بعد أن أرسلت الرسالة، وصلني الرد بعد بضع ساعات فقط.
‘لم أتوقع أن يصل بهذه السرعة.’
لا بد أنه عانى الأمرّين بسبب اللعنة.
قرأت الرسالة بتمهّل، ثم انفجرت ضاحكة.
لقد كان يتوسّل إليّ أن أشتري المبنى، مؤكداً أنه سيبيعه بثمن بخس، فقط لآخذه منه.
‘في هذه الحال، لا داعي للتأخير.’
ابتسمت برضا، وأعددت فوراً عقد البيع بمساعدة هوان.
“إنها كنيسة فيرتي، مبنى بالغ الجمال ويقصده السياح بكثرة، فكيف تمكنتِ من شرائه؟”
“استعنتُ بالسحر.”
ارتسمت على وجهي ابتسامة غامضة جعلت هوان يرتجف وقد ساوره شعور غير مريح، فأومأ كأنه لا يرغب في التعمّق أكثر.
“هكذا إذن… ما عليك سوى التوقيع هنا، فيكتمل العقد، وسأرسله مباشرةً إلى الكنيسة.”
فأمضيت بخط أنيق في المكان الذي أشار إليه هوان، ولم تمضِ سوى ساعات قليلة حتى وصلني ردّ يحمل توقيع البابا نفسه.
وبذلك صرت المالكة الشرعية لمبنى السينما.
‘لم تبقَ إلا الخطوة الأخيرة حقاً.’
ما عليّ سوى إعادة تهيئة الكنيسة من الداخل ليصبح مسرحاً للسينما.
الوقت لا يكفي لإعادة البناء كلياً.
‘ولا داعي أساساً للتخلص من تلك الزخارف الباهظة.’
سأُبقي على المظهر الخارجي ومعظم المرافق كما هي، وأحوّل قاعة الصلاة إلى قاعة عرض فحسب.
ثم توجّهت مباشرةً إلى مكتب مارثا.
“آنسة مارثا، لقد حصلت على المسرح.”
“أهو المكان الذي ذكرتِه لي من قبل؟”
“نعم، لقد اشتريتُ مبنى كنيسة فيرتي!”
رفعت مارثا بصرها من الأوراق، بدت عليها الدهشة.
“أهكذا؟ لم أكن أظن ذلك ممكناً…”
“البابا اتضح أنه شديد النقاء، وما إن قلت له إن الأمر لأجل تنفيذ مشيئة الرب، حتى وافق دون تردد.”
قلت ذلك ببراءة مصطنعة، فأخذت مارثا تفكّر للحظة، ثم أومأت وكأن الأمر لا يثير قلقاً.
“حسناً، هذا جيّد. إذن فلنُرسل فوراً نقابة <بيت الفجر>، مستعينين بالمخططات التي أعطيتِني من قبل.”
“تماماً!”
وشرعت مارثا تكتب رسالة.
كنت قد أخبرتها من قبل، حين سمعت أنها كلفت <بيت الفجر> ببناء برج السحرة، أنني أود أن أستعين بهم أيضاً لبناء المسرح.
وسلّمتها الرسوم التي قضيت يوماً كاملاً في رسمها بالاستناد إلى الكتب.
فما كان منها إلا أن راسلت <بيت الفجر> على الفور وحجزت لي مكاناً بينهم.
وزادت لهم مقابلاً سخياً على سبيل الرشوة لقاء تعبهم في بناء البرج.
وبفضل ذلك، صار بإمكانهم الشروع في مشروع المسرح فوراً.
‘وهو ليس مشروعاً ضخماً، ثم إنهم نقابة معمارية تستخدم السحر، فقد ينجزونه أسرع مما توقعت…!’
غمرتني البهجة حتى كدت أترنم في داخلي، ثم ابتسمت لمارثا شاكرة:
“أشكرك كثيراً! لقد سارت الأمور بسلاسة بفضلك.”
“لا شكر على واجب، أليس كل ذلك من أجل كايين؟”
قالتها وهي تخلع نظارتها المربعة وتمسحها بمنديل.
“في الحقيقة، كنت أخشى أنه عند إعلان خبر الزواج، ستنشغل أرجاء الإمبراطورية بالحديث عن كايين. لكن، من غير قصد، جاء هذا الترفيه المرافق ليُغطي على الضجة!”
