2
– الرقم 30
الفصل الثاني
“أعاني من رهاب الأماكن المغلقة! لا أستطيع البقاء في مكان ضيق كهذا لوقت طويل! قد أموت فعلًا!” صرخت المرأة ذات الرأس الحليق، التي كانت تتنفس بقلق شديد منذ لحظات، كأنها محاصرة في قفص من الخوف الخانق. كانت هي من فتحت غطاء النافذة، كأنها تحاول يائسة الهروب من كابوس يضغط على صدرها.
تحدثت بصوت أجش، كأن الكلمات تُنتزع من حلقها، وهي تحاول بأصابع مرتجفة فتح النافذة بقوة، كأنها تبحث عن نافذة أمل في جدار من اليأس. لكن النافذة، التي بدت كجزء من هيكل غريب، كانت مصممة لتبقى مغلقة، كما في الطائرات، مما زاد من إحساسها بالعجز.
“لماذا لا تُفتح؟ لماذا؟” كررت بنبرة يائسة، وكأن صوتها يصطدم بالجدران ويعود إليها كصدى موجع. عبر الظلام الحالك خارج النافذة، انعكست وجوهنا المذعورة كما لو كنا ننظر في مرآة سوداء. هل هذا الليل؟ لا، حتى الليل لا يمكن أن يكون مظلمًا هكذا، خاليًا من أي بصيص ضوء يمنح الأمل.
“أرأيت؟ لا يوجد شيء! جثة؟ هه، ربما يجب أن نجري اختبار مخدرات لهذا الرجل!” قال ديلان، الذي استعاد رباطة جأشه فجأة، وهو يشاهد المرأة تضرب النافذة بعنف. ارتسمت على وجهه ابتسامة متعجرفة، كأنه يحتفل بانتصار زائف، وأفلت ياقة أصلان التي كان يمسك بها بغضب. لكنه، عندما همّ بالاقتراب من النافذة، أمسك أصلان بكتفه بقوة هائله، كأنه يمنع وحشًا من الانطلاق، بقبضة تفوق بكثير تلك التي استخدمها ديلان سابقًا.
ثم، فجأة، “باك”.
شعرت رييلا بشيء ساخن يتناثر على خدها، كأن قطرة من نار سائلة لمستها. أغمضت عينيها غريزيًا، ثم فتحتهما ببطء، وهي تمسح وجهها بدهشة. كانت يدها ملطخة بلون أحمر داكن، وشيء لزج يقطر من رموشها، كأنه دم. لكن من أين؟ ولماذا؟.
“آه، آه، آآآآه!” صرخت المرأة ذات الشعر المضفر بصوت يمزق الأذنين، كأنها ترى نهاية العالم. لكن رييلا لم تفهم في البداية ما يحدث. لماذا تخرج عشرات الحشرات السوداء المتلوية من ظهر المرأة التي فتحت النافذة، كأنها كائنات من كوكب آخر؟ لماذا نهض الأشخاص الجالسون عند النافذة، شاحبين كالأشباح، ثم سقطوا وهم يرتجفون كأن أرجلهم تخلت عنهم؟.
“اهربوا!”.
“اخفضوا رؤوسكم!”.
صاح شخصان في الوقت ذاته، صوتيهما يترددان في الفوضى. لكن إلى أين؟ لم يكن هناك مكان واضح للهروب في هذا القفص المظلم.
طانغ! طانغ! طانغ!
عندما بدأت أصوات الطلقات تدوي، انبطحت رييلا تحت كرسيها غريزيًا، كأن جسدها يتحرك دون إذن من عقلها. ركل أحدهم المصباح اليدوي عن طريق الخطأ، فاهتز الضوء بعنف، مرسومًا ظلالًا مرعبة على الجدران، كأنها أشباح ترقص في جحيم. ظهرت ظلال طويلة وسوداء، تخترق النافذة كمخالب من عالم آخر، وأمسكت بشخص يحاول الفرار، ترفعه كدمية مثقوبة بعشرات الإبر. صوت تمزق العضلات وتكسر العظام، “واجاك”، كان كأن وحشًا يمضغ إنسانًا حيًا. رذاذ الدم تناثر كالمطر الأحمر، والظلال الملتوية تحركت بزوايا غريبة، كأنها ترقص رقصة الموت.
طانغ! طانغ!
دفنت رييلا وجهها في ذراعيها وهي ملقاة على الأرض، جسدها يرتجف كأن الخوف استولى عليه. سمعت صوت أصلان يصرخ “اصعدوا!”، لكن عقلها لم يستوعب. طانغ، طانغ، طانغ. عاد الطنين إلى أذنيها، كأن خلاياها تصرخ مرة أخرى. صوت همسات غريبة، كأن عشرات الأشباح تتحدث في الظلام، ملأ الغرفة من كل جانب، كأنها محاصرة في عالم من الأرواح.
هل هذا حلم؟ نعم، يجب أن يكون كذلك. لا يمكن أن تكون هذه الحقيقة. استيقظي، رييلا، استيقظي الآن!.
