في الحقيقة، لا يمكن القول إنه لا يوجد سبب لذلك… لكن بعد أن رفضت عرضه مرة بالفعل، فكيف لها أن تطلب مساعدته لاحقًا حين تحتاجها؟ ‘لا بد للإنسان أن يكون لديه بعض الضمير.’
بالطبع، قد يكون هذا تفكيرًا نابعًا من أنها ليست في حاجة ماسّة الآن، لكن…
“…بعد أن رفضتُك مرة، لا يمكنني أن أعود وأطلب مساعدتك لاحقًا لمجرد أنني احتجت إليها.”
“أنا لا أمانع.”
لم تجبه ريليا، بل أطبقت شفتيها بإحكام. أما ديون، الذي ظل يحدق فيها، فقد اكتفى بهز كتفيه بخفة وهو يقول:
“حسنًا، فهمتُ.”
‘فهمت؟ ماذا فهمت بالضبط؟’
“لو كانت محاولتي في الإقناع قد نجحت، لكنا أبرمنا العقد في المرة السابقة. ولا يمكنني تهديدك أو إجبارك على التوقيع، لذا لا خيار أمامي سوى فعل ما ترغبين به.”
“هذا–”
“لذلك، حتى تبادري أنتِ بالحديث في الأمر، سألتزم الصمت بخصوص العقد.”
“…….”
كان هذا ردًا يوافق على شرطها، لكنه في الوقت نفسه لا يغلق الباب نهائيًا أمام احتمال العقد.
بل وأكثر من ذلك، فقد أزال عنها عبء الشعور بالذنب، حين أوحى لها أنها تستطيع طلب المساعدة في أي وقت إذا احتاجت.
‘بهذا… لم يعد لدي ما أقوله.’
تنهدت ريليا بعمق، ولم يبق أمامها إلا رد واحد ممكن.
فهي لا تستطيع الجزم بأنه لن يأتي وقت قد ترغب فيه فعلًا بعقد هذا الاتفاق، حتى لو كانت ترى أن ذلك احتمال بعيد.
“حسنًا.”
نظرت بخفة إلى الساعة. عقرب الساعة كان يشير بالفعل إلى الحادية عشرة.
‘لا عجب أنني أشعر بالنعاس وأن جسدي ثقيل…’
والآن وقد انتهى الحديث، فلا بد أنه سيغادر. كان عليها أن تخرجه بسرعة، ثم تستدعي الخادمة لتساعدها على الاستحمام قبل النوم.
“إذًا، هذا كل شيء، يمكنك الذهاب…”
“لكن، قبل أن أطرق الباب، ماذا كنتِ تفعلين؟”
“هاه؟”
كان سؤالًا غير متوقع تمامًا، فأصاب عقلها بالجمود لوهلة. ‘ماذا كنتُ أفعل…؟’
تذكرت للحظة مشهدها وهي تحدق بالجدار وتقذف بسكين الورق.
“آه، لم أكن أفعل شيئًا.”
كيف لها أن تقول له إنها كانت ترمي سكينًا على الحائط؟ لذلك اكتفت بالتملص.
كما أنها لم تكن ترغب إطلاقًا في إطالة الحوار أكثر…
“حقًا؟ لكني شعرتُ بوجود قوة مقدسة في الداخل.”
“……قوة مقدسة؟”
فجأة تبدّد عنها النعاس تمامًا. دفعت برغبتها في إنهاء الحديث إلى زاوية بعيدة من عقلها.
‘قوة مقدسة؟’
لقد كانت تظن أن ما شعرت به مؤخرًا ربما يكون قدرة جديدة مجهولة لدى القديسة، لكنها لم تتخيل أبدًا أنه سيكون قوة مقدسة بالذات.
على مدى ثمانية عشر عامًا، كانت تعتقد أن القوة المقدسة هي مجرد قدرة على الشفاء… لذا كان وقع الصدمة عليها كبيرًا.
نظرت سريعًا إلى وجه ديون، لكنها لم ترَ عليه أي علامة على الكذب. ثم ما السبب أصلًا الذي قد يدفعه للكذب بشأن أمر كهذا؟
“كيف عرفت؟ هل هذه طاقة يمكن الشعور بها من خارج الغرفة عادة؟”
“الشخص العادي لن يتمكن من ملاحظتها.”
