لا أحد يعلم كم من الوقت مرّ، حين أنهى الرجل طعامه وغادر المنزل من جديد.
وما إن خرج، حتى سارعت المرأة التي تُدعى آنا برفع لوح الأرضية، وقالت بصوت متوتر:
“سيعود قريبًا، اهربا بسرعة!”
سألتها لين بصوت خافت تخنقه مشاعر الخوف:
“أنتِ… لماذا تزوجتِ رجلاً كهذا؟”
أجابت آنا بحزنٍ ظاهر:
“إنه عملاق يقتات على لحوم البشر… كنتُ خطيبة الفارس آيدا، لكن ذلك العملاق اختطفني وجعلني زوجة له، وعندما جاء آيدا مع رفاقه لإنقاذي، كسر ساقيه، ومنذ ذلك الحين… لم أعد أملك خيارًا سوى الصبر والاحتمال كي أعيش.”
عملاق؟!
فجأة، أدركت لين سبب ذلك الشعور الغريب الذي راودها منذ دخلت هذا المنزل—كل الأثاث كان أكبر من المعتاد!
“ألم تفكري بقتله؟” سأل آرثر فجأة.
أجابت آنا والغضب يملأ عينيها:
“كيف لا؟! أود سلخه حيًّا، لكنني امرأة ضعيفة، ماذا عساي أن أفعل؟ طلبتُ من العديد من الفرسان مساعدتي، لكن قوته كانت هائلة، ولم يكن أحد ندًا له. في الحقيقة، حين دعوتكما للمبيت، كنت أطمع ببصيص أمل، لكنكما شابان صغيران، ولم أشأ أن أُورّطكما، لذا أرجوكما، اهربا فحسب…”
قال آرثر بنظرة مشتعلة بالإصرار:
“سيدتي، اسمحي لي بمساعدتك. الجُبن والهرب وترك الضعفاء للموت… هذا ليس من شيم الفروسية.”
صرخت لين، وقد صُدمت:
“آرثر، هل جننت؟! كيف سنهزم وحشًا يقتات على البشر؟!”
أجابها بجفاء:
“إن كنتِ خائفة، فاختبئي. فقط لا تعيقي طريقي. فالفروسية، على أية حال، لا تنطبق عليك.”
تجمدت في مكانها، لا تدري ما تقول.
لقد كانت تحفظ مبادئ الفروسية عن ظهر قلب…
المبدأ السادس: الشجاعة في مواجهة الشر دون تردد.
السابع: التعاطف، والرحمة، ونُصرة الضعفاء.
هي تعرف، لكنها لم تكن تملك الشجاعة للوقوف في وجه عملاق مفترس…
حتى في لعبة، لم تكن تجرؤ.
كانت لا تزال مجرد طالبة ثانوية عادية…
قال آرثر، وهو يخرج سيفه العريض الإنجليزي:
“سيعود قريبًا، وسأكون في انتظاره هنا.”
قالت آنا والدمع في عينيها:
“شكرًا لك، أيها الشجاع. عينه اليمنى تُطلق لهبًا، وقد مات الكثير من الفرسان بسببه. رجاءً… كن حذرًا.”
عاد آرثر ولين إلى القبو، وكان الخُطة أن تُسكر آنا العملاق وتضرب الأرض ثلاثًا لتُعطي الإشارة، حينها سيهجم آرثر مباغتًا.
لكن آنا حذّرتهما مرارًا، فالعملاق حتى حين يسكر يبقى ذا قوة لا تُقهر، وقد فشل كثيرون قبلهما.
أما لين، فلم يكن مطلوبًا منها سوى البقاء في مكانها.
في ظلمة القبو، أخرجت لين قوسها البسيط المصنوع من خشب الأرز الأرجواني، وسهامها القليلة، فهي لم تجلب قوس القمر بعد.
رغم الموقف الخطير، كادت تضحك—واضح عليه القلق، لكنه يرفض الاعتراف.
قال بصوت منخفض:
“مهما حدث، ابقي هنا فقط.”
سألته بتردد:
“هل… هل أنت واثق من أنك ستنتصر عليه؟”
أجابها بصراحة فاجأتها:
“لا، لست واثقًا… لكن حماية الضعفاء هي واجب كل فارس.”
شعرت بشيء يتحرك في قلبها…
رغم الظلام، أطرقت برأسها، وكأنها تحاول الهروب من شيءٍ بداخلها…
ساد صمت ثقيل… حتى صوت الحطب أصبح مسموعًا بوضوح.
