4
– الرقم 30
الفصل الرابع
كان شعرها الأشقر البلاتيني المتعرج ملطخًا بالدماء، كأنه لوحة فنية مشوهة، ووجهها شاحب كالجثة، كأن الحياة تتسرب منها ببطء. بدت غافلة عن حالتها، كأن عقلها يرفض مواجهة الواقع. أبقى أصلان عينيه مثبتتين على بؤبؤيها المتسعين، كأنه يقرأ قصة رعب مكتوبة في عينيها، وأجاب بنبرة هادئة ولكنها حاسمة: “إنسانة لم ترَ موت إنسان من قبل.”
ساد صمت ثقيل، كأن الكلمات تجمدت في الهواء البارد.
“هذا هو النوع الذي يقلقني. لا نعرف ماضي الجميع بعد، لكن على الأقل ديلان ليس من هذا النوع.” أضاف أصلان، وكأنه يحلل الشخصيات كما يحلل خصومًا في ساحة معركة. ارتعشت عينا رييلا بالقلق، كأنها تقف على حافة هاوية نفسية، تخشى السقوط.
كانت بارعة في الإسعافات الأولية، حساسة تجاه الجروح كأنها تقرأ ألم الآخرين، لكنها لم تواجه جثة من قبل، كأن الموت كان بالنسبة لها مفهومًا نظريًا فقط. استنتج أصلان أنها ربما تكون ممرضة أو طبيبة مبتدئة، لم تختبر بعد قسوة الواقع. تذكر الهيكلية التي رآها في الطوابق، الزي الرسمي الموحد الذي يرتديه سبعة أشخاص، كلٌ بدوره المحدد، كأنهم قطع في لعبة شطرنج غامضة.
“هل يمكنني سؤالك شيئًا واحدًا؟” قالت رييلا، وصوتها يرتجف كأوراق شجر في عاصفة، محاولة كسر الصمت المخيف.
“اسألي.” رد أصلان بثبات، كأنه جاهز لأي سؤال.
“لماذا لا نذهب إلى مرافق الاتصالات في الطابق العلوي أولًا؟ ربما يمكننا طلب الإنقاذ.” سألت، وهي تتشبث ببصيص أمل، كأنها تبحث عن منارة في بحر من الظلام.
“سنذهب، لكن بعد أن نتسلح.” أجاب، وكأنه يقيس كل خطوة بحذر عسكري. “لا نعرف ما ينتظرنا هناك. التسرع قد يكون قاتلاً، خاصة إذا كانت الاتصالات معطلة في سفينة استكشاف مطفأة بالكامل.” أضاف، ونظراته تجولت في الممر البارد، كأنه يتوقع خطرًا يتربص في الظلال.
ثم توقف فجأة، محدقًا في ساعته الإلكترونية السوداء التي كانت تشير إلى 19:19، كأن الزمن نفسه يحمل رسالة مشفرة. كان اسم “أندري” محفورًا على المعدن، وهو شركة معروفة بمنتجاتها المقاومة للنبضات الكهرومغناطيسية (EMP). كان هذا التفصيل غريبًا، كأنه فتح نافذة على ماضٍ منسي.
“ما الأمر؟” سألت رييلا، وهي تلاحظ توقفه المفاجئ، عيناها مملوءتان بالحيرة والتوتر.
أخرج أصلان مسدسه من حزامه، وفحص الشريحة بحركة ميكانيكية. كان اسم “أندري” محفورًا بشكل خافت عليه، كأنه علامة من عالم آخر. تساءل في نفسه: هل كان شخصًا يهتم بالرفاهية قبل أن يفقد ذاكرته؟ أم أن هذه الأدوات كانت جزءًا من مهمة أكبر؟.
“أفكر في احتمال تعرضنا لنبضة كهرومغناطيسية. إذا أصابتنا موجة قوية، فقد تكون السفينة قد تحطمت.” قال، ونبرته تحمل ثقل الاحتمالات المظلمة، كأنه يرسم سيناريو نهاية العالم.
“نبضة كهرومغناطيسية؟ تقصد تلك التي تعطل جميع الأجهزة الإلكترونية؟ إلى أي مدى يمكن أن تكون خطيرة؟” سألت رييلا، وهي تحاول استيعاب الفكرة، كأنها طالبة تواجه درسًا معقدًا.
“عملية عسكرية واسعة النطاق، كارثة طبيعية، أو انفجار نووي هي أسوأ الافتراضات.” رد، متجنبًا ذكر أن أشعة غاما قد تؤثر على الجسم البشري، كأن الموت يتربص بهم من كل زاوية. لاحظ شحوب وجهها، كأنها دمية شمعية على وشك الانهيار، جميلة ولكن هشة، كأن لمسة واحدة قد تكسرها. منذ أن التقى بعينيها، شعر باضطراب غريب، كأن قلبه يعرفها من زمن آخر، كأنها ظل من ماضٍ ضائع.
كان متأكدًا تقريبًا أنه يعرفها، كأن ذاكرته تحاول اختراق جدار من الضباب.
