أشعة الشمس الصباحية تسللت عبر نافذة القاعة الجانبية، وغمرت كل شيء بطبقة ذهبية دافئة وشفافة، لا تؤذي العين. في منتصف الغرفة، كانت هناك طاولة طويلة مصنوعة من خشب البلوط الأبيض، محاطة بأربعة أعمدة من الجرانيت الأبيض، تلمع الآن بوهج ذهبي خافت.
وأثناء الإفطار، لم تتفاجأ لين وهي ترى الهالات السوداء تحت عيني آرثر—من الواضح أنه لم ينم الليلة الماضية.
قال كاي بقلق:
“آرثر، لما يبدو وجهك شاحبًا هكذا اليوم؟”
رد آرثر دون اهتمام، وهو يتجنب النظر إلى لين:
“لا شيء.” ثم أمسك بطبق بجانبه وبدأ بالأكل.
صرخ كاي:
“آرثر، هذا طبق غسيل الأيدي!” لكن كان الوقت قد فات، فقد شرب آرثر جرعة كبيرة من ماء غسيل اليدين.
كتمت لين لين ضحكتها حتى شعرت أن بطنها ستنفجر. واضح أن مزحة الأمس تركت أثرًا نفسيًا كبيرًا في نفس آرثر.
ابتسم ميرلين بلطف وهمس:
“نادراً ما أراه بهذا الشكل.”
حتى الكونت قال بدهشة:
“أأنت بخير، آرثر؟”
“أنا بخير.” حاول آرثر رفع زاوية فمه بابتسامة، لكنه في داخله تساءل: هل من الممكن أن تكون روحه قد سُلبت فعلاً؟ هل هذا سبب التصرفات الغريبة التي تصدر منه؟
ولكنه لم يدرك أن السبب ببساطة هو قلة النوم.
أما لين، فبعد أن نظّفت يديها عدة مرات من الزيت، قررت أن تحلّ مسألة العيدان الخشبية لاحقًا.
وبعد الإفطار، بدأت حصة السحر.
لحسن حظها، كانت معتادة على الحفظ بسبب كثرة الامتحانات، لذا تذكرت نظريات السحر التي درستها من قبل. نظر إليها ميرلين بدهشة وقالت في نفسها:
لو كان هناك امتحان في الحفظ، فغالبية طلاب مدرستي سينجحون… فكلنا تم إجبارنا على الحفظ.
من يحفظ “خطاب الاستعداد للحرب” لزوغي ليانغ بأكمله، لن يصعب عليه حفظ بعض أساسيات السحر!
قال ميرلين وهو يومئ برأسه:
“تذكّرين جيداً. أظن أنني سأبدأ تعليمك سحر الرياح قريبًا. هذا النوع من السحر سيكون ذا فائدة عظيمة في الحروب المستقبلية.”
التحكم بالرياح؟
تخيلت لين نفسها تتحكم باتجاه الرياح: اليوم رياح جنوب شرقية، وغدًا شمال غربي، وبعده تهب من كل الجهات… هل أنا في مباراة ماجونغ؟!
لاحظ ميرلين تعبيرها الغريب وعرف أن أفكارها قد انجرفت نحو خيال مشوّه.
ثم سألها فجأة:
“ما الذي يحدث مع آرثر اليوم؟”
قطعت أفكارها العشوائية وقالت مترددة:
“لا أعلم. لست أنا هو.”
ابتسم بعينيه الزرقاوين وقال:
“لا تقولي لا تعلمين، سألته قبل قليل، وبعد جهد أخبرني أن روحَه قد سُلبت بواسطة أداة سحرية من صنعك.”
ضحكت لين بتوتر:
“هي في الحقيقة هاتفي المحمول… من طلب منه أن يعاندني؟”
قال ميرلين:
“لكنه أنقذكِ بالأمس، أليس كذلك؟”
“لم يكن ذلك بإرادته.”