“آه، إذًا الأمر لأنك شيطان… بما أن هذه قوة مناقضة للسحر، فأنت تشعر بها بشكل طبيعي؟ أما أنا، فلم أستطع الإحساس بسحرك أبدًا…”
“إذا كنتِ قد تعلمتِ استخدامها للتو، ومع ذلك تملكين الموهبة الكافية لاكتشاف سحري، فسيكون هذا ظلمًا بالنسبة لي.”
بكلمات أخرى، الأمر مجرد فرق في القدرات.
‘همم، هذا منطقي.’
“إذًا، ماذا كنتِ تفعلين؟”
“…….”
‘آه… لم أكن أريد قول ذلك…’
في النهاية، شرحت ريليا بالتفصيل ما حدث في النهار وأسباب رغبتها في التدرب عليه. فهي لم تكن تريد أن تصبح شخصًا يلقي السكاكين على الحائط فجأة ودون تمهيد.
“إنها قوة مقدسة.”
أعطاها ديون الجواب بوضوح بعد أن استمع لكل الشرح. كان صوته حازمًا للغاية، حتى أن ريليا لم يخطر ببالها أن تشك في كلامه.
لكن، وبعيدًا عن مسألة الشك، كان لديها ما يثير فضولها.
“أليست القوة المقدسة مخصصة للعلاج فقط؟”
من المربك قليلًا أن تقول هذا بنفسها، لكنها كانت على علاقة وثيقة حقًا مع القديسة السابقة، مورا.
ولو كانت القوة المقدسة تُستخدم في شيء غير العلاج، فحتى إن كان ذلك أمرًا غير معلن أو ينبغي ألا يُكشف، فهي لا تظن أن مورا كانت لتخفيه عنها.
ألم تسمع منها قبل موتها عن رؤيتها لشيء — لم تقل صراحة إنه شيطان، لكنها ألمحت — وعن امتلاكها لقوة التجدد حتى قبل مراسم تنصيبها قديسة؟ هذا غير القصص الكثيرة الأخرى التي تعرفها عن القديسة والتي يجهلها معظم الناس.
“لم أرَ ذلك مذكورًا في الكتب المقدسة. ولم أسمع به من القديسة شخصيًا…”
“بالطبع ليست قوة متاحة للجميع. ومن الأساس، مثل هذه القوة… آه.”
توقف ديون لحظة عن الكلام.
“من الأفضل ألا أقول هذا الجزء. على أية حال، أغلب الظن أن القديسات الأخريات لم يستطعن استخدامها. حالتك نادرة جدًا.”
“حقًا… هكذا تقول؟”
هل هذا أمر جيد؟ لا تعرف ما الذي يمكن أن تفعله بهذه القدرة، لكن إن كانت قوية، فالأمر جيد… أليس كذلك؟
“نعم. هذا ممتاز. إذا تدربت جيدًا، ستحصلين على القوة التي كنتِ تريدينها.”
“القوة التي أريدها؟”
“ألم تقولي إنك تريدين قوة لمعاقبة المخطئين؟”
قطبت ريليا حاجبيها قليلًا. متى قلتُ هذا…؟
— ‘إنه لأمر مؤسف. أيًا كان المخطئ، فأنا الآن لا أملك القوة لمعاقبته.’
‘…آه!’
كلمات خاطرت في ذهنها كالبرق. ربما كان هذا ما قالته في العربة أثناء حادثة اختطافها الأخيرة.
صحيح، وقتها كانت غاضبة ومظلومة حقًا. كان المخطئ واضحًا تمامًا، لكنها لم تستطع فعل شيء.
حتى وإن ساعدها، إلا أن ذلك جعلها تشعر بعجز أكبر.
“…هل هذه القوة قوية لهذه الدرجة؟”
كانت قد فكرت بالفعل في أنها ستكون مفيدة بطرق مختلفة: القدرة على رؤية الأشياء عن قرب، والقدرة على إصابة الهدف المراد بما ترميه.
