3
– الرقم 30.
الفصل الثالث
“…هل رأيت ذلك بنفسك؟”
“ما الذي سأكسبه من كذبة دنيئة كهذه؟” رد ديلان بسخرية، وابتسامة متعجرفة تعلو وجهه، كأنه يتحدى الجميع بثقة زائفة.
في تلك اللحظة، عبرت صور الجثث الملطخة بالدماء ذهن رييلا كومضات مرعبة، كأنها مشاهد من كابوس لا ينتهي. المرأة ذات الرأس الحليق ملقاة على كرسيها، جسدها متيبس كتمثال شمعي، وعلى الأرض، الشاب ذو الذقن الرفيع(او ذا الجفن المزدوج) والمرأة ذات الشعر المضفر، ممددين بطريقة غريبة، عيونهم مفتوحة على وسعها، كأن الموت فاجأهم بنظرة رعب محفورة في ملامحهم. لم تكن رييلا ترغب في سماع المزيد. حتى وسط هذا الرعب الخانق، فكرة أن يدفع إنسان إنسانًا آخر إلى الموت كانت ثقيلة جدًا، خاصة عندما أدت إلى نهاية مأساوية كهذه، كأن الإنسانية نفسها تتلاشى في الظلام.
حاولت رييلا، بشفتيها الشاحبتين، التركيز على الأولويات، كأنها تتشبث بخيط رفيع من المنطق وسط فوضى الرعب. “سأضع ذلك في الاعتبار. لكن، هل ساقك بخير؟” سألت، وهي تحاول إخفاء ارتعاش صوتها.
“بخير؟ إنها على وشك أن تُقطع!” أجاب ديلان بنبرة مبالغ فيها، كأنه يبالغ في ألمه ليثير تعاطفها أو ليهرب من الواقع.
“جيد، يجب أن نوقف النزيف. تعال إلى هنا.” ردت رييلا بحزم، وهي تحاول الحفاظ على هدوئها في مواجهة الفوضى. لم يكن هناك قماش نظيف، لكن النزيف كان يتطلب تدخلًا فوريًا، كأن كل ثانية تحمل حياة أو موت. خلعت رييلا سترتها الزي الرسمي، وهي تتحسس الأرضية بعصبية حتى وصلت إلى كاحل ديلان. رفعت طرف بنطاله بحذر، كأنها تتعامل مع قنبلة موقوتة، خشية أن تُفاقم الوضع.
“آآآخ!” صرخ ديلان بصوت يشبه عويل الموت، كأن لمستها كانت سكينًا يغرز في جسده.
“ألا تملكين ولاعة؟ في الأفلام، يرشون البارود من الرصاصات ويضرمون النار للجروح!” قال بنبرة يائسة، كأنه يتمسك بأمل سخيف من عالم هوليوود.
“ما نوع الأفلام التي تشاهدها؟” ردت رييلا بدهشة، كأنها تسمع هراء من العصور الوسطى. “علاوة على ذلك، إذا حاولنا كي الجرح، سيُغمى عليك من الصراخ!” أضافت، وهي تتخيل ديلان يفقد وعيه من الألم.
فجأة، سمعت صوت “كلانك”، صوت فتح الباب المعدني، كأن بوابة أمل جديدة انفتحت. التفتت رييلا بفرح، كأنها رأت منقذًا يخرج من الظلال. “أصلان!”.
“هل حان وقت رد الجميل؟” سأل أصلان بنبرة هادئة تحمل ظلالًا من السخرية الخفيفة، كأنه يختبر صبرها.
أدركت رييلا أنها لم تُحصِ الثواني، وأنها ربما كانت ستنتظر حتى لو مرت ثلاث دقائق أو أكثر، كأنها تثق به دون وعي. “أجل، بالكاد وصلت في الوقت المناسب. آسفة، هل يمكنك إخراج الشاش والضمادات أولًا؟ الجرح في الساق مثقوب، يجب أن نوقف النزيف بسرعة.” قالت بنبرة عاجلة، كأن الوقت ينفد.
