# الحلقة 191
“…….”
على الرّغم من أنّ داميان كان يُعرف بأنّه أعظم الكهنة الأعلى من حيث القوّة الإلهيّة على مرّ التاريخ، إلا أنّه كان عاجزًا تقريبًا في المعارك.
فكرة مواجهة كايدن، سيد السيف، كانت أمرًا لا يُمكن تصوّره.
تيبّس جسده غريزيًا، لكن داميان، معتمدًا على قوّة إرادته وحدها، لم يُحوّل بصره بعيدًا، بل قابل عينَي كايدن بنظرة ثابتة.
لم يُلاحظ هيلارد، الذي كان يقود الطريق لإرشاد الكاهن الأعلى، أنّ شيئًا ما كان غير طبيعي إلا في تلك اللحظة.
“قداستَك، لماذا… آه، سموّك، هل استيقظتَ؟ ألا تودّ النوم قليلًا أكثر؟”
كان تعبير هيلارد يفيض بالشفقة الصادقة لأنّ وليّ العهد لم يتمكّن من الغرق في نومٍ عميق.
كان ذلك مفهومًا.
ربّما كان من الأفضل له خلال فترة حجره—أمّا الآن، بعد عودته إلى مهامّه بأمرٍ إمبراطوري، فقد أصبح كايدن يُعاني بشدّة من الأرق.
وليّ العهد، المُعذّب بصداعٍ شديد، أصبح أكثر حساسيّة وحدّة ممّا كان عليه من قبل.
ونتيجة لذلك، كان هيلارد ومساعدو وليّ العهد المقرّبون وفرسان القصر الإمبراطوري يعيشون في توتّرٍ دائم، كما لو كانوا يسيرون على جليدٍ رقيق.
بلغت الأمور حدًّا خطيرًا لدرجة أنّهم طلبوا مساعدة الكاهن الأعلى—الذي سبق أن وبّخ كايدن في مأدبة النصر، كما لو كان يحمل ضغينة.
لحسن الحظ، كان للقوّة الإلهيّة بعض التأثير.
على الأقل، شعر هيلارد أنّ حالة كايدن تحسّنت قليلًا منذ أن بدأ الكاهن الأعلى بزيارته.
بالطبع، لا تزال الظلال تتربّص حول عينَيه وتهيّجه لم يختفِ، لكن مجرّد زيادة الوقت الذي يقضيه مستلقيًا كان يُعتبر تقدّمًا.
ومع ذلك، في عينَي الكاهن الأعلى، لا بدّ أنّ حالة وليّ العهد بدت خطيرة جدًا.
“سموّك، تبدوا متعبًا جدًا. لقد مرّت فترة منذ أن وجّهتُ القوّة الإلهيّة إليكَ. أمازلتَ غير قادرٍ على النوم جيّدًا؟”
كان يخشى أن يُظهر كايدن انزعاجًا كما فعل في مأدبة النصر—لكن، على نحوٍ غير متوقّع، جاء الصوت رقيقًا وعطوفًا.
بينما أطلق هيلارد تنهيدة ارتياح، فاتته، في تلك اللحظة الهاربة، ومضة الازدراء والخوف والشكّ الخفيف التي عبرت عينَي داميان.
ابتسم داميان بلطفٍ كما لو كان يُخفي أفكاره الداخليّة، وسأل بهدوءٍ مرّة أخرى،
“هل رأيتَ كابوسًا آخر اليوم؟”
بوجهٍ لا يُظهر سوى القلق، دون أيّ دوافع خفيّة، كان قلب داميان يخفق بشدّة وهو ينتظر ردّ كايدن.
لم يكن داميان يرغب في استخدام القوّة الإلهيّة لأجل كايدن.
لم يهتمّ بواجبات الكاهن أو معتقداته.
ومع ذلك، تحت الضغط الثقيل من الإمبراطور على المعبد، جاء إلى القصر متظاهرًا بالطاعة ظاهريًا.
في الواقع، في البداية، كان ينوي فقط تمرير الأمر على سبيل المجاملة.
حتّى لو كان هناك سوء فهم في انفجاره خلال مأدبة النصر، مستخدمًا مراسم البركة كذريعة للتنفيس عن غضبه، فإنّ ذلك لم يمحُ ما فعله كايدن بإيفجينيا.
