في تلك اللحظة، كان سكان كيلستون يُظهرون ثمار التدريب المكثف. فقد أنهوا تلاوة النص الجديد الذي جلبته ليزي على أكمل وجه.
“كان، أحسنت! أداؤك رائع…”
“آه… هذا هو ‘كان’ حقًا. كنتَ الأفضل…”
( هنا تقول اسم “كان”، ملاحظة لعدم الخربطه فقط )
كان كان يبتسم بخجل وهو ينال نظرات الإعجاب الممزوجة بالاحترام من الجميع.
“أشكركم. أنا سعيد لأن ثمرة التدريب الشاق بدأت تظهر.”
بل إنك تملك ما هو أبعد من ذلك. فليس التدريب وحده ما يصنع الممثل. لا شك أن السيدة ليزي ستثني عليك أيضًا.
حتى هوان وهو يعيد ارتداء نظارته نظر إليه بدهشة.
وسط الأجواء الدافئة المليئة بالثناء، كان هناك من لم يستطع أن يندمج، ومحتفظًا بوجه متجهم.
إنه أركل، الذي أُسند إليه دور البطل.
‘تدريب…؟’
هو أيضًا كان قد تدرب حتى الإنهاك.
قالت له ليزي ذات مرة: “أهم شيء على ما يبدو هو مخارج الصوت. فإيصال الحوار هو الأهم.”
ومنذ ذلك الحين، ظل يكرر تدريبات الصوت بلا توقف. لكن في النهاية، لم يكن له في العمل كله سوى خمس جمل فقط، وثلاث منها ليست حتى جملًا، بل مجرد تأوهات أشبه بالأنين.
‘هل يعني هذا أن التدريب وحده لا يكفي؟’
كان يعلم في أعماقه أن أداءه ضعيف، بل أسوأ من ضعيف… أداء لا يُطاق.
ومع ذلك، حين عرضت ليزي عليه دور البطولة، قبِل على الفور.
لقد أراد أن يُثبت لها أنه قادر على فعل أي شيء من أجلها، وأن رغباتها هي رغباته.
أراد أن يخبرها بأن ليزي التي أعادت الحياة لفراغه كانت أشبه بحاكم وهبه حياة جديدة.
لم يعرف كيف يعبر عن هذا الشعور بالكلمات، فأراد أن يُثبت صدقه بالفعل ولو بهذا الشكل.
غير أنّه…
‘اللعنة…’
كان هناك أمر لم يدركه.
إذ لطالما عاش دون أن يرغب في شيء، فلم يكن يعلم أن هناك أمورًا لا تُنال بالرغبة وحدها.
ألا وهو الموهبة.
“…….”
كان أركل يحدق بعينين مثقلتين بالحزن نحو كان، ثم أطرق رأسه متنهّدًا في داخله.
لقد كان هوان محقًّا، فليس كل من يتدرب يصبح ممثلًا.
كان ذلك واقعًا مؤلمًا لا بد أن يسلّم به.
“يا لها من دنيا قذرة…”
لم يتمالك نفسه فتمتم بذلك بصوت منخفض.
ابتسم هوان الذي لم يدرك حقيقة الموقف وقال:
“لقد كنت رائعًا أنت أيضًا يا سيدي.”
“…….”
“لم تختر السيدة ليزي إسناد دور البطولة لك عبثًا. لا شك أنها أيضًا…”
“رائع؟ وأي شيء فعلته أنا حتى ليُقال عني هذا؟”
“ماذا تقصد…؟”
ارتسمت على وجه أركل ابتسامة ساخرة بعينين خاويتين.
“ذلك الرجل، كان… مدهش بالفعل.”
“صحيح أنه كان لافتًا للنظر.”
“أما أنا، فما الذي فعلته وأنا البطل؟ حتى جملاتي القليلة لم أؤدها بشكل لائق…”
“آه…”
“أنا لا ألوم قرار زوجتي، لكن… أليس كان أحق بهذا الدور مني؟”
“لا يا سيدي – لقد أديت دورك على أكمل وجه.”
“وهل لك أن تخبرني ما الذي أديته بإتقان إذًا؟”
سأله أركل بحدة، ونظر إليه مباشرة.
وحين التقت نظراتهما، أدرك هوان الحقيقة.
‘إنه… ينتظر من يثني عليه.’
كان سيده يرجو سماع كلمات المديح.
لكن هوان لم يستطع أن ينطق.
‘عذرًا يا سيدي…’
“أخبرني… في أي موضع كنت جيدًا؟”
كرر أركل السؤال بإلحاح غير معتاد منه.
في داخل هوان كان الجواب حاضرًا:
‘لقد أحسنت بوجهك… شكلك كان مناسبًا.’
