مقدمة
“حان الوقت لنذهب إلى منزلنا.”
“هاه؟ أ-آه…”
“اتفقنا أن نُحيي عائلتي بشكل لائق حين نصل إلى البيت.”
ابتسم إدوين نحو دانا بابتسامة مشرقة.
شعره الأشقر كالذهب المذاب، عينيه المغمضتين بلطف، أنفه الحاد وفكّه المرسوم بدقة…
اليوم، بدت وسامته أكثر تألقًا من المعتاد.
إنه وسيم كالعادة…
“هل يعجبكِ وجهي إلى هذه الدرجة؟”
ما قطع سلسلة أفكار دانا كان سؤال إدوين البريء.
“أعجبني… لا، هذا ليس ما عنيته!”
فتحت دانا نافذة العربة المتحركة.
نعم، قد تكون غافلة، لكن لا شك أن هناك أمورًا كانت مريبة.
جلسة المحاكمة التي حُدد موعدها بسرعة مريبة.
الزهور في الدفيئة التي بدت وكأنها من حديقة القصر الإمبراطوري.
الرقي والفخامة الطبيعية التي كانت تميز إيدوين منذ البداية.
علاقته الوثيقة اللافتة بوزير قسم السحر.
.…لكن، مهما يكن، زوجي هو أمير!
هل يمكنني حقًا أن أدعو هذا القصر الهائل بـ”منزلي”؟
أحتاج… فقط القليل من الوقت الإضافي لأتهيأ نفسيًا!
“هاها… إدوين، هل يمكن أن نؤجل الأمر ليوم آخر؟”
“لا يمكن، دانا.”
قالها وهو يحتفظ بابتسامة حانية عند شفتيه.
“وعدتِ بأن تقبليني بالكامل، أليس كذلك؟”
“……”
“منذ اللحظة التي رأيتكِ فيها، كنتِ دومًا لي.”
توقفت دانا عن الحركة.
نظراته المثبتة عليها كانت تغلي بهوس مكبوت.
***
كانت دانا هارتوين تعمل في قسم إدارة الجرع العلاجية التابع لوزارة السحر.
اسم القسم يبدو مبهرًا، لكن عملها لم يكن أكثر من موظفة صغيرة تصنع جرعات استعادة الطاقة.
اليوم أيضًا، كانت تفحص المخزون وتلصق الملصقات على الزجاجات. عملها بسيط… لكن كثافته كانت شاقة.
كونها من أسرة متواضعة، فإن حصولها على وظيفة في إدارة السحر لم يكن بالأمر السهل.
لكنها نالت الوظيفة بفضل عامٍ قضته في الشمال، حيث تعج الوحوش السحرية.
عانت الأمرّين مقابل الراتب العالي، حتى كادت تفقد حياتها.
ولحسن الحظ، كان هناك قانون يسمح للذين خدموا أكثر من عام في فرقة إبادة الوحوش بالحصول تلقائيًا على وظائف في الإدارات ذات الصلة.
ودانا كانت إحدى هؤلاء.
رغم أن المقابلة كانت غريبة نوعًا ما…
كالعادة، طُرحت أسئلة شكلية من المقابلين، وكانت النتيجة محسومة منذ البداية.
لكن بعد إجابتها على آخر سؤال، حصل شيء غريب.
“هل لكِ شاعر مفضل؟”
السائل كان رجلاً يجلس بصمت خلف ستارة في آخر القاعة، وقد لفت انتباهها طيلة المقابلة.
“نعم، لدي.”
أجابت دانا من دون تردد، مستحضرة في ذهنها الشاعر الذي تحبّه.
ثم…
“……”
لم يعلّق الرجل خلف الستارة بشيء.
وهكذا قُبلت دانا وبدأت العمل بصمت لأكثر من عام.
كانت تعمل بجد، بل بتفانٍ مبالغ فيه، حتى أنها لم تتردد في العمل الإضافي وعطلات نهاية الأسبوع.
كل ذلك من أجل الحصول على أجر إضافي.
كانت دانا هارتوين تُعرف في قسم إدارة الجرع بلقب “الموظفة المُسْتغَلة رسميًا”.
موظفة تتناول ساندويتشًا رخيصًا لوجبة واحدة في اليوم، وتعجز عن إيقاف إسراف عائلتها.
وكان المسؤول عن فضح كل شيء هو شقيقها جيمي.