لكن بعد أن شاهد حالة كايدن مباشرة، لم يكن أمام داميان خيار سوى استخدام قوّته الإلهيّة بكامل قوّتها.
—”لا تموتي… إنّه خطأي…”
كان ذلك بسبب الرجاء اليائس الذي انطلق من شفتَي كايدن في الليلة الأولى التي نام فيها تحت تأثير القوّة الإلهيّة.
لقد بذل الإمبراطور جهودًا كبيرة لقمع الشائعات، فلم يجرؤ أحد على الحديث عنها علنًا.
لكن ذلك الحدث الصادم في المأدبة لم يكن بإمكانه أن يُمحى ببساطة.
حتّى الأحمق يمكنه أن يرى أنّ حالة كايدن كانت مرتبطة بإيفجينيا بطريقةٍ ما.
‘لكن أن يطلب من أحدهم ألا يموت…’
في البداية، ظنّ أنّ الأمر يعود ببساطة إلى صدمة المأدبة—لكن داميان بدأ يخشى أن يكون وليّ العهد، مثله، يتذكّر مستقبلًا مفقودًا.
من بين كلّ الناس، وليّ العهد—الذي وقف في مركز تلك المأساة—لا يجب أن يُسمح له أبدًا بأن يتذكّر.
‘لو كانت هي فقط…’
على الرّغم من أنّه استنتج مرّات عديدة أنّه من الأفضل لإيفجينيا أن تكون هي من تتذكّر، تنهّد داميان لتردّده الدائم.
على الرّغم من شعوره بالذنب العميق عندما عرف الحقيقة، كان من الغباء أن يظلّ يأمل أن يُغفر له شيء، بمعنى ما، لم يعد موجودًا.
لكن ما إذا كان سيُغفر له أم لا لم يكن هو الهدف.
‘هذه المرّة، يجب أن تكون سعيدة مهما كان الثمن.’
اندفع شعور المهمّة الثقيل الذي ضربه عندما أصبح الكاهن الأعلى لأوّل مرّة في صدره مرّة أخرى.
ومع ذلك، نشأت شكوك صغيرة لكن واضحة في نفسه.
‘هل هي سعيدة حقًا…؟’
في الماضي، افترض أنّه بما أنّ إيفجينيا قد انفصلت، فلا بدّ أن علاقتها بدوق روديون كانت سيئة.
لكن ظهور الدوق والدوقة في قصر روديون لم يكن كما توقّع.
ألم تعلن إيفجينيا علنًا في مأدبة النصر؟
أنّها قابلت الشخص الأغلى بالنسبة إليها.
“…….”
اجتاح داميان شعورٌ لا يُسمّى—مغاير تمامًا للراحة والفرح اللذين شعر بهما عندما عرف أنّها لا تحبّ كايدن.
أقرب كلمة لهذا الشعور كانت “خيبة الأمل”، لكنّه لم يستطع تفسير السبب.
بينما كان داميان يحاول فهم طبيعة هذا الشعور، أدرك فجأة نظرة ما وعاد إلى الواقع.
لقد سأل وليّ العهد سؤالًا مهمًا—عما إذا كان لا يزال يرى الكوابيس—لكنّه ترك ذهنه يتيه في مكانٍ آخر.
بينما كان داميان يلوم نفسه بصمت—
“الكوابيس، هاه… لا يبدو أنّني أراها كثيرًا هذه الأيام.”
كايدن، محدّقًا بداميان بعينَيه الحمراوين الباردتين، أجاب ببطء.
“هل هذا صحيح…؟”
تساءل داميان إذا كان ذلك حقيقيًا—لكنّه لم يُصرّ على السؤال.
على الرّغم من أنّه أراد أن يسأل بالتفصيل عن نوع الأحلام التي رآها كايدن، إلا أنّه كبح حتّى هذا الفضول.
بدلًا من ذلك—
“أرى. هذا مطمئن.”
على الرّغم من أنّه سأل بدافع المجاملة، تراجع بخفّة، كما لو أنّه لم يكن مهتمًا حقًا بأحلام كايدن أو حالته.