لم يسأل أصلان مرتين، وبحث في مجموعة البقاء بسرعة، وسلمها الضمادات بحركة دقيقة، كأنه جندي ينفذ أمرًا في ساحة معركة. أمسكت رييلا بكاحل ديلان، تحاول تخمين مكان الجرح في الظلام، كأنها تعمل بغريزتها فقط. لفت الضمادات بإحكام وبدأت الضغط بيديها، كأنها تحاول سد نهر من الدم. على الرغم من صراخ ديلان السابق، عضّ على أسنانه الآن، محاولًا تحمل الألم، كأنه يكتشف قوة خفية بداخله.
هل خرج الجسم الغريب من ساقه بالكامل؟ ماذا لو أصيب بعدوى مجهولة من تلك الكائنات؟ ربما تضررت أعصابه أو عضلاته. لو كان بإمكانها رؤية الجرح فقط! كل هذه الهموم كانت بسبب الظلام الذي يخنق كل أمل. شعرت برغبة في البكاء، كأن اليأس يضغط على صدرها كحجر ثقيل.
استمرت في لف الضمادات فوق الدم النازف، مضيفة طبقات للضغط، كأنها تبني حاجزًا ضد الموت. في هذه الأثناء، ضرب أصلان الأرضية بقدمه، كأنه يختبر استقرارها، ثم سار خطوات قليلة ولمس الجدار بحذر. بعد لحظة، “تك”، وأضاءت ولاعته، مشعلة شرارة صغيرة في الظلام، كأنها شعلة أمل ضعيفة. انتفضت رييلا، وعيناها تتسعان بدهشة ورعب. “إذا أضأت النور…”.
كانوا في منتصف ممر طويل وعريض، كأنهم في أحشاء وحش معدني غامض. لا نوافذ حولهم، فقط جدران باردة تحيط بهم كقبر. كشف الضوء الخافت عن هيكلية المكان: غرف على الجانبين، كأنها زنازين في سفينة فضائية مهجورة.
“بناءً على صدى الصوت وشكل الجدران، قررت أنه آمن. سأتفقد المكان بسرعة.” قال أصلان بنبرة حاسمة، كأنه قائد يخطط للخطوة التالية.
“حسنًا.” ردت رييلا، وهي تعود إلى ديلان، مشتتة بين الواقع والخوف. لحسن الحظ، لم يظهر الجرح علامات التورم أو العدوى، كأن الحظ منحها لحظة راحة. أخرجت مطهرًا من المجموعة، وغطت الجرح بالشاش، وأحكمت الضمادات بحرص. بعد حقنة مضاد حيوي في فخذه، تنفست أخيرًا، كأن ثقلًا رفع عن صدرها.
“هل أنت بخير؟ هل هناك أي أعراض غريبة؟ ارتفاع في الحرارة مثلًا؟” سألت، وهي تنظر إلى ديلان الشاحب، كأنها طبيبة في ميدان حرب.
“لا أعرف. الألم يقتلني، أعطيني مسكنًا!” عبس ديلان، كأن كلمة “شكرًا” غريبة على لسانه.
شكرًا مميز!’ فكرت رييلا، وهي تنظر إليه بنظرة حادة، كأنها تكبح غضبها. بحثت في حقيبة البقاء الحمراء، لكن لم تجد مسكنات، كأن الحظ يسخر منها. فجأة، طار شيء نحوه، فأمسكه ديلان غريزيًا. كان عبوة مسكنات، ونظر إليها بدهشة، كأنه يرى معجزة.
“ما هذا؟”.
“لا حاجة للشكر. أعطيتك إياها لأن صراخك يُصيبني بالجنون.” قال أصلان من بعيد، بسخرية باردة كالجليد. عبس ديلان، وكأن كرامته جُرحت، بينما التفتت رييلا إلى أصلان، فتجمدت. “كم أصبت؟ هل حدث هذا عندما حميتني؟”.
