“أيها الروح، إن كنت حاضرًا هنا، فرجاء ضع علامة عند كلمة (نعم).”
لكن لم يحدث شيء.
“سيدتي…”
قالها مارڤين وهو يحدّق بي بعينين متوترة.
وفي تلك اللحظة بالذات—
درر-
بدأ الغصن الذي كنت أمسكه يتحرك ببطء.
سسس… سسس…
ثم أخذ يرسم دائرة عند جهة (نعم).
“…..!!!”
حدقت في الدائرة المرسومة بوضوح، ثم ابتسمت ابتسامة مشرقة والتفت نحو مارڤين ولاكو.
“مارڤين! لاكو! لقد نجحنا!”
لكن ردة فعلهما بدت غريبة بعض الشيء.
رمش مارڤين بعينين شاردتين وهو يحدق في الدائرة المرسومة على الأرض، ثم قال متأخرًا:
“أ… أجل، صحيح.”
أما لاكو، فقد بدت على وجهه ملامح قلقة وغريبة تمامًا.
“ما بك يا لاكو؟”
“ل-لا، لا شيء يا سيدتي الحاكمة…!”
“ألا يكون أنك خائف؟”
“ماذا؟”
ظهر على وجه لاكو في لحظة تعبير كأنه أصيب في الصميم، ثم سرعان ما اختفى.
“أبدًا! مستحيل يا سيدتي الحاكمة…!!”
قالها وهو يلوّح بيديه نافيًا بشدة. لكني كنت قد أدركت الحقيقة بالفعل.
‘إنه خائف فعلًا… ما هذا؟ كيف كنتم تمارسون استحضار الأرواح إذن؟’
وبينما يتملكني هذا التساؤل، بادر مارفن بالاعتراف:
“لم أفكر كثيرًا من قبل، لأن استحضار الأرواح يكون عبر لاكو بالكلام فقط، لكن رؤية الجماد يتحرك حقًا أمر يبعث على القشعريرة. هاها…”
قال ذلك وهو يحك رأسه محرجًا، ثم ألقى عليّ نظرة جانبية:
“سيدتي، هل أنتِ بخير؟ فنحن نتحدث مع روح ميت…”
“أشعر بقليل من الارتجاف، نعم.”
وضعت يدي على صدري متوترة، فنظر إليّ مارڤين بنظرة متفهّمة.
“هذا طبيعي، فالناس العاديون الذين لا يخوضون في السحر عادةً…”
“لكنني متحمسة جدًا…! أريد أن أتابع الحديث سريعًا.”
‘يا إلهي… أن أقوم بتحضير الأرواح بنفسي! كان يجب أن أجلب حجر تسجيل… عليّ تدوين هذا! لكن حتى هكذا، الأمر مشوّق للغاية…!’
ارتسمت على وجهي ابتسامة نابعة من القلب، فارتبكت نظرات مارڤين.
“يبدو أن سيدتي… تملكين ميولًا خاصة بعض الشيء.”
“يمكن القول ذلك. لا أبدو كذلك من الخارج، أليس كذلك؟”
ابتسمت بهدوء وأنا أقرّ، فهز رأسه متفهمًا:
“إذن، هكذا الأمر. حسنًا، اسألي السؤال التالي.”
“حسنًا.”
أومأت، ثم بلعت ريقي وطرحت سؤالي:
“هل اسمك جيرونيمو لوب؟”
ساد صمت قصير، ثم بدأ الغصن يتحرك مجددًا.
درر- سسس… سسس…
وكانت الإجابة (نعم).
‘إذن، الساحر الذي سرق الكأس المقدس وألقى اللعنة على سكان كيلستون هو الشخص نفسه.’
وهذا يجعل السؤال التالي أسهل.
“إذن يا جيرونيمو، كأس ڤاليرا مخبأ هنا في كيلستون، صحيح؟”
سسس… سسس…
“……!”
“سيدتي!”
عندما رأينا الدائرة المرسومة عند (نعم)، تبادلنا أنا ومارڤين ولاكو نظرات فرح.
وقد بدا وجه مارڤين محتقنًا بالحماس، قال وهو يحاول كبح انفعاله:
“لم يتبق إلا القليل. إن عرفنا مكانه الدقيق فقط…!”