لكنه لم يستطع أن يجرؤ على قول ذلك، فاختار الصمت.
‘أعتذر يا سيدي… لكن الجميع يفكرون بالشيء نفسه. ربما لهذا السبب اختارتك السيدة ليزي بطلًا…’
وكان حدسه صائبًا.
فقد أومأ أركل ببطء بعد أن انتظر طويلًا كلمات هوان.
“أجل، فهمت.”
“سيدي…”
“يكفي.”
لم يُظهر في ملامحه رفضًا قاطعًا، لكن جوًّا من الإحباط العميق خيّم عليه.
“صحيح… لا يمكن مجاراة من وُلِدوا موهوبين.”
في قلبه اعتذر هوان مرة أخرى لسيده:
‘لكن يا سيدي… حتى وإن كنت بارعًا في مجالك، فالنجاح لا يكتمل من دون الموهبة، فهي أساس لا غنى عنه.’
غير أن أركل، الذي لم يكن يسمع خواطره، ظل يحدق في الفراغ بعينين غارقتين في الخيبة.
عندها اندفع رجل إلى الغرفة مسرعًا، وتوجه مباشرة إلى أركل وهو يلهث.
“سيدي، هناك أمر عاجل يجب أن أبلغه إليكم.”
وبينما كان الرجل يتحدث بحماسة، كان أركل ينظر إليه ببرود محاولًا تذكّر من يكون.
‘أظنه الساحر الذي جاء معنا إلى هنا…’
في تلك اللحظة، دخلت ليزي من خلفه بابتسامة مشرقة.
“أركل، كيف كان أداؤك في النطق؟”
“زوجتي…”
عندها فقط أشرق وجه أركل كله.
“زوجتي.”
انفرجت أسارير أركل في لحظة، فتجاوز الرجل الذي سبقه واتجه مباشرة إلى ليزي.
“هل أنجزتِ ما خرجتِ لأجله؟”
“نعم، على خير ما يكون.”
“–بهذا الشأن، هناك أمر يجب أن أعرضه على سيّدي.”
كان أركل ينظر إلى ليزي بعينين رقيقتين، لكنه ألقى على الرجل الذي تجرأ وقطع حديثهما نظرة باردة جعلته يتجمد في مكانه.
عندها فقط أدرك الرجل خطأه وبادر بالاعتذار:
“أستميحك عذرًا، لقد غلبتني عجلة أمري فوقعت في إساءة.”
قال أركل بنبرة مقتضبة:
“وما الأمر؟ منذ قليل وأنت تقول إن عندك شيئًا لتخبرني به.”
“ذلك هو…”
تردد الرجل لحظة وجال بنظره حول المكان. عندها ابتسمت ليزي وقالت:
“عذرًا جميعًا، سنغيب قليلًا، فاستغلوا الوقت في حفظ النص. أركل، لنخرج قليلًا.”
“حسنًا.”
أجابها أركل بوجه عادت إليه الرقة، وخرج برفقتها.
تبعهم الرجل بخطوات متحفظة.
أما أهل كيلستون الذين كانوا جالسين في حلقة، فقد بدوا وكأنهم يرون ذئبًا هائلًا تُمسكه من يده أرنبة صغيرة تقوده.
❖ ❖ ❖
“مارڤين، أغلق الباب من فضلك.”
“أمركِ مولاتي.”
أغلق مارڤين الباب تاركًا الغرفة خالية إلا من ليزي وأركل ونفسه.
لكن أركل لم يكن يرى في الغرفة سوى ليزي وحدها، وكأن العالم قد اختُزل فيها.
وقد اعتاد مارڤين على هذه الأجواء بما يكفي ليفتح فمه قائلًا:
“منذ أن أسس الدوق كايين برج السحر، كنتُ أنا وزملائي نتقاضى منه المال لقاء أبحاثٍ معينة. وهذه الأبحاث كانت…”
قاطعه أركل ببرود:
“ادخل في صلب الموضوع، رجاءً.”
رمق مارڤين ليزي بطرف عينه، فأجابته بنظرة مطمئنة كأنها تقول: مع أركل، الأفضل أن تختصر.
فأخذ نفسًا وأفصح:
“لقد توصلت إلى طريقة لمحو أثر العقد الموروث مع الشيطان في أسرة كايين.”
“…..!”
تجمد جسد أركل، ومرّت على ملامحه التي كانت جامدة ومضيئة لحظة ارتباك واضحة.
“أهذا… صحيح؟”
التفت إلى ليزي يسألها، فأومأت برأسها.
“صحيح. آسفة لأنني لم أخبرك مسبقًا يا أركل. مجيئنا إلى كيلستون كان في الأصل من أجل هذا أيضًا. مارڤين، أخرجه.”
“نعم مولاتي.”
