77
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- It's the first time for both of us
- 77 - عيد ميلادٍ سعيد! (١)
– يجب ألّا تنسى مكانتكَ يا سمو الأمير. فمعروفُ الأميرِ قد يكونُ سُمًّا للبعض.
كلما تذكر أربيل كلماتِ معلمهِ التي قالها عند قدومه إلى العاصمة، زادت كآبته.
كان معلمهُ دائمًا يقولُ الحقيقة، لذا كان يعلمُ جيدًا أن ذلك لم يكن كذبًا؛ ولهذا السبب، كان الأمرُ أكثرَ إيلامًا.
كان يدركُ جيدًا أنهُ لا بُدَّ من اتباعِ كلماتِ معلمهِ حتى لا تقعَ مارييت في المتاعب.
في البداية، كان يتمنى الهروبَ من هذه الحياةِ الوحشيةِ والمروِّعة. لكن بمجرد أن فعلَ ذلك، أثقلَتْهُ مسؤوليةٌ عظيمة.
كي لا يصبحَ سُمًّا لأحد، كان بحاجةٍ إلى القوةِ والحريةِ؛ إلى القدرةِ على تحمُّلِ مسؤوليةِ أفعاله.
وكان أربيل يعلمُ ذلك جيدًا.
‘…القوة.’
كان يقبضُ راحةَ يدهِ ويفتحها مرارًا وهو يُحدِّقُ فيها.
كم مقدارُ القوةِ التي يحتاجُها حتى لا يكونَ لقاءُ مارييت أمرًا يُسببُ لها المتاعب؟
في نظرِ أربيل، كان هناك ثلاثةُ أشخاصٍ يملكون أعظمَ قوةٍ في بيرجي:
جلالةُ الإمبراطور،
الدوقُ الأكبرُ ديكارت،
وأخيرًا، البابا لابريك.
‘الدوقُ الأكبرُ ديكارت…’
مما سمعهُ من معلمه، أدرك أن الشخصَ الذي مدَّ إليهِ يدَ العونِ كان ابنةَ الدوقِ الأكبرِ ديكارت.
كم من القوةِ يحتاجُ كي يصلَ إلى مارييت؟
كلما حاولَ تقديرَ ذلك، بدتِ المسافةُ بينهما أبعد.
لكن، إن بدأَ من الآن، فربما يتمكنُ من نيلِ تلك القوة.
‘حينها… ألن أتمكنَ من الذهابِ لرؤيةِ مارييت؟’
عليه أن يعملَ بجدٍّ. عليه أن يمضي قُدُمًا دونَ توقف.
‘أتمنى أن تبتسمَ مثلَ الملاكِ مجددًا، كما فعلت في ذلك اليوم.’
في تلك اللحظة، تلاشت كآبته، وانتشرَ على وجه أربيل ابتسامةٌ مشرقة بينما كان يتخيل ابتسامة مارييت اللطيفة.
* * *
كانَ العامُ يوشكُ على الانتهاء، ولم يعد أبي بعد من العاصمة.
لقد قال إنهُ سيعودُ بأسرعِ وقتٍ ممكن!
لكن، للأسف، يبدو أن الاحتفالَ بآخرِ يومٍ في السنةِ معًا واستقبالَ العامِ الجديدِ سيتأجل.
تساءلتُ إن كان قد قرأ الرسالةَ التي دسستها خفيةً في جيبِ معطفهِ في اليومِ السابقِ لمغادرتهِ إلى العاصمة.
لقد أعدتُ كتابتها أربعَ مرات، ورميتُ ثلاثَ أوراقٍ كاملة.
لو كنتُ كتبتُها باللغة الإمبراطورية، لكانت أجمل، لكن لغةَ الإمبراطوريةِ لم تكن مألوفةً لي، لذا كان الأمرُ صعبًا.
‘لكن، لا بأس، سيستطيعُ قراءتها، أليس كذلك؟ لأنه أبي!’
آه، أشعرُ بفراغٍ غريب.
جلوسي بلا عملٍ على الأريكةِ في القاعةِ الكبرى جعلَ هذا الشعورَ يتفاقم.