فماذا لو كان الهدف هذه المرة إنسانًا بدل لوحة سهام أو جدار؟ في موقف طارئ مثل المرة السابقة، ربما تكون قادرة على حماية نفسها على الأقل.
لكن لم يكن من السهل تخيل قوة تتجاوز مجرد الحماية.
“إذا فكرتِ في قوتي، ستفهمين.”
“لكن تلك قوة سحرية، أليس كذلك؟”
“هناك بعض الاختلاف، لكن الأمر متشابه.”
كان من الطبيعي أن تتذكر في ذهنها القوة التي أظهرها ديون.
قبضت ريليا يدها ثم بسطتها.
قوة مقدسة… هل يمكن أن تصبح قوية حقًا إذا تدربت؟
“لدي درس في القوة المقدسة الأسبوع القادم، هل عليّ أن أخبرهم بالأمر؟”
“لا.”
أجابها بصرامة.
“لا تخبري أحدًا. فحتى لو كان درسًا، أليس مجرد تعليم نظري؟”
“أمم… صحيح.”
ففي القارة بأسرها، لا يوجد من يستطيع استخدام القوة المقدسة سوى القديسة الواحدة، وبالطبع المعلمون لا يعرفون استخدامها. كل ما يفعلونه هو دمج ما تركته القديسات السابقات من سجلات وملاحظات وتعليمها.
“إذن، حتى لو قلتِ لهم، لن يفهموا. بل ربما يثير ذلك شكوكهم. وربما يدّعون أن هذه ليست قوة مقدسة أصلًا.”
أومأت ريليا برأسها. هي نفسها فكرت أن ذلك محتمل جدًا.
فالتحيز المسبق أقوى مما يظن المرء.
ولا حاجة للذهاب بعيدًا، هي نفسها كانت تعتبر قدرتها شيئًا مختلفًا عن القوة المقدسة، حتى مع تشابهها مع قوة التجدد والقوة المقدسة. لم يخطر لها أصلًا أن تكون قوة مقدسة.
“هممم… حسنًا، فهمت.”
إذًا، سأتعلمها بنفسي.
هي بالفعل مشغولة، لكن إن كانت ستحصل على قوة لحماية نفسها، فهي مستعدة لأن تقتطع وقتًا خاصًا لتعلمها.
‘لن أسمح لنفسي بالشعور بذلك العجز مرة أخرى…’
إذن من الأفضل أن أعدّل جدول تدريبي. وبما أنه طلب ألا يعرف أحد، فسأتدرب في غرفتي.
وبالنظر إلى أنني شعرت بالدوار بعد رمي السهام كلها، فالأرجح أن استهلاك الطاقة كبير، لذا سأستبعد أيام دروس القوة المقدسة من التدريب… والأفضل أن أتمرن فقط قبل النوم حتى لا يتأثر أي جدول آخر.
كما أنني سأبحث عن أي قديسة أظهرت قدرات مشابهة من قبل. أنا أتفق معه على عدم التسرع في إخبار الآخرين، لكن هذا لا يعني أنني أثق به تمامًا. الأفضل أن أتحقق من كل شيء بنفسي، أليس كذلك؟
“إذن، سأرحل الآن.”
صوت مفاجئ أيقظ ريليا من بحر أفكارها.
“آه، سترحل؟”
“لقد انتهينا من الحديث، وتبدين منشغلة بالتفكير.”
…يبدو أنني سهوت عن الحاضر وبالغت في الشرود أمامه. عليّ حقًا أن أصلح هذه العادة… لقد حدث هذا أمام لو سابقًا، وحتى الأميرة نبّهتني، وها أنا أكرر الأمر هنا. ربما سأصلح ذلك إذا قابلت مزيدًا من الناس.
“أعتذر. كنت أفكر قليلًا في تعديل جدول التدريب.”
“لا بأس. لكن من الأفضل ألا تفكري أكثر الليلة، ولا تتدربي بعد خروجي.”
“لماذا؟”
“لأن…”
تحرك ديون خطوتين، ثلاث… أوه؟
‘م-ماذا؟ ماذا يحدث؟ لماذا يقترب هكذا؟’
في لحظة، وقف أمامها مباشرة، ولم يكتفِ بذلك، بل انحنى قليلًا وخفّض جسده ليقرّب وجهه منها أكثر.
