92
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- It's the first time for both of us
- 92 - توائم ديميا الثلاثة (٥)
على النقيض، كان هيلا وتانيا هادئين. بل إن تانيا عقدت ذراعيها وصرخت بفخرٍ.
“كما توقعت.”
تمتمت رونيا وكأنها تحلم.
“…لم أكن أعتقد أنني سأتمكن من رؤية الستارة بعينيّ فعلًا.”
“حقًا، أنتِ حقًا من سلالة لويسين. هذا لا يُصدق. لا أستطيع أن أصدق أننا داخل الستارة.”
“هل صحيح أنكِ أيقظتِ هذه القدرة بنفسكِ؟”
أومأت برأسي قليلًا.
“عندما كنت في السادسة من عمري.”
شهق الثلاثي بصوتٍ مسموع، وكأنهم على وشك السقوط.
“هل هذا ممكن؟”
“كان هذا ممكنًا لآنستي.”
تدخَّل هيلا للرد.
“أيها الوغد، لقد حظيتَ بمشاهدة هذا المشهد المذهل وحدكَ .… آه… آسفة. لقد بالغتُ في كلامي. سأصمت الآن.”
عند كلمات كيسي، ازداد وجه هيلا إشراقًا.
“لا، في الواقع، يبدو أنكِ عدتِ إلى سابق عهدكِ، وهذا مألوف. كنت اعتقد أن ألفاظكِ أصبحت أكثر تهذيبًا.”
“مستحيل! لقد أصبحت بالفعل أكثر تهذيبًا.”
احتجَّت كيسي، بينما تقدَّمت كيركي للأمام.
“بما أنكِ أريتِنا قدرتكِ الثمينة، سنريكِ قدراتنا. هل تتذكَّرين هذا؟”
بمجرد أن نقرَت كيركي بأصابعها، انطلق صوتٌ حاد، وبدأ دخانٌ أسود ينبعث من خلفها.
تجمَّع الدخان كما لو كان يمتلك إرادةً خاصة، متخذًا شكل كلبٍ صغيرٍ ذي قرونٍ وعينين حمراوين، سبق لي أن رأيته.
“آه، أتذكّر. لقد جاء سابقًا لإيصال رسالة، أليس كذلك؟”
“صحيح. أنا من يربّيه. آه، لكنه يختلف قليلًا عن التوابع لدى الساحرات. هو شيطان، لكنه يستطيع أن يكون لطيفًا أيضًا. بالطبع، لا يمكن مقارنته بالوصيّ الذي أمامكِ، لكنه مفيدٌ للغاية.”
هزَّ الشيطان جسده، ثم فجأةً انقسم إلى ثلاثة أشكالٍ متطابقة.
أُعجبت بذلك.
“لقد فقدت كيسي قوتها، لكنها اكتسبت بديلًا عنها قدرة التنبؤ والتعقّب. هذا الشيطان يساعدها في التتبع.”
“أتمنى لو كان بإمكاني أن أُريكِ الآن، لكن قدرتي ليست شيئًا يمكن رؤيته بالعين المجردة، وهذا مؤسف. لكنها ستكون ذات فائدة.”
تحدثت كيسي بأسفٍ وهي تهز كتفيها.
“كما أن الشياطين تستطيع الدخول إلى أجساد البشر والتحكّم فيها.”
“إلى متى يمكنها البقاء؟”
“يعتمد ذلك على قوة إرادة الشخص. إن كنتُ محظوظة، أستطيع التحكم به حتى أُصدر أمرًا للشيطان بالخروج.”
قالت كيركي بينما كانت تربّت على الشيطان.
في تلك اللحظة، هبَّت من حولي ريحٌ دافئة. فتحت عينَيَّ على اتّساعهما، إذ شعرتُ بها تدور من حولي بشكلٍ دائري.
“ألستِ الوحيدة التي تحاول كسب إعجاب الآنسة مارييت؟ هذه قدرتي. حسنًا، إنها في الحقيقة قوة كيركي، لكن .…”
اختفت الريح الدافئة التي كانت تدور من حولي، وظهرت شرارةٌ صغيرة على كفّ رونيا.
فتحتُ فمي مندهشة.
“…العناصر الأربعة؟”
“كنتُ أرغب في أن أصبح أقوى. أردتُ البقاء على قيد الحياة.”
كان على الثلاثي خوض معارك جسدية ضد رجالٍ أقوياء للبقاء، كما اضطروا للهرب من الأسلحة التي هددت حياتهم.
أما التجربة الأخطر لهم في سوق العبيد، فلا تزال تطاردهم ككابوسٍ حتى الآن.
“حتى لو أصبحت نصف ساحرة وبِعتُ روحي للشيطان… فلا ندم لديّ.”