ابتسم ميرلين ونظر إليها نظرة عميقة:
“لين، أنتِ في المستقبل ستساعدين الملك آرثر. لذا لا يجدر بكما أن تتشاحنا دائمًا.”
خفضت رأسها وقالت:
“لكنه يكرهني أكثر مما أكرهه… بصراحة، لا ألومه. أنا فاشلة. لا أجيد ركوب الخيل، ولا الرماية، ولا أي شيء.”
ربّت ميرلين على رأسها بابتسامة كسولة وقال:
“لا تحبطي نفسك. خذي وقتك. ولكن… لن تعودي حتى تجتازي اختباري.”
دفنت لين وجهها في ركبتيها وقالت بصوت خافت:
“أنا حاولت، لكن حتى الحصان يرفضني. كيف لي أن أنجح في هذه اللعبة وأنا حتى لا أقدر على مهمة بسيطة؟”
هبت نسمة عليلة في الحديقة، تحمل عبير أوراق الأشجار الطازجة.
قال ميرلين بصوته العائم مع الريح:
“هل ترغبين بالاستسلام إذًا؟”
ترددت قليلًا ثم قالت:
“إن قلت إنني أريد الاستسلام، هل ستدعني أعود؟”
ابتسم لها بلطف، عينيه نصف مغمضتين تتلألأ في شمس الخريف الخافتة:
“لين، تعالي معي إلى مكانٍ ما.”
لم تكن تعلم أن خلف القلعة، هناك حقلٌ شاسع من زهور الاقحوان.
تحت السماء الزرقاء الصافية، تمايلت الزهور البيضاء والحمراء والوردية والبنفسجية برقة وأناقة، وكأنها راقصات باليه تحت نسائم الخريف.
قالت بفرحٍ حقيقي:
“رائع! لم أرَ من قبل حقلاً جميلاً كهذا. رأيت هذه الزهرة في محلات الورود، لكن لم أراها بهذا الجمال الطبيعي.”
قال ميرلين بنبرة هادئة وهو يتأمل الحقل:
“قبل عامين، كانت هذه الأرض جرداء. لم أكن أظن أن زهور الاقحوان ستنمو هنا بهذا الشكل.”
سألته بدهشة:
“أهي زهور برية؟”
ابتسم وقال:
“ربما حملت الرياح بذورها إلى هنا. حياة قوية، أليس كذلك؟”
انحنت لين ولمست زهرة حمراء متفتحة وقالت بإعجاب:
“ما كنت لأظن ذلك. تبدو وكأنها ستذبل من أي نسمة.”
قال ميرلين وهو ينظر إليها:
“رغم مظهرها الرقيق، فإن زهرة الاقحوان لا تنهار. حتى إن أطاحتها الرياح، تنهض وتزهر من جديد. قوتها الحقيقية تكمن تحت هذا المظهر الضعيف. لذا، معنى زهرة الاقحوان هو: القوة والإصرار وعدم الاستسلام.”
ارتعشت أصابع لين قليلاً، وغمرها شعور عميق لا يمكن وصفه، كأن مياه الثلج الذائب في أوائل الربيع جرت في قلبها. نظرت إلى الزهور المترنحة أمام الريح وابتسمت من قلبها:
“أعتقد أنني فهمت سبب إحضارك لي إلى هنا، ميرلين.”
ابتسم:
“سواء أكانت اللعبة أم العالم الحقيقي، كلاهما يعكسان ذاتك. فإذا تخليت عن نفسك في اللعبة، فقد تخليت عن نفسك في الواقع. هل تتذكرين الفضيلة الرابعة من فضائل الفارس الثمانية؟”
“المسؤولية؟” ردت فورًا.
“نعم، المسؤولية. منذ أن فتحتِ هذه اللعبة، أصبحتِ مسؤولة عن إتمامها. أن تكوني قوية ولا تستسلمي—هذا أيضًا جزء من مسؤوليتك. في اللعبة، وفي الواقع كذلك.”
سقطت قطرة ندى من بتلة زهرة الاقحوان على يدها، كانت باردة. قبضت يدها وقالت:
“سأحاول مجددًا.”
