المكان الذي اتجهت إليه “رولينغ بين” بعد خروجها من النافذة كان الغرفة المجاورة مباشرة لغرفة الاستقبال، حيث كان يقف الحارس “كونت بانكروفت”. كانت حركتها سريعة وسلسة، وهبطت دون إصدار صوت على السجادة.
ولحسن الحظ، كانت البدر تضيء الغرفة بالكامل، مما أتاح لـ”رولينغ بين” أن تفحص ما حولها بعينين دقيقتين. الغرفة التي دخلتها كانت تحتوي على منضدة تزيين وكرسي، وخزانة ذات ثلاث أدراج، وسرير. وبالنظر إلى حجم الغرفة وأثاثها، بدا أنها مخصصة لضيوف ليست لهم أهمية كبيرة.
مرت لمحة من الرضا في عيني “رولينغ بين” بعد انتهائها من الاستكشاف. حتى شفتيها المخبأتين خلف القناع ارتسمت عليهما ابتسامة خفيفة. أخرجت حبلاً رفيعًا من جيبها، وبدأت بربط الأثاث في الغرفة بهذا الحبل، ثم جمعت تلك الحبال في حبل واحد طويل. استغرقت هذه العملية أقل من خمس دقائق.
“انتهيت.”
بعد أن لفت الحبل حول معصمها، عادت “رولينغ بين” إلى النافذة التي دخلت منها. قفزت إلى حافة النافذة برشاقة قطة.
ثم اقتربت من النافذة المجاورة التي تطل على غرفة الكونت “بانكروفت”، وتسللت لتلقي نظرة عبر الزجاج. وكأنما يُرشدها إلى الهدف، كان الكونت يحدّق بعينين قلقَتين في نقطة واحدة دون أن يطرف له جفن.
“كم أنت كريم.”
المكان الذي كان يحدّق فيه الكونت، أسفل الأريكة، لا بد وأنه يحتوي على “أثمن شيء”. ابتلعت “رولينغ بين” ريقها، ثم جذبت الحبل المربوط بمعصمها بكل قوتها.
دوي!
تحطم مرآة منضدة التزيين وسقطت على الأرض، وانهار الأثاث أرضًا محدثًا ضوضاءً هائلة. كان الصوت مرتفعًا لدرجة أن حتى “الدوق هيل” في نهاية الممر لا بد أنه سمعه، فما بالك بـ”الكونت بانكروفت” في الغرفة المجاورة؟
“م-ما هذا؟!”
كما هو متوقع، قفز الكونت فزعًا وركض نحو مصدر الصوت. في تلك اللحظة، رمت “رولينغ بين” الحبل بسرعة وقفزت إلى داخل غرفة الاستقبال من نافذتها، ولم تنسَ أن تقفل الباب خلفها مباشرة.
بينما كانت تسمع خطوات “الدوق هيل” المسرعة في الممر، بدأت “رولينغ بين” بتفتيش أسفل الأريكة بسرعة. لكنها حتى بعد تمزيق السجادة والتأكد من الأرضية، لم تجد شيئًا مريبًا.
“هذا يعني أن هذه الأريكة…”
كانت تبدو للوهلة الأولى أريكة عادية، مكسوة بمخمل أزرق، وتتسع لشخص واحد. همّت “رولينغ بين” بقلب الأريكة وتمزيقها من الداخل، لكنها توقفت فجأة، فقد تذكرت تمثال الملاك الذهبي الذي رأته قبل قليل.
وفي تلك اللحظة، بدأ الباب يهتز بعنف.
“لماذا هذا الباب مقفل؟! أيها الحارس، أحدهم أحضر المفتاح حالًا!”
“اهدأ قليلًا، سأحاول فتحه. آه، يبدو أنه لا يُفتح بسهولة.”
“أيها الدوق! استخدم قوتك! من المؤكد أن تلك اللصة هناك!”
غضب الكونت كان متوقعًا، لكن الصوت الهادئ والمسترخي لـ”الدوق هيل” وهو يهدئه، كان مفاجئًا. ابتسمت “رولينغ بين” بخفة تحت القناع.
“يبدو أنه مقرب من فرانك بوتر، ويبدو أنه يساعدني أكثر مما توقعت.”
وقفت “رولينغ بين” وأزاحت الغبار عن ركبتيها، ثم حملت الأريكة على ظهرها. مشهدٌ قد يصدم أيّ شخص يراه، لكنها لم تترك حتى قطرة عرق، بل خطت فوق حافة النافذة بخفة.
عندما فتح “آيدن” الباب بعد أن كسب ما يكفي من الوقت، كانت “رولينغ بين” قد اختفت مع الأريكة. تجاهل الكونت “بانكروفت” الذي انهار على الأرض وهو يصرخ، وسار بهدوء نحو النافذة.
مسح آثار الأقدام المتبقية على حافة النافذة بكمّه، ثم قال ببرود:
“قبل مجيئي إلى هنا، ذهبت إلى الغرفة التي كان فيها المدير فرانك بوتر. وجدت فيها شيئًا لا يجب أن يكون هناك.”
“هل هذا وقت الحديث عن ذلك؟ أريكتي… لقد سُرقت الأريكة من قبل تلك اللصة!”
