“حسب علمي، لا يوجد روبوت استكشاف. توجد طائرة مسيرة لكنها تستخدم الموجات الكهرومغناطيسية… آه، ربما يمكننا استخدامها للتحقق مما يوجد فوقنا للحظة. ديلان، أأنت عبقري؟” لمعت عينا رييلا في اللحظة التي تذكرت فيها الدرون الأبيض الذي رأته سابقًا.
صحيح، بذلك يمكننا رؤية الوضع في الخارج.
عندما رتبت أفكارها ومنحته لقب العبقري حسب رغبتها، ارتسم تعبير الحيرة على وجه ديلان. أمسكت بمعصمه وجرته وهي تلتفت للرجل الذي كان يتنصت على حديثهم.
“سيد أنطون، أعتمد عليك في الاهتمام بالآخرين. بما أن الترتيبات انتهت تقريبًا، أعتقد أن الجميع سيشعرون بالجوع، لذا أرجو أن تذهب لمخزن الطعام وتوزع الطعام عليهم.”
“هاه؟ مهلاً. إلى أين تأخذينني؟ ألا يجب أن أجمع أغراضي الشخصية أنا أيضًا؟”.
“لا بأس. ديلان كنت بخير حتى بدون دواء.”
“لا، من أنتِ لتقرري ما إذا كنت بخير أم لا…”.
بينما كانت تجر ديلان المذهول من معصمه، لم تنسَ رييلا أن تطلب مفتاح مستودع الأسلحة من أنطون. وحين استعجلته لإعطائها المسجل والمفتاح، أخرج أنطون الأغراض دون أن يجد فرصة للشعور بالحرج بسبب الأجواء العاجلة.
“لا خيار آخر. لقد جربت استخدام الدرون في المرة السابقة وكان التحكم به صعبًا عليّ. على أية حال، بما أنه من أغراض غرفة أجهزة النقل، فمن المؤكد أن ديلان سيجيد استخدامه بشكل أفضل.”
بدا أن ديلان شعر بالرضا الضمني من الاعتراف بمهارته، فتوقف عن التذمر وبدأ يتبعها باسترخاء. وبينما كانا يتجهان معاً لغرفة أجهزة النقل، لمحا آصلان وتينجي يسيران أمامهما في الرواق.
عندما التفت آصلان ونظر نحوهما، رفعت رييلا، التي أرادت التباهي بإنجازها، ذراع ديلان وهي تبتسم بإشراق.
“آصلان، وجدنا طريقة للتحقق من الخارج. ديلان اقترح أن نطلق طائرة مسيرة.”
استقرت نظراته على المعصم الذي تمسكه، ثم انتقلت إلى الرجل الذي كان يحك مؤخرة رأسه بيده الأخرى. عندما التقت أعينهما، اتخذ ديلان تعبيرًا دفاعيًا كذكر حيوان واجه منافسًا له. يبدو أن هناك أشخاصًا لا يتوافقون بطبيعتهم. رغم أنه سيعود للتوق إلى اعتراف آصلان به بعد بضعة أيام على أي حال.
“مهلاً، هل نعرف بعضنا منذ زمن طويل؟ تتحدثين وكأنك تتباهين بابنكِ الأبله.”(يلي ما فهم رييلا تقول ديلان اقترح نطير الطيارة المسيرة ووجه يشع فخر كأنها تشوف ولدها الغبي أخيرا قال شي اذكي منه)
عندما أصبح محط الأنظار، زاد تذمر ديلان من رييلا بلا سبب. توقف آصلان مع تينجي وثبت نظره بينهما وهما يقفان متلاصقين بود.
“طائرة مسيرة، بما أن الزجاج مكسور، يمكنكم إطلاقه من قمرة القيادة بينما نقوم نحن بإصلاح اللوحة.”
“آه، هل يمكن إصلاح اللوحة؟”.
تحدثت رييلا ببهجة للرجل الضئيل الواقف بجانب آصلان، فجفل تينجي الذي كان ينظر إليها بشرود وتمتم: “يجب أن أفحصها بدقة لأتأكد، لكن مما سمعته، يبدو أن وحدة الضبط الدقيق ووحدة التحكم في التوجيه قد تحطمتا. إذا قمنا بإزالة الدوائر التالفة باستخدام كاوي اللحام بالبلازما، ثم استبدلنا وحدة الضبط الدقيق بجهاز تحكم مؤازر (Servo Controller) جديد…”.(تينجي انحف من آصلان يعني اشك أنه مهندس كهربائي أو عالم ذامه نحيف)
أغلق تينجي، الذي كان يتحدث بسرعة، فمه تدريجيًا كأنه مؤثر صوتي يتلاشى حين لم يجد أي رد فعل من الثلاثة الآخرين. قطب ديلان جبينه.
