كما توقعت، لم يرغب هاينري بحبيّ كما هو الآن خالصًا بصفته عاطفةً فحسب.
“ولكن، ماذا يعني أن يكون الإنسان كاملًا؟”
أجاب الصوت بهدوء.
[خُذي الكلام على ظاهره.]
لم تكن إجابةً واضحة تمامًا، لكن شعرت أن أفكاري ترتب نفسها شيئًا فشيئًا. فقد اتضحت لهدف هاينري إلى حدٍ ما.
‘ألهذا السبب استفسر بإصرار عن علاقتي بأركل؟’
حين أتى بنا إلى القصر سابقًا وطالبنا بإثبات أننا زوجان موصولان بالحب… وحتى ذلك الموقف الغريب حين قلت للتو إنني أحب أركل، ثم ساد جوٌّ غير مريح من جانبه.
هل كان كل ذلك لأنّه يحتاج إلى حبي؟
‘لحظة، إذًا أنا الآن أحبّ أركل…’
كأنما قرأ صوتٌ ما أفكارِي فأجابني.
[نعم. ذلك الرجل قد صار كاملًا بالفعل. فلا عليكِ قلق.]
“…ما زلتُ لا أفهم جيدًا. ما المقصود بالتحديد؟”
عاد نفس الجواب القاصر.
[خُذي الكلام على ظاهره.]
“لكن ما زال…”
كان في جعبتي الكثير لأستفسر عنه، غير أنني شعرت فجأةً بتبلّد في جسدي ونعاسٍ يغمرني.
كأنما كانت تلك الكلمات لُحناً من نوماً هادئًا، وراح الصوت الدافئ يهمس:
[ستكونين منهكةً. الاستماع إلى صوتي يستنزف طاقةً نفسية هائلة. لم أتوقع أن أحادثكِ حتى هذه الدرجة. حقًا أنتِ رائعة.]
وسط ضبابٍ يترنّح بصرِف رؤيتي، بدا أمامي ظلُّ امرأةٍ تبتسم لي بخفوت.
[…هذه المرّة أيضًا، ستنجين من الأمر بخير.]
“…….”
[نمّي. خذي قسطًا من الراحة.]
بتلك الكلمات غاصت في نومٍ عميقٍ على الفور.
❖ ❖ ❖
حين فتحت عيني ثانية، رأيت من يحدّق بي عبر ضوءٍ رقيقٍ.
دنتُ ببطءٍ من غموضٍ إلى وضوح، ودعوتُ على استحياء:
“…آركل؟”
ارتسمت على شفتي الرجلِ ابتسامةُ مجاملةٍ معتادة.
“للأسف، لستُ آركل.”
“…عاد هذا المجنونُ.”
ضحكَ هاينري بصخبٍ على كلامي، حتى محا وريقات الدموع من على ظهر يده من شدة الضحك.
وحين وصلنا إلى مدخل السلم المحجوب بحاجزٍ شفاف، مدّ إليّ يده.
“للخروج من هنا، لا بد من ملامسة دمٍ إمبراطوري.”
“…….”
“أرجو المعذرة.”
ثم انحنى قليلًا وأمسك بيدي برفق.
“مقزز…”
تمتمتُ بامتعاضٍ وقطبتُ جبيني، لكنه تابع الإمساك بيدي غير آبه، وصعدنا الدرج.
❖ ❖ ❖
بعد أن انتهينا من وجبةٍ تقابلنا خلالها وجهًا لوجه في قاعةٍ فسيحة، مسح هاينري فمه بمنديلٍ ناعم ثم ابتسم.
“من الآن فصاعدًا، ستقيمين في مسكني. فالمعبد ليس مكانًا مريحًا للعيش، أليس كذلك؟”
‘هذا الوغد يتكلم وكأني سأعيش هنا فعلًا…’
“يمكنكِ البقاء في الغرفة المجاورة. أعددتُ لكِ أثاثًا جديدًا ونظيفًا.”
“لا نية لي للبقاء هنا.”
اكتفى بابتسامة هادئة، كأنه في نفسه يقول “سنرى.”