تجمدت ريليا من شدة الدهشة، وتوقفت عن أي حركة.
بعد أن تأمل ملامح وجهها لبرهة، وقف ديون مستقيمًا من جديد.
“عندما أنظر إليك من قرب، الأمر واضح فعلًا. ألا تشعرين بالتعب؟ لو أنك واصلتِ التدريب لأنني لم آتِ، لكنتِ الآن على وشك الانهيار.”
لم تستطع ريليا أن تجيب فورًا، فما زال قلبها يخفق بقوة من المفاجأة.
“ي-يا ليتك تخبرني قبل أن تقترب هكذا…”
“كنت أنوي أن ألقي نظرة قصيرة فقط، ولم أتوقع أن تفزعي بهذا الشكل. حسنًا، سأفعل ذلك مستقبلًا.”
حين قال ذلك بنبرة مهذبة، تمكنت ريليا أخيرًا من تهدئة قلبها الذي كان مضطربًا.
بعد ذلك، كرر ديون عليها أن ترتاح فورًا وألا تفعل أي شيء آخر، ثم ودعها وخرج.
لوّحت ريليا بيدها بذهول قليل، ثم فجأة أدركت ما كان يثير لديها إحساسًا غريبًا منذ فترة.
‘الآن وأنا أفكر… أليس من الغريب أن تصرفات الشيطان أصبحت أكثر تهذيبًا مؤخرًا؟’
لا، ليس مؤخرًا فقط… بل منذ وقت سابق. متى بالضبط؟ منذ حادثة العربة؟ أم منذ أن اشترى لها التفاح؟ …لا تعرف تحديدًا، لكن المؤكد أن الأمر قد تغيّر كثيرًا عن البداية.
كانت تظن أن السبب هو اعتيادها عليه لكثرة اللقاءات، لكن حين فكرت جيدًا، لم يكن الأمر كذلك.
لو كان ما زال يتصرف كما في لقائهما الأول، لكانت لا تزال خائفة منه وغير قادرة حتى على التحدث بشكل طبيعي، وربما ترتجف في حضوره.
‘هل تلقّى تدريبًا على كيفية كسب الناس أو شيء من هذا القبيل؟’
رغم أن الفكرة خطرت ببالها، ضحكت قليلًا في داخلها. لا يمكن أن يكون الشيطان قد فعل ذلك.
فكرت في أن تسأله عن الأمر لاحقًا، لكنها عدلت عن ذلك.
فالأمر ليس سيئًا، بل إنه يتغير نحو الأفضل، فما الجدوى من التدقيق في السبب؟
بالنسبة له، ربما كان الأمر مجرد وسيلة لتسهيل عقد الصفقة، ومع ذلك، وبما أن لديه القوة، كان يمكنه أن يلجأ إلى التهديد أو الإكراه، لكنه اختار بدلًا من ذلك أن يحترم الطرف الآخر ويعقد الاتفاق معه. وهذا لم يكن أمرًا سيئًا في نظرها.
‘كما أنني أجد أننا نتفاهم أكثر مما توقعت.’
لقد قال بنفسه إنه لن يثير الموضوع مجددًا بعدما أخبرته أنها ستبحث بنفسها.
لو لم يكن شيطانًا، لربما كان بإمكانها أن تعتبره صديقًا جيدًا، لكن بمعنى مختلف عن إلريدا أو رو…
‘…لا، ما الذي أفكر به؟’
استعادت ريليا وعيها فجأة. يبدو أن حذرها بدأ يضعف مؤخرًا. ربما يمكن القول إن إحساسها بالخطر قلّ مقارنة بما شعرت به حين أُخبرت أول مرة بأنها ستصبح القديسة.
صحيح أن سنتين من عمر الإنسان ليست وقتًا طويلًا، لكن بما أن الموت ليس على بابها الآن مباشرة، فقد بدأت تشعر بنوع من التراخي.
مدّت يدها وسحبت الحبل لتستدعي الخادمة. فبما أنها ستذهب إلى المهرجان غدًا أيضًا، فمن الأفضل أن ترتاح الليلة كما نصحها هو.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 36"