الفصل 12
وفي تلك الأثناء، في الشمال، فرسان الـرون…
“أشتاق إلى القائد.”
كانوا يتجاذبون أطراف الحديث وهم يجرفون الثلج كعادتهم.
“حقًا… إلى أين اختفى فجأة؟”
“لابد أنه ذهب إلى القصر الإمبراطوري. فهو أمير.”
“أترى الأمر كذلك؟”
عندها ظهر أحد الفرسان المكلفين بالحراسة، وهو يكاد يبكي.
كان رجلاً ضخم البنية، قصير الشعر، وفي يده دمية أرنب كبيرة.
على باطن قدم الدمية كان محفورًا اسم “ميريدا”.
“أنا لا أشتاق إلى القائد.”
“لماذا، هل أغضبك ثانية؟”
“لقد قال إن ميريدا زادت وزنًا عن العام الماضي!”
هممم…
ما إن سمع الآخرون حتى تركوا ما بأيديهم وتجمعوا حوله.
“حقًا… لقد سمنت.”
“نعم، سمنت.”
وانطلقوا في نقاش طويل دام ثلاث ساعات حول كيف ولماذا ازدادت “ميريدا” وزنًا.
ولم يجادل أيٍّ منهم أن دميةً لا يمكن أن تسمن.
***
كان بيتر مايلُو خريجًا متفوقًا من الأكاديمية.
وبمجرد تخرجه، عُيّن مستشارًا في القصر الإمبراطوري.
بل وأصبح المستشار الخاص للأمير الثالث مباشرة!
شرف عظيم ناله في سن مبكرة.
دخل القصر وسط هتافات عائلته وأصدقائه، وكانت أول وجهة له هي الأمير الثالث.
لكن من استقبله لم يكن الأمير، بل خادم من القصر.
“تشرفت بلقائكم! أنا بيتر مايلو، المستشار الجديد الذي سيخدم سمو الأمير الثالث ابتداءً من اليوم!”
وقف بيتر بانضباط، لكن الخادم قال ببرود.
‘سمو الأمير الثالث غير موجود حاليًا. ولن يكون هناك داعٍ للقاءه مستقبلًا كذلك.’
‘ماذا…؟’
‘لقد غاب عن القصر مدة طويلة، وهو يفضّل أن يقوم بكل أموره بنفسه.’
وكان كلامه صحيحًا.
بينما كان مستشارو بقية الأمراء يلهثون في العمل ليل نهار، لم يكن بيتر يفعل شيئًا تقريبًا.
فالأمير الثالث لم يُصدر أوامر، ولم يستخدم الميزانية المخصصة له.
في الحقيقة… لم يُتح لبيتر حتى فرصة لقائه.
كل ما بلغه عنه مجرد شائعات مرعبة.
أنه يقضي على وحوش الشمال وحده… أنه غاية في الوحشية… وغير ذلك.
وفوق ذلك، لم يحضر أي مهرجان أو مناسبة عامة.
والسبب بسيط: الكسل.
لم يعرف وجهه سوى أقل عدد من الخدم اللازمين.
وهكذا كان بيتر يقضي أيامه وحيدًا على مكتبه بلا عمل.
‘كم أتمنى أن أعمل…’
وكان هذا حاله في كل يوم.
حتى بعدما عاد الأمير الثالث من الشمال، لم يستقبله، بل حُوِّل بيتر مباشرة إلى إدارة شؤون السحر.
ولم يطلبه الأمير قط.
فتح بيتر ورقة بيضاء وبدأ يخربش.
‘رسمتُ بالأمس فراشة… فاليوم ربما أرسم طائرًا…’
وكل ما ازداد مع الوقت هو مهارته في الرسم.
وفجأة…
طَق طَق.
صوت طرق على الباب.
“ما الأمر؟”
أجاب بيتر بصوت يائس. لكن ما سمعه كان مفاجئًا.
“سمو الأمير الثالث يطلبك. حالًا!”
