فأجبته: “لكن بفضله عرفنا الطريقة الدقيقة لتحطيم كأس ڤاليرا.”
ثم أريتهم الدفتر الذي كنت أحمله.
“يكفي مجرد لمسه ليتلاشى…! أليس الأمر أبسط مما ظننا؟”
فقال أركل بصوت خافت متردد:
“لكن لا بد أن تكون القوة بالغة العظمة. لا أدري إن كانت طاقتي السحرية وحدها تكفي… فإذا كان ذلك الكأس يحتوي على قوة قادرة على محو بقايا العقد…”
كنت بدوري أشاركُه القلق نفسه.
“هذا صحيح.”
فجأة صاح لاكو، الذي ظل صامتًا:
“إذن فلنجعلها تزداد قوة!”
“ماذا تعني يا لاكو؟”
“إن ضاعفنا قوة الشيطان الكامنة في جسده… سيكون ذلك كافيًا يا سيدتي الحاكمة.”
‘هل يقصد أن نعزز طاقة أركل؟’
“وكيف؟”
نفخ لاكو من أنفه وضرب صدره بكفه قائلًا:
“أنا موجود لأجل ذلك…! بتعاويذي أستطيع أن أعزز تلك القوة. فقط أعطيني أمركِ يا سيدتي الحاكمة!”
نظر أركل إلى لاكو الذي يتحدث بثقة بنظرة غير راضية.
“أتصدقين هذا الأحمق؟”
فأجبته مترددة: “لو كان بالإمكان تضخيم الطاقة… فقد يكون هناك احتمال.”
وبينما كنتُ أهمس في شرود، عضضت على شفتي بقوة.
“لكن…”
‘هذا سيجعل أركل يعاني ألمًا فظيعًا. هو أصلًا يتألم بشدة من طاقته الحالية، فكيف سيحتمل مضاعفتها؟ لا… لا بد أن أقول إن علينا إيجاد طريقة أخرى.’
لكن قبل أن أنطق، فتح أركل فمه بهدوء:
“إن كانت زوجتي تثق بي، فسأفعل ذلك.”
نظرتُ إليه بدهشة، ثم هززت رأسي بحزم.
“لا، لن يكون هذا ممكنًا. فكرت مجددًا وأدركت أنه لا يجوز.”
“هل الأمر بسببي أنا؟”
هممتُ بتبرير آخر، ثم استسلمت واعترفت:
“هاه… أنت سريع الملاحظة في ما لا يلزم. نعم، لأن الأمر بالغ الخطورة عليك.”
“هل المقصود أنني من يتعرّض للخطر أم أني أنا من يعرّضكِ للخطر؟”
“بالطبع أنت…! حسنًا، إن فقدت السيطرة فسأكون في خطر أيضًا.”
رغم محاولتي التدارك، كان واضحًا أنه فهم مقصدي.
‘إنه فعلًا رجل شديد الملاحظة في ما لا أريده.’
ابتسم بخفة كمن أدرك الحقيقة:
“تبدين واثقة من قدرتك على تقييدي.”
“لا، أنا لم…”
فأوقفني بقوله ببرود:
“وأنا أيضًا. أظن أنني لن أستطيع التغلب عليكِ.”
ثم أردف:
“لذا افعلي ما قاله هذا الساحر.”
“…….”
قفز لاكو متحمسًا وهو يصيح:
“أليس هذا رائعًا يا سيدتي الحاكمة؟! لقد وافق، فلنبدأ التعويذة حالًا؟”
بينما كنتُ أنظر بصمت إلى أركل، اندفع لاكو أكثر:
“إذن فلنبدأ في الحال يا سيدتي الحاكمة…!”
“انتظر قليلًا.”
توقّف لاكو فورًا عند أمري، ثم نظر إليّ بعينين تقولان: ‘انظري كم أنا مطيع، أثني عليّ!’، لكن لم يكن لدي أدنى وقت للالتفات لذلك.
“لا يمكننا تحطيم كأس ڤاليرا بعد.”
“سيدتي الحاكمة…؟”
نظر أركل إليّ صامتًا وكأنه سيقول شيئًا، لكني بادرته قبله:
“علينا أولًا أن نخبر أهل هذا المكان. فقد لا يكونون مستعدين للموت بعد، أليس كذلك؟”
تأمل أركل قليلًا ثم أومأ:
“معكِ حق.”
قال لاكو بحرارة: “كما توقعت، سيدتي الحاكمة رحيمة…!”
غمرني شعور بالارتياح.
نعم، كان علي أن أستشير سكان كيلستون، لكن صراحةً، ارتياحي الأكبر كان لأني تجنبت تنفيذ تلك الخطة الآن.
