عندما عادت لين إلى المنزل مساءً، كانت لا تزال تفكر في ما حدث صباحًا.
[ربما… ربما كانت قد سمعت خطأً؟ ذلك الشاب، الذي بدا وكأنه نزل من السماء، كيف له أن يفعل شيئًا سخيفًا كهذا؟]
“لين! سألتك كم مرة، هل اعتدتِ على المدرسة الجديدة؟”
لم تنتبه إلا عندما ربتت والدتها برفق على كتفها.
“همم، لا بأس.”
أومأت برأسها والتقطت قطعة من الباذنجان المطهو بالصلصة.
قالت والدتها بنبرة مفعمة بالحرص:
“أكاديمية وانْ يِه من أفضل المدارس في المدينة، عليك أن تجتهدي في دراستك وتلحقي بزملائك، حتى تدخلي جامعة مرموقة في المستقبل. فالالتحاق بجامعة جيدة هو الطريق إلى…”
“أمي… هل سافر أبي على متن الطائرة بعد الظهر؟ كم يومًا سيغيب هذه المرة؟”
قاطعتها سريعًا — لم تكن تطيق سماع هذا النوع من التذمر اليومي، وكانت دائمًا ما تلجأ لتحويل مجرى الحديث.
“والدك سيعود حالما يُنهي الصفقة.”
وضعت لها بعض الجزر في طبقها، “كلي المزيد من الجزر، مفيد لعينيك.”
عبست لين وهي تزيح الجزر بكُراهيَة.
“أبي منشغل دائمًا بالسفر والصفقات… هذا كثير.”
قالت الأم، وهي لا تزال تضع الطعام في طبقها:
“كل ما يفعله والدك هو لأجل هذا البيت. لو لم يكن يعمل هكذا، لما استطعنا دفع أقساط أكاديمية وانْيِه الباهظة. أما أنت، فركزي فقط على دراستك، هذا كل ما عليك.”
“مم…”
أجابت بصوت خافت، ثم أكلت ما تبقى في صحنها بسرعة.
“ماما، انتهيت من الأكل.”
ابتسمت والدتها:
“حسنًا، اذهبي واغسلي يديك ثم ابدئي بحل واجباتك.”
حين حاولت حمل الطبق إلى المطبخ، أخذته والدتها منها على الفور.
“قلت لكِ، أنتِ لا تهتمي إلا بالدراسة. اذهبي الآن. آه، وتذكرت! بدءًا من الأحد القادم، أحضرت لكِ معلمَين خصوصيين، للإنجليزية والرياضيات، كلاهما من أساتذة المدارس المتميزة!”
فجأة، شعرت لين أن مزاجها تلاشى تمامًا، كأن أحدًا سكب عليه الماء البارد.
انسحبت بهدوء إلى غرفتها، وألقت بنفسها على السرير، عيناها تحدقان في السقف، ثم تنهدت بمرارة:
“يا إلهي… ما هذا الملل؟!”
دراسة، ثم واجبات، ثم امتحانات…
هل هذه هي حياتها؟ أن تدرس وتدرس، ثم تدخل جامعة مرموقة، ثم تجد وظيفة “محترمة”، وتتزوج من رجل تعرّفت عليه عبر زواج مدبّر، وتنجب طفلًا، ثم تصبح مثل والدتها، تكرر نفس الجمل المملة لأطفالها:
[ادرس، ذاكر، اجتهد، لا تلعب كثيرًا…]
رغم أنها تعلم أن كل ذلك ممل حتى الموت، لكن… أليس هذا هو “الحياة” التي يعيشها الجميع؟
لم تكن تتوقع يومًا أن تحدث لها معجزة، هي مجرد فتاة عادية.
كل ما تريده من القدر، أن لا يكون قاسيًا معها فقط — وهذا يكفيها.
لكن يبدو أن القدر لم يكن مهتمًا بنداءاتها.
في اليوم التالي، ورغم أنها لم تتأخر هذه المرة، إلا أن السماء بدأت تمطر فور خروجها من المنزل.
كان الحافلة مكتظة كالعادة، والهواء بداخلها مشبع برائحة الفطور.
تشبثت لين لينغ جيدًا بالمقبض لتفادي السقوط وسط الزحام. وفجأة، شعرت بجسد يلتصق بها من الخلف! تقدّمت خطوة للأمام، لكن الغريب تبعها بنفس الخطوة.
التفتت بانزعاج… وكان رجلًا يبدو عليه الوقاحة.
[تحرّش…؟! في الحافلة؟!]
تملكها الغضب والقلق، لكنها لم تجرؤ على قول أي شيء.
اكتفت بالتسلل نحو الجانب الآخر من الحافلة، وهناك رأت الرجل نفسه يتحرش بفتاة أخرى.
لكن تلك الفتاة لم تكن مثيرة للشفقة مثلها —
فقد ضربته بكوعها مباشرة، وتراجع الرجل على الفور وهو يبتسم بتصنع.
تنهدت لين بصوت خافت.
[لماذا لا أملك شجاعتها؟]
الواقع أن ما تكرهه أكثر من ذلك الرجل… هو جبنها هي.
نزلت من الحافلة وركضت نحو المدرسة.
وما إن وصلت إلى البوابة حتى نظرت إلى صدرها، فتجمدت الدماء في عروقها.
[كارثة! شارة المدرسة… ضاعت!]
=========================
“لين!”
جاءها صوت قوِي من الخلف — كانت صديقتها غُو تينغ.