“ما الذي تقوله؟”.
“على أي حال، أنا سعيدة لوجود أمل في الإصلاح. لنحاول حل المشكلة معاً بينما يجمع الآخرون أغراضهم. آه، نحن لا نعرف بعضنا جيداً بسبب فقدان الذاكرة. أنا رييلا.”
“أ-أنا تينجي.”
ظنت أن مبادرتها ستشجع الآخرين على التعريف بأنفسهم، لكن لم ينبس أحد ببنت شفة. قد يكون ديلان الفظ معذورًا، لكن وقوف آصلان بجمود كان غير متوقع. في النهاية، اضطرت لقول إن عليهم الذهاب للطابق الأول الآن وهي تبتسم بحرج.
تينجي، المهندس. رجل بشعر مصبوغ باللون البني وذقن نحيل. بما أنه يموت دائمًا في اليوم الأول، فهي لا تعرفه جيدًا. لكنها تمنت أن يكون شخصًا طيبًا مثل بولينا.
***
يقال إن الإله وهب النار للبشر فقط. للبشر حصرًا. دون سائر المخلوقات في الأرض والسماء والبحر. ألا تظن أن النار هي أفضل ما يعكس جوهر الإنسان؟ إنها قاسية، وتُحرق وتلتهم وتدمِّر كل ما تلمسه. وذلك في تلك اللحظة العابرة التي تتنفس فيها ألسنة اللهب.
أتعلم، أعتقد أن ذلك غير عادل بعض الشيء.
– مقتطف من مذكرات رييلا في السادسة عشرة من عمرها، عام 2026.
***
“أعتقد أنه يمكن إصلاح المستشعرات الأساسية. سيستغرق استبدالها بالكامل حوالي سبع ساعات…”.
كانت تلك الإجابة المترددة التي قدمها تينجي وهو يتفحص الدوائر المحطمة. رغم أنه لا يمكن التفاؤل تمامًا، إلا أن الأمل كان يلوح في الأفق.
“إذن أرجو أن تصلحها. وبينما تقومان بإصلاح اللوحة، سنطلق نحن الطائرة المسيرة لنحدد الاتجاه الذي يجب أن نسلكه.”
لخصت رييلا الموقف وهي تومئ برأسها. رغم أن الوضع قد يكون خطيرًا بسبب الموجات الكهرومغناطيسية، إلا أنه لا يمكنهم البقاء في الوحدة 30 وهي تحلق في مكان واحد للأبد.
الطائرة المسيرة البيضاء، الذي بدا كجرو صغير بأرجله الأربعة، كان مزوداً بإضاءة فوق الكاميرا لإضاءة الأجسام التي ستظهر على الشاشة بوضوح.
“ولكن ألم تقولي سابقًا إن الكائنات الخارجية تستجيب للضوء؟”.
“صحيح. لذا إذا هاجمنا شيء ما، يجب أن نهرب فورًا.”
“لا، أي نوع من…”.
عندما أجابت بتوتر وهي ملتصقة بجانبه، نظر ديلان بتعبير ساخر ثم ربت على الطائرة المسيرة وكأنه يشفق عليه ووضعه على الأرض. بمجرد تشغيل وحدة التحكم، طار الدرون مصدرًا طنينًا “بووونغ”، وشوهد وهو يعبر الزجاج المكسور ويصعد فوق مسبار الاستكشاف في لمح البصر. و…. .
“ما هذا؟ هل هي حشرات؟”.
في اللحظة التي انكشف فيها السقف الذي كان يسد طريق المسبار أخيرًا، تصلبت رييلا في مكانها. شعرت بنظرات آصلان، الذي كان يسلط ضوء المصباح اليدوي على اللوحة، تتجه نحوها.
“…ليست حشرات. إنها مجسات.”
كان السقف الذي يملأ الشاشة يغلي حرفيًا بالمجسات السوداء. الفخ الأسود، الذي بدا كأحشاء وحش مجهول الاسم، كان أكثر كثافة وتعقيدًا حتى من جدران السفينة رقم 1 التي كانت تسمى “الجنة”. لحسن الحظ، لم تحاول الإمساك بالطائرة المسيرة، لكن المشهد ظل كما هو مهما طاروا للأمام. مجسات تموج في السقف. وظلام شاسع يحيط بكل الجهات.
المشهد المرعب أثار تساؤلاً جوهريًا.
هل يمكننا الخروج؟ هل يوجد مخرج هنا أصلاً؟.
