أعلن داميان كلماته ببرود وأدار ظهره. ثمّ شعر بندم خفيف.
لم يكن هناك داعٍ للحديث بتلك القسوة.
في النهاية، لم يكن غريبًا أن تعجب امرأة بكاهن وتعترف بمشاعرها.
على الرغم من أنّ مثل هذه الحوادث توقّفت بعد أن أصبح الكاهن الأعلى، كان داميان دائمًا يجذب الأتباع منذ أيّام تدريبه بسبب مظهره الاستثنائي. في ذلك الوقت، لم يكن تلقّي مثل هذه الاعترافات أمرًا نادرًا.
في البداية، كان يرتبك ويرفض بشدّة، لكن مع الوقت، تعلّم كيف يرفض بلطف أكثر.
كان بإمكانه التعامل مع هذا الموقف بنفس الطريقة، فلماذا لم يفعل؟
فكّر داميان أنّه، على عكس ما مضى، كان يكنّ بعض المودّة والتعاطف تجاهها، مما جعل الخيانة تبدو أكثر حدّة.
على الرغم من أنّ تسميتها خيانة كان مبالغًا فيه، إذ لم يكن بينهما ارتباط عميق.
كان الأمر فقط أنّ داميان رأى نفسه في ميليسا—امرأة من طبقة متدنّية، بلا قوّة لكنّها جميلة بشكل لافت.
بعد أن وُلد في الأحياء الفقيرة بمظهر ملاكي، عرف داميان جيّدًا مدى صعوبة حماية النفس من الأيدي العديدة التي تتطلّع للاستغلال.
كان يُعجب بميليسا لأنّها حافظت على قلبها النقي والطيّب رغم ظروفها القاسية. وفي الوقت نفسه، كان قلقًا عليها ولذا تحدّث إليها بلطف خاص.
كان يتمنّى بصدق أن تحصل على حماية الإلهة وتعيش حياة هادئة بعيدة عن المحن.
لهذا، عندما علم أنّ ميليسا هي في الواقع ابنة أخت دوق باسيليان وسيتمّ تبنّيها في العائلة النبيلة، شعر بالراحة والفرح كما لو كان ذلك حظّه الخاص.
لكن بعد ذلك…
‘لم أتخيّل أبدًا أنّها ستحمل مثل هذه المشاعر السخيفة.’
حتّى لو كانت صغيرة وفي وضع يائس، كان خلط الامتنان واللطف مع المشاعر الرومانسيّة أمرًا غير مقبول.
كان داميان يؤمن بشدّة أنّه لا يجب أن يشعر بمثل هذه العواطف بنفسه، ولا أن يسمح لأحد بتفسيرها خطأً.
وبما أنّها أصبحت الآن نبيلة رفيعة المستوى، سيلتقيان حتماً مجدّدًا—لكنّه لم يعد بإمكانه معاملتها كما كان من قبل.
ومع ذلك، على عكس أفكار داميان ، كانت علاقته بميليسا أقوى وأكثر إصرارًا ممّا توقّع.
لم يكن ليحلم أبدًا— أنّ في عالم تحول إلى أنقاض، ستكون ميليسا واحدة من القلّة الذين يمكنه الاعتماد عليهم.
مع علمه بذلك المستقبل، لم يتحمّل داميان فكرة لقائها مجدّدًا، سماع اعتراف آخر، والاضطرار لجرحها بردّه مرّة أخرى.
والأهم من ذلك، كان هناك شيء أكثر إلحاحًا من عمله التطوّعي.
كان عليه أن يحذّر منقذته لتجد مكانًا آمنًا للاختباء.
‘بالتأكيد، لم تتحرّك بعد…؟’
تحوّل تعبير داميان إلى أقسى ممّا كان عليه.
إذا كانت هي، فهذا ممكن تمامًا.
المرأة التي كان يفكّر فيها للتو—ميليسا—كانت متّصلة ارتباطًا وثيقًا بشخص آخر، شخص أشرف مؤخّرًا على زفافه.
إيفجينيا باسيليان.
— لديّ الابن غير الشرعي للإمبراطور الراحل. الإمبراطور الحالي ألقى به إلى العالم السفلي كعبد، لكنّني اشتريته.
قالت تلك الكلمات المروّعة بهدوء غريب، كافٍ لإثارة القشعريرة في أيّ شخص.
— عليك فقط أن تفعل ما يُقال لك، أيّها الكاهن الأعلى. سأتولّى الباقي.
— ما الذي تقولينه بحقّ خالق العالم…؟
— أنت تكره العائلة الإمبراطوريّة الحاليّة بقدر ما أكرهها، أليس كذلك؟
بابتسامة ملتوية، نطقت تلك الكلمات بصوت بارد، ووجهها مملوء بالكراهية والغضب لدرجة أنّ حتّى داميان ، الذي كان يسعى لمعاملة الجميع برحمة، تفاجأ.
ومع ذلك، في ذلك الوقت، لم يكن لديه نيّة لمعارضة إيفجينيا.
كانت تتحدّث عن إيقاف الحرب وضمان استقلال المعبد، لكن داميان لم يصدّق أبدًا أنّها تعني الوفاء بتلك الوعود.
حتّى لو كانت سمعتها كمخطّطة قاسية مجرّد واجهة وكانت في السرّ استراتيجيّة قادرة تخطّط لتمرّد، كان يشكّ في قدرتها على النّجاح حقًا.
أكثر من أيّ شيء، على الرّغم من ادّعائها أنّها تريد إنهاء الحرب، كانت أفعالها بعيدة عن السّلميّة.
