ولأنها كانت ردة فعل لم أتوقعها قط، فقد ارتبكت قليلًا، بل في الحقيقة ارتبكت كثيرًا.
وعلى خلاف ذلك، كان أركل يحدق بي دون أن يغيّر ملامحه، ثم فتح فمه من جديد.
“يبدو أنني أحبكِ، أنتِ.”
“…آه، بالطبع أنا أيضًا أركل…!”
كنت أظن أنه يمثل ليتخلص من هذا الموقف، فحاولت مجاراته، لكن في تلك اللحظة بالذات…ابتسم أركل ابتسامة باهتة.
“لا بأس. لستِ مضطرة لاختلاق شيء.”
“أختلق؟ ما الذي تعنيه؟”
أجبت مذعورة وأنا أحدق مباشرة في عينيه.
‘ما الذي تقوله الآن يا أركل؟’
قول مثل هذا في موقف كهذا، لا يختلف عن الاعتراف بأننا نمثل وحسب.
عليّ أن ألمّح له بأن يتوقف، غير أنني ولسبب ما، حين رأيت تعابير أركل وهو ينظر إليّ، لم أستطع أن أنطق بكلمة.
لم أفعل سوى أن فتحت فمي وحدقت فيه بذهول.
ولعله وجد منظري الساذج مضحكًا، فضحك بخفة.
ترددت ضحكته المنخفضة عند أذني.
“لطالما تلقيت المساعدة من زوجتي.”
“…….”
“حتى في هذه اللحظة لا أريد أن أجبرك على قول ما لا تشعرين به لمجرد الخروج من الموقف. …لذا، هذه المرة، أنصتي إليّ.”
“…….”
“أحبكِ يا ليزي. لا حاجة أن تقولي شيئًا.”
ربما لأنه قال ذلك بوجه جامد لا يختلف عن العادة، بدت كلماته بلا واقعية.
‘…أهو تمثيل؟ وفجأة صار يتقن التمثيل هكذا؟ لكن، لماذا يطلب مني ألا أقول شيئًا؟ لو كان تمثيلًا لكان من الأفضل أن أجاريه….’
امتلأ رأسي بعشرات التساؤلات، ومع ذلك عجزت عن النطق.
“لا حاجة أن تقولي شيئًا.”
ونظرة عيني أركل وهو يقول ذلك لم تكن تطالب بجواب منّي.
على الأقل في عيني، كان يتحدث بصدق.
‘إن كان هذا صِدقًا…’
رغم أنني أدركت كم يبدو هذا غبيًا، لم أستطع أن أمنع نفسي من التفكير إلى ذلك الحد.
“أحبكِ يا ليزي.”
أيعني هذا أن هذه الكلمة أيضًا صادقة؟
حدقت في عينيه الحمراوين، ورفرفت بجفني ببطء.
أما ملامحي المنعكسة في عينيه فبدت ساذجة للغاية.
لكن خلف هذا المظهر البريء، كان رأسي ممتلئًا بأسئلة ساخرة.
‘لماذا؟’
أركل، ألم تكن شخصًا لا يؤمن بمثل هذه الأشياء؟
ألم تكن من أولئك الذين لا يثقون بشيء في هذا العالم ولا يتوقعون شيئًا؟
‘فلماذا إذن…؟ وكيف؟’
تعلقت بعينيه الحمراوين حتى النهاية، لكنني عجزت عن استنتاج أي جواب.
وأدركت أنني مهما سرحت فلن أحصل على شيء.
‘ليس وقت التحديق هكذا…! هذه فرصة! سواء كان صادقًا أو تمثيلًا، فهذا في مصلحتنا الآن!’
آنذاك فقط خطر لي أن أستغل هذه الفرصة وأقول شيئًا بدوري.
‘عليّ أن أقول: وأنا أيضًا أحبك. هذا يكفي.’
“أركل، أنا أيضًا…”
ابتسمت بهدوء وفتحت فمي ببطء، لكن حين نظرت في عينيه لم أستطع أن أتم كلامي.
