بمجرد هذه الجملة، سُمع من الداخل صوت تهشم عنيف، على الأرجح نتيجة فزع الشاب لوهمبتون من حديثه عن بوتشيس وديفون أمام “خطيبته”.
“هل يمكنني رؤيتك للحظة؟ جئت لأتحدث معك.”
“نعم، نعم بالطبع.”
جاء الرد مصحوبًا بجلبة أخرى، وبعد وقت ليس بالقصير، فُتح الباب.
وكان هناك الشاب لوهمبتون، واسمه هارييت لوهمبتون، واقفًا ووجهه محمرٌ بشدة.
“يشرفني… آنسة تايلور… كما يُقال تمامًا… آه، جمالك… ساحر للغاية…”
كان يتنفس بصعوبة وهو يوجه كلماته، عينيه تتنقل ببطء من وجه برييل إلى صدرها ثم إلى خصرها.
تشنّجت يد برييل في قبضتها متأثرة بنظرته المقززة، وعضّت على أسنانها قائلة:
“دعنا ندخل أولًا.”
“آه؟ ن-نعم، تفضلي بالدخول!”
تفاجأ هارييت بتغير مزاج برييل المفاجئ، لكنه حافظ على أسلوبه المتملق.
مجرد قدوم امرأة لرؤيته ليلًا جعله يتخيل أشياءً دنيئة في رأسه التافه.
“بمَ كنت منشغلًا؟ هل أزعجتك بزيارتي؟”
“هاها، أبدًا. كنت فقط أمارس ما يفعله أي رجل نبيل… أقرأ.”
كان ردّه فارغًا، خاصة أن زجاجة الخمر وأنبوب التدخين المتصاعد لا يزالان على الطاولة.
“لا أرى أي كتاب في الغرفة، يبدو أنك تحفظ الكتب في رأسك، أليس كذلك، سيدي؟”
سخرت برييل بلباقة بنبرة نبيلة، لكن هارييت لم يمانع بل ضحك وأومأ برأسه.
“هاها، صحيح. أملك ذاكرة جيدة. هل تودين الجلوس؟ أم نبدأ مباشرة…؟”
“لا حاجة للجلوس. لن يستغرق حديثي طويلًا.”
“هاها، صريحة! أجل، لا حاجة للكلام الطويل في أمسيات كهذه بين رجل وامرأة.”
عند هذا الكلام السخيف، بدا على وجه برييل الاشمئزاز علنًا. لم تستطع تحمّل المزيد.
“كفى هراءً، سيد لوهمبتون. جئت اليوم لأُبلغك أنني لا أملك أي رغبة في الزواج بك.”
“هراء؟! لا رغبة في الزواج؟ هذا غير معقول!”
تحوّل وجه هارييت، الذي كان محتقنًا منذ أن رآها، إلى الشحوب في لحظة. واهتزت أصابعه المرتجفة وهو يعبث بشعره الرمادي.
“ما قلته واضح. لم يتم أخذ رأيي في هذا الزواج، وأنا هنا لأخبرك بذلك الآن.”
مرّر هارييت يده النحيلة على فمه، ثم على أذنه، ثم ضرب صدره في ذهول، قبل أن يتحدث بنبرة مليئة بالشفقة:
“آه، يبدو أنك لا تدركين ما الذي يرتبط بهذا الزواج، آنسة.”
“أعلم. يتعلق بحقوق تطوير المناجم. لكنه أمر لا علاقة لي به.”
ردّت برييل بسرعة، ليتبع ذلك ضحكة قذرة ممزوجة بالبلغم من هارييت، مما جعلها تتراجع خطوة إلى الوراء. لكنه تقدم بنفس المسافة مبتسمًا بسخرية.
“ليس هذا فحسب. نحن، آل لوهمبتون أصحاب السمعة، سنُعيد لكِ شرفك الذي تدنى للحضيض. ألا ترين أن هذا يعنيك كثيرًا؟”
وما إن أنهى كلامه، حتى لفّ خصلات من شعرها بأصابعه واقترب بوجهه منها. لم يكن ذلك مزعجًا فقط، بل امتزج أيضًا برائحة كريهة من الكحول والدخان، مما دفع قبضة برييل للتحرك دون تردد.
ضربت كتف هارييت المنحني بضربة قوية وسريعة. فسقط أرضًا متلوّيًا من الألم.
“آآآه! ما الذي تفعلينه؟! أعتقد أن كتفي قد كُسرت…!”
“كنت أقتل حشرة. فووو!”
نفخت على يدها كما لو أنها كانت تمسح أثر الحشرة. ولم يكن هناك بالطبع أي أثر على يدها.
نهض هارييت غاضبًا، وأشار إليها بأصبعه صارخًا:
“الآن فهمت لماذا لم يرغب الفيكونت تايلور بأن تُرى قبل الزواج! يا لك من وقحة! لا شيء يستحق فيك سوى وجهك وجسدك، أما شخصيتك…”
“أرفض تقييمك. أتيت فقط لأقول ما لدي، والآن سأرحل.”
تجاهلت صراخه ومرّت من جانبه، لكن مجددًا أمسك بخصلات شعرها.
