1
تشوي إن-نا كانت تعاني من الاكتئاب.
منذ حوالي عامين، كانت تتناول حفنة من الأدوية كل صباح ومساء.
الناس عادةً يظنون أن مريض الاكتئاب يكون خاملاً ويفتقر إلى الطاقة دائماً، لكن الحقيقة ليست كذلك.
طالما أنها تتناول دواءها في الوقت المناسب، لم يكن في حياتها اليومية أي مشكلة تُذكر.
لكن السؤال: لماذا أصابها الاكتئاب؟
إن-نا كانت ما يُعرف بـ الحفيدة الثالثة لعائلة ثرية.
ومن أجل أن تحظى بنظرة رضا من جدها، رئيس المجموعة التجارية، وسط صراع وحشي على وراثة المنصب، ظلت تصمد متكئة على الأدوية.
تظاهرت بأنها قوية، مشرقة، مولودة لتكون قائدة.
وتعلمت وهي تكاد تكسر أسنانها كيف تخفي مشاعرها.
لكن… ما الذي يحدث الآن بحق السماء؟
فجأة رفعت جفنيها، فإذا بأشعة شمسٍ استوائية لاذعة تخترق عينيها.
“إيلينا نيم؟”
بعد البصر جاء الشم.
رائحة أزهارٍ حلوة زكية تسللت إلى أنفها.
كانت أشجار النخيل مصطفّة أمامها، وأزهار استوائية ذات ألوان فاقعة آسرة للعين، لم ترَ مثلها من قبل في سيول.
وها هي الآن تجلس بهدوء في حديقة غريبة لم تطأها قدمها من قبل.
من بعيد لاح جبل ضخم يعلوه الضباب.
“همم… هل هذه جزيرة جيجو؟” قالت إن-نا بهدوء ودون ارتباك.
“وذاك… هل هو جبل هالا؟”
قبل لحظة كانت جالسة في مكتبها بالشركة، فلا يمكن أن يكون الأمر كذلك.
لكن هذا كان التفسير الأكثر منطقية الذي يمكن أن تستحضره الآن.
كانت وصية جدها واضحة:
> “إن أردتِ أن تتقدمي على الآخرين، عليك أن تبقي هادئة دائماً. لا تُظهري مشاعرك بسهولة، فإنها ستكون نقطة ضعفك!”
أيّاً كانت الظروف، يجب أن تحافظ على رباطة جأشها.
“جيجو…؟ ما معنى جيجو يا ترى؟ إيلينا نيم، أظن أنك غفوتِ للحظة، ههه.”
قالت امرأة أجنبية ترتدي زيّ خادمة وجلست بجانبها، ضاحكة بخفة.
صحيح أن في منزلها خدم مقيمين، لكن لم يكن أحدهم يرتدي مثل هذا الزي الغريب المبتذل.
(لا يبدو الأمر كاختطاف…)
فقد تعرضت لمحاولة خطف في التاسعة من عمرها من قبل مجرمين طمعوا في ثروة العائلة.
لكن الشعور مختلف هذه المرة.
فكرت إن-نا بهدوء في احتمال آخر:
(هل هذه إحدى اختبارات الرئيس مجدداً؟ اختبار آخر لقياس قدرات وريثة القيادة؟)
أجل، ذلك الاحتمال بدا الأرجح.
“إذن… أنتِ من طرف الرئيس…” بدأت إن-نا تتحدث، محافظة على هدوئها.
لكن فجأة-
ووووووووم-
تلبدت السماء، التي كانت مشمسة حارة قبل لحظة، بسحب داكنة كثيفة.
(ما هذا؟ فجأة؟)
رفعت رأسها لتنظر إلى السماء.
كانت الغيوم السوداء تنذر بعاصفة مطرية وشيكة.
(بما أن هذا مناخ استوائي، ربما هذا مطر موسمي…؟ لا، لحظة. لماذا أكون أصلاً في منطقة استوائية؟ انتظري… تلك الأجنبية نادتني “إيلينا” للتو؟)
تلمست جسدها بارتباك.
“إ… إيلينا نيم؟”
شعرٌ سماوي اللون انسدل على ثوبها الحريري الفضي اللامع.
(شعرٌ أزرق سماوي؟!)
أمسكت بخصلاتها الزرقاء بذهول.
“أ… أرجوك، أخبريني. هل لون عيني… أصفر ليموني؟”
“ماذا…؟ ماذا تقصدين…؟ إيلينا نيم، ما بكِ؟”
الخادمة رمشت بدهشة من سؤالٍ كهذا.
“هل هذا صحيح؟!”
ألحت إن-نا، وقد اعتادت على التحكم بالآخرين بنبرة قوية.
فأجابت الخادمة بسرعة رغم ارتباكها:
“ن-نعم! بالطبع. لونك فريد وجميل، أصفر ليموني باهر.”
هذا الشعر وهذا اللون.
