– رقم 30.
الفصل الحادي عشر
“قد يكون هذا آخر يوم لنا. هذه اللحظات القصيرة من الهدوء.”
كان الضوء الأبيض الخافت يحيط بهما كدائرة صغيرة، معزولة عن بقية العالم الذي ابتلعه الظلام العميق. في تلك اللحظة، بدا وكأنه لا يوجد مكان أكثر رومانسية من هذا، حيث لا يرى كل منهما سوى الآخر، وسط عالم مغمور بالسواد. الجو كان مشحونًا بالتوتر والحميمية، كأن الزمن توقف ليمنحهما هذه اللحظة العابرة.
أخيرًا، كسر أصلان الصمت بنبرة هادئة ولكن حادة: “لا أعلم إن كان هذا شعوري فقط، لكن كلامكِ لا يبدو مجرد دعوة لتقبيل.”
ابتسمت رييلا بخفة، وعيناها تلمعان بنظرة جريئة ومغامرة. “يمكننا فعل المزيد… إذا كان كلانا يريد ذلك.”
حركت أصابعها الموضوعة تحت يده الدافئة، ثم شدّتها برفق لتتشابك أصابعهما. نظر أصلان إلى يدها البيضاء الناعمة، التي بدت صغيرة وهشة مقارنة بيده القوية، ثم رفع عينيه إليها وسأل بنبرة متفحصة: “حتى بدون أي مشاعر؟”.
“بل على العكس، ألن يكون وجود المشاعر عبئًا؟ سيجلب ذلك مسؤوليات لا نحتاجها الآن.”
كان ردها مدروسًا، كأنها تحاول حمايته من أي تعقيدات عاطفية. مدت يدها الأخرى، التي لم تكن ممسوكة، ولمست بحذر ملامح وجهه القوية – عينيه الحادتين، وخط فكه البارز. ظل أصلان ساكنًا، يراقبها بهدوء كطفل مطيع، على الرغم من أن وصفه بـ”الطفل” بدا غريبًا على رجل بقامته الضخمة وهيئته المهيبة.
“هل ترفض؟ أعترف أنها فكرة جريئة، وربما تبدو يائسة. كأنني أتشبث بأي شيء للهروب من الخوف… ربما أبدو مثيرة للشفقة.”
كانت ملامحه، عندما نظرت إليها عن قرب، تذكرها بشكل غريب بصبي متمرد في مرحلة المراهقة. كان من الواضح أن هذا الرجل الحاد قد مر بسنوات شبابه مليئة بالتحدي والعناد. لكن عينيه الباردتين كانتا تخفيان شيئًا أعمق، شيئًا لم تستطع رييلا تحديده.
“ليس أنني أرفض، لكنني أعلم أنكِ ستندمين لاحقًا.”
“لن أندم. قد تكون هذه لحظة اندفاع، لكنها صادقة.”
“أنا لا أتحدث عنكِ. أنا من سينتهي به الأمر نادمًا.”
في تلك اللحظة، أمسك بيدها التي كانت تقترب من شفتيه وسحبها فجأة. مالت رييلا نحوه دون مقاومة، واصطدمت عيناها بعينيه القريبتين. في أعماق عينيه، كان هناك ضباب بارد يشبه أعماق المحيط، جعل قلبها يتجمد للحظة. لم تتمكن من النظر طويلاً، لأن أصلان، وهو يخفض رأسه، طبع قبلة على شفتيها، فأظلمت الدنيا أمام عينيها.
‘لماذا؟’ تساءلت في داخلها. ‘إذا كنت تعتقد أنك ستنتهي نادمًا، فلماذا فعلتَ ذلك؟’.
اتسعت عيناها وهي تشعر بحرارة شفتيه على شفتيها، كأن النار تلتهمها. لم تكن القبلة خفيفة كما توقعت، بل كانت عميقة ومكثفة. شعرت بلمسة رطبة تخترق شفتيها، كأنها تسحب منها كل أفكارها. لم تكن مجرد قبلة بين شفتين، بل كأنها صدام بين وحدتين عظيمتين، كأن وجوده يملأ الفراغ الذي تركه العالم الذي فقدته.
تحركت شفتاه ببطء وإصرار، وكأنه يستكشف كل جزء من فمها. لف لسانه حول لسانها بحركة حسية، كأنه يسحبها إلى دوامة من الرغبة. كانت هذه القبلة مختلفة تمامًا عن القبلة الخفيفة التي تبادلاها بالأمس لأسباب طبية. أمسك خدها، يعدل زاوية رأسها، وهو يتعمق أكثر، ملامسًا سقف حلقها بحركة جعلت أصابعها تنقبض تلقائيًا من الإحساس الغريب.
