داخل قلعة إيركلون، كانت نيران الموقد تتراقص بخفوت، تصدر بين الحين والآخر طقطقة خفيفة من احتراق الأخشاب. الهواء في الغرفة كان دافئًا رطبًا، والنور الأصفر الشاحب المنبعث من ألسنة اللهب أضفى على كل شيء هالة غامضة غير واضحة المعالم. الدخان المتصاعد التَفَّ في سكون وراحة، ثم تلاشى تدريجيًا في السقف.
أما لين، فكانت في حالة من الشرود التام، تمسك بطرف قميصها بانزعاج، وتختلس النظرات بخجل إلى الشاب الوسيم ذي الشعر الأزرق الجالس أمامها، بينما بدا هو مرتاحًا، كأن شيئًا لم يكن، وكأن تصرفها هذا لم يفاجئه قط.
قال مبتسمًا:
“مرحبًا بعودتك، يا لين.”
أطرقت برأسها، محدّقة في الأرض، وسألت بيأس:
“لماذا عدت مجددًا؟”
ابتسم “ميرلين” بخفة وقال:
“ألم أقل لك من قبل؟ مفتاح الخروج من اللعبة هو كلمة
‘E-G-G’، وكذلك مفتاح العودة إليها… هو نفسه. ألم تأكلي البيض؟”
تذكرت فجأة البيض المقلي بالبصل الأخضر الذي أكلته، وانفتح فمها بدهشة كبيضة دائرية… لا يعقل! أكان بسبب هذا الأمر المجنون؟!
صرخت غاضبة:
“لماذا لم تخبرني من قبل أن تناول البيض يعيدني إلى اللعبة؟!”
ردّ وهو يداعب شعره بأناقة:
“نسيت.”
صرخت من شدة الغيظ:
“ما هذا الإهمال؟! ألا يفترض أن يتم شرح كل التعليمات للاعب قبل بدء اللعبة؟!”
تنهد بخفة قائلاً:
“آه… يبدو أن العمر أخذ مأخذه مني، أصبحت أنسى كثيرًا. لكن ينبغي أن تشكريني، فلولا أنني حفظت تقدمك في اللعبة، لاضطررتِ للبدء من جديد.”
همست في سرّها: كذاب، فعلها عمدًا بالتأكيد.
لكن “ميرلين” نظر إليها بطرف عينه وقال:
“لا تسيئي لي في سرك… لدي القدرة على قراءة الأفكار.”
شهقت وهي تشهق جسديًا وعقليًا في آنٍ واحد.
قالت برجاء:
“أنا لا أريد أن أستمر… ألا يمكنني أن أترك اللعبة؟ لدي حياتي الواقعية، ولا يمكنني أن أضيع وقتي كله هنا.”
ابتسم وقال بهدوء:
“إن كنتِ قلقة بشأن حياتك الواقعية، فلا داعي لذلك. لقد فكرت بالأمر، يمكنك التنقل بحرية بين الواقع واللعبة.”
“التنقل؟ باستخدام البيض أيضًا؟” سألت بدهشة.
أومأ مبتسمًا.
قالت بقلق:
“لكن الوقت هنا يمر بسرعة… في الواقع لم يمر سوى أيام، بينما هنا… مرّت سنوات! رؤية آرثر بهذا الشكل صدمني.”
طمأنها قائلاً:
“لا تقلقي، بعد بلوغ آرثر الثامنة عشرة، أعيد ضبط نظام الوقت. حين تكونين في عالم اللعبة، يتوقف وقت الحياة الواقعية تمامًا، وحين تكونين في الحياة الواقعية، فإن الزمن فاللعبة يسير ببطء شديد.”
تسمرت في مكانها وقالت:
“يعني… إن قضيت سنة في الواقع، سيمر أكثر من سنة في اللعبة، لكن إن قضيت وقتًا في اللعبة، الواقع لن يتغير؟”
“بالضبط، ولهذا لن تتأثري بحياتك الواقعية.” ثم أضاف بابتسامة:
“آرثر احتفل بعيد ميلاده الثامن عشر قبل أيام.”
تنهدت:
“ومتى يمكنني العودة إذًا؟”
نهض ميرلين، وأجاب:
“في كل مرة تُكملين مرحلة من اللعبة، أو تتجاوزين تحديًا، سأجعل البيضة تظهر أمامك. في المرة السابقة عدتِ دون إتمام المهمة… مجرد إيجاد آرثر وإنقاذه لا يكفي.”