عندما رفضت إعطاءه مالًا لمشروعه، جاء إلى مقر عملها وبدأ بالصراخ والتشكي. ومعه والدتهما.
“ألا يمكنكِ حتى أن تمولي مشروع شقيقكِ الوحيد رغم أنك تتقاضين راتبًا كبيرًا؟ هل الأمر بسبب القرض السابق؟ أم الذي قبله؟”
“كيف يمكنك أن تكوني بهذه القسوة تجاه عائلتك؟”
رؤية ملابسهم الفاخرة والمجوهرات التي يرتدونها جعلت الموظفين الآخرين يهزون رؤوسهم بأسى.
وحتى الآن، ما زالت دانا تشعر بالخجل كلما تذكّرت ذلك اليوم.
وأثناء محاولتها تبريد وجهها وهي تلوّح بيدها، قالت لها زميلتها:
“دانا، حان وقت الغداء. ستتناولين ساندويتشك الرخيص عند النافورة مجددًا، أليس كذلك؟”
ابتسمت دانا بابتسامة محرجة. لم يعد هناك ما يمكن إخفاؤه.
“أراكِ لاحقًا.”
بينما توجه الزملاء إلى مطعم قريب، جلست دانا عند النافورة.
كان مكانًا هادئًا يخلو من الناس وقت الغداء، وهذا ما كانت تحبه.
عندما تنشقت الهواء، انبعث عبير الأشجار من الحديقة الخلفية.
دانا كانت تشعر بالقوة كلما اقتربت من الطبيعة.
أخرجت ساندويتشها الرخيص. كان يحتوي على لحم وخضار تبدو وكأنها منتهية الصلاحية.
“كم قيمة فائدة القرض لهذا الشهر يا ترى…”
تمتمت وهي تقضم قضمة من الساندويتش.
عندها، بدأت النافورة ترش الماء بدقة عند الموعد المحدد، وصوت المياه الهادئ انتشر من خلفها.
وكأن ذلك ساعد عقلها على الصفاء قليلًا.
عندما نظرت في سطح الماء، رأت تحت عينيها دوائر سوداء.
وفي الوقت نفسه، كانت خصلات شعرها الأسود تتمايل مع النسيم.
بدأت تلهو بيدها فوق سطح الماء.
“يا له من مكان هادئ في عملي…”
“هل أقتله…؟”
ما قطع هدوء اللحظة كان صوت بارد من الجهة المقابلة للنافورة.
ماذا؟ جريمة قتل في مكاني المقدّس؟
توترت عضلاتها حتى لم تستطع أن تحرّك قدمًا.
وعندها، ظلّ ضخم غطّى جسدها المرتجف.
كانت خطوات رجل تقترب.
رفعت دانا رأسها ببطء. وتلاقت عيناها مع عينيه.
“هاه؟”
لم يكن رجلًا مخيفًا أو قاسي الملامح.
بل كان شابًا أشقر يشبه الملاك.
كان جسر أنفه طويلًا فوق بشرته النقية.
رغم لطف عينيه، إلا أن شفتيه الحمراوين المثيرتين انسجمتا بانسجام غريب.
“……”
“……”
استمر التحديق المتبادل لعدة ثوانٍ.
أسرت نظراته الحمراء القوية أنظار دانا.
وقطع أفكارها صوته قائلًا:
“……يا لي من محظوظ اليوم.”
تبع ذلك ابتسامة مشرقة، ابتسامة حلوة وكأنها ستذيب القلب، جعلت دانا تحدق به شاردة لبعض الوقت.
ابتسم الرجل بخفة وهو يضع الكتاب الذي كان يحمله.
“هل هناك شيء على وجهي؟”
“……آه، أعتذر!”
لقد حدّقت فيه بطريقة فظة للغاية.
عبثت دانا بأصابعها بخجل وقالت:
“السبب الذي جعلني أحدق هو… فقط لأنك قلت إنك ستقتل أحدًا…”
“آه، لا بأس، ليس بالأمر المهم. هناك شخص جعلني أنتظر.”
كيف يكون التهديد بالقتل أمرًا غير مهم؟ ولكن تلك الابتسامة جعلتها تصدّق.
“آه، نعم، غير مهم! سأذهب الآن، عذرًا على الإزعاج!”
