تبادل بعضهم النظرات القلقة وهم يراقبونني، وكان كان يقبض يده بشدّة دلالة على توتره.
“اسمعوا جيدًا ولا تفزعوا.”
واصلتُ حديثي ببطء متعمّد:
“عملنا السابق في البحث عن الكأس المقدسة…”
بمجرد أن خرج اسم في البحث عن الكأس المقدسة من فمي، ازداد التوتر وبدت علامات القلق جلية.
“ماذا… ماذا به…؟”
تمتم كان بصوت مرتجف وقد ساوره أسوأ الظنون.
نظرتُ إليه بعينين ملؤهما الأسف، ثم سعلتُ قليلًا وأعلنت:
“لقد حقّق نجاحًا باهرًا. وكل هذا… بفضلكم أنتم!”
ساد صمت تلاه تنهيدات خائبة في أنحاء الغرفة.
“ايتها المخرجة ليزي… لم يكن ذلك مضحكًا.”
قالها كان بانزعاج وقد ارتاحت أعصابه بعد توتر شديد.
“آه، آسفة.”
ابتسمتُ بخفة وأخرجت لساني في اعتذار مازح.
“أوووه… كان ذلك سيئًا… أيتها المخرجة.”
قالها كان وهو يزفر بارتياح، فيما شاركه الآخرون الشعور ذاته وقد تبددت مخاوفهم.
“لكن… هل هو حقًّا صحيح؟ نجاح باهر…؟”
قالها كان متردّدًا، وكأنه بدأ يستوعب ما قلت.
ابتسمتُ له ابتسامة واثقة.
“هوان، هل أحضرتَه معك؟”
“ها هو هنا.”
أخرج هوان من أمتعته كتابًا سميكًا.
نظر كان إليه متسائلًا:
“هل هو نص المسرحية؟”
“لا. هوان، افتحه من الوسط من فضلك. والآن، أنتم جميعًا، ألقوا نظرة هنا!”
توجّهت أنظار الجميع إلى عوان وهو يقف في وسط الغرفة حاملًا الكتاب ويفتح صفحاته ببطء.
“هذا….”
“أترون؟ كلها كلمات تركها المشاهدون لكم.”
كان الكتاب مليئًا بأسماء الجمهور وانطباعاتهم عن العمل:
من رسائل قصيرة تقول “لقد استمتعنا”، إلى كلمات مديح لكل ممثل على حدة، سطرت الصفحات من أولها إلى آخرها.
‘هيه… كنت قد أعلنت أن من يكتب رأيًا بعد مشاهدة الفيلم سيدخل السحب على تذكرة لمشروعنا القادم وكتاب خاص بالإعدادات.’
لقد استوحيت هذه الفكرة من أساليب التسويق التي رأيتها في حياتي السابقة، وكانت هدية أعددتها لسكان كيلستون.
بفضلهم نلتُ فرصة لصنع شيء لطالما أحببته، بل وتمكنت من جني مبلغ مالي لا بأس به.
صحيح أن خبرتي في الحياة لا تزال قليلة، لكنني أدركتُ كم هو عظيم الحظ أن تربح المال من عمل تحبه.
وأردتُ أن أجعلهم يشعرون بالإنجاز نفسه الذي شعرت به.
‘في البداية كنت أنوي أن أعطيهم أجورًا بقدر نجاح الفيلم.’
لكن السكان لم يعودوا بحاجة إلى طعام أو شراب، ولا يستطيعون مغادرة كيلستون أصلًا، لذا فقد المال قيمته منذ زمن.
بل إنني أرسلت لهم رسائل أسأل عن مقدار الأجر الذي يريدونه، فجاءني الرد بأن مفهوم المال قد اندثر عندهم منذ زمن بعيد.
‘الذهب والجواهر… وسائر الموارد كانت الحال نفسها معها.’
فتوصّلنا في النهاية إلى اتفاق يقضي بأن أمدّهم بكل ما يلزم لإصلاح المرافق القديمة في القرية.