وبدا على ملامحها ابتسامة صغيرة غير مصدّقة.
‘في كل مرة تبتسم هكذا… تزداد شبهاً بآركل.’
مع أن كليهما لم يكن ممن يكثرون التبسّم.
أعادت نظارتها ونظرت إليّ قائلة بنبرة هادئة:
“لقد صرت مدينة لك مرة أخرى.”
“وأنا كذلك، ممتنة لك يا آنستي مارثا.”
“هذا الذي تسمّينه فيلماً، وقد صار حديث الناس إلى هذه الدرجة… لقد أثار فضولي. سأذهب لمشاهدته بنفسي.”
دهشت من قولها؛ فهي أكثر من يكره تضييع الوقت في الترفيه!
“إن شاهدتِه، فلن تنسيه ما حييتِ.”
أطبقت يديها بين يديّ، فابتسمت مجدداً:
“سأذهب حين أجد وقتاً، هذا وعد.”
“إنه لشرف عظيم لي يا آنستي مارثا…”
فأطرقت عينيها وضحكت بخفة:
“يا لها من مبالغة. إنك حقاً لظريفة. ليت المسرح يكتمل سريعاً.”
وبعد خمسة أيام، وصلتني رسالة من <بيت الفجر> بأن المسرح قد انتهى بناؤه.
وكان ذلك قبل يوم واحد فقط من نشر المقالة الإعلانية التي طلبت من لويسا كتابتها.
وحال سماعي الخبر، مضيت مع آركل وناران إلى المسرح.
المظهر الخارجي الباذخ ظل كما هو، لكن على العارضة الخشبية التي كانت تحمل من قبل شعار الكنيسة، عُلّقت اللافتة الجديدة التي طلبتُها:
[مسرح كايين]
وحين وقعت عين ناران على الخط الكبير المكتوب بأسلوب زخرفي، هتف بإعجاب:
“يا له من جمال! اسم كايين يزيّن واجهة مبنى كامل… رائع حقاً يا ليزي.”
فابتسمت قائلة:
“انتظر حتى ندخل، فستراه أروع بعد.”
الممر لم يختلف كثيراً عمّا كان عليه في عهدت الكنيسة.
فتحتُ الباب ببطء، فإذا بالقاعة قد تغيّرت بحيث يصعب التصديق أنها كانت يوماً بيتاً للعبادة.
مظهرها العام يذكّر بقاعة الرقص في قصر كايين، لكن التجهيزات هنا أكثر إتقاناً بكثير.
المقاعد لم تكن موضوعة مؤقتاً كما في السابق، بل ثُبّتت صفوفاً متقاربة على الأرض، والستائر التي كنت قد علّقتها في السقف أُعيد تفصيلها وأصبحت مثبتة على الجدران بإحكام.
‘إنه مطابق تماماً لدور السينما التي عرفتها في حياتي السابقة… بل أجمل بكثير.’
كان ناران وآركل يبدوان مأخوذين بالمشهد.
قال ناران: “ليزي… يعجبني الجو هنا كثيراً.”
وسأل آركل: “هل توجد قاعات أخرى مثل هذه؟”
فأجبته بفخر: “نعم. كما ذكرتُ قبل قليل، هذه القاعة الأولى، ومسرح كايين يضم خمس قاعات عرض كاملة.”
“كلما استطعنا استيعاب عدد أكبر من الناس، كان أفضل.”
‘صحيح أنه لا يوجد الآن سوى فيلم واحد، لكن قد يأتي يوم نعرض فيه عدة أفلام في وقت واحد. سيكون ذلك شعوراً رائعاً حقاً.’
‘لكن أولاً! ينبغي أن ينجح هذا الفيلم الافتتاحي نجاحاً باهراً.’
بعدها تأكدنا سريعاً من أن جهاز العرض يعمل كما ينبغي.
أما ناران الذي أبدى أسفاً لرغبته في مشاهدة الفيلم، فقد طيّبنا خاطره وقلنا إن عليه أن يكبر قليلاً أولاً، ثم صرفناه.
وفكّرت أنه إن أتيحت لي فرصة تصوير فيلم آخر لاحقاً، فقد أجعله مخصصاً لكل الأعمار من أجله.
وفي اليوم التالي صدر عدد صحيفة إيرن ديلي.
وقد تصدّرت مقالة لويسا الصفحة الأولى.
شربت الشاي بهدوء وأنا أقرأ المقال.