لم تلاحظ في البداية بسبب هدوئه المفرط، لكن وجهه الأيمن ورقبته كانا مغطى بالدم، كأنه خرج من معركة دامية.
“النزيف توقف تقريبًا، والجروح ليست خطيرة.” رد بنبرة هادئة، كأن الدم مجرد طلاء.
“إذا كنت بخير، لماذا أخذت مسكنات؟ دعني أطهرها الآن، ماذا لو أصبت بعدوى؟” اقتربت منه، متحدية، كأنها ترفض قبوله كضحية. فجأة، أمسك أصلان بمعصمها بيده اليسرى، التي لا تحمل الولاعة. توقفت رييلا، تنظر إلى يدها المرتجفة كأنها ليست ملكها، كأنها تنتمي إلى شخص آخر.
“يبدو أنكِ لا تشعرين بجروحك.” قال بنبرة منخفضة، وهو يميل رأسه، كأنه يقرأ أفكارها. تذكرت حينها أن يديها تقطعتا وهي تساعد ديلان. كانتا ملطختين بالدم، كأنهما لوحتان قرمزيتان. فكيف عرف؟.
“آه…” شعرت بأن عقلها تائه، كأنها في حلم ضبابي. قلبها يخفق بعنف، كأنه يحاول الهروب من صدرها، وعيناها لا تركزان، كأن الواقع يتلاشى. كل ما فكرت فيه كان الإسعافات الأولية، الموت، الإصابات، وصور الدم المتلألئة في عينيها ككوابيس متكررة. توقفت عن التنفس، كأن الهواء نفسه سام، فأفلت أسلان معصمها.
“يجب أن ترتاحي قليلًا.” قال بحزم، كأنه يعطي أمرًا.
“لا.” ردت رييلا بسرعة، كأنها تخاف من الصمت. “إذا توقفت، سأفكر أكثر، وسأشعر بالقلق. سأتفقد الغرف معك وأعالج جروحي. هكذا سأكون أكثر راحة.” أضافت، وهي تحاول إقناع نفسها أكثر منه.
“أفهم شعورك، لكن لا داعي لذلك.” قال أصلان بحزم، كأنه يحاول حمايتها من شيء لا تراه.
“ماذا تقصد؟” سألت، وعيناها تبحثان عن إجابة في وجهه.
بدل الرد، رفع الولاعة نحو الجدار، كأنه يكشف سرًا مخفيًا. تبعت عينا رييلا الضوء، واتسعت بدهشة ورعب. على الجدار العالي، كان هناك مخطط لهيكل بيضاوي، كأنه حوت معدني يطفو في الفضاء. قرأ أسلان النص الأبيض في الأعلى ببطء، كأنه ينطق تعويذة: “مشروع أبيس 30.”(مشروع الهاوية رقم 30)
[▷الطابق الأول: مدخل الطوارئ، جهاز النقل، غرفة التحكم والصيانة.
▶الطابق الثاني: المرافق الحياتية، مخزن الطعام، مخزن الأسلحة والمعدات، المرافق الطبية.
▷الطابق الثالث: غرفة القيادة، غرفة الاتصالات، مختبر تحليل البيانات والبحث.]
كانت كلمات الطابق الثاني مكتوبة بحجم أكبر، مما يعني أنهم في الطابق الثاني، كأن القدر وضعهم في قلب اللغز. سأل أصلان: “ما نوع الهيكلية التي ترينها؟”.
“لا أعرف. لكنها ليست طائرة عادية.” ردت رييلا، وهي تحاول فك شفرة الغموض، كأنها تقرأ خريطة لعالم مجهول.
“إنها سفينة استكشاف.” قال صوت غريب فجأة، كأنه يخرج من الظلال. التفتت رييلا بذعر، لترى ظلًا سمينًا يخرج بحذر من الظلام، كأنه شبح يتسلل. كان الرجل ذو النظارات، الذي بدا ودودًا في البداية مقارنة بديلان أو الشاب ذو الذقن الرفيع، لكن وجوده الآن أثار ريبة غريبة.