اسم إيلينا.
ثم هذا الطقس الماطر فجأة.
وووووم-
“يبدو أن المطر قادم، إيلينا نيم. لم نحضر مظلة، فاجعلي المطر يتأخر قليلاً.”
…طلبٌ اعتبرته الخادمة طبيعياً.
رغم كل الارتباك، توصّلت إن-نا إلى استنتاج واضح وسريع:
لقد تجسدت داخل رواية <إيلينا في الجزيرة السعيدة>…
بل وتجسدت في شخصية البطلة إيلينا نفسها!
رفعت بصرها نحو الغيوم الداكنة، مشدوهة، ثم صرخت فجأة:
“اللعنة! اللعنة! لا…”
لم يكفِ هذا القدر من الشتائم.
فأحكمت قبضتها وصرخت بصوت عالٍ:
“تبّاًااا!!”
—
<إيلينا في الجزيرة السعيدة>
رواية وجدتها يوماً بالصدفة على رف كتبها المليء بمؤلفات الاقتصاد والإدارة، حين كانت تعاني من الاكتئاب.
انجذبت إليها بشكل لا إرادي.
بسبب كلمةٍ لطالما تاقت إليها: السعادة.
فغرقت في قراءتها بالكامل.
كانت الرواية كما يوحي عنوانها: قصة “إيلينا التي تعيش بسعادة”.
القصة باختصار:
إيلينا فقدت والديها في صغرها، وترعرعت في دار للأيتام حيث تعرضت للاضطهاد.
لكن كان لديها ميزة غريبة: حين تحزن أو تكتئب، يهطل المطر؛ وحين تفرح، تصفو السماء.
إلى أن جاء يوم، وأخبروها من القصر الملكي بأنها “كاهنة تتحكم بالطقس”.
ومن هناك، انتهت المعاناة، ولم يبقَ سوى دربٍ مليء بالزهور.
دخلت القصر، نالت حب الجميع، وخُطبت لولي العهد عندما بلغت الثانية عشرة.
التهديد الوحيد كان في الجزء الأخير، حين خُطفت على يد قوة مظلمة في الصحراء، لكنها سرعان ما أُنقذت ببطولة ولي العهد.
ثم تزوجا، وانتهت الرواية بنهاية سعيدة.لم يكن فيها منغصات أو تعقيدات، بل مجرد قصة ناعمة مليئة بالحب والسعادة.
ولهذا أحبتها إن-نا كثيراً، وقرأتْها مراراً.
على عكس واقعها البارد القاسي في المدينة، كانت الجزيرة السعيدة عالماً مملوءاً بالحب والهناء.
كم تمنّت أن تعيش هناك…
(لكن لماذا… لماذا كان عليّ أن أتجسد في شخصية إيلينا بالذات…؟)
وبينما تفكر بذلك، بدأ المطر يتساقط.
رذاذ خفيف كأنه يبعثر السماء الداكنة.
نظرت إليه إيلينا بعيون يائسة.
قد يظن البعض أنه لا مشكلة، أليست في رواية تحبها؟ يكفي أن تعيش القصة كما هي، بلا صراع أو بقاء أو تغيير.
لكن المشكلة… أنها تعاني من الاكتئاب.
وفي هذا العالم الخيالي، لم يكن هناك حتى مفهوم “الاكتئاب”.
أي أنه لا طبيب نفسي، ولا دواء يعينها.
طبيبها في العالم الحقيقي شخّصها بالاكتئاب المقنّع الحاد، واضطراب القلق، ومتلازمة الإرهاق.
(كان يحثّني دوماً أثناء الجلسات: من فضلك، عليكِ التوقف عن العمل وأخذ قسط من الراحة… لكنني لا أستطيع حتى قضاء يوم واحد دون الدواء.)
“آه! المطر! إيلينا نيم! أرجوكِ، أوقفي المطر قليلاً فقط!”
“…لا أستطيع.”
“هـ؟”
قالت إن-نا-الآن إيلينا-وهي في حالة من الاستسلام:
“تبّاً… قلت لكِ لا أستطيع!”
في عالمها الأصلي، كان بإمكانها أن تتناول الدواء، أو حتى تتظاهر بالابتسامة أمام الآخرين.
لكن هنا… لا.
فالطقس اللعين سيفضح حالتها النفسية كما هي.
تذكرت تدريبها المرير على إخفاء مشاعرها والسيطرة على الناس كجزء من إعدادها كوريثة.
لكنها أدركت أن كل ذلك صار بلا جدوى في هذا العالم.
فصرخت بأعلى صوتها:
“لن أفعل! تبّاً! لن أعيش هكذا بعد الآن!”
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

عالم الأنمي عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان! شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة. سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!

إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
Chapters
Comments
- 1 - تجسدت لكني مكتئبة 1 منذ 5 ساعات
التعليقات لهذا الفصل " 1"