ثم فجأة، دوّت خطوات ثقيلة تهز الأرض…
عاد العملاق!
ثم… صوت شخيرٍ عالٍ يهز السقف—نام العملاق أخيرًا.
ثم جاءت الإشارة: طرق خفيف على الأرض!
لقد حان الوقت!
رأت ومضة فضية، ووثب آرثر خارج القبو في لحظة، وفي لحظة أخرى، دوّت أصوات الصراخ، والسيوف، وصرخات العملاق، ونداءات آنا الخائفة…
ارتجف قلب لين.
هل ستبقى مختبئة هنا؟
ماذا لو هُزم آرثر؟
هل تنتهي اللعبة إن مات؟
ارتعشت أصابعها الممسكة بالقوس، وشعرت برعشة غريبة تنهض من أعماقها…
هي ليست تلك الفتاة الضعيفة من العالم الحقيقي!
هي الآن… تعرف السيف، القوس، والسحر!
فهل تُقاتل؟
لكن قبل أن تقرر، سمعت ضحكة العملاق:
“هاهاها! أيها الأحمق، أنت تبحث عن الموت!”
آرثر؟!
انتفضت، ومن دون تردد، رفعت لوح الأرضية، وقفزت إلى الأعلى.
في اللحظة التي واجهت فيها العملاق وجهًا لوجه، شعرت بالرعب يغزو جسدها—هذا ليس كائنًا عاديًا…
كان أسطوريًا بكل معنى الكلمة.
رأسه أصلع متفرّق الشعر، عيناه كالجرار، طوله مرعب، ويده الواحدة قادرة على سحقها…
نظر إليها وقال بابتسامة مريبة:
“هاه؟ فتاة صغيرة طريّة الجلد؟ تبدين شهية! هل أطبخك أم آكلك نيئة؟”
شحب وجهها خوفًا.
نعم، قرار متهور… متهور جدًا.
صرخ آرثر:
“أيتها الغبية! لماذا خرجتِ؟!”
رأته يمسك يده اليسرى، جُرح!
صرخت، “جئت لأساعدك!”
زأر العملاق:
“كفى! سأشويكما معًا!”
غمز بعينه اليمنى، فانطلقت منها كرة لهب نحو آرثر.
لكن لين لم تنتظر، فتمتمت بتعويذة ريح، وإذا بالنار تنحرف فجأة نحو بطن العملاق!
صرخ العملاق متألمًا!
صرخ آرثر:
“صوبي نحو عينه اليمنى!”
اندفع مجددًا نحو العملاق. كان رشيقًا رغم جسده النحيف، يتحرك بخفة وأناقة، متجنبًا الهجمات بمهارة عالية.
أما لين، فاستغلت الفرصة لتصوب سهامها…
لكن السهام الأولى أخطأت الهدف!
سهمًا بعد سهم، وكانت تفشل كل مرة…
وحين وصلت للسهم الأخير، تجمّدت!
العملاق لا يزال يطلق اللهب، والمسافة بعيدة، والهدف يتحرك باستمرار…
لا سبيل سوى الاقتراب!
“ماذا تنتظرين؟! تريدين أن تُشوى حيّة؟!” صرخ آرثر.
صرخة زلزلت داخلها…
إن لم تقتل العملاق الآن، سيموتان معًا!
إما الشواء، أو القتال!
صرخت بداخلها، واندفعت!
أمسكت السهم والقوس، وانطلقت بخفة، وبمهارة لا تُصدق، تشبثت بمعصمه، ثم قفزت إلى كتفه، كل حركتها كانت كأنها مُدربة، كأنها جزء من رقصٍ قتالي!
وبينما كان العملاق يتلفت بدهشة، غرزت السهم في رأسه كخنجر، ثم في لحظة انكماشه، سحبت السهم، وأطلقت السهم الأخير نحو عينه اليمنى بكل قوتها!
طاخ!
سهمٌ في الصميم، وصرخة ألم ملأت السماء!
تراجع العملاق، يصرخ ويمسك وجهه، أما لين فقد ذُهلت مما فعلت!
صاح آرثر:
“انزلي بسرعة!”
في اللحظة نفسها، انطلقت سيفه كالقمر، واستقر في قلب العملاق بدقة قاتلة!
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 27"