فسألت بسرعة:
“جيرونيمو، هل كأس ڤاليرا مدفون تحت النافورة؟”
درر- سسس، سسس…
لأول مرة اتجه الغصن نحو (لا) وراح يرسم دوائر هناك.
“إذن، هل هو داخل النافورة؟”
سسس، سسس، سسس…
“مرة أخرى (لا).”
قالها مارڤين وهو يقضم أظافره بقلق. أما أنا، فسألت آخر سؤال:
“هل هو مخبأ في مكان ما قرب النافورة؟”
درر… سسس، سسس…
مرة أخرى، الدائرة كانت عند (لا).
تبادلنا نحن الثلاثة نظرات حائرة.
وبعد تفكير قصير، قال مارڤين بحذر:
“إذن، ما رآه لاكو لم يكن هذا التمثال إذن. يبدو أن الكأس مخبأ في مكان آخر غير النافورة.”
“جيرونيمو، هل أخفيت كأس ڤاليرا في مكان آخر غير النافورة؟”
سسس، سسس، سسس، سسس…
“همم…”
“أيعقل هذا…؟”
“مرة أخرى (لا)! إنه يسخر منا بلا شك!”
صرخ لاكو بغيظ:
“هذه الروح تعبث بنا! قد يكون تحوّل فعلًا إلى روح شريرة…!”
“اهدأ يا لاكو. لو كان كذلك، لما باح باسمه منذ البداية.”
قالها مارڤين محاولًا تهدئته، لكن وجهه لم يكن مطمئنًا هو الآخر.
“سيدتي، ماذا تريدين أن نفعل؟”
“هممم… مارڤين، أمسك هذا قليلًا.”
ناولته الغصن، وبدأت أمشي ببطء أمام النافورة غارقة في التفكير.
‘إن كان كأس ڤاليرا داخل كيلستون، فالصورة التي رآها لاكو لا بد أنها مرتبطة بالغراب الموجود أعلى النافورة.’
لكن تحت لا النافورة ولا بداخلها ولا بقربها.
‘إذن… عليّ أن أقلب الفكرة رأسًا على عقب. صحيح أن له صلة بالتمثال، لكن ليس داخله ولا حوله. في هذه الحالة…’
وبينما أنا أركز، أفلت مني شهقة خافتة:
“آه…!”
“سيدتي؟”
سأل مارڤين باستغراب وهو يراقبني.
“أيمكنك أن تعطيني الغصن ثانية؟”
أخذته منه بسرعة، ثم سألت بلهفة:
“جيرونيمو، هل كأس ڤاليرا هو التمثال نفسه القابع فوق النافورة؟”
“…….”
ساد صمت قصير، ثم بدأ الغصن يتحرك ببطء.
درر… سس، سس، سس-
“……!!”
“سيدتي، هذا…!”
وكانت الإجابة (نعم).
“كما توقعت!”
شهقت بخفة من شدة النشوة.
نظر إليّ مارڤين ولاكو بوجوه يكسوها الذهول وكأنهما لا يصدقان.
“إذن هكذا كان الأمر… إن كان التمثال نفسه هو الكأس المقدّس، فكل شيء يصبح منطقيًا!”
“إنك رائعة يا سيدتي الحاكمة… مذهلة حقًا!”
“هيهي!”
ابتسمت بانتصار، ثم وجهت تحية عبر الغصن:
“شكرًا لك يا جيرونيمو. لقد كان إلقاء اللعنة على سكان كيلستون عملًا سيئًا، لكن بما أننا وجدنا بفضلك كأس ڤاليرا، فسأغضّ الطرف هذه المرة. مارڤين، هل تفك استحضار الروح الآن؟ ولاكو، فلنذهب معًا لإحضار التمثال.”
“أمرٌك مطاع سيدتي.”
“كما تأمر الحاكمة…!”
أزال مارڤين الطعام الموضوع على الصخرة، وأمسك بالغصن وهو يتلو التعويذة.
أما أنا ولاكو، فوقفنا عند قاعدة النافورة نرفع أبصارنا نحو تمثال الغراب المصدّئ المثبت في أعلاها.
“أيعقل أن يكون ذاك الكأس المقدس…؟”
“لا يبدو على الإطلاق أنه كأس.”
أيدني لاكو قائلًا:
“حقًا، شكله بعيد جدًا عن شكل الكؤوس.”
