1
كان ممر الزفاف المؤدي إلى المنصة المقدسة ومدخل الكنيسة محاطًا بالكامل بالزهور.
زهور الليليوم والليسيانثوس والورود، جميعها موحدة باللون الأبيض، مما زاد من قدسية الكنيسة التي كانت بالفعل في قمة الطهر والنقاء.
المعبد المركزي وافق على زواجنا في الليلة الماضية فقط.
وذلك بفضل إيريك أورليان، الوريث الأول لعائلة دوق أورليان، الذي قدّم مبلغًا فلكيًا تحت مسمى “تبرّع”.
لكن مع ذلك، كيف تمكّنوا من تزيين المعبد بهذا الشكل في يومٍ واحد فقط؟
نظرتُ بطرف عيني إلى إيريك أورليان، الذي كان يمسك بيدي.
“هل يعقل أنك أعددتَ كل هذا من الفجر؟”
شعر إيريك بنظرتي إليه، فقال بصوت هادئ ووجه متجمد:
“فقط لم أرد أن يكون زفافي حدثًا عابرًا.”
فصحّحتُ كلامه:
“زفافك الأول، تقصد.”
نظر إليّ إيريك من علٍ.
إيريك، الذي حتى لو وقفتُ على أطراف أصابعي لن أستطيع الوصول إلى ذقنه، كان ينظر إليّ دائمًا بنظرة ازدراء وكأنني لا شيء يُذكر.
يا له من شابٍ متغطرس.
فأسرعتُ بإضافة:
“آه، وبالطبع هو زفافي الأول أيضًا.”
في تلك اللحظة، رأيتُ الكاهن يسرع بالدخول من نهاية ممر الزفاف وهو يحمل الكتاب المقدس.
كان وجهه شاحبًا تمامًا، وكانت مجموعة من الفرسان بملابس سوداء خالية من الرموز يرافقونه بطريقة يصعب تمييزها بين كونها حماية أم تهديدًا.
“هذا تجديفٌ على المقدسات!”
قال إيريك وهو يرسم علامة الصليب أمام عينيّ.
ضحكتُ بسخرية وقلت:
“إنهم فرسانك بالمناسبة، يا سيدي. على أي حال، وجود كاهن هنا يمنح زواجنا شرعية دينية قوية. لا أحد يعيش حياته دون ارتكاب ذنوب. هناك من لا يهتم أصلاً إن ارتكب ذنبًا، وهناك من يحاول ألا يرتكب خطيئة كبيرة لكنه في النهاية يخطئ. هذا هو الفرق فقط.”
حدّق إيريك بي، لكني تجاهلته. كان الكاهن المسكين يتصبب عرقًا بينما ينتظرنا على المنصة.
كان علينا إنهاء هذا الزواج قبل أن يهرب، بعد أن جُلب إلى هنا مكرهًا تحت تهديد قوة فرسان إيريك ونفوذه.
شدَدتُ على يد إيريك وسحبته معي بخطوات سريعة عبر الممر.
أصبح وجه الكاهن أكثر شحوبًا. وحتى إيريك أطلق تنهيدة خفيفة خلفي.
صحيح أن دخول العروس والعريس معًا لم يكن أمرًا نادرًا، لكنه في أوساط النبلاء لم يكن مألوفًا.
وحتى إن حدث، فمن النادر جدًا أن تكون العروس هي من تجرّ العريس كما لو كانت تسوق به بقرة.
لكنني كنتُ على عجلة.
بدأت أسمع صوت صهيل الخيول من الخارج — لا بد أنهم القادمون لمحاولة إيقاف هذا الزواج.
في منتصف الممر تقريبًا، همس إيريك:
“لمَ لا تركضين إذن؟”
“أفعل؟”
ابتسم بسخرية ثم، وكأنه استسلم، سحب يدي ووضعها على ذراعه، وسار بخطوات واسعة حتى وصلنا إلى المنصة في لحظة.
“سيدي الكاهن، تفضل بالبدء.”
قالها بلغة مهذبة.
من الصعب التصديق أن هذا هو نفس الشخص الذي اشترى المعبد المركزي بأمواله الليلة الماضية — وإن كان ذلك بتحريض مني — ثم اختطف الكاهن عبر فرسانه ليحضره إلى هذا المكان.
“النبلاء…!”
فكرتُ وأنا أنظر إلى الكاهن الذي بدأ يتلو الصلوات وهو يتصبب عرقًا كأن المطر يهطل منه.
“فالنبدأ…”
وفجأة، سُمعت أصواتٌ من الخارج.
“لا يمكنكم المرور!”
“هل هذا عصيان؟!”
“هذا بأمر من السيد إيريك!”
“لكننا نأتمر بأمر الدوق نفسه!”
وبين هذه الفوضى، بدأ الكاهن يرتجف حتى كاد يُسقط الكتاب المقدس.
قلتُ له:
“لنوقّع أولاً.”
لم أعبأ بمحاولاته لإيقافي، فالتقطت القلم من على المنصة ووقّعت بلا تردد على الورقة الضخمة أمامي.
في الأعلى كُتب:
“وثيقة عقد الزواج”
أما ما كُتب تحته من عبارات عن كيفية رعاية العريس للعروس وسائر العبارات، فلم أقرأها. لم أكن أنوي الالتزام بها.
هذا فقط…
“وقّع.”
ناولته القلم. فأخذه وهو يبدو منزعجًا.
“تدنيس للمقدسات، تدنيس للمقدسات…”
تمتم بذلك وهو يوقّع.
فقلتُ، مهدئةً هذا الشاب النبيل المليء بالذنب:
“إنه مجرد زواج احتيالي، يا سيدي.”