عند كلمات كيركي، نظرتُ إلى هيلا للحظة، ثم حوّلتُ بصري بعيدًا.
“لا يهمني.”
اهتزَّت عينا رونيا للحظة، ثم سرعان ما امتلأت أطرافها بالدموع.
مسحتها بأصابعها وابتسمت.
“الآن، سأستخدم قوتي من أجل أخي والآنسة مارييت. في مهد الساحرات، موطني.”
نظر الثلاثة إلى بعضهم البعض، ثم نظروا نحونا.
“المعذرة، أنا أيضًا أمتلك قدرة.”
تقدَّمت تانيا، التي كانت تشاهد قدرات الثلاثي، إلى الأمام.
انتفض هيلا واقفًا.
“لا داعي لأن تُريهم.”
“لماذا تمنعني؟”
ضيّقت تانيا عينيها بنظرةٍ حادة.
“هل تريدين أن يموت أحدهم؟ هل ستُظهرين هذه القدرة الآن؟”
وقف هيلا تمامًا في وجه تانيا، حتى أدار ظهره لأخواته.
من خلف كتف هيلا، ظهرت وجوه الثلاثي وهي مليئةٌ بالفضول.
“أنت فقط كنتَ دراميًّا أكثر من اللازم. صحيح، آنستي؟”
لماذا تورّطتُ فجأةً في هذا؟ ( كانت تحشر هيلا بكل مصيبة الحين هي الي تنحشر الدنيا دوارة صدق 😂😭)
تحاشيتُ الإجابة وبدأتُ في مداعبة كوهن بلا سبب.
‘”آه، لكن لماذا لم يقل هيلا شيئًا؟”
لاحظتُ أن الجميع كان يتفاخر بقدراته، بينما كان هيلا وحده صامتًا.
مال هيلا برأسه بحيرةٍ.
“أنا؟ ماذا من المفترض أن أفعل؟”
دحرجت عينيَّ بضجرٍ.
“هيلا، أنتَ مذهلٌ أيضًا. لا يزالُ عليكَ الاستمرار في صناعة الجرعات في المستقبل.”
“ذلك كان مجرد تقليدٍ فحسب…”
شعرتُ أن هيلا على وشك قول شيءٍ مُحبطٍ، فتحدثتُ بسرعةٍ قبلَهُ.
“هيلا، لقد نجحتَ حتى في صناعة إكسير الحياة للمسافرِ، أليس كذلك؟ وقريبًا ستنجحُ في صنع جرعاتٍ أخرى أيضًا، صحيح؟”
“مـ- ماذا؟”
بدا هيلا وكأنه على وشك السقوط أرضًا. ابتسمتُ بمكرٍ.
لقد أخذ التوائم الطُعم تمامًا.
“هيل… هل هذا صحيح؟”
“ما الذي سمعته للتو؟”
“… هل نجحَ حقًا؟ هيل؟”
فتح التوائم أعينهنّ على اتساعها واحدةً تلو الأخرى وسألنه بدهشةٍ.
بدأ هيلا يفرك مؤخرة عنقه متجنبًا النظر إليهنَّ. كان وجهه قد احمرّ بالكامل.
في هذه الأثناء، فتحتُ كيسَ وجباتي الخفيفة وأخرجتُ منه قنينةً صغيرةً تحوي الجرعةَ.
خفضت صوتي قليلًا حتى يستمع الجميع بانتباهٍ، ثم تحدثتُ بثقةٍ.
“هذه من صنع هيلا. يمكنها إخفاء الطاقة السحرية وحتى تجنُّب أحجار الكشف. أستطيع أن أضمن فعاليتَها، فقد جرَّبتها بنفسي.”
ثبتت أنظار الثلاثة على القنينة في راحة يدي.
“إذا أردتنّ البقاءَ هنا معنا، فستحتجنَ إلى هذه الجرعة. وإلا فلن نتمكن من ضمان سلامتكنّ. إذا لم ترغبن في استخدامها، فبإمكانكنّ الرحيل.”
بصراحةٍ، كان قلبي ينبض بقوةٍ من التوتر. لكن هذا كان جزءًا ضروريًا من الخطة.
كان عليّ أن أبدو هادئةً وجديرةً بالثقة، حتى لا يُصبحَ عمري عقبةً للجميع.
“… هل استخدمتيها بنفسكِ، آنسة مارييت؟”
أومأتُ برأسي.
خشيت أن أكون قد تحدثت بغرورٍ، لكن لحسن الحظّ، لم تبدُ الأخوات منزعجاتٍ على الإطلاقِ.
بل على العكس، بدا التأثر واضحًا في عينيّ كيركي حتى أنها كادت تذرف الدموع.
“أوه، طفلي الغالي… طفلي العبقري!”
اندفعتْ كيركي لتعانقَ هيلا، لكن كيسي أوقفَتها.
