من خلال حديث الفتاة المتقطع، فهمت “لين” و”آرثر” الخطوط العريضة للقصة. اسم الفتاة هو “ميتا”، وهي الابنة الثانية لبارون “أندريه” القاطن بالجوار، ولديها أخت فائقة الجمال تُدعى “أيدانا”. كان هناك فارس يُدعى “برلياس” قد وقع في حب “أيدانا” بجنون، إلى درجة أنه سُلب لبّه بها.
قالت “ميتا” بلهجة يملؤها الحزن:
“الفارس برلياس هو أعظم فارس رأيته في حياتي، النساء يذبن فيه إن هو أبدى لهن شيئاً من الود، إلا أن أختي أيدانا مغرورة إلى حد لا يُطاق، فكل بضعة أيام ترسل فارساً من فرسانها لمبارزته. وبرلياس يهزمهم في كل مرة، ثم يسلّم نفسه طواعية كأسير، فقط كي يحظى برؤية أختي مرة واحدة.”
فقالت لين لينغ بدهشة:
“ألم تتأثر أختك بذلك؟”
هزّت ميتا رأسها بأسى:
“بل كانت تقابله بالإذلال. تارة تأمر بأن يُربط إلى ذيل حصان، وتارة إلى بطنه! كلما أُحضر إليها أسيراً، أمعنت في ابتكار أكثر الطرق بشاعة في إذلاله. ومؤخراً، رغم علمها بمرضه، وبأن الأرض مكسوّة بالثلوج، أرسلت إليه من يقول إن رأيتها مرهونة بجلب زهرة الشاي البيضاء من حافة الجرف!”
عقدت لين حاجبيها:
“وهكذا قررتِ أن تذهبي بنفسك لإحضارها؟ كيف يُسمح لفتاة بأن تقدم على عمل بهذه الخطورة؟ هل كان يعلم بالأمر؟”
أجابت “ميتا” وهي تهز رأسها نفيًا:
“لقد أوقفت حامل الرسالة، وقررت أن أقطف الزهرة له، ثم أخبره بذلك لاحقًا… حتى يحظى بلقائها.”
قال “آرثر” فجأة بنبرة هادئة:
“أنتِ تحبينه.”
احمرّ وجهها خجلاً:
“لا… لا… نحن مجرد أصدقاء.”
قالت “لين” وهي تلمح الإعجاب في عينيها:
“لكنّك كنتِ مستعدة للتضحية بحياتك من أجله.”
ثم نظرت إليهما برجاء:
“هل يمكن أن تساعداني؟”
بدا على “آرثر” الجمود، لكن صوته جاء رقيقًا على غير العادة:
“من واجب الفارس أن يهب نفسه لمن يسأله العون، لذلك… سأساعدكِ.”
فانهمرت دموع “ميتا” مجددًا وهي تشكره بإخلاص.
قالت لين مترددة:
“لكن… كيف نساعدكِ؟ هل نبارز فرسان أختكِ؟”
بدت ميتا متفاجئة، ثم تمتمت:
“في الواقع… لا أعرف بعد.”
اتسعت عينا “لين” دهشة:
“ماذا! لا تعرفين؟!”
ثم تابعت ميتا قائلة:
“لقد حاولت أن أثنيه عن متابعة محاولاته، لكنه يعتقد أن أختي ستتأثر به يومًا ما. ويرى أن جمالها يبرّر كبرياءها، والحصول على قلبها كمن يسعى إلى المستحيل.”
وفيما كانت لين تحاول التفكير بحل، جاءها صوت ساخر:
“أيتها الحمقاء، لن تفكري بحل حتى لو قمتِ بلفّ الأرض.”
فغضبت، لكنها فجأة استلهمت فكرة لامعة:
“طالما أن كسب قلب أختكِ أمرٌ مستحيل بالنسبة له، فلماذا لا نجعلها تقع في حب شخصٍ آخر؟ وقتها، قد يصاب بخيبة أمل ويتوقف.”
قالت ميتا:
“فكرة ذكية، لكن من سيكون هذا الشخص؟”
ابتسمت لين بخبث، وأشارت نحو آرثر المتكئ على جذع شجرة:
“قريبٌ أمام أعيننا… هذا هو المرشح المثالي.”
حدّق آرثر فيها:
“أيتها المجنونة، لا تمزحي! هذا مستحيل.”
قالت بنغمة متمهلة:
“آه… ألم تقل قبل قليل: من يسألني العون أقدم له كل ما بوسعي؟”
لم يجد آرثر ما يرد به وقد أوقعته في مأزق.
قالت ميتا:
“شكرًا لكما! أنا ممتنّة جدًّا.”
ضحكت لين لينغ وقالت بحماس:
“اتفقنا إذن! الخطة أ ـ الجاذبية الفتاكة تبدأ الآن!”
ثم نظرت إلى آرثر بمكر:
“هيا، أيها الملك المستقبلي آرثر… آن لك ان تسحرنا بجاذبيتك!”