‘كيف آل بي الحال إلى هنا؟! كنتُ فيما مضى أتحسر لأنني لم أرَ أركل يتألم أو يسقط أرضًا، أما الآن فمجرد تخيل إصابته يؤلمني…!’
كنت دومًا أصرخ أن رؤية الشخصية المفضلة وهي تتألم أمر لا بد منه، لكن… أتراني أصبحتُ متأثرة وأسيرة لذوق أركل؟
على كل حال، ما داما هو ولاكو قد وافقا، صار الوقت لنتحدث إلى السكان.
‘……’
شعرت بغرابة بعد أن عدتُ للتو من رؤية كيلستون كما كان قبل مئة عام.
“أركل ولاكو. اجمعا الناس كلهم في الغرفة التي اجتمعنا فيها البارحة.”
“حسنًا.”
“نعم، سيدتي الحاكمة!!”
خرج الاثنان، وبقيتُ أنا واقفة وسط الغرفة أستحضر صورة كيلستون القديمة في ذهني.
❖ ❖ ❖
“آه، أحقًا تستدعينا المخرجة ليزي من الصباح الباكر؟”
“تقول… إن هناك حديثًا مهمًا…”
كانت الغرفة الكبيرة التي بُنيت لتكون قاعة تدريب أوسع قاعات المبنى الجديد.
ومع ذلك امتلأت تمامًا حين اجتمع كل السكان.
“بِمَ جُمعنا يا ترى؟ أتعلم شيئًا يا كان؟”
هز كان رأسه نافيًا.
كل ما بلغه هو أن زوج ليزي قال إن هناك أمرًا مهمًا، وربما يكون متعلقًا بالفيلم.
“واو… الغرفة مكتظة فعلًا.”
قالتها ليزي بدهشة حين دخلت، ثم صعدت إلى منصة صغيرة أُعدت في زاوية الجدار.
“صباح الخير. يبدو أنكم اجتمعتم جميعًا.”
ابتسمت بخفة وهي تتفقد الوجوه واحدًا واحدًا.
بادلها بقية الناس التحية، غير أن كان وحده شعر بشيء غريب. لم يستطع تفسيره، لكنه رأى أن أجواء ليزي اليوم مغايرة للعادة، رغم أنها حين التقت عينيه ابتسمت له كعادتها.
“ما الأمر المهم…؟”
بادر كان بالسؤال، فالتفت الجميع إلى ليزي منتظرين جوابها.
كانوا قد اعتادوا ألا ينخدعوا بخدعها بعد أن لعبت بهم مرتين البارحة، ولهذا بدا معظمهم هادئين، متوقعين أن الحديث يتعلق بالتصوير.
لكن ليزي قالت:
“لقد وجدتُ الطريقة التي تُمكِّنكم من الموت.”
كان وقع كلماتها عجيبًا، فلم يدركها أحد على الفور.
لم يفهموا مباشرة ما تعنيه.
“هـ… ها…؟”
رمش كان بعينيه مرتين، ثم سأل بعد أن أدرك أنه لم يتوهم ما سمع:
“ماذا… ماذا قلتِ للتو؟”
“لقد عثرتُ على الطريقة التي تجعلكم قادرين على الموت. … أو بالأحرى، أحدهم أخبرني بذلك.”
حتى مع هذا الكلام، لم يُبدِ السكان أي ردة فعل واضحة. وكأنهم تعطّلوا تمامًا لجهلهم بكيفية الرد.
“هذا… هذا مستحيل… لا تمزحي معنا، ليزي…”
“أنا لا أمزح بمثل هذه الأمور.”
“لا… نحن… قد لُعِنّا. ومن ألقى اللعنة… مات منذ زمن…”
“تقصد جيرونيمو لوب؟”
بمجرد أن خرج ذلك الاسم من فم ليزي، أطبق كان فمه في الحال.
“كـ… كيف… تعرفين ذلك الرجل…؟”
احتاج وقتًا طويلًا حتى تمالك نفسه، ثم تكلم بصوت مرتجف. بل إن جسده كله كان يرتجف.
حدّقت ليزي فيه طويلًا ثم قالت:
“لقد أخبرني بنفسه.”
بدأت تروي بصوت هادئ عن كأس ڤاليرا، ثم عن الحقيقة وراء الحادثة التي وقعت قبل مئة عام.
وخلال حديثها لم ينبس أحد بكلمة. وبعد أن أنهت حديثها، ظل الصمت يخيّم على القاعة فترة طويلة.
❖ ❖ ❖
“كنت أرى أن من الواجب أن أخبركم.”