“يبدو أنّ القوّة الإلهيّة تساعد قليلًا. من فضلكَ، تعالَ غدًا مرّة أخرى.”
“نعم. مفهوم.”
على الرّغم من أنّه لم يُعجبه أن يستمرّ كايدن في طلب القوّة الإلهيّة، لم يُظهر داميان أيّ علامة، واكتفى بالإيماء بهدوء.
كان ينوي حقًا بذل قصارى جهده لشفاء وليّ العهد.
لأنّه كان يؤمن أنّ هذه هي أفضل طريقة للحفاظ على سلامة منقذته.
* * *
**نقرة**.
بصوتٍ خافت، قاد هيلارد الكاهن الأعلى برفقٍ خارج الغرفة.
ما إن أغلق الباب، حتّى عبس كايدن، الذي كان يتظاهر بالهدوء، وأمسك برأسه.
صرخات متشابكة في فوضى كانت تدقّ في أذنيه.
كانت يداه ترتجفان بشكلٍ مثير للشفقة.
لقد استعاد وعيه منذ زمن، لكن آثار الكابوس لا تزال تتربّص.
لا—بل بالأحرى، كان الألم الذي كبحه بيأس أمام الكاهن الأعلى ينفجر الآن.
هذا صحيح. ادّعاؤه بأنّه لم يكن يرى الكوابيس، أو أنّ حالته تتحسّن، كان كذبًا.
بل على العكس، كلّما تلقّى المزيد من القوّة الإلهيّة، أصبحت الكوابيس أكثر وضوحًا وازدادت معاناته عمقًا.
“سأل عن الحلم مرّة أخرى اليوم، بطريقةٍ خفيّة. تظاهر بأنّه لا يهتم…”
أطلق كايدن نفسًا متقطّعًا وتذكّر ردّ فعل الكاهن الأعلى.
في الواقع، عندما اقترح دعوة الكاهن الأعلى لأوّل مرّة، شعر مساعده بالأسف الشديد بسبب ما حدث في مأدبة النصر.
لكن كايدن لم يهتمّ البتّة إذا ما كان الكاهن الأعلى يحمل ضغينة أم لا.
ومع ذلك، بعد تلقّي القوّة الإلهيّة، تغيّر موقفه.
لم يكن الأمر مجرّد أنّ الكوابيس أصبحت أكثر وضوحًا—بل بدأ يشعر بشعورٍ غريب أنّ الكاهن الأعلى قد يعرف فعلًا ما تحتويه تلك الأحلام.
حتّى أنّه تساءل إذا ما كان الكاهن الأعلى قد ألقى عليه لعنة.
مهما كانت مكانته الموقّرة—سيّد المعبد الأعلى، الذي يسمع صوت الإله—فإنّه في النهاية بشر.
كائنٌ هشّ يمكن أن يتّخذ قراراتٍ حمقاء متأثّرًا بالعواطف الصغيرة في أيّ لحظة.
بالطبع، لم يكن هناك سجلّ في تاريخ القارّة بأكمله عن أيّ شخص ألقى لعنة باستخدام القوّة الإلهيّة.
إلى جانب ذلك، كان سلوك داميان سلبيًا وحذرًا للغاية.
بدلًا من أن يكون شخصًا ألقى لعنة، بدا أكثر كشخصٍ يحمل خوفًا.
‘ربّما من الأكثر منطقيّة أن أفكّر أنّ الحاكم غاضب بدلًا من ذلك.’
بما أنّ القوّة الإلهيّة جعلت الكوابيس أكثر وضوحًا، شعر أنّ هذا التفسير أكثر عقلانيّة.
وكلّما ازدادت الكوابيس شدّة، أدرك كايدن—أكثر من أيّ شخصٍ آخر—أنّه يتهاوى.
لكن مع ذلك—
—”يبدو أنّ القوّة الإلهيّة تساعد قليلًا. من فضلكَ، تعالَ غدًا مرّة أخرى.”
كذب كايدن بهدوء ودفع نفسه أعمق في هاوية الكوابيس.
* * *
المترجمة:«Яєяє✨»
التعليقات لهذا الفصل " 191"