“كنت أتفقد المكان. أعتقد أننا فريق استكشاف تحت الأرض، تعرضنا لحادث. لحسن الحظ، هناك طعام وغرف خاصة. دعونا ننتظر هنا، ربما يبحث عنا فريق إنقاذ.” قال بنبرة مترددة، كأنه يحاول إقناع نفسه أكثر منهم.
كلامه بدا منطقيًا، لكن كلمة “فريق إنقاذ” حملت إحساسًا بالتزيف، كأنها كلمة من عالم آخر. نظرت رييلا إلى أثلان، وفي عينيه الزرقاوين الداكنتين، رأت أنه يشاركها الشعور: كأن “فريق الإنقاذ” غير موجود، كأن الحقيقة أكثر قتامة. حتى الرجل بدا مرتبكًا، كأنه لا يصدق كلامه، وتجاعيد جبهته تعكس شكًا داخليًا.
“غرف خاصة؟ هل لي غرفة إذن؟” قال ديلان، وهو يرفع جسده فجأة من الجدار، كأنه استفاق من موت مؤقت.
“المرافق الحياتية هنا.” ابتسم الرجل، كأنه مضيف في سفينة فاخرة، وأخرج مصباحًا صغيرًا من جيبه، كأنه يكشف عن كنز مخفي.
“لديك مصباح؟” قال أصلان، وهو يطفئ ولاعته بنقرة، كأنه يوفر الضوء للحظات أكثر أهمية.
“ظننت أنه لا أحد هنا بسبب الظلام.” رد الرجل، وكأنه يبرر اختباءه.
“يجب أن نعزز الباب بشيء. ذلك الوحش قد يعود.” أضاف الرجل، لكن ديلان قاطعه بسخرية: “كنت مختبئًا، تشاهدنا ونحن نعاني مع النزيف.”
ضحك الرجل بإحراج، كأنه طُعن في كرامته، لكن فكرة أنه كان يراقبهم من الظلام أثارت قشعريرة رييلا، كأنه ليس أفضل من تلك الوحوش في الأسفل. ما الفرق بينه وبينها؟.
“رأيت أريكة هناك. دعونا ننقلها لتغطية الباب.” اقترح الرجل، كأنه يحاول استعادة ثقتهم.
“حسنًا.” رد أصلان، ثم أضاف بعد لحظة صمت: “بما أنك فحصت المرافق الحياتية، اعتنِ بالمصاب. سأتفقد مخزن الطعام والأسلحة.”
توقف الرجل للحظة، كأنه فوجئ بالأمر، لكن رييلا تدخلت بسرعة: “سأذهب معك. الانقسام إلى فريقين أكثر أمانًا، ورأسان أفضل من واحد لتذكر الأغراض.” قالت، وهي تحاول إثبات وجودها.
“مهلًا، أنا أيضًا…” بدأ ديلان، لكن أصلان قاطعه بنبرة سلسة: “إذا وجدت سريرًا، ضع المصاب هناك. تأكد من إطفاء الأنوار، فقد تحتوي الغرف على نوافذ.”
تجاهل أصلان اعتراض ديلان، وانطلق كأنه يتبع خطة محكمة. أمسكت رييلا حقيبة الإسعافات وتبعته، كأنها تتشبث بظله. “أشعر بنظرات حادة.” تمتمت وهما يمشيان في الممر البارد.
“لا أقلق بشأنهم.” رد أصلان بنبرة هادئة، كأنه يرى ما وراء الظلال.
“إذن، من يقلقك؟” سألت، وعيناها تبحثان عن إجابة. تحولت نظرته إليها، كأنها تحمل سرًا لم تكتشفه بعد، كأن الحقيقة تنتظر في الظلام.
~~~
لا تنسوا كومنتاتكم الحلوة يلي تخليني استمتع بالتنزيل
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع

📢 المنتدى العام عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.

🎨 إمبراطورية المانجا عـام
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات. هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...

📖 نادي الروايات عـام
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات. هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 3"