يبدو أن ديلان فكر في نفس الشيء، فسمعت صوت شتائمه المكبوتة بجانبها. واصلوا التحكم بالطائرة المسيرة، ناسين حتى سحبه بسرعة. 5 كيلومترات للأمام، ثم يمينًا، ويسارًا، ويمين مرة أخرى. الطائرة المسيرة البيضاء الصغيرة انطلقت بجنون بحثًا عن مخرج كسمكة تسبح في محيط لا نهاية له.
“لحظة، ديلان. توقف.”
“آه، صحيح. تباً. ألم تقولي أن نستخدمه للحظة ثم نسحبه؟ لقد نسيت.”
“لا، ليس ذلك، فقط توقف للحظة في نفس الاتجاه الذي كنت تتجه إليه.”
عندما أمسكت رييلا بذراعه على عجل، قطب ديلان جبينه لكنه أطاعها وتحرك كما طلبت.
توقف الدرون الأبيض مع صوت أزيز، موجهًا الشاشة للأمام.
“ما الأمر؟ لا يوجد سوى ظلام دامس…”.
وميض. ومض شيء ما فجأة خلف الظلام. توقف ديلان ورييلا عن الكلام ونظرا لبعضهما في نفس الوقت.
“هل رأيت ذلك؟”.
“أوه، أنتِ أيضاً رأيتِه؟”.
في تلك اللحظة، ومضت الشاشة عدة مرات أخرى. شعرت وكأن هناك نمطًا معينًا، لكنها لم تكن متأكدة.
“أليس هذا ذلك الشيء؟ الذي يستخدمونه لطلب المساعدة. ما اسمه…”.
“شفرة مورس؟”.
الصوت الذي قدم الإجابة كان منخفضًا جداً ليكون صوت رييلا. رفعت رأسها نحو آصلان الذي اقترب دون أن تشعر، وارتسمت على وجهها علامات الارتياح. لأنه لا يمكن ألا يستطيع تفسير هذا النوع من إشارات الإرسال.
“هنا السفينة (يو سي إس تايتان) التابعة للحكومة الموحدة. يرجى التعريف بهويتكم. يرجى الإبلاغ عن موقعكم وحالتكم الحالية. انتهى.”
وكما توقعت، نظر إلى الشاشة للحظة ثم تحدث ببطء. محتوى كلماته جعل الصمت يطبق على قمرة القيادة في لحظة. حتى تينجي الذي كان منهمكًا في الإصلاح توقف.
“ما هي الـ (يو سي إس)؟”.(UCS)
“حكومة التحالف”.(هي الترجمة الاتحاد، بس حسب الجزء الثاني اسمه حكومة التحالف وهي حكومة نشاءت بعدما اتدمرت كم دولة بسبب الهاوية)
أجاب آصلان باقتضاب على سؤال ديلان المذهول ونظر حوله.
“بالنظر للاسم، تبدو سفينة حربية، هل يمكنني الرد؟ إنها فرصة لتلقي المساعدة.”
“بالطبع، تبًا. هكذا يتم إنقاذنا إذن. على أي حال، ديلان ليونارد دوغلاس، أنت رجل لا يقلب إلا الأوراق الرابحة.” عندما أجاب ديلان بحماس ومد وحدة التحكم بسرعة، حدث الأمر.
ومض شيء في ذهن رييلا. حكومة الاتحاد، جنود، اتصال لاسلكي، مجسات تغطي الجدران.
“لحظة. كيف نعرف أنها حقيقية؟”.
الأمر يشبه “الجنة” تمامًا
وهي تشعر بقشعريرة تسري في ذراعها، خطفت رييلا وحدة التحكم من المنتصف.
“لقد رأيت فخاً مشابهاً. الكائنات الموجودة هنا تعرف كيف تستخدم لغة البشر وكيف ترسل الموجات الكهرومغناطيسية.”
“ماذا؟”.
نظر إليها ديلان وكأنها مصابة بجنون الارتياب. وربما كان الآخرون يرمقونها بنظرات مشابهة. لكن… هذه المرة… لا يمكنني تكرار نفس الخطأ أبدًا.
“قبل طلب المساعدة، اطلب منهم شيئًا واحدًا.”
ولو من أجل إنقاذك.(تقصد فيه آصلان)
“يو سي إس تايتان، أثبتوا أولاً أنكم بشر.” قالت ذلك وهي تنظر إلى آصلان، ضامة وحدة التحكم بقوة إلى صدرها.
~~~
الاحداث تحمسمسمسمسمسم
حتى الفصل 72 موجود بديلار، وقريبا بيكون في فجوة 20 فصل بينه وبين هيزو
التعليقات لهذا الفصل " 71"