لكن حتى ذلك لم يكن إلا استجابة مُرغمة مني كي أجازيهم بطريقة ما، ولم يكن ليجعل قلوبهم تفرح بحق.
‘فكّرت طويلًا… كيف أجعلهم حقًّا يشعرون بالإنجاز؟’
ثم وجدت شيئًا واحدًا.
شيئًا يمكنهم مشاركته.
ألا وهو الثناء.
‘بصراحة، حتى أنا… أحيانًا يكون هذا أجمل شعور.’
بعد أن جربت بنفسي أن أكون صانعة، بدأت أفهم لِمَ يواصل بعض الناس الإبداع حتى إن لم يربحوا منه مالًا.
‘فذلك الشعور لا يُشترى بالمال.’
مع أنني بالطبع أنوي جني الكثير من المال أيضًا.
على أي حال، رأيت أن هذا الشعور قد ينفع مع ممثليني المميّزين كذلك.
جلس السكان متزاحمين يقرأون الكتاب بانتباه شديد.
اقتربت منهم بخطوات هادئة وسألت:
“إذن، هل أعجبكم؟”
رفع كان رأسه عن الكتاب ونظر إليّ بعينين متألقتين:
“ايتها المخرجة ليزي… هناك امرأة تُدعى لوسي كتبت… أنني… أنني كنتُ رائعًا.”
“…….”
“إنها مريضة… لكن لقائي… أصبح أمنيتها. ولهذا السبب، أصبحت ترغب في أن تعيش أطول.”
ظلّ يردد هذا مرارًا وكأنه لا يصدق.
“كيف يمكن أن يكون لقائي أمنية أحد؟ كيف… لمثل هذا السبب، يرغب شخص في أن يعيش أكثر… هل يُعقل؟”
ابتسمتُ وربّتُ بخفّة على كتفه وأنا أقول:
“آه، أظن أنني أفهم شعورها. أليس الأمر مدهشًا يا كان؟”
“…أجل، هكذا إذن.”
لم يبدُ أنه استوعب تمامًا، لكنه ظلّ صامتًا للحظة وهو يتأمل أسماء الناس المكتوبة في الكتاب، ثم أومأ برأسه.
وبعدها عاد يتفحص الكتاب طويلًا.
“آه! لم أقرأ كل شيء بعد… أعطني، دعني أرى البقية…!”
“ل- لا. هذا لأنك لم تلحق، تلك غلطتك….”
“لا بأس، خذوا وقتكم جميعًا. هذا الكتاب لكم أنتم.”
صفقتُ بيدي وأنا أقول ذلك، فارتسمت الدهشة في أعين السكان. فسألني كان بوجه متهلّل:
“حقًا… ستعطينا إياه؟”
“بالطبع. لكن هناك شرط واحد مهم.”
“همم؟ ما هو…؟”
تعمّدتُ أن أقولها بجدّية، فارتسم التوتر من جديد على وجوههم.
‘غريب… وقعوا في الخدعة نفسها مرتين!’
كتمتُ ضحكتي وتابعت:
“فلنجعل عملنا الثاني أيضًا نجاحًا باهرًا. لا أريد أن يُقال إنه أضعف من السابق…! لقد تدربتم كثيرًا، أليس من المحبط أن تسمعوا مثل هذا الكلام؟”
“بالطبع…!”
هتف كان وكأنه عقد العزم:
“سأسمعهم يقولون إنني تحسّنت عن السابق… نعم…!!”
“بالطبع… لا بدّ أن يكون هكذا…!”
“علينا أن نُظهر ذلك مرة أخرى.”
هزّ السكان الذين كانوا يقرؤون الكتاب رؤوسهم واحدًا تلو الآخر.
كان هدفي أن أُشعرهم بالإنجاز، لكن يبدو أنني أثرت فيهم الحميّة والتحدي أيضًا.
‘بل هذا أفضل!’
أومأتُ برأسي وقلت:
“في الواقع، أعددتُ شيئًا آخر احتفالًا بالنجاح. أعلم أنكم لا تتناولون الطعام، لكن يمكننا على الأقل أن نستمتع بالأجواء. لقد جلبتُ الطاهي من كايين معنا. لنُقم حفل تهنئة…!”