“آه…” تأوهت رييلا، وهي تشعر بجسدها يرتجف تحت وطأة الإحساس. شدها من خصرها بذراعه القوية، فالتفت ذراعاها حول عنقه العريض تلقائيًا. كان جسده صلبًا وكبيرًا، كأنه منحوت من مادة مختلفة عن البشر العاديين.
رائحته الغريبة، الدفء الذي شعرت به وهي تذوب في أحضانه، صوت احتكاك ملابسهما – كل هذا جعل الظلام المحيط بهما يزيد من حدة حواسها، كأنه قناع يغطي عينيها. كانت أنفاسهما المتسارعة تملأ الفضاء بينهما، وشفتاهما تتلاقيان وتفترقان في رقصة حسية. كانت أعصابها، التي كانت مشدودة بسبب الخوف من الموت، تذوب تحت وطأة هذا الإحساس الكهربائي.
‘هذا رائع… رائع جدًا…’ فكرت وهي تغرق في اللحظة، ‘رائع لدرجة أنني أشعر أن هذا هو الشيء الصحيح.’
كانت تعلم منذ القبلة الأولى، التي جاءت بحجة مساعدتها على التنفس، أن هناك شرارة بينهما. كانت تعلم أنه إذا اشتعلت تلك الشرارة، فإن الأمور ستصبح خارجة عن السيطرة.
ابتلعت اللعاب الذي تجمع في فمها، وهي تتساءل إن كانت القبلات دائمًا بهذه الحدة والجرأة. وهي تميل رأسها للخلف، تلهث في حالة من النشوة، تخيلت شفتيها مفتوحتين إلى الأبد، مكشوفتين، غارقتين في هذه اللحظة، ناسية الوحوش والموت الوشيك.
تشبثت به بقوة أكبر، فتنفس أصلان بسرعة متقطعة، ورفعها فجأة لتجلس على فخذيه، وهو يعيد شفتيه إلى شفتيها. لم يكن الأمر مجرد تغيير في الزاوية. تسللت يده تحت ثوبها الرقيق، تتحسس ظهرها ببطء، متتبعة عمودها الفقري بحركات دقيقة. كانت يده الباردة، المتصلبة من كثرة حمل السلاح، خشنة ولكنها حنونة في الوقت ذاته. ارتجفت رييلا تحت لمسته، وهي تلهث بصوت خافت.
“باردة…” تمتمت، وهي تشعر بالبرد لأنها كانت ترتدي قميصًا رقيقًا فقط دون ملابس داخلية. لاحظ أصلان توترها، فدفن وجهه في عنقها، يقبلها بلطف بينما يمرر يده على ظهرها بحركات مهدئة. شعرت كأنها فريسة بين فكي وحش ضخم، لكنها لم تشعر بالخوف، بل بالأمان.
‘لماذا لا يبدو متوترًا؟’ تساءلت. ‘هل أنا الوحيدة التي تشعر بأن هذا جديد؟ أم أنني نسيت تجربة سابقة؟’.
“آه…” تمتمت، وهي تكبت أنينها بصعوبة. لم يكونا وحدهما – كان ديلان خلف الباب السميك، وفي الخارج، في الظلام، كانت هناك مخلوقات تنتظر لتقتلهما. لكن، بشكل غريب، هذا الواقع جعل حواسها أكثر حدة.
واصل أصلان لمسها، يداعب بشرتها عبر القماش تارة، ويقبلها تارة، حتى شعرت أن عقلها يذوب. كانت أنفاسها تتسارع، وشعرها المتماوج يتدلى على كتفيها. رفع قميصها الرقيق حتى عنقها، يكشف عن بشرتها المنتفخة قليلاً، ثم عضها برفق. تباين الهواء البارد ونفسه الساخن جعلها تقشعر. غارقة في إحساس غريب بالنشوة، ضمته بقوة أكبر، وهي تلهث بأنفاس متقطعة عند أذنه.
“أصلان…”.
في تلك اللحظة، دفعها برفق لتستلقي على الأريكة، وشعرت بظهرها العاري يلامس القماش البارد. كان وزنه فوقه يبدو ثقيلاً كالصخر، لكنه لم يكن مخيفًا. على العكس، كانت القبلات المتتالية على ترقوتها وعنقها تجعلها تشعر بأنها محبوبة بعمق، رغم أنها تعلم أن رجلاً لم يلتقِ بها سوى منذ يومين لا يمكن أن يحمل لها مشاعر حقيقية.
‘هل هو دائمًا لطيف مع النساء هكذا؟’ تساءلت.
فجأة، دوى صوت ارتطام. لقد أسقط المصباح اليدوي عن طريق الخطأ، فأضاء الغرفة فجأة. توقف أصلان عن الحركة، ورفع رأسه، بينما ساد صمت ثقيل كالمقبرة. رمشت رييلا بعينيها المبهورتين، محدقة في أصلان الذي بدا مختلفًا تمامًا: قميصه مجعد، شعره مشعث، وهالته تنضح بالفوضى والإغراء. رأت انعكاس صورتها في عينيه: شعرها الأشقر منتشر على الأريكة، عيناها محمرتان، شفتاها متورمتان، وبشرتها تحمل علامات يديه. احمر وجهها خجلاً، كأنها طفلة أُمسكت وهي تقوم بشيء ممنوع.
فتح أصلان فمه ليتكلم، لكن في تلك اللحظة، انفتح الباب فجأة.
“ما هذا؟ ما الذي يحدث هنا بحق الجحيم؟”.
خرج ديلان من غرفته، يتذمر بنبرة غاضبة وهو يخطو إلى غرفة المعيشة. نظرت رييلا بذعر إلى قميصها الأبيض الملقى على الأرض. ‘انتهى أمرنا!’ فكرت. رغم أن ظهر الأريكة يخفيهما مؤقتًا، إلا أن اكتشاف أمرهما كان مسألة وقت.
“أيها الوغد الماكر! ألم تقل إنك ستقوم بالحراسة؟ هل كنت تشعل الضوء بمفردك؟ ألم نتفق على ثلاث ساعات فقط؟”.
استعاد أصلان رباطة جأشه بسرعة. ألقى سترته العسكرية فوق رييلا ليغطيها، ثم نهض من الأريكة. اقترب ديلان أكثر، وكان على وشك رؤيتهما.
“ما هذا؟ هل رميت المصباح أيضًا؟ لماذا تلتقطه من الأرض؟” سأل ديلان بحيرة وهو يرى أصلان يلتقط المصباح.
حوّل أصلان اتجاه الضوء بسرعة، فغرقت المنطقة التي كانت فيها رييلا في الظلام. تنفست الصعداء للحظة، لكنها شعرت بديلان يقترب من ظهر الأريكة.
:هل هذا الرجل يحاول بالفعل التقرب من أصلان؟’ تساءلت رييلا في نفسها، وهي تحاول فهم نواياه.
“عندما أكون في مزاج سيء، أرمي المصباح. إنها هواية من نوع ما.”
“…ألستَ مجنونًا؟ ولماذا تبدو هكذا؟”.
كان قلب رييلا يدق بقوة، وهي تكتم أنفاسها. كان من الواضح أن مظهر أصلان – شعره المشعث، ملابسه المجعدة، وهالته الفوضوية – يكشف عما كانا يفعلانه. بعد لحظة صمت، كأنه يختار كلماته بعناية، قال أصلان بنبرة جافة: “كنت أمارس التمارين من الملل. إذا لم تكن هنا لتشاهد، لمَ لا تعود إلى غرفتك؟”.
“إذن، دعني أفهم. شعرتَ بالملل، فقررتَ ممارسة التمارين، ثم أغضبك شيء فرميتَ المصباح؟”.
كان من الواضح أن ديلان مرتبك وغير مقتنع. تمتم بنبرة ساخرة: “لا يوجد سوى المجانين هنا. أنا الوحيد الطبيعي.”
ثم استدار نحو المطبخ، وكأنه لا يريد الاستمرار في النقاش. في تلك اللحظة، أطفأ أصلان المصباح.
بينما كان ديلان يصرخ بعد أن اصطدم بشيء في الظلام، استغلت رييلا الفرصة لتنهض بسرعة، ترتدي سترة أصلان، وتتسلل إلى غرفتها. أغلق أصلان الباب خلفها بهدوء، وأخيرًا أطلقت زفرة طويلة كانت تحتجزها.
‘هاه… كدتُ أُمسك!’.
انزلقت إلى الأرض، وهي تجلس على الأرضية الباردة، بينما سترة أصلان الكبيرة، التي كانت تغطيها كبطانية، تسحب على الأرض. لمست شفتيها المؤلمتين، واحمرت وجنتاها.
لقد انتهت اللحظة، لكنها حصلت على ما أرادت. الليلة، لن تفكر في الموت، بل في تلك القبلة التي جعلت الفراشات ترفرف في معدتها. دفنت وجهها في ركبتيها، مستنشقة رائحة أصلان الغريبة المنبعثة من السترة، التي شعرت بها دافئة ومريحة بشكل غريب.
~~~
لا تنسوا الاستغفار والصلاة على النبي!
حسابي انستا: roxana_roxcell
حسابي واتباد: black_dwarf_37_
يرجى إدخال اسم المستخدم أو عنوان بريدك الإلكتروني. سيصلك رابط لإنشاء كلمة مرور جديدة عبر البريد الإلكتروني.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
رقم 30
تحتوي القصة على موضوعات حساسة أو مشاهد عنيفة قد لا تكون مناسبة للقراء الصغار جدا وبالتالي يتم حظرها لحمايتهم.
هل عمرك أكبر من 15 سنة
التعليقات لهذا الفصل " 11"