هذه المرة لم يكن ذلك بحركات تغازل، بل كان عنفًا صريحًا لإيقافها.
رغم الألم، لم تصدر برييل أدنى صوت. فقط مدت يدها وأمسكت بياقة قميصه وسحبته إلى الأمام بقوة.
“آخ! ما هذه القوة…؟!”
“تظن أنني لا أستطيع ضربك؟ لم أضربك مجددًا فقط لأن طريقك إلى هاتويك طويل، رأيت أنه من اللطيف ألا أعرقلك.”
(لكنك ضربتني قبل قليل…)
رغم أن الموقف كان لحظيًا، إلا أن القبضة القوية التي أمسكت بقميصه خنقته تقريبًا. كانت تملك قوة غير طبيعية. نظر إليها برعب وهو ينهض بصعوبة.
لكن للأسف، حين التقت نظراته بنظراتها، تجرأ على أن يتكلم مجددًا بكلام أحمق، مدفوعًا بغروره المكسور.
“ستندمين! ليس أنتِ فقط، بل سمعة آل تايلور بالكامل سأُسقطها! من هذه اللحظة، انتهت عائلتك! وسأقاضيك بتهمة الاعتداء…!”
“سقوط عائلة تايلور؟ أرحب بذلك. لكن… هل لديك دليل على ما حدث؟ لا أحد رأى أنني زرتك.”
عند كلمات برييل الأخيرة، ارتجف جسد هارييت من الغضب. ولكن عندما عاد إلى وعيه، كانت قد غادرت بالفعل.
“مجنونة… مجنونة تمامًا… هذا الزواج ملغي!”
في الواقع، في هاتويك والمناطق المجاورة، كانت سمعة هارييت لوهمبتون السيئة منتشرة بالفعل. وكان يواجه صعوبة في العثور على زوجة مناسبة، لذا كان عرض عائلة الفيكونت تايلور بمثابة فرصة ذهبية.
أما حقوق تطوير المناجم، فلم تكن كبيرة كفاية لتُعد خسارة حقيقية، ناهيك عن أن الزواج من عائلة نبيلة كعائلة تايلور كان مغريًا.
ورغم الشائعات الغريبة التي أحاطت ببرييل، إلا أن هارييت كان يتحرّق شوقًا للزواج منها منذ أن رأى صورتها الشخصية. لقد كانت أجمل من أي امرأة رآها في حياته.
“كانت أجمل من الصورة… وجسدها… آه، لا! لا، لا. بقوتها وما فعلته… كانت وحشًا. وطريقة حديثها، مجنونة بحق…”
لو أن الضربة كانت أقوى بقليل، لما خرج منها سالمًا.
تنهّد هارييت بندم، ثم توجّه نحو المرآة، وبدأ بتزيين ملامحه العادية قدر الإمكان.
فمن الواضح أن هذه الليلة ستكون الأخيرة له في العاصمة. ولهذا قرر أن يدفن ما حدث منذ قليل، ويستمتع بوقته في الحانة التي سيأخذه إليها الفيكونت تايلور، والذي لا يعلم شيئًا بعد.
في اليوم التالي،
بينما كان “إيدن” يقرأ عدد صحيفة بركشاير تايمز التي وصلت إليه، كاد أن يبصق الشاي الذي كان يشربه.
كان قد علم من خلال تقارير الخدم في الليلة السابقة أن “برييل تايلور” زارت دوقية “هيل”.
وحينها لم يتمكن من فهم الغرض أو النية من تلك الزيارة، فاكتفى بهز كتفيه دون اكتراث.
“هاه… إذًا، هذا ما كان يدور.”
في الصفحة الثالثة من بركشاير تايمز، نُشرت صورة كبيرة تظهر “برييل” وهي تمسك بقضبان بوابة دوقية “هيل” بكلتا يديها، ملامحها توحي بالتوسل والرجاء، وإلى جانبها باقة ضخمة من الزهور جذبت الانتباه بنفس القدر.
لقد تعمّدوا التقاط الصورة بهذه الطريقة، بوضوح.
كان قد طلب من “برييل” أن تُنهي الشائعات السخيفة التي تزعم أنه يلاحقها أو يهتم بها، فكيف بها ترد بهذه الطريقة، عبر نشر هذا النوع من المقالات؟
بل بدا الأمر كما لو أنها تعمّدت تصعيد الموقف.
أخذ “إيدن” يضغط على صدغه بأصابعه الطويلة، محاولةً لتخفيف الصداع الذي بدأ يتسلل إلى رأسه، ثم بدأ يقرأ محتوى المقال بعينيه:
—
> “…في مقابلة خاصة مع صحيفتنا، أوضحت برييل تايلور موقفها بوضوح:
‘أنا من يلاحقه من طرفٍ واحد. دوق هيل ظل يرفضني باستمرار، لكنني سأواصل محاولاتي حتى يتزوج!
لدي ثقة بأنني لن أتعب أو أستسلم!’”
—
“…”
شدددد،
وفي تلك اللحظة، ارتخت يده من دون وعي وسقطت منه الصحيفة.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 22"