“هيو.”
تنهدتُ بعمق، وأسندتُ ذقني على ركبتيَّ وأنا جالسةٌ وحدي.
“بماذا تفكرين بعمقٍ هكذا؟”
سمعتُ صوتًا عميقًا وثقيلًا بجانبي. فوجئتُ والتفتُ سريعًا.
متى أتى إلى هنا؟
“آرون!”
“لقد مضى وقتٌ طويلٌ منذُ آخرِ لقاءٍ لنا، آنستي. لماذا تجلسين هنا وحدكِ بدلًا من البقاءِ في غرفةٍ دافئة؟”
“هيهي، أشعرُ بالملل. آرون، هل انتهيتَ من التدريبِ اليوم؟”
مؤخرًا، وبسببِ الطقسِ البارد، لم تكن بيت تسمحُ لي باللعبِ إلا داخلَ القصر، لذا قلَّت لقاءاتي بآرون.
حتى عندما كنتُ أخرج، نادرًا ما كنتُ أبقى لأكثرَ من ثلاثين دقيقة.
وفوقَ ذلك، كنتُ أستغلُّ أيَّ فرصةٍ لتعلُّمِ كيفيةِ التعاملِ مع الأعشابِ وصناعةِ الأدويةِ من هيلا، إضافةً إلى التدربِ على تقنياتِ الحاجز. لهذا، أصبحَ آرون الشخصَ الأصعبَ في رؤيته.
“نعم، لقد أكملتُ جميعَ تدريباتِ الصباح. لكن يبدو أنكِ قلقةٌ بشأنِ شيءٍ ما، فقد سمعتُكِ تتنهدين.”
“أجل… بابا قال إنهُ سيعودُ مبكرًا، لكنهُ لم يأتِ بعد.”
“أفهم ذلك.”
“هذا يعني أننا لن نتمكنَ من تناولِ الكعكةِ معًا في اليومِ الأخير. لقد قالَ غوردن إنهُ سيعدُّ كعكةً من ثلاثِ طبقات.”
فتحتُ ثلاثةَ أصابعٍ واحدةً تلو الأخرى لأريها لآرون.
ابتسمَ آرون بلُطف.
“مع ذلك، سيعودُ فورَ انتهاءِ مهرجانِ العامِ الجديد. حتى في بيرزيوم، سمعتُ أنهُ يقلقُ عليكِ كثيرًا.”
فتحتُ عينَيَّ بدهشة.
“بابا؟”
“نعم، لقد تلقيت أخبارًا من رفاقي هناك.”
عانقتُ ركبتيَّ أكثر.
“أفهم… لكنني بخير تمامًا.”
“حتى لو كنتِ في أكثرِ الأماكنِ أمانًا في العالم، فوالدُكِ سيظلُ قلقًا عليكِ. هذه هي مشاعرُ الأب.”
“مشاعرُ الأب…”
“همم، لا أعتقد أن الأمر كذلك بالضرورة.”
يبدو أن أبي يحبني الآن، لكنه حتى عندما ذهب إلى العاصمة، كل ما قاله كان: “لا تتسببي في أيِّ متاعب.” يا لهُ من أمرٍ محبط.
أومأتُ برأسي، ثم سرعان ما هززته مجددًا.
“إذا لم تمانعي، فسأقومُ بمرافقتكِ إلى غرفتكِ.”
“همم.”
حسنًا، لا بأس.
مددتُ ذراعيَّ نحو آرون. لكنه تردد للحظة وهو يرفعني.
“يبدو أنكِ قد كبرتِ.”
“حقًا؟”
“نعم، في المرةِ السابقة، كان أعلى رأسكِ يصلُ إلى هنا فقط.”
أشارَ آرون بيده إلى مكانٍ ما في الهواء.
وعندما فكرتُ في الأمر، بدا أن مستوى نظرِنا قد تغيَّر قليلًا بالفعل.
“إذا كبرتِ قليلًا بعد، فقد تُصبحين أطولَ مني. فوالدكِ طويلُ القامةِ أيضًا.”
ربما لن أصبحَ بطولِ آرون، لكن مجردَ معرفةِ أنني قد كبرتُ جعلني أشعرُ بالحماس.