بغضّ النّظر عن نوع الإمبراطور الحالي، كان الصراع العسكري حتميًا. إذا اندلعت حرب أهليّة، قد تتجاوز الدّمار حتّى ذلك النّاتج عن حرب مع أمّة أجنبيّة.
لذا كان جواب داميان قد حُدّد بالفعل.
كان ينوي إقناعها بلطف.
— أثق أنّكِ لا تعتقدين جدّيًا أنّني سأقبل مثل هذا العرض. لا أفهم—لماذا سأتبع أوامر زوجة الدّوق…؟
— أنا لست زوجة الدّوق.
قاطعته بحدّة، مما أربكه.
— لقد تطلّقت. ليس لديّ أيّ علاقة بآل روديون، لذا أرجو ألّا تُطلق عليّ ذلك اللّقب مجدّدًا.
عندما رآها تقطع كلّ علاقاتها ببيت دوق روديون بحزم، أصبح متشكّكًا.
هل من الممكن أنّها لم تتخلَّ عن مشاعرها تجاه وليّ العهد وكانت تدبّر كلّ هذا من أجله؟
إذا كان الأمر كذلك، فهي حقًا لا أمل فيها.
وبينما كان على وشك استنتاج ذلك، قالت إيفجينيا شيئًا بدا كتجديف صريح.
— أيّها الكاهن الأعلى، من الأفضل أن تطيعني—إذا كنتَ تريد حماية تلك المرأة التي تزور غرفة الصّلاة القديمة.
— …ماذا قلتِ للتو؟
— وجدتُ الابن غير الشّرعي للإمبراطور الرّاحل، المخفيّ من قِبل الحاكم الحالي. هل تعتقد أنّني لا أستطيع إيجاد امرأة واحدة مهمّة بالنّسبة لك؟
بينما أمالت رأسها قليلًا، جعلت كلماتها السّاخرة قلبه يتوقّف.
حتّى الآن، ظلّ رعب تلك اللّحظة عالقًا في ذهنه. عضّ داميان شفته.
‘ظننتُ أنّني سأستطيع حمايتها هذه المرّة…’
وهو يتمتم بقلق، ضيّق داميان عينيه فجأة.
التفت إلى أنطونيو.
“متى وصلت السيّدة باسيليان إلى العاصمة؟”
“عفوًا؟ السيّدة ميليسا كانت في العاصمة طوال الوقت، أليس كذلك؟”
“أعني السيّدة إيفجينيا باسيليان.”
“آه، تقصد دوقة روديون؟”
“هذا… نعم. متى جاءت الدّوقة إلى العاصمة من الشّمال؟”
سأل داميان ، وتعبيره متوتّر.
“لم أسمع أيّ أخبار عن ذلك.”
ككاهن كبير مسؤول عن استقبال الزوّار النّبلاء، كان أنطونيو مطّلعًا جيّدًا على شؤون الأرستقراطيّة.
“لو كانت الدّوقة في العاصمة الآن، لكان ذلك ضجّة كبيرة. أخبار زواجها والمشاكل في الشّمال تسبّبت بما فيه الكفاية من الاضطراب.”
عند التّفكير في الأمر، لم تكن شؤون الشّمال موضوعًا شائعًا في العاصمة من قبل.
ومع ذلك، عادت إيفجينيا، التي هزّت المدينة بزفافها بالفعل، لتصدم الجميع مرّة أخرى.
وإذا كانت ذاكرته صحيحة، حتّى وليّ العهد عاد من الحرب مبكّرًا عن المتوقّع.
مسح داميان يده على وجهه المرتبك.
“على أيّ حال، أليست متزوّجة حديثًا؟ من المحتمل أنّها بخير في الشّمال، حتّى لو لم يكن بهدوء.”
مزح أنطونيو، لكن داميان أطلق ضحكة صغيرة فقط.
في الماضي، لم يشرف على زفاف إيفجينيا.
لكن هذه المرّة، على الرّغم من كلّ شيء، حرص على مواجهتها مباشرة.
ستتطلّق وتعود زاحفة إلى وليّ العهد على أيّ حال.
تذكّر وجهها الوقح وهي تقسم بحماية دوق روديون بحياتها، فوجد ذلك مضحكًا.
لكن إذا لم تكن قد جاءت إلى العاصمة بعد…
“ستكون هذه المهمّة التطوّعيّة في معبد دوقيّة روديون.”
كان قرارًا نصف متسرّع، لكن حتّى مع التّفكير المتأنّي، لكان اختار الشّيء نفسه.
مع عدم وجود طريقة أخرى للتّواصل مع منقذته، لم يكن أمامه خيار سوى مواجهة إيفجينيا بنفسه.
وعلى الرّغم من أنّه لا يزال يجده مزعجًا، كان هناك أشياء يجب قولها.
“ال شّمال؟”
تفاجأ أنطونيو من القرار المفاجئ.
بينما كان سعيدًا أنّ لديهم أخيرًا إجابة نهائيّة للمستفسرين عن جدولهم…
“لم تذهب إلى هناك من قبل، أليس كذلك؟”
“ولهذا بالضّبط كان يجب أن أذهب منذ زمن.”
“إنّه بعيد جدًا، و… بصراحة، التّوقيت ليس مناسبًا. قد يُفسَّر هذا سياسيًا.”
“لا يهمّ ذلك.”
بعد أن اتّخذ قراره، أضاف داميان —
“أيضًا، هذه المرّة، لا يجب السماح للمؤمنين بمتابعتنا. هذا ليس قريبًا من العاصمة ولا رحلة ممتعة إلى الجنوب.”
المترجمة:«Яєяє✨»
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 107"