“حسنًا إذن، عليّ أن أُنجز بعض الأعمال. آمل أن تعتادي على منزلكِ الجديد سريعًا.”
شدد على كلمة “منزل” وهو ينهض. وقبل أن يخرج من القاعة التفت نحوي بابتسامة ودودة.
“أبواب الغرف كلها مفتوحة… عدا باب الخروج. تجولي كما تشائين.”
كانت نظراته الواثقة تقول بجلاء “مهما فعلتِ، فلن تستطيعي الهرب وحدك.”
“وإن خطر ببالكِ يومًا أن تؤذي نفسكِ… فتذكري العائلة التي ستتركينها وراءكِ.”
لقد كان تحذيرًا، أراد به أن يسلبني حتى خيار الموت.
وبهذا فقدت آخر سلاحٍ أملكه.
“تبا… ما أتعسك. اختفِ من أمامي بسرعة.”
“أشكرك. أراكِ لاحقًا.”
غادر هاينري بابتسامة، وبعد لحظات سمعتُ صرير الباب يُغلق خلفه.
حتى بعد رحيله، ظللتُ جالسة عند المائدة عاجزة عن الحراك.
لم يخطر ببالي أي خيطٍ يقودني إلى حل.
‘ما دمتُ محتجزة هنا كرهينة، فلن يجرؤ بيت كايين على التحرك بتهور.’
كأننا نحن الاثنان أسرى عند بعضنا البعض.
‘هاينري يريد شيئًا مني… والطريقة الأسهل هي أن أمنحه إياه. لكن المشكلة أن ذلك الشيء هو ‹حبي›…’
‘كيف يمكن أن أمنح هذا المجنون حبي؟!’
كان سلوكه يوحي أنه يحاول كسب ودي، لكن كل ما يثيره داخلي هو الرغبة في قتله.
‘…لحظة. ماذا لو قلبتُ الطاولة عليه؟’
سأتظاهر شيئًا فشيئًا وكأنني أنساق وراء اهتمامه… حتى يطمئن.
رغم إحساسي أنه من الصعب خداع عينيه، إلا أنه لم يكن أمامي خيار آخر.
‘لا مفر من مواجهة مباشرة في النهاية…’
فهو لن يصدق بسهولة أي عاطفة أبديها له.
والتمثيل الفج سيكشف أمرِي.
‘إذن، عليّ أن أبدو وكأنني أُستَدرَج ببطء… فلو أظهرتُ الخضوع منذ البداية فسأثير شكه.’
قررت أن أبدأ بالبحث عن منفذ، متظاهرة بأنني أتجول بلا مبالاة.
تركتُ المائدة وغادرت الغرفة، أتمشى في رواقٍ عريض.
‘قال إن الغرفة المجاورة ستكون مسكني…’
وبينما كنتُ في طريقي إليها، سمعت صوتًا غريبًا.
كان خافتًا، لكنه بدا كصوت انفجار بعيد.
توقفتُ، والتفتُ نحو مصدره.
‘من آخر الرواق.’
سرت حتى بلغت نهايته، لكن لم أسمع شيئًا هناك.
‘غريب… كان الصوت من هنا تمامًا.’
هرشتُ رأسي بلا مبالاة وأسندتُ يدي إلى الجدار. فجأة حدث ما لم أتوقعه:
انفتح الجدار الذي بدا عاديًا إلى الداخل.
ترنحتُ لحظة، ثم تماسكتُ، وحدّقتُ مذهولةً في الفراغ المظلم خلفه.
هناك، كان ثمة بوضوح وجود بشري. ومن خلال شقٍ ضيق، رأيت ظهر أحدهم.
‘من يكون؟’
كان ظهره مألوفًا بشكلٍ يثير الريبة. وما إن التفت إليّ، حتى رأيت وجهه بوضوح، فشهقت مذهولة.
*****
ترجمة : سنو
بالنسبه لقُراء المواقع.
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول والواتباد. وممكن لو انحظر حسابي بالواتباد بعيد الشر بتلاقوني هناك ( ملاحظه، الي يدخل ويطلع رح ياخذ حظر )
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 96"