“تبًا، يؤلم! توقفوا، اللعنة، يؤلم!” صرخ ديلان بنبرة يائسة، كأنه يقاتل من أجل حياته. رفعت رييلا رأسها فجأة، وعيناها تركزان بسرعة. أمامها مباشرة، كان ديلان، ساقه مثقوبة بحشرة سوداء طويلة، يحاول طعنها بسكين بيده. دون تفكير، اندفعت نحوه، تمسك بالكائن اللزج المتلوي، كأنها تحارب كابوسًا حيًا. كلما ضغطت عليه، شعرت بألم حاد في يدها، والدم يتدفق من جروحها كالنهر.
بجانبهم، كان هناك سلم قد أُنزل، وقدمٌ تقترب من أعلاه، كأنها شبح يهرب إلى المجهول. لم يكن لديها وقت للتفكير في صاحبها. مشهد آخر جذب انتباهها، مشهد لا يمكن تجاهله: خارج النافذة، وقف شخصٌ بلا حراك، كأنه كان هناك منذ الأزل، ينتظرنا بصمت مخيف. عندما استيقظنا، تحدثنا، فتحنا الغطاء. عندما وقعت عيناها على رأسه الأسود المتفحم، شهقت رييلا بصوت خافت، كأن قلبها توقف.
الآن فهمت لماذا أطلق أصلان عليه اسم “جثة”. لا يمكن لأي إنسان أن يكون حيًا بهذا الشكل. كان نصف رأسه الأيسر قد ذاب، تاركًا عينًا مكشوفة بدون جفن، بحجم قبضة طفل، كأنها تنظر إلى أعماق روحها. أمسك “ذلك الشيء” بذقن المرأة الحليقة الرأس، التي كانت ملقاة عند النافذة، وفتح فمها بقوة، كأنه يؤدي طقسًا مرعبًا. ثم، من عينيه وأسنانه، تدفقت مادة سوداء لزجة، تتساقط في فمها المفتوح كسمٍ قاتل.
“أوغ، أوغ.” شعرت رييلا بالاشمئزاز، كأن شيئًا غريبًا يتسلل إلى معدتها. غطت فمها، لكن رائحة الدم النتنة من يدها جعلتها تتقيأ. الأرضية واليدين كانتا مغطاة بالدم اللزج من الجثث، كأن الغرفة تحولت إلى مذبح.
طانغ! طانغ!
عادت الطلقات لتدوي، وتحطم رأس الشخص عند النافذة إلى أشلاء تناثرت كالزجاج المكسور. تراجع “الشيء” خطوة إلى الظلام، لكن أصلان، الذي كان يراقبه بعيني صقر، وجه مسدسه نحو ساق ديلان وقال بنبرة باردة كالجليد: “أبعد يديك.”
أفلت ديلان يده بسرعة، وأطلق أصلان النار، مقطعًا الحشرة دفعة واحدة. طانغ!
“لن يتوقف ما لم نطفئ الضوء. يجب أن نجد المصباح اليدوي.”
أطلق أصلان النار نحو النافذة دون النظر إلينا، كأنه يبني حاجزًا من الرصاص. الكائنات التي اخترقت الغرفة كانت الآن ممزقة إلى أشلاء تتلوى على الأرض، كأنها بقايا كابوس. كان واضحًا من الذي قضى عليها في ثوانٍ، كأنه محارب من زمن آخر.
لكن، إذا كان قد استبدل الذخيرة أثناء توقف الطلقات، فلا بد أن الرصاصات أوشكت على النفاد. بحثت رييلا يائسة عن مصدر الضوء، كأنها تبحث عن منقذ في بحر من الظلام. بين الكراسي، رأت بصيصًا. انخفضت بسرعة، تمد يدها بكل قوتها، لكنها أسقطت المصباح عن طريق الخطأ. أطلقت تنهيدة يأس، كأن الأمل يتلاشى. ‘قليلًا فقط…’.
عبست وهي تدفع جسدها تحت الكرسي، كأنها تزحف في قبر. أخيرًا، أمسكت المصباح. نهضت بسرعة، لكن صوت ديلان الغاضب قطع أفكارها، كسكين يقطع الصمت. توقفت الطلقات، وعندما التفتت، كان الظلام قد امتد من النافذة إليها كذراع الموت. فجأة، أحاطها شخص بقوة، وأطفأت المصباح.
تانك.
عم الظلام التام، كأن العالم اختفى.
لم يبقَ سوى رائحة الدم اللزجة تملأ الهواء، كأنها عطر الموت. أنفاس الناجين كانت متقطعة، كأنهم يتشبثون بخيط رفيع من الحياة. وسط الطنين في أذنيها، فكرت رييلا في الشخص الذي يحيطها برائحة باردة كالمعدن. كان الرجل الذي بدا كجندي، أصلان.
شعرت بدم يقطر على رقبتها، كأنه أصيب أثناء حمايتها. ارتجفت، كأن الخوف يسيطر على جسدها.
“أعطني المصباح. سأضعه بعيدًا لئلا يُضاء مجددًا.”
تحدث أصلان بهدوء بجانب أذنها، صوته هادئ كأنه لم يتأثر بالفوضى. لو لم يكونا متلاصقين، لظنت أنه لم يُصب.