في الحقيقة، تلك الأريكة كانت من الكنوز الوطنية المفقودة لدولة معادية لمملكة بيركشاير. كان بداخلها عرش مزين بمئات الأحجار الكريمة المنحوتة بدقة، مخفيًا تحت الغطاء السميك. قيمة الأريكة ليست فقط في قيمتها المادية، بل إن انكشاف وجودها في بيركشاير كان يمكن أن يؤدي إلى اندلاع حرب.
الكونت، الذي صُدم بفقدان الأريكة، بدأ بفقدان السيطرة على نفسه وتجاوز حدوده.
“وهل لك أي حق في مساءلتي يا دوق؟ استدعيتك للقبض على اللصة، لكنك لم تستطع حتى فتح الباب! أنا قانونيًا نزيه! لا تتفوه بكلام غريب مرة أخرى!”
هز “آيدن” رأسه بأسف، لكنه صحح الوقائع بهدوء:
“الكلام الغريب هو ما تقوله أنت. تمثال الملاك الذهبي هو ملك للدولة، وهو كنز وطني. ما يعني أنه جريمة كبرى لا تسقط بالتقادم. ستتلقى عقوبة قاسية.”
قبل قدومه إلى هنا، ذهب “آيدن” إلى الغرفة التي كان يُفترض أن يكون فيها “فرانك بوتر”، ووجدها فارغة كما توقع.
“سريعة حقًا.”
كان “آيدن” قد أدرك بالفعل أن الشخص الذي تحدث إليه سابقًا لم يكن فرانك الحقيقي. فالخطأ القاتل الذي وقعت فيه “رولينغ بين” هو استخدام اللغة الرسمية معه، رغم أنهما كانا وحدهما، بينما “فرانك بوتر” الحقيقي لا يستطيع التحدث معه دون إسقاط الألقاب. هذا الخطأ منح “آيدن” تأكيدًا على هويتها.
ومع ذلك، فإنه تظاهر بالجهل بل ووعد بمساعدتها، لأنه كان يرغب بمعاقبة “كونت بانكروفت” بنفسه.
كان يعلم أن الفرصة للإمساك بها ومعرفة هويتها ستأتي لاحقًا. لكن…
…هل أنا حقًا أريد القبض عليها؟
تجهم وجه “آيدن” مع بروز هذا السؤال في ذهنه. تطبيق العدالة يجب أن يتم ضمن حدود القانون، وكان هذا مبدأً راسخًا لديه، لا علاقة له بأي ماضي أو تجارة معلومات.
لذلك، مهما كانت نوايا “رولينغ بين” نبيلة، فهي في نظره مجرمة.
ورغم ذلك، اختار الوقوف إلى جانبها اليوم، لأنه رأى أن جرم “الكونت بانكروفت”، الذي يحاول التحايل على القانون، أعظم من جرمها.
“لنجعلها هذه المرة فقط.”
لكن “رولينغ بين”، وكأنها تدرك تعقيد مشاعره، تركت له هدية أربكته مجددًا.
تركت تمثال الملاك الذهبي، الذي انقشر منه قليل من الجص، متعمدة. من أجله. بل وتركت معه مذكرة صغيرة لا يمكن تجاهلها:
—
**”هذه هدية مقابل تبرئتك لشخص بريء، وهي أيضًا مسروقات تساعدك على التبرير، يا دوق، لأنك مجددًا لم تمسك بي. سيكون من الرائع لو أريته للكونت وأريته قوة القانون.
بإخلاص، رولينغ بين”**
—
كانت هدية لا يُمكن رفضها. وهذه الخلفية كانت السبب الحقيقي وراء هجوم “آيدن” العنيف على الكونت.
لكن الكونت، الذي لم يعلم ذلك، واصل كذبته بإخلاص.
“…أوه، لا، لا بد أنك مخطئ، يبدو أنك ظننت أن التمثال الجبسي المقلد حقيقي… هاها، لقد صُنع بإتقان فعلاً.”
“لقد أمرت أحد الخدم باستدعاء الشرطة والخبراء. قدم أعذارك لهم، أما أنا فسأنصرف الآن.”
ترك “آيدن” كلمات وداعه الباردة وغادر غرفة الاستقبال. الكونت، الذي أصيب بذعر أكبر من ذي قبل
لم يعرف “آيدن” من أين يبدأ الكلام، فارتجفت شفتاه قليلًا دون أن ينطق، عندها رفعت “اللصة” إصبع السبابة ببطء وأشارت به إلى شفتيها، في إيماءة صامتة تطلب منه أن يلزم الصمت.
أومأ “آيدن” برأسه دون وعي، كمن سُحر.
وعندها، انفرجت نظرة “رولينغ بين”، التي كانت متيبسة بفعل التوتر، بلينٍ خفيف. بدت عيناها وكأنها تبتسم، بانحناءة طفيفة فيهما.
“لو كنتُ أقرب قليلًا فقط… أو لو كانت الإضاءة أقوى بقليل، لتمكنت على الأقل من معرفة لون عينيها.”
كان هذا الندم يملأ قلب “آيدن” حينها. لكن في لمح البصر، مرّت “رولينغ بين” بجانبه بسرعة واختفت عبر الباب الخلفي.
“…آه.”
خرج تنهيدة من فمه، متأخرة، وفيها ذهول واضح. رفع يده ليغطي عينيه، محاولًا أن يثبت في ذاكرته صوتها قبل قليل.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات