“سأعكس الأمر على هاينري، وأفرض عليه أنا سحر السيطرة على العقل.”
عندما سمع مارڤين ذلك، بدا متردّدًا بين الشك والتصديق.
“لـ… لكن لتحقيق ذلك لا بد أن…”
“أعلم. الشرط أن يحمل الهدف شعورًا قويًّا من المودّة والثقة تجاه مستخدم السحر، أليس كذلك؟”
“صحيح…”
كانت تلك طريقةً لمحت إليها كلمات مارڤين، طريقة لجعل ذلك الأمير المجنون يظن بي ما يظن.
“بكلمة أخرى… سأقوم بـ غاسلايتينغ له.”
“ماذا…؟”
لم يفهم مارڤين اللفظ، فبدا على وجهه الاستغراب.
عندها شرحتُ له معنى الغاسلايتينغ وأعطيته أمثلة.
“بمعنى آخر، أشبه بعملية غسل دماغ. مثل أن تقول له ‘أنت لا تستطيع العيش بدوني، كل ما أقوله وأفعله من أجلك، بدافع الحب’.”
أصغى مارفين بوجه متوتر وابتلع ريقه ثم أومأ.
“فهمت قصدك. لكن… هل يُعقل أن يقع سموّه في فخّ غسيل دماغ بهذه السهولة؟”
“بالطبع لا، ليس أي شخص يقع في ذلك. لهذا تحديدًا لا بد من استهداف نقطة ضعفه!”
“نقطة ضعفه؟”
أومأت بقوة.
الغاسلايتينغ من المواضيع الشائعة في الروايات السوداوية، خصوصًا تلك التي يظهر فيها الذكور المهووسون.
‘اختطاف، سجن، غاسلايتينغ…’
بما أن هاينري تكفّل بموضوع السجن، فسأتكفّل أنا بالغاسلايتينغ!
ومن أنا؟ امرأة قرأت حتى الثمالة الروايات الأكثر سوداوية وشهرة في تحطيم النفوس.
أي إن خبرة الذكور المهووسين تراكمت عندي جميعًا.
والقاعدة الأولى: اختراق نقاط الضعف.
بكلمات أخرى: لا بد أن تعرف خفاياه، جراحه الدفينة، وماضيه الموجع. ثم تستغلها حتى تجعله يتعلّق بك.
‘لولا اضطراري ما كنت لأستغل جراح أحد… لكن إن لم أفعل، فسأفقد ذاتي، وسيفني بيت كايين جميعًا متى استُغني عنهم.’
قلت له “إذن ستسعى بأي طريقة لانتزاع حبّي.”
وأجاب بنفسه: “نعم. سأمحو كل ما حولك، حتى لا ينعكس في عينيك غيري وحدي. سأجعل ذلك واقعًا لا محالة.”
بعد سماع كلام كهذا، لم يعد هناك رجوع.
مهما كان ماضي هاينري، فقد عقدت العزم أن أفعل أي شيء لأحمي نفسي ومن حولي.
‘أليست هناك جملة شهيرة في فيلم ما؟ “الذي يوجّه الضربة أولًا عليه أن يكون مستعدًا لتلقّيها أيضًا.”‘
لا أذكر اسم الفيلم، لكن الأهم أن الضربة الأولى لم تأتِ مني.
‘بل ما فعله بي حتى الآن لا يُسمّى ضربة… بل طعنة!’
وهكذا، سأُسخّر كل ما تعلمته من أولئك المهووسين في الروايات السوداوية كي أحطّم عقل ذلك الأمير المجنون.
ولهذا سألت مارڤين عن نقاط ضعف هاينري.
“نقطة ضعف… لا أعلم حقًّا. فهو شديد التحفظ…”
تأمل مليًّا ثم تمتم كمن يحدّث نفسه:
“إن كان لا بد من القول… فربما أصله؟ بخلاف الأمير الثاني، لا يسنده بيت عريق. كثيرًا ما استغل النبلاء ذلك للنيل منه.”
“همم… قد يكون قد تعرّض للتمييز بسبب ذلك. حسنًا، مفهوم.”
“آه، والتمييز ذكّرني بشيء آخر.”
برقت عينا مارڤين وهو يقول:
“سمعتُ أن سموّه، في طفولته، تعرّض هو وأمه للازدراء من رجال البلاط… بسبب أصلهما.”
“هممم… وهل يحاول هاينري أن يخفي أصله؟ كأن يرفض ذكر والدته مثلًا؟”
“لا، لم يبدُ عليه ذلك أبدًا. بل كان يتصرف وكأن الأمر لا يعنيه، كأنما قصة تخص شخصًا آخر.”
“إذن يعزل نفسه عن ماضيه. وهذا أعمق من مجرد إخفاء.”