بدأت المقالة بالحديث عن الحفل الذي أقيم في قصر كايين، وعن الترفيه الجديد المسمّى فيلم الذي عُرض هناك.
‘صحيح، كان لا بد أن تشرح للناس أولاً ما هو الفيلم.’
وقد أحسنت لويسا إذ عرضت المعلومات الضرورية دون إطالة أو تعقيد.
ثم انتقلت لعرض أحداث فيلم رحلة البحث عن الكأس المقدسة.
أخذت أقرأ متأملة:
‘ثلاثة شبان ينطلقون في مغامرة بحثاً عن الكأس المقدس. وبعد اجتيازهم المصاعب يصلون إلى القرية التي يُقال إن الكأس المقدس يرقد فيها. وهناك، يشهد أحدهم مشهداً لا يُصدَّق أمام عينيه…’
راودني إحساس مألوف، وفكّرت قليلاً، ثم تذكرت:
‘إنه يشبه تماماً قنوات التعريف بالأفلام على يو-…ب.’ ( المؤلفة شفرت اسم يوتيوب هههه )
الأسلوب نفسه حيث تُسرد الانعطافات المثيرة بجُمل حماسية سريعة.
‘أحسنتِ يا لويسا. لا عجب أن المقال مشوّق بهذا الشكل.’
وجدت نفسي أقرأ بتركيز متواصل حتى أنهيت المقالة الطويلة في لحظة.
وكانت بارعة أيضاً في إثارة الفضول بعرض المواقف الدرامية دون أن تفسد الأحداث بتفاصيلها.
وأنا متأكدة أنها كانت تتوق للحديث عن الوحوش غير الأحياء في صفحة كاملة، لكنها هذه المرة كبتت ذلك وركّزت على جعل المقال جذاباً بحد ذاته.
‘هذا سيجعل الناس متشوقين للغاية.’
وأنا كقارئة قديمة لمثل تلك المقالات، أعرف أن الفضول سيدفعهم إلى مشاهدة الفيلم كما كان يدفعني أنا.
وفي ختام المقال، جاء أهم سطر كما اتفقنا:
[في 17 يوليو بالتقويم الإمبراطوري، العرض الأول في مسرح كايين ‘الكنيسة السابقة لفيرتي’].
أي أن الافتتاح سيكون غداً تماماً.
وضعت الصحيفة وصَفّقت بخفة.
‘جيد، ممتاز.’
الترويج كان كاملاً، والمسرح بُني بأبهى صورة.
لم يبقَ سوى أن ينتشر صيت الفيلم ويلاقي النجاح.
‘أما ذلك، فهو من نصيب الحظ… أما أنا فقد آن لي أن أستريح قليلاً.’
إذ كنت قد سهرت الليالي أفكر وأخطط، غلبني النعاس.
ألقيت نفسي على السرير ودفنت وجهي في الوسادة.
‘عشية الافتتاح… ظننت أنني سأكون متوترة، لكنني في الواقع مرتاحة.’
شعرت بخفة غريبة ما دمت قد أنجزت كل ما بوسعي وسلمت الباقي للقدر.
لا أعلم كم مضى وأنا مغمضة العينين، حتى سمعت:
طرق… طرق.
فتحت عيني ببطء.
“إنه أنا.”
كان صوت آركل.
تثاءبت وأنا أفرك عيني.
‘ما الأمر؟ لماذا جاء آركل الآن…؟ آه.’
ربما كما فعل ليلة الحفل، جاء يطمئن عليّ خشية أن أكون متوترة قبل الافتتاح.
‘لم أتوقع أن يظل يهتم بي هكذا… مفاجئ بعض الشيء.’
“آركل، لا تقلق. لست متوترة أبداً، ولا حتى قليلاً—”
فتحت الباب وأنا أتمطّى، لكن مظهر آركل كان مختلفاً.
كان عابساً وعينيه الحمراوين يكسوهما برود وجبهته متجهمة.
فأدركت فوراً أنه لم يأتِ ليواسي أو يشجع.
“آركل، هل حدث شيء؟”
“… سيدتي.”
تكلم ببطء:
“الفارس المسمّى بارون كلارك… قدّم عريضة اعتراض إلى البلاط الإمبراطوري.”
“ماذا؟”
“يزعم فيها أن زواجنا باطل.”
******
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام كملفات، وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 57"