لكن، على الرغم من حماسي، لم يكن ردّ فعل السكان كما توقعت.
“أين لنا الوقت لذلك، أيتها المخرجة.”
أجاب كان وهو يهز رأسه.
“علينا جميعًا أن نحفظ الحوارات… وأن نتدرب.”
ووافقه الآخرون:
“ص- صحيح. يجب أن نتدرب الآن. عندما يبدأ التصوير… سنكون منشغلين بالكامل….”
“تمامًا. هذا طبيعي. لكن بما أنك جلبته… فلتحتفلي أنتِ أيتها المخرجة. أما نحن… فلا داعي.”
تبادلتُ النظرات مع هوان.
‘هذا ردّ لم أكن أتوقعه.’
ثم التفتُّ إلى أركل وسألته:
“أركل، وأنت، ماذا تود أن تفعل؟”
كنت أظن أنه بما أنه لا يحب الاجتماعات الكبيرة، سيغتنم الفرصة ليتناول الطعام معي.
لكن…
“أعتذر يا زوجتي. عليّ أن أحفظ حواراتي أيضًا.”
ثم جلس هو الآخر بجدّية، ممسكًا بالنص.
تبادلتُ نظرة أخرى مع هوان.
فقال وهو يدفع نظارته إلى أعلى:
“في هذه الحال، من الأفضل أن نؤجل الحفل قليلًا. فلا يليق بالمخرج ومساعده أن يتركا موقع العمل.”
“منذ لحظات فقط كنتَ تحاول التهرب، وها أنت الآن تتحدث بروح المسؤولية!”
“متى تهربتُ أنا…! على أية حال، لنجلس جميعًا ونتابع عملنا. فمبدئي أن أي شيء نفعله، نفعله بإتقان.”
“ألم أقل إنني أحسنتُ باختيار مساعد مخرج؟”
في النهاية، تقرر أن نؤجل حفل التهنئة إلى ما بعد انتهاء التصوير، ليكون حفل ختام أيضًا.
وجلستُ مع هوان أضع خطة التصوير.
‘على ما يبدو، ذلك الكتاب لم يؤثر في السكان وحدهم.’
فقد بدا هوان طوال الاجتماع في غاية الحماسة، يقدّم الآراء بحيوية، مما ساعدنا على وضع الخطة بسلاسة.
‘غدًا مساءً نبدأ التصوير رسميًا. جيد… جيد جدًا….’
وكان ‘كان’ قد أعارنا الطابقين الثالث والرابع من قصره لنبيت فيهما. ولأن سكان كيلستون لا ينامون، لم يكن هناك أسرّة، لذا بسطنا الأفرشة والحقائب الفاخرة التي جلبناها من كايين.
‘لا بد أن أنام جيدًا. ففي الفجر عليّ أن أُحرر الكأس من لعنته، وفي المساء يبدأ التصوير.’
ذلك العمل الذي صنعته خصيصًا لأستغل وجه أركل مئة في المئة، بل ألفًا في المئة….
أغمضتُ عيني وأنا أبتسم بحبور، وسرعان ما غرقت في النوم.
❖ ❖ ❖
“ممم….”
فتحتُ عيني ببطء.
‘هل حلّ الفجر بالفعل؟ ألم يقل مارڤين إنه سيوقظني؟’
لكن مارڤين لم يكن موجودًا.
في الواقع، لم يكن هناك شيء على الإطلاق.
كنتُ في فضاء أبيض فارغ.
‘…ما هذا؟ حلم؟ هل هو ما يُسمّى بالحلم الواعي؟’
مددت يدي ألمس وجهي، وفجأة سمعت صوتًا:
“…حطّميه….”
ارتعدتُ ونظرتُ حولي، فإذا برجل غريب الثياب واقف خلفي.
“يجب… أن تحطّميه….”
“ماذا؟!”
وحين التقت عيناه بعيني، صرخ الرجل:
“يجب أن تحطّمين ذلك الكأس!!”
****
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول. وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 76"