كان قصر الكونت إكرون يقع وسط الجبال التي تحتضنه من كل الجهات، شامخًا على هضبة صخرية يطل منها على الغابات المتماوجة بهدوء. كانت الطبيعة الهادئة تنسجم بانسجام رائع مع المظهر المهيب للقصر، وفي الخندق المائي الصافي المحيط به كانت تسبح بجعات بيضاء بأناقة آسرة. ورغم أن لين قد شاهدت في الأفلام قصور أوروبا في العصور الوسطى، إلا أن ذلك لا يضاهي رهبة المشهد حين تراه العين مباشرة. شعرت لين بحماسة غريبة تجتاح قلبها أمام هذا القصر المهيب.
[إنه قصر… قصر حقيقي من العصور الوسطى!]
حين عبرت لين الخندق المائي برفقة “ميرلين” و”آرثر”، أبهرها كل ما رأته. وسط حديقة مترامية الأطراف، غمر الضباب الخفيف القصر العتيق، مانحًا إياه جمالًا فخمًا لا يخلو من الروح الطبيعية، وكأنهم قد دخلوا إلى عالم أسطوري يشبه الأحلام.
“ميرلين، هل أحضرت آرثر معك؟” جاء صوت رجل مسن ذو شعر بني يهرول نحوهم، يتبعه فتى في عمر آرثر تقريبًا، يحمل بين ملامحه الحادة مسحة عناد.
ابتسم ميرلين ابتسامة هادئة، وأخرج آرثر من خلفه قائلًا: “لا داعي للقلق الآن يا سيدي الكونت، لقد أحضرت آرثر.”
تنفس الكونت الصعداء، ثم التفت إلى الفتى الآخر قائلًا: “كاي، ألا تعتذر لآرثر؟ لولا أنك بدأت الشجار لما تشاجر معك!”
كاي؟ شعرت لين أن هذا الاسم مألوف، وسرعان ما تذكّرت أنه ابن الكونت إكرون الحقيقي.
تقدم كاي بخطوات متثاقلة، وتمتم باعتذار بالكاد يُسمع: “آسف!”
آرثر أدار وجهه عنه، ولم يُجبه.
جُرح كبرياء كاي، فغضب وقال: “لقد اعتذرت! ماذا تريد أكثر؟ وهل قلتُ شيئًا خاطئًا؟ لو كان الملك يحبك حقًا، لما أرسلك لتعيش هنا!”
رفع آرثر عينيه نحوه، وبدت في عينيه نظرة حادة جعلت من الصعب مواجهتها.
“كاي! اصمت حالًا!” قال الكونت بعصبية، ثم التفت ليرى لين، فسأل بدهشة: “ومن هذه الفتاة؟”
أشار ميرلين إليها وقال: “هذه الفتاة أنقذت آرثر، وقد قررت أن أقبلها كتلميذة لي. إذا لم يمانع الكونت، فهل يمكنها الإقامة هنا أيضًا؟”
قال الكونت مبتسمًا: “بالطبع، لا مانع لدي، ولكن تبدو هذه الفتاة من غير قومنا، أليس كذلك؟”
“نعم، لكنها فتاة تجلب الحظ الجيد.” أجابه ميرلين بابتسامة.
عندها أشرق وجه الكونت: “طالما أن مرلين يقول ذلك، فلا بأس أبدًا. لا بد أنكم جائعون، هيا إلى مائدة الفطور.”
راقبتهم لين بصمت، وقد شعرت – ربما كان من خيالها – أن الكونت يكنّ شيئًا من التوجّس تجاه مرلين.
[لحظة! هل قال فطور؟ يا للسعادة! لا بد أن هناك بيضًا!]
لكن عندما نظرت إلى الطعام على الطاولة، شعرت برغبة عارمة في الصراخ.
كانت الطاولة الطويلة المصنوعة من خشب الكرز مغطاة بمفرش فاخر، وعليها صف من الحليب، وعصيدة الشوفان، والخبز، واللحم المقدد… لكن لا أثر للبيض!
[لماذا؟ لماذا؟!]
رغم شعورها بالإحباط، لم تجرؤ على السؤال عن البيض. لو أثارت شكوك مرلين، قد لا تتمكن من العودة إلى عالمها. فلتتناول فطورها الآن ولتفكر لاحقًا.
لكن بينما كانت تستعد للأكل، لاحظت أمرًا غريبًا.ش
بجانب الطبق لم يكن هناك سوى سكين صغيرة، ولا وجود لأي أدوات طعام أخرى!ض
أين الشوكة؟ نظرت حولها بدهشة، لتكتشف أن الجميع يقطعون اللحم ثم يغسلون أيديهم في صحون ماء فضية ويأكلون بأيديهم!
“دونغ——” اهتز جسدها قليلًا، لا يُعقل… هل الشوكة لم تُخترع بعد؟!
وأثناء دهشتها، لاحظت أن الكونت كان يراقب آرثر وكاي أثناء تقطيعهما للّحم.
قال فجأة: “كاي، عليك أن توزع قوتك أثناء التقطيع كما يفعل آرثر.”
توقف كاي للحظة ثم أجابه بخضوع، وأعاد المحاولة بحذر.
همس مرلين في أذنها: “تقطيع اللحم مهارة أساسية في تدريب الفارس.”