“……ماذا؟”
في هذا الصباح الباكر…؟
سأل بيتر بذهول.
لكن الخادم لم يصبر، وفتح باب المكتب.
“اخرج بسرعة! قال إن الأمر عاجل جدًا!”
قفز بيتر واقفًا.
وبعجلة اصطدم بمكتبه وكاد يتعثر، لكنه لم يشعر حتى بالألم.
سمو الأمير يطلبني…!
أخيرًا… أول يوم عمل لي!
ابتسم بوجه منير وهرع خلف الخادم.
“تقدم وحيِّ سمو الأمير الثالث.”
هذا هو… الأمير الثالث؟
توقف بيتر مشدوهًا وهو يحدّق بالرجل الواقف أمامه.
كان شامخ القامة، يلمع تحت ضوء الشمس حتى ليُعمي الأبصار.
وجه رقيق، يكاد يكون وجه ملاك، يطل عليه بابتسامة وادعة.
رجـل لا يمت بأي صلة لتلك الشائعات المروعة… بل كان غاية في الجمال.
“كُح كح!”
لم يحتمل الخادم المشهد فأخرج سعالًا مفتعلًا.
حينها فقط استعاد بيتر وعيه، وأسرع ليؤدي التحية.
كان يلهث من شدة الركض:
“سمو الأمير… الثالث… تشرفت… بلقائكم… أنا… بيتر…هاه ! مايلو…!”
“نعم، هاه مايلو. استدعيتك لأمر عاجل يستلزم التحقيق.”
“آمرني… هااه… بما تشاء!”
أومأ إدوين برأسه نحو الخادم.
ففهم الأخير مقصده بسرعة، وغادر المكان ليتركهما وحدهما.
“ابحث في أوضاع أسرة الفيكونت هارتوين. إلى أي مدى يمرون بصعوبات، وكيف هي أحوالهم.”
“الفيكونت هارتوين…؟”
لم يسمع بيتر من قبل بهذا البيت النبيل الصغير والمغمور.
التقط أنفاسه وسأل.
“تعني من الناحية الاقتصادية… هااه… سموك؟”
“نعم. والأفضل أن تتحقق من مصادر دخلهم أيضًا.”
لماذا يهتم الأمير الثالث بشأن أسرة هارتوين؟
لكن المستشار المخلص لا يسأل عن السبب.
أجاب بيتر بحزم
“سأقدّم تقريرًا خلال أسبوع!”
“لا.”
قال إدوين بهدوء.
“حين أعود من رحلتي.”
اتسعت عينا بيتر وهو يفكر في قلق.
‘ما الأمر؟ هل يختبر قدراتي كمستشار؟’
إن كان كذلك، فهذا حافز أكبر ليثبت جدارته.
أضاف إدوين…
“هاه مايلو، ما يهمني هو النتيجة.”
‘…أي إن الطريقة لا تعنيه.’
فهم بيتر الفطن المغزى على الفور.
في تلك اللحظة، توقفت أمامه عربة فاخرة تابعة للقصر الإمبراطوري.
أومأ إدوين برأسه وكأنه يقول: “ما الذي تنتظره؟ اركب.”
‘هل… هل يقصد أن أستقل هذه؟’
كان ذلك معاملة استثنائية لمستشار.
لم يتمالك بيتر نفسه من التأثر، فغادر القصر على الفور ممتلئًا حماسة.
‘سأبحث عن كل صغيرة وكبيرة، ولو كانت ذرة غبار!’
اشتعلت فيه من جديد تلك المثابرة التي كانت تجعل أساتذته في الأكاديمية يضجرون منه.
***
أما دانا، فقد اضطرت إلى الخروج منذ الصباح الباكر في رحلة عمل.
وضعت في حقيبتها ثيابًا سميكة من خزانتها، ثم نزلت الدرج.
نظرت حولها بهدوء.