عندها حك مارڤين ذقنه ثم قال فجأة:
“لكن… ربما ليس تمامًا. سمعت من خادمه الخاص أنه ما يزال يحتفظ بميراث لوالدته.”
“ماذا بالضبط؟”
بما أن الأمر قد يرتبط بماضيه، سارعت بالسؤال.
“يُقال إنها خاتم لوالدته الراحلة. تجده بسهولة… فهو دائمًا في درج مكتبه الثاني.”
وبالفعل، نقّبت في درج مكتبه كما قال مارڤين، فوجدت خاتمًا عتيقًا يزينه حجر بنفسجي.
وبعدها سنحت لي الفرصة، فانطلق هاينري يتحدث عن الخاتم وعن أمه.
‘لا شك أنها كانت خطته ليستدرّ شفقتي.’
لكن، إن كان يظن أن بضع كلمات ستجعلني ألين قلبًا، فهو واهم.
فلست رحيمة إلى ذلك الحد… بل أظنني أكثر برودًا وقسوة وأنانية.
ولذلك سأقلب خطته عليه، وأستغلها ضدّه حتى النهاية.
‘الخطوة الأولى: التظاهر بأنني وقعت فعلًا في شفقته، ثم بالتدريج أُخضعه لغاسلايتينغ.’
ثم في النهاية، عندما تترسّخ ثقته العمياء بي، سأفرض عليه سحر السيطرة على العقل.
ومهما بلغت دهاءك أيها “اليد الخفية”، فلست أجهلك. لقد قرأت عن أمثالك في مئات الروايات السوداوية.
‘إن أردت التفوق عليّ، فاذهب واقرأ آلافًا منها أولًا!’
بعد ذلك طلبت من مارڤين خدمة أخرى: أن يرسل رسالة إلى بيت كايين.
ففكّر لحظة ثم قال بوجه حائر:
“كما توقعتِ… لقد قُيّد سحري الآن. وليس هنا حمام زاجل كذلك.”
“إذن الأمر مستحيل؟”
“لكن…”
تردّد قليلًا ثم حسم قراره:
“يمكنني أن ألقي إشارة إيهامية واحدة فقط. كنتُ أدّخر قوتي تحسّبًا لأي طارئ… لكن في هذه الحال، سأضع كل ما لديّ بين يديك يا سيدتي.”
“لن تندم على ذلك يا مارڤين. لكن… ما معنى الإشارة الإيهامية؟
“هو أن تغرس رسالة مباشرة في ذهن شخص آخر. لا حاجة لوسيط كالرسائل.”
‘أها… أشبه بالتخاطر إذن.’
وأكمل شارحًا:
“بما أن الأشارة الإيهامية تستند إلى القوة المقدسة، فلا يمكن إرسالها لأي أحد. لا بد أن يكون المتلقي قد أقسم ولاءه للإله.”
“هاه؟ إذن لن يفيدنا! فآل كايين ليس فيهم من يعبد بإخلاص…”
وأومأ مارڤين مؤكدًا.
“صحيح، بين بيت كايين لا يوجد أحد بهذا الوصف على الإطلاق… لكن، في ذلك القصر رجل واحد موجود. الفارس المقدّس الذي أقسم بالولاء للإله، التابع للإمبراطورية.”
❖ ❖ ❖
سجن كايين.
ارتجف بارون فجأة وهو مطأطئ الرأس. كان صدى صوت مألوف يتردّد في عقله.
صوت ليزي أليهيم… صوت تلك المرأة.
‘بارون، أنصت إليّ جيدًا. لا بد أن تنقل هذه الرسالة إلى أركل. إن لم تفعل سيموت الجميع.’
بعد أن شرحت رسالتها الموجّهة إلى أركل كايين بدقّة، ختمت كلماتها بجملة أخيرة:
‘أنا لست المرأة التي أحببتها. لكنني امرأة تحتاج إلى عونك كفارس مقدّس. سامحني.’
ثم تلاشى الصوت تدريجيًا.
وعلى الفور، أدرك بارون أن ما سمعه لم يكن سوى أشارة إيهامية مرسلة من ليزي. فقد تدرّب بصرامة على كيفية التعامل مع هذا النوع من التواصل العاجل الذي يُتيح للنبلاء تلقي رسائل في لحظات الخطر.
‘من القادرون على استخدامه قلة معدودة… إن استطاعت فعلها، فهذا يعني أنّها الآن…’
هل هي داخل القصر الإمبراطوري؟
تصلّب وجه بارون. فلو أرسلت رسالتها من هناك، فهذا لا يعني سوى شيء واحد: أنّها محتجزة ولا تستطيع الخروج.
