عندما خرجوا من القلعة، فوجئت “لين” بأن “ميرلين” كان ينتظرهم بالفعل هناك.
قال مبتسمًا ابتسامة خفيفة:
“انتهت رحلة الصيد، وقد جئت لإعادتكما إلى القلعة.”
ثم نظر إلى “آرثر” وهو يعتلي صهوة جواده، وألقى على “لين” نظرة ذات مغزى وقال:
“أحسنتِ.”
“ماذا؟” ارتبكت قليلاً، غير مستوعبة.
اقترب منها “ميرلين” وهمس بصوت لا يسمعه سواها:
“لقد أنقذتِ حب الفارس بلياس، وهذا أمر جيد.”
“جيد؟ بأي معنى؟”
أجاب:
“هذا مجرد مسار جانبي في اللعبة، لن يؤثر على مجريات اللعبة إذا لم يكتمل، لكنه إن تم، فقد يحمل تأثيرًا غير متوقع على تقدمك فيها. سيأتي يوم، وستحتاجين لمساعدة ذلك الفارس.”
كانت عيناه تشبهان البحر الممتد بلا نهاية، ثم أردف:
“في المستقبل، ستكونين بحاجة إليه.”
قالت وهي تستوعب كلامه:
“إذًا… كل ما حدث كان ضمن خطتك منذ البداية؟”
أومأ برأسه، مما زاد من ضيقها:
“لماذا لم تخبرني مسبقًا؟ لقد كدت أُصاب بالرعب… ظننت أنهم سيبيعونني!”
ضحك بصوت عالٍ وقال:
“اطمئني، أنتِ بالتأكيد لا تساوين كيسين من القمح فقط.”
ثم غمز بعينه:
“على الأقل، أظنكِ تساوين خنزيرين كاملين.”
“أستاذ، ألا تلحق بنا؟ الثلج يزداد غزارة!”
التفت “آرثر” إليهما وهو يلوح بسوطه، ثم انطلق بجواده بعيدًا.
“سألحق بك فورًا.”
قال “ميرلين”، ثم تبعه كالعاصفة فوق حصانه.
أما “لين”، فكانت تنظر إلى ظهريهما يبتعدان، وأعصابها مشدودة، قبضت على قبضتيها وقالت:
“الآن، أكثر شخصين أكرههم في هذا العالم هما ميرلين وآرثر!”
هبت ريح باردة، واهتزت ظلال الأشجار، وتعالت أصوات بومة شاحبة النحيب، مما جعل القشعريرة تسري في جسدها، فأمسكت بلجام الحصان بسرعة وركضت خلفهما.
“انتظراني، لا تذهبا بهذه السرعة! الجو مرعب هنا—أنقذاني!!”
ومرت الأيام في اللعبة يومًا بعد يوم، وبدأ الجليد يذوب رويدًا رويدًا، واقترب الربيع من القدوم.
كانت “لين ” تنفخ على يديها من البرد وتلقي بالحطب في الموقد، في انتظار أن ينتهي هذا الشتاء القاسي.
قبل أيام، غادر “ميرلين” وقال إنه ذاهب إلى روما لبعض الأعمال.
ومن خلال أحاديثها معه، أدركت أن الوضع السياسي في هذا الزمن مطابق للتاريخ: جزر بريطانيا لا تزال تابعة للإمبراطورية الرومانية.
وبالتالي، أمام “آرثر” طريق طويل قبل أن يصبح ملك بريطانيا المستقبلي.
“ميرلين” لا بد أنه ذهب في مهمة غاية في الأهمية…
أما ما يجعلها تشعر ببعض الفرح، فهو أنه مع قدوم الربيع، إن استطاعت اجتياز اختبار “ميرلين”، فستتمكن من العودة إلى العالم الحقيقي.
ولا تعتقد أن اجتياز الاختبار سيكون صعبًا، فمهما كانت الأحوال الجوية سيئة، كان “آرثر” يجبرها على التدريب بلا رحمة، بل ويعامِلها دومًا بجفاء.
ربما كان يندم الآن على أنه لم يبعها مقابل كيسين من القمح…
كلما فكرت بذلك، زاد غضبها.
آه، لو أمكنها العودة باكرًا… فهي تشتاق كثيرًا إلى والديها، وتود زيارة جدها المريض.
هناك أشياء كثيرة تنتظرها بمجرد أن تعود.
لكن… هل ستعود يومًا إلى هنا لتكمل هذه اللعبة؟
فجأة، قطع صوت “كاي” أفكارها:
“لين، هل أنتِ هنا؟”
تجمدت مكانها… لقد جاء مصدر العذاب الصوتي!