نظرت إلى الأرض وقالت:
“ما الجزء الآخر من المهمة إذًا؟”
“أن تتعلمي السحر والمهارات الأساسية، وتجتازي اختباري الخاص… لترتقي في المستوى. الآن مستواك هو 1، أي يمكن لأي شخص هزيمتك بسهولة.”
أومأت برأسها بطاعة، وقررت في سرّها أنه بمجرد عودتها إلى الواقع، لن تلمس أي بيضة مجددًا… مهما حصل!
قال وهو يغادر:
“الوقت متأخر، سآمر الخادمة بتبديل ملابسك، التقي بي لاحقًا في قاعة الطعام.”
ثم توقف، واستدار ضاحكًا بخبث:
“أوه، نسيت أن أخبرك… من الآن فصاعدًا، لن تجدي بيضة واحدة في محيط مئات الأميال. احتياطًا فقط…”
يا إلهي… يبدو أن العودة ستطول.
—
لا تدري كم مرة تنهدت، حتى سمعت ضحكة خفيفة من مكان قريب. رفعت رأسها، فإذا بشاب بشعر بني كستنائي يستند على الباب، والضوء المنبعث من القمر يغلف جسده بهالة ناعمة شفافة، وعيناه البنيتان اللامعتان تشعّان بدفء مرح.
“أنتَ…؟” بدت ملامحه مألوفة لها.
تنهد الشاب بأسى وقال:
“لين… نسيـتِني بهذه السرعة؟! ألم نتدرب سويًا؟”
شهقت:
“أنت… كاي؟!”
ابتسم ابتسامة عريضة حتى تكوّنت تجاعيد حول عينيه وقال:
“أخيرًا تذكرتِ اسمي! عندك بعض الوفاء إذًا.”
نظرت إليه بدهشة:
“يا إلهي، لقد كبرت كثيرًا! أصبحت أطول مني!”
لطالما قيل إن الفتاة تتغير كثيرًا مع تقدم العمر… لكن يبدو أن الفتيان لا يختلفون كثيرًا. لا آرثر فقط، بل حتى كاي أصبح شابًا مذهل الجمال.
ربما حظي ليس سيئًا جدًا بعد كل شيء…
قال كاي بعد لحظة صمت:
“سمعت من ميرلين أنك كنتِ تتدربين طوال هذه السنوات… ما الذي تعلمته؟”
ترددت، لكنها حاولت تدارك الأمر بابتسامة محرجة:
“ألا تلاحظ عليّ أي تغيير؟”
تأملها من أعلى لأسفل، ثم هز رأسه:
“لا شيء تغير.”
ضحكت ضحكة جافة:
“هذا هو سرّ تدريبي… الحفاظ على الشباب الأبدي.”
قهقه وقال:
“أوه، إذًا لم تتحسني في أي مهارة أخرى، أليس كذلك؟”
“ها…”
توقفت عيناه عند جيبها وسأل:
“ما هذا الشيء؟”
نظرت، فإذا بهاتفها المحمول، لا يزال يتدلّى منه دب صغير.
“لا شيء.” قالت وهي تدفعه للداخل. لم تتخيل أنها أحضرت الهاتف معها، لكنه بلا فائدة، هذا العالم لا يعرف شيئًا عن الإشارة أو الاتصالات.
قال كاي بابتسامة خفيفة:
“بالمناسبة، في العام القادم سأُمنح لقب فارس رسميًا!”
“حقًا؟” سألت بدهشة، “وماذا عن آرثر؟”
رفع حاجبيه بفخر وقال:
“الفرسان لا يُمنحون اللقب إلا في سن العشرين، وآرثر أصغر مني بسنتين. لذا… أنا من سيفوز أولاً!”
ضحك بصوت عالٍ وهو يضع يديه على خاصرته، كأنه ملك العالم.
نظرت إليه لين بحيرة، ثم وضعت يدها على جبينها. يبدو أن العلاقة بينه وبين آرثر لا تزال متوترة.
ثم، وقد شعر بالإحراج قليلاً، قال:
“حسنًا، لن أزعجك أكثر، نلتقي في العشاء.”
لوّحت له برأسها دون كلام.
لكنه استدار فجأة وقال بمكر:
“آه، لا تقلقي، فقط أردت أن أحذرك… في العشاء، مهما حصل، لا تذكري كلمة ‘بيضة’.”
“لماذا؟” سألت بدهشة.
خفض صوته وقال وهو يرتجف:
“لا أحد يعرف السبب… لكن
منذ عشر سنوات، كل من يتلفظ بكلمة بيضة أمام آرثر… يجُنّ فجأة… الأمر مرعب!”
لين تجمدت، وفكرة ما لمعَت في رأسها:
هل لهذا علاقة بما حدث في السابق…؟
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 11"