لا يعرف حقيقة ما يحدث، لكن يكفي ما فهمه ليعلم أنّها في خطر جسيم.
وإن كان القصر متورطًا، فلا شك أن الخطر عظيم.
عضّ بارون على شفته بقوة.
كان في قرارة نفسه يدرك أنّ المرأة التي أقسم يومًا أن يحميها لم تعد هي ذاتها التي يعرفها… بطريقة ما، ليزي تلك قد اختفت.
“…….”
لكن ذلك لا يمنعه من المضي في عهده.
‘أنا فارس أقسم بالولاء للإله. وهي الآن في حاجة إليّ.’
لقد تعهّد كفارس أن يحمي ليزي أليهايم، وسيظل على عهده حتى النهاية.
مهما كانت حقيقتها الآن.
رفع صوته عاليًا منادياً الحرس خلف الباب:
“أريد لقاء أركل كايين! أخبروه أن الأمر يتعلّق بليزي أليهايم!”
ارتفعت أصوات الاستغراب في الخارج، ثم فُتح الباب بعد لحظات، ودخل رجل ضخم الجسد، عيناه الحمراوان تلمعان ببرودة مخيفة.
كان أركل كايين.
“ما الذي تعرفه.”
خرج صوته أجشًا محمّلاً بهيبة باردة تشبه السكاكين.
وعلى الفور، أدرك بارون أنّ حاله ليس طبيعيًا.
“قل كل شيء. وإن حاولت المساومة، فستتوسّل إليّ الموت بنفسك.”
كان أشبه بمجنون على حافة الانفجار.
ظل بارون صامتًا يراقبه لحظة، ثم قال ببطء:
“وصلتني رسالة من ليزي أليهايم.”
“…….”
“قالت إنه لو شككتَ في كلامي، فأخبرك بهذه العبارة ‘شكرًا لأنك لم تُحدث فوضى وانتظرت بهدوء’.”
“…..!”
تألقت عينا أركل بحدة.
كانت تلك جملة سبق أن تبادلاها قبل رحيلها.
إن كان يعرفها، فهذا يعني…
“هل هي بخير الآن؟!”
اقترب أركل على عجل، وقد انطفأ من وجهه كل ذلك القتل ليحل محله التوتر واليأس.
“هل أُصيبت…؟”
“قالت إنها بخير. حتى الآن.”
لمعت على وجه أركل ومضة ارتياح عابر، تلتها مباشرة نظرة يأس قاتم.
وكأن قلبه لم يحتمل تلك المشاعر المتناقضة، فزمجر بغيظ كحيوان جريح:
“تبا-!”
“…….”
راقبه بارون بصمت.
كان يفهم ما يشعر به؛ فقد جُنّ هو الآخر حين سمع أول مرة أنّ ليزي اختفت.
بل في مكان ما داخله، تمنى أن يذوق أركل نفس القدر من الألم.
لكن…
‘هي ليست مذنبة.’
ليزي التي تعاني أشد العذاب الآن، لم ترتكب أي خطأ.
أن يُوازن أحد بين كراهيته وحياتها أمر لا يُغتفر.
“قالت أن أنقل لك هذا أيضًا: عليك أن تأتي لإنقاذها بعد عشرة أيام بالضبط.”
“عشرة أيام؟”
ارتفع حاجب أركل بتوتر.
فخطة مارثا الأصلية كانت أن يتسلل غدًا بنفسه مع مجموعة صغيرة إلى القصر وينتشل ليزي سرًا، مقدمًا سلامتها على كل شيء.
لكن… عشرة أيام؟!
“قالت إنه لا بد أن يكون في ذلك اليوم بالذات.”
أن ينتظر كل هذه المدة… فكرة جعلت دمه يغلي.
فمن يدري ما قد يقع لها حتى ذلك الحين! كاد يعلن العصيان في تلك اللحظة.
لكنها كلمتها.
‘لقد وعدتُها.’
وعدها أن يلتزم الهدوء وينتظر. وعدها أن يكون مطيعًا.
ولم يحدث يومًا أن خذله اتباع كلماتها.
قرر أركل إذن أن يثق بها حتى النهاية، وأن يصبر.
“ألم تذكر شيئًا آخر؟”
“ذكرت أمرًا واحدًا. قالت إنك حين تدخل القصر، لا بد أن تتصرّف على هذا النحو بالتحديد.”
قطّب أركل حاجبيه.
كان طلبًا غامضًا لا يفهم له معنى.
****
ترجمة : سنو
بالنسبه لقُراء المواقع.
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول والواتباد. وممكن لو انحظر حسابي بالواتباد بعيد الشر بتلاقوني هناك ( ملاحظه، الي يدخل ويطلع رح ياخذ حظر )
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 99"