قال آرثر وهو يمتطي جواده ويساعد ميتا على الصعود:
“سأوصلكِ إلى مكان إقامة الفارس برلياس، ثم أعود مع هذه الحمقاء إلى قلعة البارون أندريه. عليكِ أن تحضري الفارس إلى هناك.”
بعد إيصال ميتا، كانت الشمس قد غابت، والظلال الكثيفة لأشجار الصنوبر تعانق الطريق. كان صعودهم بطيئًا، والظلام يجعل كل شيء يبدو كأنه يتراجع ويتلاشى. ثم ظهرت أمامهم قلعة البارون أندريه.
هبّت نسمة ليلية فأزاحت الغيوم، لتظهر القمر مكتملاً، ساطعًا، معلقًا فوق القلعة. كانت القلعة مهيبة، مبنية من الغرانيت الأبيض الذي يلمع بحدة تحت ضوء القمر.
قال آرثر بصوت خافت:
“سأدخل بصفة صياد تائه أطلب مبيتًا، وأنتِ ستكونين خادمتي، اتفقنا؟”
قالت لين بضيق:
“خادمة… حسناً، لا خيار لي.”
أردف بتحذير:
“بمجرد دخولنا، يجب أن تنفذي كل ما أقول.”
ردّت بتنهيدة:
“فهمت… لكن، ألن يقلق ميرلين وكاي علينا؟”
أجاب بلا مبالاة:
“طالما أنا بجانبكِ، لن يقلقا.”
كلمات بسيطة، لكن وقعها ترك في نفسها سكينة غير مبررة.
دخلوا القلعة بسهولة. وما إن عرف البارون أندريه بهوية آرثر حتى استقبلهما بحفاوة ودعاهما إلى العشاء.
جلست لين في الزاوية وهي تراقب مأدبة العشاء الفخمة، وهناك رأتها… السيدة أيدانا. كانت جميلة بحق، مثلما وصفتها أختها.
قال البارون مبتسمًا:
“الأمير آرثر، هذه ابنتي الكبرى أيدانا.”
انحنى آرثر بلطف، وأمسك يدها بخفة، وطبع قبلة مهذبة على ظهرها، ثم تراجع بخطوة، راسمًا ابتسامة أرستقراطية جعلت أنفاس الجميع تتوقف، بما فيهم لين.
لم ترَ له وجهًا بهذا الجمال من قبل، ولا شك أن أيدانا أيضاً انبهرت، فقد حدّقت به بعينيها الزرقاوين وكأنها واقعة في حلم.
فكرت لين:
(حقًا… هما يبدوان مناسبين لبعضهما… لكن، لماذا أشعر بشيء من الضيق؟)
—
بحكم أنها “خادمة”، لم يُسمح لها بالجلوس معهم. وقفت خلف آرثر تراقب التبادل العاطفي بينه وبين أيدانا، وهي تكاد تختنق من الغيظ.
(أين الكبرياء؟! نظرة من آرثر وسقطت كل أقنعتها.)
لكنها تذكّرت الهدف من الخطة: “نجحت الحيلة!”
نظرت من النافذة، آملة أن تكون ميتا وبرلياس قد اقتربا.
سأل البارون وهو يحدق بها:
“يا ترى… هل خادمتكم من قوم غرباء؟ ملامحها لا تشبهنا.”
أشاحت لين بوجهها وهي تهمس لنفسها:
(طبعًا غريبة، أهل أوروبا في هذا الزمن لم يروا آسيويين من قبل.)
قال آرثر بلا اهتمام:
“اشتريتها من سوق العبيد بثمن بخس، ليست نادرة.”
أضاءت عينا البارون:
“حقًا؟ يجب أن أتفحص السوق جيدًا في المرة القادمة!”
شعرت لين برغبة في ضرب رأسه.
قال البارون:
“إن لم تكن نادرة جدًا، هل تبيعها لي؟ أدفع عشرة أضعاف!”
كادت تسقط على الأرض من الصدمة، واستندت إلى كرسي آرثر.
قال آرثر بابتسامة خفيفة:
“دعني أفكر.”
(تفكر في روحك!) فكرت بغضب، وقد تخيلت نفسها تضرب رأسه بصينية.
لكنه أضاف:
“لكن قبل أن أقرر، دعوها تأكل شيئًا.”
وافق البارون:
“آه، نسيت أمرها، فلتذهب إلى المطبخ وتأكل مع الخدم.”
أمر إحدى الخادمات باصطحابها، وما إن سمعت كلمة “أكل” حتى تبخرت أفكارها الانتقامية.
(على الأقل… لديه ذرة ضمير.)
لكنها لم تنس نظرة البارون الأخيرة، ولا وجنتيه المتراقصتين من فرط الشحم. شعرت بالقشعريرة وهربت مسرعة.
(إن فكّر آرثر بجدية في بيعي لهذا المتوحش… فسأجعله يدفع الثمن غاليًا!)
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 17"