“قادمة…” قالت متثاقلة، ثم ارتدت معطفًا وذهبت لفتح الباب.
أطل “كاي” برأسه وهو يبتسم، ثم جرّ خلفه شخصًا آخر وقال:
“اليوم أحضرتُ آرثر أيضًا، لنقضي الوقت سويًا…”
لكنه قطع حديثه فجأة، إذ وقعت عيناه على وجهها، ثم انكمشت زاوية فمه، وتجمد هو و”آرثر” في مكانهما كالتماثيل…
نظرت “لين” إليهما مندهشة، ثم تذكرت فجأة… مدت يدها إلى وجهها، وفجأة صرخت:
“آه، لقد نسيت أنني أضع قناعًا من شرائح الخيار!”
أخيرًا، استعاد الاثنان توازنهما بعد لحظات من الذهول.
سألها “آرثر”:
“ما الذي تفعلينه؟”
بدأت “لين” بإزالة شرائح الخيار واحدة تلو الأخرى، وقالت بهدوء:
“أُسقي بشرتي.”
“هاه؟” ارتسمت على وجه “كاي” علامة استفهام ضخمة.
“الجو هنا جاف جدًا، وبشرتي بدأت تجف، رغم أنني في السادسة عشرة، إلا أن تزويد البشرة بالرطوبة والفيتامينات شيء ضروري…”
تبادل الاثنان النظرات، وعلى وجهيهما تعبير من لا يفهم شيئًا.
“اجلسا أولًا.”
جلس “كاي” بثقة على البساط قرب المدفأة، واستولى على بعض الوسائد التي خيطتها “لين” بنفسها، وتمدد باسترخاء، ثم أخذ يسعل استعدادًا لنشر أخبار النميمة اليومية.
قالت لهم:
“هل تريدان أن تشربا شيئًا؟ سأحضره لكما.”
قال “كاي” وهو يهز كتفيه:
“أريد نبيذ عنب أحمر من قِدَم العام قبل الماضي.”
ثم أضاف:
“دع الخدم يحضروه.”
قال “آرثر”:
“دعيها تذهب، لا فرق بينها وبين الخادمة.”
أخذت “لين” نفسًا عميقًا، قالت في نفسها:
“لا تغضبي، لقد اعتدتِ على لسانه اللاذع، اعتبريه مجرد هواء.”
اتجهت إلى الباب، وأمسكت بوسادة، وقالت بابتسامة:
“هل تحتاجون إلى المزيد من الوسائد؟ سأعطيكم واحدة إضافية.”
ثم ألقت بها بكل قوتها نحوهم، واستدارت خارجة، وسمعت خلفها صراخ “كاي”:
“آرثر! ما بك؟!”
ابتسمت “لين” بخبث، وحدثت نفسها:
“بهذا المعدل، قد أصبح ميالة للعنف بالفعل…”
حين وصلت إلى المطبخ، أخذتها الخادمة “آي تشي” إلى قبو النبيذ الموجود أسفل القلعة.
ذلك القبو كان واحدًا من ستة أقبية في القلعة، ولم يكن يُستخدم سوى لحفظ النبيذ.
قالت “آي تشي” وهي تنظر إلى القبو المظلم برعب:
“آنسة لين، المكان مظلم ومخيف…”
ترددت “لين” قليلًا، لكنها لم ترغب في إظهار الخوف أمام الخادمة، فقالت بثبات زائف:
“انتظريني هنا، سأذهب لأحضره بنفسي.”
دخلت ذلك المكان المظلم تحمل شمعة بيدها المرتجفة، وسارت في الممر الضيق بخوف، لا تسمع سوى صوت دقات قلبها المرتجفة.
قالت في نفسها:
“لو كنت أعلم أن الأمر مرعب هكذا، لما عرضتُ المساعدة من الأساس…”
وأخيرًا، وصلت إلى مكان تكدّس البراميل، فتقدمت بحذر وانحنت تقرأ تواريخ الأعوام المكتوبة عليها.
لكن في تلك اللحظة، جاءها صوت خافت من خلف البراميل…
تسارعت ضربات قلبها، وكادت ترمي الشمعة وتهرب…
لكن عيناها لمحتا شيئًا جعل جسدها يتجمد تمامًا، وكأن الدماء توقفت عن الجريان في عروقها…
من خلف أحد البراميل، برزت يد بيضاء شاحبة!!
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 19"