أوه، هكذا إذن. يبدو أن أن تصبح فارسًا ليس بالأمر السهل. استعادت وعيها تدريجيًا، واستسلمت للواقع… لا خيار سوى التكيّف مؤقتًا. فقط… إذا وجدت البيض، ستعود فورًا.
بدأت بتقطيع لحمها، لكنها لم تكن معتادة على استخدام السكين، فحاولت مرارًا دون أن تنجح.
بعد محاولات لا تُعد، رأت آرثر الجالس أمامها يبتسم بسخرية.
شعرت بالحرج، فزادت من قوتها… وفجأة انطلقت شريحة من الخيار من صحنها كالرصاصة، وارتطمت مباشرة بعين آرثر اليسرى.
تجمد الجو فجأة… الكل صامت ويأكل بهدوء، بينما رأت لين عرق الغضب ينبض على جبهة آرثر، وكاي يخفض رأسه محاولًا كتم ضحكته.
بعد ثوانٍ من التجمّد، أزال آرثر بهدوء “قناع العين الطبيعي” عن وجهه، ووضعه جانبًا، ثم تابع أكله وكأن شيئًا لم يكن.
“آسف…” بدأت تقول، لكنها توقفت عندما واجهت نظرة آرثر الحادة. التفتت بخجل، فالتقت عيناها بعيني كاي، الذي رمش بعينه مبتسمًا.
بدت عليها الغضب، لكنها لم تعرف كيف ترد. ابتسم آرثر ساخرًا.
وبعد أن انتهوا من الطعام، وضع مرلين سكينه وقال: “أين السيدة الكونتيسة؟ لم أرها اليوم.”
أجاب الكونت وهو يمسح فمه بمنديله الأبيض بنعومة: “ذهبت إلى أراضي المركيز فيس لزيارة ابنة خالتها، وستعود بعد أيام.”
اغتنمت لين الفرصة، ومسحت فمها بسرعة بمنديلها، فهي لم تقتنع بتلك الطريقة المتكلفة.
===
بعد الإفطار، أخذها مرلين في جولة حول القصر. لم يكن مجرد مبنى، بل مجموعة متكاملة من المرافق: غرف سكن، مشغل للنساء، مطبخ، مخبز، معصرة، مخزن، زريبة، طاحونة، قبو نبيذ، وحتى بركة للأسماك.
وحين وصلا إلى إسطبل الخيول، توقف مرلين. كانت الخيول هناك قوية لامعة، تدل على الرعاية الجيدة.
قال: “هنا ستقيمين مؤقتًا. حتى يصبح آرثر ملك إنجلترا، ستظلين في هذا القصر.”
“ماذا؟! لكنه لا يزال في السابعة! أي أنني سأعيش في هذا العالم لسنين؟!” ارتعد جسدها من الصدمة.
ابتسم مرلين: “هذا عالم مختلف، ويجب أن تشعري بالحظ. من يملك حياتين مختلفتين في آن واحد؟ لا تقلقي، الزمن هنا أسرع من عالمك، وعندما تنتهي اللعبة، لن تكون قد فاتتك أشياء كثيرة هناك.”
قالت بمرارة: “محظوظة؟ بل أشعر أنني أكثر الناس نحسًا.”
قال وهو يربت على رأس مهر صغير: “يجب أن تعرفي الأساسيات. في هذا العالم، عندما يبلغ فتى من عائلة نبيلة عمرًا معينًا، يتم إرساله إلى أحد النبلاء ليتلقى تعليمه كفارس. يبدأ كخادم صغير، ويتعلم آداب النبلاء من الكونتيسة. أما الفروسية والسلاح والحرب، فكان يُفترض أن يتولاها الكونت، لكنه أوكلها إليّ.”
قاطعته قائلة: “ما علاقتي بكل هذا؟”
أجاب بهدوء: “من الغد، ستبدئين تدريبك معهم.”
“ماذااا؟!” صرخت. هي مجرد طالبة ثانوية! لماذا عليها تعلم كل هذا؟
ابتسم مرلين وكأنه توقع ردة فعلها: “هل نسيتِ؟ هذه لعبة. وعليكِ خلال هذه السنوات أن ترفعي مستواك، لتتمكني من مساعدة الملك آرثر في العثور على الكأس المقدسة. وإن لم تكوني مفيدة، فلن تكملي اللعبة.”
صرخت بيأس، ثم جلست على مقعد خشبي في الفناء، مكتئبة. كل ما تريده الآن… هو بيضة!
تقدم مرلين، ثم توقف وقال: “نسيت أن أخبركِ، ذلك المقعد عليه فضلات طائر.”
“آآآه!” قفزت كمن صُعقت، ومدّت يدها تتحسس… شيء دافئ، لزج…!
اختفى مرلين، وظلت ضحكته تتردد في الهواء.
“لماذا أنا منحوسة هكذا؟!” تمتمت وهي تستعد للعودة، لكن تذكرت فجأة أنها رأت قن دجاج قرب الزريبة… وتألقت عيناها. إن كان هناك دجاج، فلا بد من وجود بيض!
قفز قلبها من الفرح، وركضت نحو القن دون أن تغير ملابسها. المهم الآن… أن تجد البيض!
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 7"