‘من أجلكم… ومن أجل جيرونيمو أيضًا.’
حين علم ‘كان’ أن جيرونيمو لم يكن يريد أن يُلقي عليهم لعنة، بل كان يسعى إلى حمايتهم، وأنه كان يريد إنقاذ شخص اعتبره كالعائلة… كان وجهه يتبدل من لحظة إلى أخرى.
بدايةً عدم تصديق، ثم تقبّل، ثم حقد، ففهم… وأخيرًا، ما بدا في عينيه كان شوقًا.
“لذلك، القرار أتركه لكم. أنحطّم كأس ڤاليرا أم لا.”
“…….”
“…….”
بعض السكان تبادلوا النظرات، وبعضهم أخذ يتهامس أو يتمتم في ذهول، وآخرون تجمّدوا في أماكنهم منذ بداية كلامي.
عندها ترددت امرأة في منتصف العمر، ثم بادرت بالكلام:
“أنا… أريد أن أراه.”
تردّد صوتها في القاعة، فالتفتت إليها جميع الأنظار.
“ابني… الذي مات أولًا. وعدته أن نلتقي قريبًا… لكن مضى أكثر من مئة عام ولم أستطع رؤيته.”
“…….”
“أريد أن أفي بوعدي… قبل أن أمحو حتى وجوده من ذاكرتي. لقد نسيت ملامحه واسمه… لا أريد أن أفقد المزيد.”
وبمجرد أن فتحت الباب بكلامها، تلاها شيخٌ مسنّ قائلاً:
“آه… أخيرًا…”
لكن على عكس حزنها، ابتسم العجوز وهو يرفع شفتيه المرتجفتين:
“أخيرًا… أخيرًا… آه…”
كان صوته يرتعش فرحًا وارتياحًا.
“أخيرًا… النهاية!”
ومع صرخته، أخذت ملامح الراحة تنتشر على وجوه المذهولين.
“شكرًا… شكرًا لكِ يا سيدتي ليزي…”
“بعد مئة عام… سنتمكن أخيرًا من النوم.”
“أخيرًا… تحررنا من هذه اللعنة… آه… سيدتي ليزي، لن تدركي أبدًا ما يعنيه هذا بالنسبة لنا…”
وبينما تعالت أصوات الفرح، انبثق صوت متحجر النبرة:
“لا… أنا لا أريد.”
كان المتحدث هو كان.
كان جبينه معقودًا، وعيناه تحملان حيرة عميقة وهو ينظر إليّ.
“آسف… لكنني في غاية الارتباك الآن…”
“أنا أتفهمك يا كان.”
“لا، لا تفهمين…! لأنني أنا نفسي لا أفهم قلبي…”
خفض رأسه وهمس، فأجابه أحد السكان بنبرة مواسية:
“كان… ألم تكن أكثرنا توقًا للتحرر؟ لقد جاء أخيرًا… اليوم الذي انتظرناه.”
“أعرف… لكن…”
لم يستطع إتمام كلامه، فاكتفى بزفرة مرتجفة.
“دعوني… فقط دعوني أفكر وحدي قليلًا.”
قالها كمن يتخلّص من ثِقل، ثم غادر القاعة.
لم يحاول أحد أن يوقفه.
“سيدتي ليزي…”
المرأة التي بادرت أولًا بالحديث، والتي لم ترد أن تنسى ابنها، نظرت إليّ بعينين يائستين:
“رجاءً… أنهي الأمر. أرجوك…”
والآخرون كذلك، كانوا جميعًا يحدقون بي بأعين يغمرها رجاء لم أره قط في حياتي.
“إذن يا سيدتي الحاكمة، ما داموا يريدون ذلك، فلنحطم الكأس.”
كان لاكو يراقب الموقف من وراء الباب، ثم اقترب مني بخطوات حثيثة.
“هل نبدأ الطقس الآن؟”
“انتظر.”
أوقفت لاكو الذي همّ لتشكيل ختم بيديه.
‘ما زال كان…’
حتى لو كان الهدف أن أهب الناس الراحة، هل يجوز أن أتجاهل إرادته؟
إن فعلت ذلك الآن، ألن أكون قد ألقيت عليه لعنة أشد، بدلًا من أن أنقذه؟
‘… لا مفر إذن. لا بد من ذلك الحل.’
*****
ترجمة : سنو
بالنسبه لقُراء المواقع.
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول والواتباد. وممكن لو انحظر حسابي بالواتباد بعيد الشر بتلاقوني هناك ( ملاحظه، الي يدخل ويطلع رح ياخذ حظر )
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 82"