نعم. هذا زواج احتيالي لا أكثر.
نبض… نبض…
ومع ذلك، قلبي يخفق بهذه القوة، وهذا يُعتبر غشًا.
ربما السبب هو تعاليم أمي عن قدسية الزواج التي ترسخت في عقلي منذ الصغر — على الرغم من أنها نفسها تزوجت خمس مرات.
وفجأة—
سكنت الضوضاء في الخارج، ثم انفتح باب الكنيسة بصوتٍ مدوٍ.
وكان هناك شخصان مألوفان واقفين.
الأول: فالدك أورليان — والد إيريك.
والثاني: والدتي — التي كانت من المفترض أن تتزوج فالدك أورليان اليوم.
كان ذيل فستانها الأبيض الضيق ينساب مثل بتلات زهرة متفتحة.
نعم، كان ذلك هو فستان الزفاف الذي كانت ستلبسه اليوم.
“يا اللهي… كم هي جميلة، أمي…”
أنا من اخترتُ لها ذلك الفستان.
كانت تريد فستانًا فخمًا مملوءًا بالجواهر، قابلًا للبيع لاحقًا، لكنني منعتها. بدا هذا الفستان أكثر أناقةً وبراءة.
لكنها الآن لا تبدو لا أنيقة ولا بريئة وهي تحدق بي بعينين غاضبتين.
“إيميليييييييييييييين!”
صرخت أمي باسمي.
“ألم أقل لك أن نعيش حياة طيبة، يا أمي؟”
ابتسمتُ ابتسامة عريضة نحوها، ثم أمسكتُ بوثيقة الزواج الموقّعة من قِبل إيريك.
وحين أريتها لها ولحاشية دوق أورليان، سقطت أمي على الأرض مذهولة.
وتجمّع الفرسان حولها.
حاولت ألا أركض نحوها.
ثم قال الكاهن، وهو يتلعثم:
“ب، بحسب طقوس المعبد، هناك خطوة أخيرة قبل اكتمال الزواج…”
ماذا؟
قلقتُ، وتحققتُ مجددًا من وثيقة الزواج. التوقيع موجود!
عندها قال:
“الـ… القبلة.”
نظرتُ إلى إيريك، ونظر إليّ. بدا عليه الانزعاج الشديد.
مـ… ماذا؟!
تراجعتُ خطوة بلا وعي، لكني لم أستطع الاستمرار، فكل العيون كانت تراقبنا.
نحن زوجان بالفعل، أليس كذلك؟
تنهد إيريك، ثم نظر إليّ بجدية.
“لننجزها فحسب.”
“حسنًا، هيا بنا.”
ثم أمسك بي من خصري، وكأنه يمسك بسمكة طازجة تتلوى، وانحنى بجسده الضخم ليضغط شفتيه على شفتيّ.
رفع وجهه بسرعة وسأل:
“هل انتهينا؟”
ماذا يفعل هذا؟
نظرتُ إليه بدهشة. بدا وكأنه لا يفهم شيئًا.
يا لهذا الشاب!
“اسمع جيدًا، سيدي. في زواجك الثاني، لا تفعل هذا مجددًا.”
“…ماذا؟”
“هكذا لا يُقبّل الأزواج بعضهم البعض.”
“إذًا، كيف؟”
رأيت عينيه تتسعان ببراءة وكأنه لا يفهم حقًا. وهنا أدركت مدى ضحالة تعليم النبلاء
“هيه، هناك! هناك! صوّر!”
خلفنا، كان عدد كبير من صحفيي العاصمة قد تجمهروا.
جميعهم كانوا يحملون آلات التصوير.
تلك الآلة اللعينة… آلة التصوير تلك.
بفضل اختراعها، أصبحت الصحف الصفراء تجني المال من الصور المثيرة والمستفزة.
الصحافة، التي أعماها المال، بدأت تتحرر من سيطرة النبلاء.
أما أنا، فكنت أنوي اليوم أن أستفيد من تلك الصحافة الجشعة.
قلتُ:
“إذا أردت قبلة حقيقية، فعليك أن تفتح فمك أولاً.”
“ماذا؟!”
لم أُفوّت اللحظة التي فتح فيها إيريك شفتيه.
بوم!
دوّى صوت وميض الكاميرا.
ذلك كان صوت لحظتي السوداء تُوثّق إلى الأبد.
ربما سيكون عنوان الخبر هكذا:
“إيريك أورليان، يهرب ليلًا مع ابنة خطيبة والده دوق أورليان، ثم يُقدم على تسجيل زواج مفاجئ! يتبادلان قبلة فاضحة داخل الكنيسة…”
بذلت كل جهدي لأبدو “فاضحة” قدر الإمكان، حتى لا يخيّب المشهد آمال القراء المتلهفين لتلك الصحف.
وما إن انتهى صوت “القبلة الحقيقية” — الذي بدا أعلى من صوت وميض الكاميرا — حتى التفتُ نحو إيريك، الذي كان وجهه قد احمرّ حتى كاد ينفجر، وابتسمتُ له ابتسامة مشرقة.
“أتمنّى أن تُجيد الأمر في زواجك الثاني. مفهوم؟”
في حين بقي إيريك متجمّدًا في مكانه، كأنه آلة تعطّلت، دون أن يردّ بكلمة…
كنتُ أنا أُحدّق بفخر في ساحة زفافي الأول التي تحوّلت إلى ساحة فوضى شاملة.
والآن…
لنَعُد إلى قبل أسبوع واحد فقط من زفافي الأول.
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 1"