“لكن كيف سنفصله عن النافورة؟ همم…”
تأملت قليلًا، ثم أمسكت بطرف ثوبي وصعدت على المقعد الملاصق للنافورة.
“سيدتي الحاكمة- دعيني أنا…!”
ارتبك لاكو وهمّ باللحاق بي، لكني أوقفته بيدي.
ولحسن الحظ، لم تكن النافورة كبيرة، فبمجرد أن وقفت على المقعد واعتدلت على أطراف قدمي، استطعت أن ألمس التمثال.
كان مارڤين قد انتهى من إلغاء تعويذة الاستحضار والتحق بنا، فوقف مبهوتًا يتأمل التمثال وهو يتغير.
“ذلك إذن… كأس ڤاليرا.”
ومع استمرار الاهتزاز والضياء، أخذت هيئة التمثال تتضاءل تدريجيًا.
تحول جسد الغراب المتهالك إلى كأس ذهبي متلألئ، وتحوّل جناحاه الضخمان إلى مقبضين جانبيين.
“لقد توقف عن الاهتزاز.”
كما قال مارڤين، لم يعد الكأس يشع نورًا ولا يهتز.
لقد تحوّل تمامًا إلى كأس صغير من الذهب.
حملته بحذر بين يديّ، ثم نزلت من النافورة.
“الآن فهمت… لقد استعمل السحر لتغيير هيئته الخارجية.”
“ذلك جيرونيمو كان ذكيًا جدًا.”
قال لاكو مترددًا:
“لكن… هل هو فعلًا الكأس الذي تريدينه يا سيدتي؟ ذاك الذي يحمل بركة الآلهة…؟”
تبادلنا أنا ومارڤين ولاكو النظرات، وجميعنا شاخص إلى الكأس الذهبي الصغير في يدي.
لم يبدُ عليه شيء مميز سوى أنه من ذهب…
“أنا واثق. لم أشعر يومًا بطاقة بهذه القوة في أي اثر أخر…”
قالها مارڤين وهو يبتلع ريقه بذهول.
فنظرت إليه وسألته بهدوء للتأكد:
“إذن، بهذا الكأس….”
“نستطيع إزالة اللعنة عن السيد.”
“……!”
اللعنة التي كبّلت عائلة كايين عبر الأجيال، عقد الشيطان، لعنة أركل… يمكن أخيرًا محوها.
لن يظل أركل يعاني من كونه وعاءً للسحر، ومن تلك الآلام المروّعة.
‘…الحمد لله.’
خطر ببالي أنني امرأة غريبة فعلًا.
فعادةً، لا أقاوم مشهد الوسيم وهو يتعذّب، إذ لي في ذلك ميل لا فكاك منه… لكن مجرد التفكير بأن أركل لن يتألم بعد الآن، جعلني أشعر بسعادة صادقة.
كنت دائمًا أعتقد أن الوسيمين يجب أن يتلوّوا في العذاب ليزدادوا جاذبية… لكن الآن…
‘ربما بدأت أفهم مشاعر أولئك الذين لا يريدون سوى سعادة من يحبون.’
هذه المرة، قررت أن أضع ميولي جانبًا.
قال مارڤين، وقد تهللت أساريره:
“إنه… إنه اكتشاف عظيم بحق. ليس فقط أننا وجدنا كأس ڤاليرا، بل يمكننا به أيضًا أن نحرر كايين من اللعنة! سيكون هذا إنجازًا خالدًا يدوّنه التاريخ…! يجب أن نخبر السيد حالًا، ونسارع في الطقوس…”
“مارڤين، أأنت متأكد أن هذا الكأس قادر على إزالة لعنة أركل؟”
“بالطبع يا سيدتي. لقد وجدنا كأس ڤاليرا، وما بقي إلا خطوات سهلة.”
أجاب بثقة، وعيناه تلمعان باليقين.
“لم يبق سوى أن نُعلِم السيد ونباشر الطقوس.”
‘إن كان لابد من إجراء الطقوس، فلا مفر من إخباره.’
يبدو أن الوقت قد حان لأصارحه.
بأن أبحاثنا لإزالة لعنته كانت جارية، وأننا حققنا أخيرًا النجاح.
بأنه يمكنه التحرر من العذاب.
وبحزم، قلت:
“فلنذهب إلى أركل.”
****
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول. وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 74"