“سيكونُ ذلك رائعًا! عندما يعودُ أبي، سأتباهى أمامه بمدى طولي.”
“إذًا، دعيني أُوصلكِ إلى غرفتكِ.”
“نعم! انطلق!”
* * *
مرَّ أسبوعٌ منذ بدايةِ العامِ الجديد.
وهذا يعني… أنني أصبحتُ في السابعةِ من عمري الآن!
بالطبع، هنا لا يُحتسب العمرُ رسميًّا إلا بعد مرورِ عيدِ الميلادِ الفعلي. لكن مجردُ معرفةِ أنني اجتزتُ عامًا آخر جعلتني أشعرُ بالإثارة.
في العاصمةِ بيرزيوم، أقيمَ مهرجانُ نهاية العام واحتفالاتُ السنةِ الجديدةِ بشكلٍ فخمٍ ومتتالٍ.
كما بدا أن موسمَ صيدِ الوحوش، الذي جرى قبل ذلك، قد انتهى بسلامٍ أيضًا.
أما أنا، فقد بقيتُ داخلَ الدوقيةِ الكبرى، أتلقى التقاريرَ تحت حمايةٍ مشددة.
كان هناك بعضُ الاحتفالاتِ الصغيرةِ لنهايةِ العامِ في أراضي دوقيةِ ديكارت أيضًا، لكن للأسف، لم أتمكنْ من حضورها.
ثم جاءت لونا بأخبارٍ سعيدة.
“آنستي! لقد وصلَ الدوق الأكبرُ وفرسانُ ديكارت!”
“الآن؟”
كنتُ في وسطِ اللعبِ مع بيت، نبني برجًا من القطعِ الخشبية، وعندما سمعتُ ذلك، فوجئتُ لدرجةِ أنني أسقطتُ البرجَ بالكامل، ولم يبقَ سوى قطعةٍ واحدة.
“نعم! لقد عبروا البوابةَ الرئيسيةَ للتو، لذا سيصلونَ قريبًا جدًا.”
يا إلهي! هذا يعني أنهم باتوا على وشكِ الوصول!
لقد عادَ أبي حقًا! قفزتُ واقفةً واندفعتُ نحو خزانةِ الملابس.
“سأرتدي ملابسي وأخرجُ لاستقباله!”
بدأتُ أُخرجُ المعاطفَ والأوشحةَ والقفازاتِ والجواربَ بطريقةٍ عشوائية، وكأنني أبحثُ عن كنز.
ثم جلستُ سريعًا وبدأتُ أرتدي الجوارب أولًا.
هرعت بين إليَّ وهي مصدومة.
“يا إلهي، آنستي! أنتِ في عجلةٍ كبيرة. اسمحي لي بمساعدتكِ.”
“يمكنني فعلُها! انظري!”
أريتُها الجواربَ التي ارتديتها للتو. كان الجوربُ الأيمنُ منزلقًا قليلًا عند الكاحل، لكنه ما زال في مكانه.
هزَّت بين رأسَها بيأس، ثم ساعدتني في ارتداءِ المعطفِ الذي كنتُ قد رميتُهُ جانبًا.
“أنتِ متحمسةٌ جدًا، أليس كذلك؟”
“نعم! أريدُ أن أذهبَ لتحيتهِ فورًا، وأتباهى أمامه بمدى طولي.”
“إذًا عليكِ ارتداءُ ملابسٍ أكثرَ دفئًا. الجوُّ باردٌ اليوم بسببِ العاصفةِ الثلجيةِ الأخيرة.”
“حسنًا!”
لابد أن أبي والفرسانَ كانوا قريبين جدًا، لأنني سمعتُ أصواتَهم من خارجِ النافذة.
“لقد وصلوا بالفعل!”
“يبدو ذلك. الآن بعد أن ارتديتِ معطفك، أعطني يديكِ.”
“حسنًا، ها هي.”
بعد أن ارتديتُ قفازاتي، ولففتُ وشاحي بإحكام، ووضعتُ قبعتي، أمسكتُ بيد بين واندفعتُ مسرعةً نحو الدَّرَج.