حاولت دانا الانسحاب بسرعة، لكنها اصطدمت بالكتاب الموضوع على حافة النافورة.
يا إلهي!
وقبل أن تتمكن من الإمساك به، سقط الكتاب في الماء.
أسرعت والتقطته، ونفضت الماء عنه.
لكن الكتاب المبلل لن يعود كما كان أبدًا.
“أنا آسفة، حقًا آسفة!”
يا لهذا اليوم السيء! عبست دانا بشدة.
“سأعوضك عنه!”
“لا حاجة لذلك.”
لوّح الرجل بيده مطمئنًا بأنها لا تحتاج لتعويضه.
حتى قلبه ملاك كوجهه. هزت دانا رأسها بانبهار كما لو كانت مسحورة، ثم ناولته الكتاب بناءً على إشارته.
وعندما نظرت إلى الغلاف، اتسعت عيناها.
إنه ديوان شعر لـ”شين”.
“آه؟ أنا أحب هذا الديوان أيضًا!”
“أعرف.”
يعرف ماذا بالضبط؟
فتحت دانا عينيها على اتساعها، فمدّ يده بلطف وأزال قطرات الماء التي علقت على شعرها الأمامي من أثر تنفيضها للكتاب.
“آه…! نادرًا ما أجد من يعرف هذا الشاعر… من الجميل أن ألتقي بك!”
قالت دانا ذلك وابتسمت ابتسامة مشرقة كأشعة شمس الربيع.
“……”
تجمدت حركة الرجل أمام تلك الابتسامة.
تذبذبت نظراته الحمراء اللامعة.
دون أن يشعر، مدّ يده نحو خدها.
أغمضت دانا عينيها فجأة عند لمسه المفاجئ.
وبينما كانت متوترة، بدأ وجهاهما يقتربان من بعضهما.
ثم همس الرجل بصوت منخفض:
“أريد أن أقول شيئًا…”
بلعت دانا ريقها بقلق.
وفي تلك اللحظة…
“ها أنت هنا!”
ظهر أحدهم من بعيد.
تراجعت دانا بسرعة وقد أصابها الارتباك.
كان الصوت لسكرتير وزير السحر.
لم يكن مسؤولها المباشر، لكنه أعلى منها رتبة بكثير.
‘لا يمكنني مواجهة أحد الرؤساء في وقت راحتي الثمين.’
تراجعت دانا بسرعة وقالت للرجل:
“أعتذر عن الإزعاج. سأذهب الآن!”
“انتظري…”
لكنها اختفت قبل أن يتمكن من إمساكها.
وبينما كانت تبتعد بخطى سريعة، عادت إلى ذهنها اللحظات السابقة.
‘ما الذي حدث للتو؟’
تلك الرجفة الأولى، وتلك الحمرة التي غطت وجهها…
إحساس غريب، كالدغدغة في صدرها، لم تألفه من قبل.
أما الرجل ذو المظهر الملائكي، إدوين، فظل يحدّق في اتجاهها طويلاً.
وفي هذه الأثناء، اقترب منه السكرتير وقال بأدب:
“أُحيي سمو الأمير الثالث. جئت لأصطحبك…”
“يا له من توقيت سيئ.”
‘لقد مرّ وقت طويل منذ آخر لقاء.’
ابتسم الرجل، فارتعد السكرتير في مكانه.
فابتسامة الأمير الثالث إيدوين هيدلون كانت كإشارة لاقتراب الموت.
ولحسن الحظ، مرّ إيدوين بجانب السكرتير بول دون أن يلتفت إليه.
“هل كانت دانا هارتوين بخير طوال الفترة الماضية؟”
“نعم، كما رأيت قبل قليل.”
تذكر بول بوضوح الموظفة المبتدئة دانا.
فهي كانت من اختيار الأمير الثالث بنفسه.
ورغم أن مؤهلاتها كانت كافية للقبول، حتى بدون تدخله.
“سأُرشدكَ إلى معالي الوزير الآن.”
قاد بول الأمير بانحناءة.
فالأمير الثالث كان شخصًا لا يمكن التنبؤ بتصرفاته.
كان من الأفضل لو كان طاغية، لكنه كان مجنونًا لا يمكن التكهّن بتحركاته.
وأثناء سيره خلف بول، بدأ إيدوين يدندن بلحنٍ خافت.
غير مدرك أن وجه بول قد شحب تمامًا.
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 1"