“إنه ابن أمي، وليس ابنكِ! ثم إن الآنسة مارييت هنا، لذا تمالكي نفسكِ، رجاءً.”
“أوه، أرجوكنّ يا أخواتي… ليسَ أمامَ الآنسة …”
بدا هيلا وكأنه يريد بشدةٍ إغلاق أفواه أخواته، فترددَتْ يداه في الهواءِ وكأنه لا يعرف ما يفعل.
“لا فرقَ بينَ هذا وذاكَ. متى أصبحَ طفلي بالغًا إلى هذا الحدِّ…؟”
على الرغم من أن هيلا قد تجاوز الثلاثين من عمره، إلّا أنه لا يزال طفلًا في نظر أخواته.
ألقيت نظرةً بينَ تانيا وأفراد عائلة ديميا، ثم ابتسمت.
لا بُد أن هناكَ شيئًا يُبقي العائلةَ متماسكةً مهما طال الفراق. تمامًا كما هو الحال بيني وبين أبي.
بعد ذلك، استمرّت الساحراتُ في التباهيِ بقدراتهنّ بكلِّ حماسٍ.
بصراحةٍ، لو توفّر لهنّ المزيد من الوقت، لاستمررنَ في الحديثِ عن إنجازاتهنّ لثلاثةِ أيامٍ متواصلةٍ دونَ كللٍ.
* * *
في اليومِ التالي، كنتُ مشغولةً جدًا.
فقد كان هذا اليوم يوم اتخاذ قرارٍ في غاية الأهمية، مما جعلني متوترةً منذ الصباح.
وبما أنني سأذهب إلى العاصمة، فمن المُؤكّد أن الحراسة حولي ستصبح أشدّ بكثير.
وهذا سيجعل من الصعب إخفاء حقيقتي عن آرون.
لم أرغب في أن يكتشف آرون حقيقتي قبل أن أبوح له بها بنفسي. فقد سبق له أن شاركني سرًا بالغ الأهمية.
لطالما كنت واثقةً من أن آرون سيتفهّمني.
لكنني واصلت تأجيل الأمر، مبررةً ذلكَ لنفسي بـ “فقط دعيني أتجاوز هذه المرحلة أولًا”، ومرةً تلوَ الأخرى .…
حتى أدركتُ فجأةً أن موعد ذهابي إلى العاصمة قد باتَ وشيكًا.
لم يعد بإمكاني تأجيل الأمر أكثر من ذلكَ.
“هاه…”
أخيرًا، عقدت العزم على إخبار آرون بسرّي، لكنني لم أملك الشجاعة بعد لمصارحة أبي.
ربما… سأخبره لاحقًا في المستقبل البعيد. ( لما يموت؟)
بصراحةٍ، أردت أن أبقيَ سرّي مخفيًا حتى النهايةِ، تمامًا كما فعلت أمي.
“آه…”
شعرت بإحباطٍ شديدٍ، فمسحت وجهي بيدي بقوةٍ. ثم بدأت أنتظر اللحظة المناسبة للتحدث مع آرون بمفردنا.
ولحسن الحظّ، لم يمض وقتٌ طويلٌ حتى سنحت الفرصة.
جلسنا معًا على مقعدٍ حجريٍّ في زاويةٍ هادئةٍ من الحديقة.
تحدثتُ بحذرٍ.
“آرون.”
“نعم، يا آنستي؟”
بدت ملامح آرون كما هي دائمًا، قويةً وثابتةً.
“هل يمكنني أن أسألكَ شيئًا؟”
“بالطبع، يا آنستي. ما الذي يُقلقكِ؟”
“آرون، لقد قلتَ شيئًا لي من قبل.”
بدأت أعبث بأصابعي بينما أتكلم.
“أخبرتني أنك من سلالة العمالقة لأنكَ تثق بي. وأن ذلكَ كان بمثابة عهدٍ منك بالمخاطرة بحياتكَ من أجلي وولائكَ لي.”
“نعم، أتذكر ذلكَ. هل أزعجكِ ذلكَ بطريقةٍ ما؟”
عندَ سماعه هذا، سارعت إلى هزِّ رأسي نفيًا.
“لا، ليس على الإطلاق. لكن … ماذا لو…”
“تفضلي، تحدثي براحة، يا آنستي.”
“ماذا لو كنتُ أشعر بنفس الشعور؟ كيف سيكون ردّ فعلكَ، آرون؟”
رفعَ آرون حاجبه ولم يُجب على الفورِ.
أغمضتُ عينيّ بإحكامٍ، ثم نطقتُ أخيرًا بالكلماتِ التي كنتُ أخفيها.
“ماذا لو كنت ساحرة؟ ماذا ستفعل؟”
[ يُتبع في الفصل القادم …….]
– ترجمة خلود