“لماذا لا تدخلين؟”
نظرت إليها لين بحرج، وأشارت إلى صدرها:
“نسيت شارة المدرسة…”
غو تينغ ابتسمت ببساطة وأشارت إلى نفسها:
“أنا ايضا نسيتها!”
قالت لين بقلق:
“حسنا… ما العمل؟”
“لا تهتمي، فقط اتبعي خطتي! بعد قليل، ساعديني عندما أبدأ أمثّل، حسنا؟”
غمزت لها، ثم تقدّمت نحو باب المدرسة.
وقبل أن تمر أمام مشرف البوابة، انحنت فجأة ممسكة بصدرها وبدأت تتأوه:
“آه، آه… صدري يؤلمني!”
كل من كان قريبًا منها أصيب بالذعر وسألها عمّا بها.
قالت وهي تتصنع الألم:
“أحتاج الذهاب إلى العيادة فورًا!”
هنا، فهمت لين لينغ الخطة وركضت لتدعمها بذراعها:
“أنا سأرافقها!”
لوّح لهم المشرف بيده:
“اذهبا بسرعة!”
وانشغل الجميع بحالة “الطوارئ”، ونسوا تمامًا مسألة الشارات.
في الطريق إلى مبنى الصفوف، انفجرت غو تينغ ضاحكة:
“قلت لك، ما رأيك!”
نظرت لها لين بإعجاب.
فخُططها دائمًا ذكية وسريعة، عكس لين التي تُوصف غالبًا بـ”دودة الكتب”.
“شكرًا لكِ اليوم.”
دفعت نظارتها بخفة على وجهها.
“لا شكر على واجب، نحنا أصدقاء، اليس كذلك؟”
ربتت غو تينغ على كتفها بلطف.
أصدقاء…
هذا اللقب أشعل في قلب لين دفئًا خفيفًا.
ربما… لم تعد تكره هذه الكلمة كما كانت تعتقد.
وفجأة، انطلق صوت حاد من المختبر المجاور، تتخلله نبرة بكاء خافتة:
“هل تتكلمين عني بسوء؟!”
تجمّدت ابتسامة غو تينغ قليلًا:
“انها بالتأكيد تشين يي، هذه الفتاة تتنمر على احدهم مجدداً.”
“تشين يي؟”
لم تكن لين قد سمعت هذا الاسم من قبل.
“نائبة رئيس الصف في ثاني ثانوي، تدرس مع أحد أولاد عائلة ‘الثلاثة الكبار’.
سمعت إن أهلها لديهم نفوذ قوي، وتستغل هذا الشي لتخويف الطالبات الأصغر منها.”
ثم تمتمت: “لذلك ينادونها ‘الفتاة الشريرة يي’.”
ثم بدأت تمشي نحو المختبر.
“انتِ ذاهبة؟!”
سحبتها لين بتوتر، “لا تتدخلي، لا شأن لنا!”
“لا، لا يمكنني ان اتفرج وأسكت!”
أبعدت يدها، ودخلت المختبر دون تردد.
في الداخل، كانت هناك مجموعة فتيات، إحداهن تقف وسطهن — صغيرة الجسم، جميلة، بشعر مموج طبيعي، تبدو كدمية خزفية.
لكن تلك الدمية… كانت تمسك بزجاجة مواد كيميائية، وعلى وجهها ابتسامة قاسية، وتهمّ بسكبها على وجه فتاة جاثية على الأرض.
“أرجوكِ… لا تفعلي!”
قالت الفتاة بصوت مرتعش.
الدمية لم تفاجأ برؤية غو تينغ.
هزّت الزجاجة بسخرية:
“أوه، أنتِ مجددًا؟ غو البطلة؟”
قالت غو تينغ بغضب:
“تشيـن يي! توقّفي فورًا! أو سأخبر المعلمة!”
بالنسبة للين، لم تستطع تصديق أن هذه الفتاة الرقيقة… هي نفسها “الشريرة تشين يي”.
ضحكت تشين يي باستهزاء، وأمالت الزجاجة قليلًا — فسقطت قطرات على وجه الفتاة، فبدأت تبكي بصوت عالٍ.
“تبكين؟! هذه مجرد ماء!”
قالت وهي تتجه نحو الباب،
ثم استدارت وأردفت بسخرية:
“أستخبرين المعلمة إني كنت أساعدها في غسيل وجهها؟”
نظرت إليها غو تينغ وهي تخرج مع فتياتها، وهمست:
“يا لهذه الوقحة…”
“غو تينغ…”
همست لين، وكأنها أرادت قول شيء.
“هاه؟”
“لا شيء… هيا إلى الصف.”
ابتسمت لين لينغ وخرجت معها.
“صح! بعد المدرسة هل نذهب معاً؟ سأريك محل مميز!”
قالت غو تينغ بحماس وهي تسحب يدها نحو الصف.
“موافقة…”
أجابت بهدوء.
في قلبها، كانت تشعر ببعض الغيرة من شجاعة غو تينغ.
لو كانت مكانها، لم تكن لتتدخل… لا تملك الشجاعة لذلك أصلًا.
وحين انتهى اليوم الدراسي، أخذتها غو تينغ فعلًا إلى ذلك المتجر الذي وصفته بأنه “مميز جدًا”، وأقسمت لها أنها ستقع في حبه من النظرة الأولى.
ترددت لين قليلًا، لكن فضولها تغلّب عليها، فوافقت على الذهاب.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 2"