ كبير، حتى الثلج المتراكم عند كاحليه لم يعره انتباهًا.
وسرعان ما التقى بحراسٍ عند حدود القاعدة.
توسعت أعينهم فجأة.
“القائد؟!”
“افتحوا الباب… واتبعوني.”
كانت ملامحه تنذر بأن أمرًا جللًا قد يحدث.
فتبعوه بامتزاجٍ من الفرح والرهبة.
لكن وجهته كانت غير متوقعة على الإطلاق.
دوووم!!
ركل باب قاعة الطعام بقوة، فانفتح مصطدمًا بالجدار.
توقف الفرسان الذين كانوا يكدسون أرغفة الخبز ونظروا بدهشة.
“القائد!”
“يا للروعة، كم اشتقنا لك…”
لكنهم لم يكملوا كلماتهم حتى ابتسم إدوين ابتسامة مبهرة.
“لماذا لا نلعب لعبة؟”
‘لعبة؟’
تجمدت الوجوه في لحظة.
فكلمة “اللعبة” في فرسان الرون لم تكن لفظًا عابرًا.
إذ لم يوبّخ إدوين، القائد والأمير الثالث، أيًّا من رجاله قط.
بل حتى حين كان بعضهم يفرض على المستجدين طقوسًا تعسفية لإذلالهم، كان هو من ألغى تلك التقاليد بصرامة.
لكنه كان يقترح من حين لآخر… “اللعب”.
حيث ينال الجميع فرصًا متساوية، والخاسر يُعاقب.
رحب به الفرسان في البداية بحماس، فهم جماعة تنجذب إلى المتعة والتحدي.
لكن بعد عدة جولات، بدأوا يتعلمون معنى آخر تمامًا…
معنى “الخوف”.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 13"