كانت الخادمات لم يبدأن عملهن بعد، وكان أفراد العائلة غارقين في النوم.
لا شك أنهم أمضوا ليلتهم في الحفلات والمقامرة، ثم ثملوا حتى الفجر في قاعة الطعام.
أخرجت دانا كيسًا قماشيًّا صغيرًا من حقيبتها.
من داخله ظهرت كرة كريستالية، تبدو كخرزة زجاجية عادية، لكنها في الحقيقة أداة سحرية تعمل بالأحجار السحرية: كرة تسجيل مرئية.
بفضل إدوين، تمكنت من الحصول عليها بسهولة.
وكما شرح لها، أمسكت بالكرة بكلتا يديها وأدارتها في اتجاهين متعاكسين.
-طَق.
بدأ التسجيل.
‘لا بد أن تُسجَّل تفاصيل العقد باي طريقة…’
أرادت دانا أن تُعاقَب أسرتها والكونت هامبرن معًا.
لكنها خشيت إن قامت بالتبليغ، أن يتنصّل أهلها ويقولوا إنهم أُجبروا تحت تهديد الفيكونت.
لذلك كانت بحاجة إلى دليل يثبت معرفتهم بمضمون العقد.
ولهذا استعارت أداة التسجيل.
أخفتها في عمق خزانة الأواني، حيث تحفظ الفيكونتيسة أغلى صحونها التي لا تستعملها إلا للزينة.
تحققت دانا مرة أخيرة من أن كل شيء في مكانه.
وما إن التفتت…
“ماذا تفعلين؟”
انطلقت صيحة حادة.
“……”
تجمدت دانا في مكانها من شدة الصدمة.
برودة اجتاحت جسدها، وعرق بارد انساب على ظهرها.
صاحب الصوت لم يكن سوى جيمي.
كان مستندًا إلى الحائط، يمسك رأسه، واضح أنه يعاني صداعًا وعطشًا بعد إفراطه في الشراب.
تظاهرت دانا بالهدوء وقالت.
“ماذا تعني؟ أستعد للذهاب إلى العمل.”
“هنا؟”
“وهل غريب أن أشرب ماءً قبل الخروج؟”
“إذن ماذا كان ما رأيته للتو؟”
“ما الذي تقصد؟”
دق قلبها بعنف.
تظاهرت مجددًا باللامبالاة وهي تحدق فيه.
أشار جيمي إلى حقيبتها.
“لا تقولي إنك تحاولين الهرب؟ لأنك لا تريدين سداد الدين؟”
“…ما رأيته هو الحقيبة؟”
“نعم! عيوني لا تخطئ!”
كادت تنهيدة الارتياح تفلت منها، لكنها تماسكت.
كانت عيناه محمرتين من أثر الخمر، يرمقها بحدة.
فقالت باستخفاف.
“إنها رحلة عمل في الشمال.”
آه… ارتخى وجه جيمي فجأة.
فهو على الدوام بسيط التفكير، سريع الغضب وسريع الرضا.
“طبعًا… لا يمكن أن تتخلي عن عائلتك.”
تجاوزته دانا دون أن تعيره اهتمامًا. ابتسمت بمرارة.
لماذا يبدون على يقين بأنها لن تهرب أبدًا؟
لطالما عاملتها عائلتها باحتقار، كما لو أنها سجينة بينهم.
وكأنهم متأكدون أنها لن تفلت منهم.
‘ولكن… لماذا ظللت أحتمل؟’
عاد ذلك السؤال القديم يطفو في قلبها.
كانت دائمًا تشعر أن مخالفة أوامرهم، أو التوقف عن التضحية من أجلهم، سيجلب كارثة.
رغم علمها بظلمهم، ابتلعت كل شيء بصمت.
‘ما الذي غيّرني فجأة؟’
أمالت رأسها في حيرة.
وبينما غاصت في التفكير، فتحت باب القصر…
فاتسعت عيناها في دهشة.
“…إدوين؟”
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 12"