‘ما الذي تفعلينه وولي العهد يراقب…! إن بقيتِ صامتة ستفشلين!’
“وأنا أيضًا… أحبك.”
“لا بأس.”
قاطعني أركل وهو يبتسم ابتسامة مطمئنة.
“ألم أقل إنني لا أريد أن أجبرك على قول ما لا تشعرين به لمجرد تخطي هذه اللحظة؟”
“…….”
‘أكنتَ دائمًا بهذا الغباء؟ لا بأس بماذا؟ إن لم نتجاوز هذه اللحظة بسلام، فنحن…’
رغم أنني فكرت أن عليّ تجاهل كلامه والتركيز على خداع ولي العهد، حين التقت عيناي بعينيه أفلتت من فمي كلمات في غير محلها.
“وأنت، أليست أفعالك هذه هي الغريبة حقًّا؟”
“هاها.”
ضحك أركل بخفة كأن كلامي راقه كثيرًا.
“لا تضحك.”
“بفتت… هاها….”
“أركل، لم أعلم أنك بهذا الغباء.”
لم أملك إلا أن أضع يدي على جبيني بابتسامة مستسلمة.
‘لقد هلكت…’
لم أجرؤ حتى على الالتفات لمعرفة تعابير هاينري…
‘لابد أنه الآن واثق أنني وأركل خدعناه.’
ربما عليّ أن أطرح عليه عرضًا بدلًا من هذا.
‘لقد قال إن الإمبراطورة تكبته، فماذا لو عرضت أن يكون كايين وأليهايم سندًا له؟ هذا سيكون أكثر نفعًا له من أن يطلقني أنا وأركل.’
بعد أن حضرت آخر ورقة بيدي، استدرت بحذر.
“سموك.”
لكن هاينري، وعلى عكس كل توقعاتي، حين التقت عيناه بعينيّ، أومأ ببطء.
“أشكرك ايها اللورد كايين وزوجته على موافقتكما على اقتراحي الذي كان فيه بعض التجاوز.”
‘ما زال يناديني زوجة كايين إذن…’
ابتسم هاينري ابتسامة محرجة بعض الشيء وقال بلطف:
“في الحقيقة، أنا لا أعرف ما الحب. لكنني أعرف ما هو الكذب.”
كانت نظرات هاينري جادة.
“وبهذا المعنى، لا أستطيع أن أجزم هل تحبان بعضكما أم لا. وربما حتى أنتما لا تعرفان ذلك. لكن ما أستطيع أن أجزم به، أنني لم أشعر بكذب في كلماتكما قبل قليل.”
“سموك، إذن….”
“يبدو أنكما بالفعل زوجان اجتمعتما بالحب. سأكتفي بهذا الحكم في هذه المسألة.”
“من الآن فصاعدًا، إن نشر أحد شائعات خبيثة حول زواجكما، فسأحمّله المسؤولية باسمي أنا، وليّ العهد الأول. فلا تتعبا أنفسكما بعد الآن، واستمتعا بحياتكما الزوجية.”
“شكرًا لك يا سموك…! وإن تجرأ أحد على الاعتراض على قرارك الحكيم فسأعلمك فورًا.”
“أشكرك.”
بادرتُ بجمع كفّيّ احترامًا، فيما انحنى أركل بخفة.
ابتسم هاينري لنا ابتسامة راضية.
“يمكنكما العودة الآن. أترقب لقاءنا القادم.”
فأدّينا له التحية مرة أخرى.
وأشار هاينري نحو الغرفة التي خرج منها أركل وقال:
“إن انتظرتما في هذه الغرفة، فسأرسل وصيفة لتدلكما على طريق الخروج.”
وفيما كنت أهم بالدخول، استوقفني هاينري.
“زوجة كايين. هل لي بكلمة؟”
“نعم سموك.”
ثبت نظره عليّ لحظة، ثم قال بصوت منخفض:
“من الأفضل أن تحذري من اللورد كلارك.”
“اللورد بارون كلارك تقصد؟”
“نعم.”