غمز لها وقال بمكر:
“أنت من قلتِ ذلك، أيتها الآنسة اقحوانة.”
ابتسمت وضحكت.
—
منذ ذلك اليوم، كانت هناك فتاة تتسلل كل ليلة إلى الإسطبل، ثم تُركل خارجه مع تفاح وجزر وكمثرى متناثر في الخلفية…
وفي هذه الليلة أيضاً، عادت لين إلى الإسطبل، تمسك بدلو ماء، وقفت أمام الحصان “تريل” مبتسمة:
“يا جميلة، ما رأيك أن أساعدك الليلة على الاستحمام؟ الجمال يحتاج إلى النظافة، حتى تزداد جاذبيتك!”
لكن تريل أعرضت عنها بتحفظ وحركت أذنيها.
قالت لين وهي تلوّح بفرشاة نظيفة:
“هذه فرشاة مطورة خصيصًا، ستعجبك بالتأكيد.” بدأت تدلك بها جسم تريل، فحاولت الأخيرة ركلها لكن المسافة حالت دون ذلك. وبعد عدة محاولات، بدا أن الحصان بدأ يستمتع، بل وأصدر صوتًا منخفضًا.
فرحت لين: يبدو أن هذه الطريقة ناجحة!
بعد أن انتهت من تنظيف الحصان كله، كانت قد أنهكت، لكنها سعدت عندما لاحظت أنه لم يحاول ركلها حين اقتربت منه.
“أراك غدًا، أيتها الجميلة.” غمزت له وغادرت الإسطبل.
وما إن رحلت، حتى تسلل شاب اشقر إلى الإسطبل، ربت على رأس تريل، فاستجابت له بلطف.
ابتسم الشاب وقال:
“يا لها من فتاة ساذجة…”
—
وبعد أيام، أثناء العشاء، فوجئ الجميع بوجود أداة غريبة بجانب أطباقهم.
قالت لين:
“هذا يُدعى شوكة. سيساعدكم على تناول الطعام بسهولة.” ثم بدأت تشرح لهم كيفية الاستخدام.
ضحكت الكونتيسة وقالت:
“أداة لطيفة. تجعلنا نأكل بطريقة أكثر أناقة.” ثم أمسكت بالشوكة وجربتها.
ما إن استخدمتها الكونتيسة حتى بدأ الجميع بتقليدها.
سأل آرثر فجأة:
“ما الذي تستخدمينه الآن؟”
قالت:
“هذه عيدان طعام. لكنها صعبة بعض الشيء عليكم.” ثم التقطت بها قليلاً من الملفوف.
تنهّدت، الطعم باهت. في العصور الوسطى، اعتُبرت الخضروات طعامًا للفقراء، ونادرًا ما كانت تُستخدم كطبق رئيسي.
صانع اللعبة هذا دقيق في التاريخ…
لو كان بإمكاننا إقامة حفل شواء في الحديقة الآن… كم سيكون رائعًا!
قال آرثر وهو يشير إلى العيدان:
“أريد أن أستخدم هذه.”
ردّت عليه:
“لكنها صعبة جداً.”
قال بثقة:
“لا شيء يصعب عليّ.”
تنهدت وأعطته العيدان.
ثم…
طقطق… سقطت قطعة لحم.
طقطق… تبعتها قطعة خضار.
طقطق… ثم سقطت العيدان نفسها.
ساد الصمت في القاعة، الجميع منشغل باستخدام أدوات الطعام الجديدة، بينما آرثر وحده يصدر أصوات السقوط المتكررة.
ماذا أفعل؟ سأختنق من كتم الضحك!
رفعت رأسها بصعوبة، فرأت الكونت والكونتيسة يغطيان فمهما بالمنديل، وكاي احمر وجهه، وحتى ميرلين كان يبتسم بخفة.
حتى بعد انتهاء العشاء…
كان آرثر لا يزال يقاتل طعامه.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 14"