“هل يمكنني التحدث؟”.
“يبدو أنهم لا يتفاعلون مع الصوت، لحسن الحظ.”
شعرت بقلبها يخفق بقوة وهما متلاصقان، كأن قلبيهما يتحدثان بلغة مشتركة. أمسك يدها ببطء، وأخذ المصباح بحركة حاسمة، كأنه يستعيد السيطرة على الفوضى. ظلوا صامتين، يتنفسون بهدوء، كأن الصمت هو الملجأ الوحيد. تحدث ديلان أولًا، بنبرة مختنقة كأنه يحارب الألم.
“إذن، ماذا الآن؟ لا أرى يدي أمامي. حتى الليل القطبي أكثر إضاءة من هذا!”.
“لا داعي للجدل. هناك سلم قريب، ابحث عنه.”
“مهلًا، ألم تنسَ؟ ساقي مصابة بشدة…”.
“اصعد معها أولًا. أغلق الباب فورًا عندما تصل.”
تجاهل أصلان شكوى ديلان، كأنه يعطي أوامر لجندي في ساحة معركة. ارتبكت رييلا، كأنها تُلقى في بحر من الشك. “وماذا عنك؟”
“سأجد طريقة لفتح الباب.”
“ليس هذا ما أعنيه. لماذا ستبقى هنا؟ ألم تنفد الذخيرة؟”.
“سآخذ مجموعة البقاء. ثلاث دقائق كافية. يجب أن نكون مستعدين لأي طارئ.”
تجاهل أصلان سخرية ديلان، كأنه قائد لا يتزعزع. أدركت رييلا أن ديلان كان يتبعه دون أن يعي، كأنه جندي تحت الأمر. لكنها، رغم اقتناعها، تمسكت بملابسه، كأن مغادرته ستعيدها إلى فم الخطر. صوت الهمسات المرعبة، كأن أشباحًا تتجمع، لا يزال يتردد في الغرفة.
“لن يحدث شيء. إذا حدث، أصرخي.”
تحدث أصلان بهدوء، كأنه قرأ أفكارها. “من الأفضل أن نتحرك قبل أن يتغير الوضع.”
“وجدت السلم. تعالي إليّ!” قال ديلان، صوته يقطع الصمت.
أومأت رييلا، ثم تذكرت الظلام. “إذا لم تجده، اصعد. لن أسامحك إذا تأخرت أكثر من دقيقة.”
لم تسمع ردًا، لكنها شعرت أنه ابتسم في الظلام. الأرضية كانت لزجة، كأنها مغطاة بالموت. تبعت صوت ديلان، محاولة تجنب تخيل “ذلك الشيء”. أمسكت قدمه أخيرًا، فجذبها بقوة، وسلمها السلم. تسلقته، يداها ترتعشان كأوراق في عاصفة. الخوف من الظلام كان أسوأ مما تخيلت، كأنها تتسلق جبلًا من الرعب.
كل ثانية كانت كساعة. كم استغرق هذا؟ ثلاثون ثانية؟ ربما ثلاث أو أربع دقائق. لكنها شعرت كالأبدية.
“هاا… هاا…”
وصلت رييلا إلى قمة السلم، وانهارت، تتنفس بصعوبة، كأنها نجت من حرب. العرق يتساقط من ظهرها كالمطر.
“اللعنة، هنا مظلم أيضًا.”
تبعها ديلان، يتمتم بلعنات كأنه يتحدث إلى نفسه. أغلق الباب بقوة، كأنه يغلق بوابة الجحيم. شعرت رييلا بأنفاسها تعود، كأنها ولدت من جديد. “ربما هذا أفضل. الضوء كان سيجذبهم. لكن، ألم يصعد شخص قبلنا؟”.
توقعت ردًا، لكن الصمت ساد، كأن المكان قبر واسع. المكان بدا أوسع مما تخيلت.
“نعم، هناك واحد،” قال ديلان بسخرية مريرة. “نصيحة: ابتعدي عن ذلك الرجل ذا النظارات. لقد دفع المرأة وصعد أولاً عندما أنزلنا السلم.”
~~~
المرأة يقصد ذات الضفائر، الشخصيات حسب يلي فهمته سبعة، ديلان، رييلا، أصلان، الرجل السمين(وهو حق النظرات) الرجل ذا الجفن المزدوج (يلي اظنه يا كوري أو ياباني) المرأة الحليقة (اي الصلعاء)
بدونها وبدون أصلان رييلا شافت ستة اشخاص واظن تقصد ستة يلي كانوا نايمين فيها بس ما انتبهت أن وحده فيهم فاضية وغيره كان في واحد سابع جنبها وهو ديلان يلي ما حصلته إلا بعدين
إعادة ترجمة رواية من الكوري بعدما فقدت الامل الإنجليزي يكملها، أول واحد كان يترجم بشكل حلو بس وقفوا بالفصل 30 والثاني ترجمتهم ترجمة قوقل رييلا اسمها لييلا 🤡
لا تنسوا كومنتاتكم الحلوة يلي تخليني استمتع بالتنزيل
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
التعليقات لهذا الفصل " 2"