“حسنًا… لنفكر بهذه الطريقة.” قالت رييلا فجأة، وهي تخفض عينيها الخائفتين ثم ترفعهما لتنظر إليه مباشرة، كأنها تجبر نفسها على الأمل. “لنقل إن وقود السفينة نفد فقط. لا كوارث طبيعية، ولا عمليات عسكرية، ولا انفجارات نووية. العالم بالخارج آمن وممل كالمعتاد. ما رأيناه في الأسفل مجرد كائنات غريبة اكتشفناها أثناء استكشاف كهف. الجميع بالخارج يبحث عنا، وأصدقاؤنا يبكون في مقابلات تلفزيونية، يتحدثون عن كم كنا رائعين ومحبوبين. وعندما نخرج، سنصبح مشاهير، نلقي محاضرات ونكتب كتبًا عن مغامرتنا.”
كانت رؤيتها مفصلة بشكل مدهش، كأنها تكتب سيناريو فيلم لتهدئة نفسها ومن حولها. ضحك أصلان بخفة، مما جعل عينيها تتسعان بدهشة. “لماذا تضحك؟ كنت سأقول إنك أنقذتنا، وسأجعلك بطلًا في القصة!” قالت، ونبرتها تمزج بين الجدية والمزاح، كأنها تحاول إضفاء البهجة على الجحيم.
توقف أصلان أمام باب أسود مكتوب عليه “مخزن الطعام”، وابتسم قليلًا، كأنه يقدر محاولتها. “أتطلع إلى ذلك بصدق. سأعيش من أجل ذلك اليوم.” قال بنبرة شبه جادة.
“أنت تسخر مني، أليس كذلك؟” ردت رييلا، وهي تعبس بإحباط طفولي، كأنها طفلة تُرفض لعبتها. لم يجب، فقط رفع زاوية شفتيه، ثم أدار مقبض الباب. مع صوت “كليك” وصرير، فتح الباب، وأطفأ أصلان الولاعة، مضيئًا إضاءة ساعته. كشف الضوء الخافت عن مخزن يشبه المؤن، مليء بالبسكويت المربع، والمعلبات، والأطعمة المجففة، والعسل، والمربى، كأنه كنز في صحراء. على اليمين، كان هناك خزان ماء ضخم وثلاجة، لكنها كانت باردة منذ زمن، كأن الحياة توقفت فيها.
“إذا بقينا هنا طويلًا، يجب أن نأكل محتويات الثلاجة أولًا.” قالت رييلا، وهي تتفقد الخضروات ومنتجات الألبان، صوتها أخف من ذي قبل، كأنها وجدت أملًا في وفرة الطعام.
“هناك أيضًا حلوى وشوكولاتة!” أضافت بحماس طفولي، كأنها اكتشفت كنزًا.
“الأطعمة السكرية مهمة للمعنويات والتمثيل الغذائي.” رد أصلان، كأنه يشرح درسًا علميًا ببرود.
“كم يمكن أن تدوم هذه الإمدادات لأربعة أشخاص؟ شهر؟” سألت رييلا، وهي تحاول الحساب، كأنها تبحث عن إجابة مطمئنة.
“البسكويت في الرف العلوي صغير، لكن كل رزمة تكفي ثلاثة أيام. إذا عشنا حياة عادية، قد نصمد ستة أشهر.” أجاب أصلان بحساب دقيق، كأنه يخطط لمعركة طويلة.
“ستة أشهر؟ هذا رائع… لا، لن نحتاج كل هذا. سنُنقذ خلال ثلاثة أيام!” قالت رييلا، وكأنها تستعيد إرادتها فجأة. أفرغت صندوقًا صغيرًا وبدأت تملؤه بأنواع مختلفة من الطعام بحماس، كأنها تستعد لرحلة بقاء.
لكن أصابعها البيضاء المرتجفة لفتت انتباه أصلان. ‘إذا توقف الجسد، يزداد التفكير، فيزداد القلق.’ تذكر كلماتها السابقة. لم تكن بخير، بل كانت تتحرك لتبقى بخير، كأن الحركة هي درعها الوحيد ضد الانهيار.
عندما أمسك بمعصمها، أسقطت رييلا علبة معلبات، وتوقفت شفتاها الحمراوان عن الحركة، كأنها تمثال. أخرج أصلان مطهرًا من حقيبة الإسعافات، ولف أصابعها الرقيقة بالضمادات بحرص، كأنه يعتني بزهرة هشة. كانت أصابعها صغيرة، كأن قبضته يمكن أن تبتلعها. عندما قطع الضمادة بأسنانه، التقت عيناهما. كانت تنظر إليه، كأن الزمن توقف، عيناها البنيتان اللامعتان تعكسان الضوء الخافت، وشعرها الأشقر يتدفق كالحرير، كأنه نهر ذهبي. كانت رائحتها الخفيفة تملأ الهواء، كأنها نسمة من عالم آخر، تحمل ذكرى بعيدة.
“أنا بخير…” تمتمت رييلا، وهي تخفض رأسها، كأنها تخجل من ضعفها الذي لا تستطيع إخفاءه.