كانت بين تكرر لي أن أكون حذرة، لكن قدمي لم تتوقف عن الحركةِ.
كان بابُ المدخلِ قد بدأ يُفتح بالفعل.
ومع الهواءِ الباردِ الذي اندفع من الخارج، عاد سيُّد القصر.
“بابا!”
تركتُ يد بين وركضتُ مباشرةً نحو أبي، الذي توقف فجأة.
خلع أبي قفازيه وسلّمهما لـ دانتي، ثم فتح ذراعيه على مصراعيهما.
“مارييت.”
عندما رفعني عاليًا، ابتسمتُ بسعادة.
“تبدين تمامًا مثل فرخ البطريق الصغير.”
عند سماعي لهذه الكلمات، كنت أضحك، ثم عبستُ فجأةً.
“بطريق؟”
“لقد ركضتِ نحوي وأنتِ ملفوفةٌ بملابس سميكة.”
“كنتُ سأنتظر في الخارج، لكنك أتيتَ بسرعة!”
رفع أبي كتفيه بلا مبالاة.
“كان ينبغي أن آتي ببطءٍ إذن. هل كنتِ فتاةً جيدة؟”
أومأتُ برأسي بحزم.
“نعم! كنتُ آكل وجباتي كلها كل يوم، وأستمع لكلام بين. بابا، آرون قال إنني كبرتُ! وأنا الآن في السابعة من عمري!”
بينما كنتُ في حضنه، شعرتُ بالفخر وارتفع جسر أنفي.
أطلق أبي ضحكةً خفيفة.
في تلك اللحظة، رأيتُ خلف كتفه صناديق بأحجامٍ مختلفة تُنقل إلى المنزل واحدًا تلو الآخر.
اتسعت عيناي وسألتُه.
“بابا، ما كل هذه الأشياء؟”
أجاب دانتي، الذي كان يُصدر الأوامر بجانبنا.
“كلها هدايا لكِ، يا آنستي. لقد اجتاح صاحب السعادة متاجر العاصمة وجلب كل ما وُجد هناك.”
“واو!”
يبدو أن الفرسان لم يكونوا هناك للحراسة فحسب، بل كانوا يحملون الهدايا، حيث لم تتوقف أبدًا عن التكدس.
“بمجرد أن ننتهي من ترتيبها، سنُرسلها إلى غرفتكِ.”
قال أبي ذلك بينما بدأ بالمشي حاملاً إياي معه.
وعندما وصلنا إلى الدَّرَج المؤدي إلى الطابق الثاني، أنزلني برفق.
“اذهبي لتغيير ملابسكِ، وسنلتقي في قاعة الطعام لاحقًا.”
أوه، صحيح! أبي بحاجةٍ إلى تغيير ملابسه أيضًا.
كنتُ سعيدةً جدًا برؤيته لدرجة أنني لم أفكر في ذلك.
“آه، حسنًا!”
داعب أبي رأسي وعاد أدراجه، بينما توجهتُ بسرعةٍ إلى الطابق الثاني.
* * *
بعد عودة الجميع من العاصمة، أخذوا قسطًا من الراحة وتناولوا العشاء.
أما أنا، فقد جلستُ مثل القائد في أريكة مكتب أبي.
كان يبدو هادئًا كالمعتاد، يراجع أعماله المتراكمة، وكأنه لم يكن مسافرًا على الإطلاق.
ثم جاء دانتي، الذي كان منشغلًا طوال الوقت، وهو يحمل صندوقًا معدنيًا أسود مسطحًا، ووضعه أمامي.
“سعادتك، هل أريها هذا لاحقًا؟ أم الآن؟ أنا متحمسٌ جدًا لأن أريه للآنسة.”
لكنني كنتُ أراه بالفعل.
على عكس الصناديق الملونة الزاهية التي دخلت المنزل سابقًا، كان هذا الصندوق هو الأصغر والأبسط، مما زاد من فضولي.
“بابا، ما هذا؟”
“رد.”
“هاه؟”
[ يُتبع في الفصل القادم …….]
– ترجمة خلود