مدّ مارڤين يده داخل حقيبته السحرية، ثم أخرج منها كأسًا من ذهب.
“ذلك هو…”
“كأس ڤاليرا. أثرٌ مقدس يحمل بركة الآلهة. بوسعه أن يمحو أثر العقد.”
“أه… هكذا إذن.”
عادت ملامح أركل إلى هدوئها المعهود.
“وماذا يتوجب فعله به إذن؟”
ظاهريًا بدا صوته عاديًا، لكن ليزي ومارڤين أدركا ارتجافًا خفيًا في نبرته.
تابع مارڤين كأنه لم يلحظ شيئًا:
“طريقة استخدامه بسيطة. تتمنى أمنية وتشرب مما في الكأس. في حالة كأس ڤاليرا، يكفي أن تشرب الماء الذي يُسكب فيه.”
“أهذا فقط؟! الأمر يبدو في غاية البساطة…”
تساءلت ليزي بدهشة، لكن مارڤين أضاف:
“ثمة شرط واحد. لا بد من مزج قطرات من دم من يتمنى في الماء قبل شربه.”
“الدم؟!”
ارتسمت على وجه ليزي علامة نفور.
“بالكاد يُشبه الأثر المقدس… بل يُشبه شيئًا مرعبًا.”
“قد يبدو مزعجًا، لكنه أثر بالغ القوة. حتى قوة الشيطان لن تصمد أمامه.”
“إذن… هذا ممكن حقًا؟”
تمتم أركل بصوت مبحوح وهو يحدق في الفراغ بعينين مضطربتين، ثم أنزل بصره نحو يديه.
“أن يُمحى هذا الشيء…”
“لا تقلق.”
وضعت ليزي كفها على يده ونظرت إليه بابتسامة وادعة:
“لن تقلق بعد اليوم. ستتحرر أخيرًا من هذا العذاب.”
“…….”
“لقد تألمت طويلًا، أليس كذلك؟”
ارتسمت على شفتيها ابتسامة حنونة، ثم أضافت بخفة:
“كنت أود أن أقول شيئًا عظيمًا لأواسيك… لكن لا يخطر ببالي الآن.”
“يكفيني ما قلتِه.”
ظل أركل يحدق في ملامحها كما لو كان مسحورًا.
مجرد سؤالها له: ألَم تتألم؟ كان كافيًا ليُشعره بأن كل عذاباته السابقة قد جرى التعويض عنها.
ابتسمت ليزي ابتسامة مشرقة وقالت بحماسة:
“والآن… قل لي بصدق، كيف تشعر؟ ألم أقل لك أن تُظهر مشاعرك بصراحة؟ أنت سعيد أيضًا، أليس كذلك؟”
“بصراحة… لا أستوعب الأمر بعد.”
كان وجه أركل مفعمًا بالذهول.
“لم يخطر ببالي يومًا أن أثر العقد يمكن أن يُمحى. عشت مقتنعًا أنه عبء أحمله حتى موتي، فاستسلمت تمامًا.”
عبرت عينَيه ظلال قاتمة، بقايا يأسٍ ترسخ في داخله زمنًا طويلًا.
“إيه~”
قالتها ليزي بمزاح وهي تمسك وجنتيه بكلتي يديها.
ارتبك أركل قليلًا، لكنها لم تعبأ به وأضافت بنبرة متذمرة:
“أهذا كل ما ستفعله؟ ردة فعل مملة كهذه؟! لم أساعد في البحث عن الكأس المقدس لأرى هذا الوجه!”
“أهذا ما فعلتِه إذن؟ أنقذتِني أنتِ…”
“ابتسم يا أركل. أريد أن أراك مبتسمًا.”
قالت ذلك وهي تنظر في عينيه بثبات، كأنها تبث فيه الطمأنينة:
“ستتحرر من ألمٍ رافقك طوال حياتك. أليس هذا مدعاة للسعادة؟”
“ذلك…”
لم يفكر أركل يومًا في نفسه على أنه سعيد.
ربما مرّت لحظات جميلة، لكنها لم تترك لديه إدراكًا صريحًا.
كان قد اعتاد أن يدع مشاعره تجري بعيدًا عنه بلا توقف.
لذلك لم يستطع أن يُجيب بسهولة.
ولمّا همّ أن يقول “لا أدري”، توقّف.
“…….”
ظل عينيه معقودتين بوجه ليزي المشرق، وفجأة خرجت الكلمات من فمه دون وعي:
“…أجل، أظنني سعيد. نعم، أنا سعيد.”
للمرة الأولى شعر بها بوضوح، أن هذا الإحساس ليس عابرًا، ولا يمكن أن يُترك ينساب بلا اكتراث.
****
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول. وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 75"