“أخبريهم في المقابلات أنني اعتنيت بجروحكِ بعناية.” قال أصلان مازحًا، وهو يكمل لف الضمادة. ابتسمت رييلا بخفة، لكن قلبها نبض بقوة، كأن شيئًا غامضًا يتحرك بداخلها، كأن لحظة صغيرة أشعلت شرارة غريبة.
فجأة، “طق طق طق”. “ها! وجدتكما!” صرخ رجل من الممر، كأن صوته سكين يقطع الحلم. التفتا معًا، وكسرت اللحظة كزجاج هش. كان أنطون، الرجل السمين ذو النظارات. “اعتقدت أننا سنحتاج إلى أيدٍ إضافية لنقل الطعام أو الأسلحة.” قال، وهو يتظاهر بفحص المؤن، كأنه يمنحهما لحظة خاصة عمدًا.
“كيف حال المصاب؟” سأل أصلان، وهو يفلت يد رييلا، التي شعرت بفراغ غريب، كأن شيئًا ثمينًا سُرق منها.
“يتقلب في السرير من الألم، لكن لا يبدو خطيرًا. أغلقت النوافذ في الغرفة. إذا انتهيتم من الطعام، هيا بنا إلى الأسلحة.” قال أنطون، وكأن كلمة “أسلحة” أعادت الواقع القاسي إلى الواجهة.
نظرت رييلا إلى الصندوق نصف الممتلئ. “أحتاج فقط إلى بعض الخضروات ومنتجات الألبان من الثلاجة.” قالت، لكن أصلان سبقها، وأخرج الخس، الجزر، الجبن، الزبادي، واللحوم المدخنة بسرعة، كأنه يعمل بكفاءة آلة.
“سنأخذها بعد زيارة مخزن الأسلحة.” قال، ووضع الصندوق أمام الباب، وكأنه يخطط لكل خطوة بدقة عسكرية. وافقوا وساروا في الممر، أنطون في المقدمة، ورييلا وأصلان يتبعان، قريبان لكن دون أن يتلامسا. لم يتحدثا، كأن لحظة المخزن تركت توترًا جديدًا، كأن شيئًا غير معلن يتربص بينهما.
عندما توقف أنطون أمام باب “مخزن الأسلحة والمعدات”، تنهدت رييلا، كأنها تفرغ الضغط المتراكم. كان الباب، على عكس توقعاتها، مدمجًا في الجدار كخزنة، مغلقًا بقفل أرجواني، كأنه يحرس أسرارًا خطيرة. “يبدو مغلقًا. ماذا نفعل؟” سألت، وصوتها يحمل قلقًا خفيفًا.
“مهلًا، لحظة.” قال أنطون، وكأنه اكتشف كنزًا، وأخرج مفتاحًا من جيبه. “كان في جيبي منذ البداية. يبدو أنني كنت مسؤولًا عن المعدات.” أدار المفتاح، وفتح القفل بصوت “كليك” واضح، كأن الباب يهمس بسر.
عندما همّ بفتح الباب، سأل أصلان فجأة: “هل هذا كل ما في جيبك؟”
“ماذا؟” رد أنطون، متفاجئًا، كأنه لم يتوقع السؤال.
“مع سبعة أشخاص، من المحتمل أن يكون هناك قائد. بما أنك مسؤول عن مخزن الأسلحة، هل لديك شيء آخر قد يكون دليلًا؟” سأل أصلان، ونبرته تحمل شكًا خفيفًا، كأنه يختبره.
نظر أنطون إليه بتعبير غريب، ليس ودودًا ولا عدائيًا، كأنه قناع بلا ملامح، كأنه يخفي شيئًا. “لدي جهاز تسجيل، لكنني أردت الانتظار حتى نكون في مكان آمن لنستمع إليه معًا.” قال، ثم فتح الباب بصوت “صرير”، كأنه يكشف عن بوابة إلى عالم آخر.
وقفت رييلا على أطراف أصابعها لترى فوق كتف أنطون. كان المخزن يحتوي على بندقيتين، مسدسين، مدفع رشاش، خمس أو ست قنابل يدوية، وذخائر متنوعة. كما كان هناك مطارق، فؤوس، مناشير، سكاكين، وحبال، وخيوط صيد. كان أقل مما توقعت لمخزن أسلحة، مما أثار مزيجًا من الراحة والقلق، كأن الأمل والخوف يتصارعان بداخلها. فجأة، سمعت صوت “تشش” غريب، كأنه همس من عالم آخر، يخترق الصمت.
“… .- .-.. .-.. -.– –.—“
ومض ضوء أحمر على جهاز اتصال لاسلكي بجوار الحبل، كأنه قلب ينبض في الظلام. ثم جاء صوت متقطع، مشحون بالرعب: “… .- .-..31.-.. عاجل- … .-.. .-.. -.— —.–ساعدونا!”.
~~~
يمكن السرد رح يتغير بالفصول القادمة لاني اجرب اكثر من سرد
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 4"