أومأ هاينري بحذر.
“لا أعلم التفاصيل، لكن حين قرأت عريضة الاحتجاج بنفسي، راودني شعور بأن ضغينة كبيرة يكنّها ضد بيت كايين.”
‘ضغينة…؟’
صحيح أنّ بارون أظهر عداءً واضحًا تجاه أركل في الحفل.
‘إذن، في الأصل أيضًا كان هو من حرّض جين على الانتقام؟’
ولما بدا أن وجهي المتفكر اتخذ مسحة جادة، ابتسم هاينري اعتذارًا وأضاف:
“آه، أعذريني إن بدا الأمر ثقيلًا. لم أقصد أن أقلقكِ…. وحتى لو كان اللورد كلارك يحمل مشاعر شخصية، فلن يؤثر ذلك في زواجكِ فلا تقلقي كثيرًا. غير أنّ….”
قطّب هاينري حاجبيه قليلًا.
“المشاعر الشخصية أحيانًا تجلب المتاعب.”
“…….”
‘صدقت.’
فلو أخذنا عريضة الاحتجاج الأخيرة مثلًا، لكانت كادت أن تفسد مشروع السينما قبل أن يبدأ.
‘لا بد إذن من التحقيق مع ذلك الرجل.’
“شكرًا لك سموك. سأكون حذرة.”
ابتسم هاينري بخفة وهو ينهي الحديث:
“آمل ألا يحدث شيء. إذن، إلى اللقاء.”
ولوّح بيده إشارة خفيفة، ثم غادر.
أما أنا فأغلقت الباب ودخلت الغرفة.
وبعد قليل، جاءت الوصيفة وأرشدتني أنا وأركل إلى خارج القصر.
❖ ❖ ❖
داخل العربة في طريق العودة إلى كايين.
كانت الشمس توشك أن تشرق من خلف النافذة.
‘إذن، مع الصباح سيُعرض الفيلم….’
شعرت فجأة بإرهاق شديد، وأنا أفكر كم من الأمور حدثت في بضع ساعات فقط.
‘لكن من الجيد أنها حُلّت. حين نعود، سأرتاح فعلًا.’
تمدّدت على المقعد وأنا أحدّق إلى الخارج.
وساد الصمت جو العربة.
نظرت خلسة إلى أركل الجالس مقابلي.
كان هو الآخر صامتًا، تمامًا كعادته.
وكأنه لم يتفوه بكلمة عن حبه لي قط.
‘إذن، كان تمثيلًا؟ متى صار يتقنه إلى هذا الحد… آه.’
وبينما أفكر، تلاقت عيناي بعينيه.
ابتسمت بحرج إذ لم أجد ما أقوله، فإذا به يشيح ببصره.
‘لا يعقل… أهو يخجل متأخرًا؟’
أثار رد فعله فضولي، بل رغبة في مشاكسته.
فابتسمت بمكر وقلت:
“انظر إليك، لم كان لا بد من المبالغة؟”
“…….”
“على كل حال، بفضلك مرّ الأمر بسلام! أحسنت.”
ظل صامتًا برهة، ثم قال ببطء:
“…لم تكن كلمات قلتها لتجاوز الموقف.”
“ماذا؟”
“…….”
نظر إليّ بعينين تحملان كلامًا مكتومًا.
تحدقت به ذاهلة، ثم سألت فجأة:
“إذن لم يكن تمثيلًا؟ لم يكن لخداع الأمير؟”
“نعم.”
“إذن….”
تسعت عيناي فجأة.
“مستحيل….”
“…….”
وضعت يدي على فمي وأنا أحدق فيه، فإذا به يشيح بنظره مجددًا.
‘لا يمكن… هل أركل حقًا… حقًا يحبني؟’
“ألا تكون قد أخطأت وظننتَ أنك ترغب في قدرتي العلاجية؟”
خرجت الكلمات من فمي كما هي من رأسي.
ولوهلة ندمت، لكنني فكرت أن من الأفضل حسم الأمر الآن.
******
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول. وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 61"