“مجرد التفكير في أن يصيبكِ مكروه… يجعلني أتيقن أنني سألوم نفسي. سأقول كان عليّ أن آتي ومعي ليزي في ذلك الحين.”
“………”
“كما تعلمين، أنا كثير الخوف ولست ذكيًّا إلى ذلك الحد.”
قالها جين بملامح خجولة قليلًا ثم تابع:
“لذلك قد لا أتخذ القرار الحكيم دومًا. لكن حتى أنا أرى… أنّك الآن تبدين سعيدة.”
أومأ برأسه قليلًا ثم ابتسم لي ابتسامة دافئة.
“أنت أكثر سعادة بكثير مما كنتِ عليه وأنتِ تعيشين كـ قديسة. في الأصل جئتُ لأنني تلقيت أمرًا بإعادتك، لكن حين رأيتك هنا… راودني شعور أن الأمر على ما يرام.”
عندما سمعت ذاك تسللت مني همهمة بلا شعور:
“يا للطيبة… ظننتك لوهلة ربما تكون شخصًا ذا وجهين، سايكوباثًا متخفيًا.”
“ماذا؟”
سأل جين ببراءة، فأجبت على الفور:
“لا شيء.”
حدّقتُ في وجهه الطفولي البريء، وأكدت لنفسي:
‘نعم، هذا الرجل… لا يمكن أن يكون من النوع الذي يؤذي الآخرين.’
إنه من أولئك الذين يوجهون غضبهم لأنفسهم لا للغير.
فلا بد أن ثمّة عاملاً آخر جعله يعزم على الانتقام.
‘إذن عليّ أن أختبر ذلك من الآن.’
اتبعتُ ابتسامته البريئة بابتسامة لا تقل عنها وديعة.
“يسرّني أن أراك تفهمني يا أخي، أشعر براحة لأنني لن أقلق بعد الآن.”
“حقًا؟ لم يكن جوابكِ مقنعًا تمامًا، لكن… أنا بدوري مسرور.”
قالها جين وهو يحك مؤخرة رأسه بابتسامة مشرقة.
ثم تظاهرتُ ببراءة ممتزجة بقلق:
“لكن… ماذا لو حرّضك أحد على الانتقام؟ كأبي مثلًا… أخشى أن تندلع حرب بين كايين وأليهايم.”
صحيح أن بيت أليهايم المتدينين لم يكونوا ليلجؤوا بسهولة إلى الانتقام، لكن أكثر من يثير الريبة الآن هو ربّ بيت أليهايم.
اتسعت عينا جين قليلًا لوهلة ثم ضحك مطمئنًا:
“أعلم يا ليزي ما تخشينه. لكنك تعرفين أن أبي يستحيل أن يفعل ذلك. لقد فقد والديه في الحرب…”
كانت هذه أول مرة أسمع شيئًا عن ماضي أسرة أليهايم.
فأومأت برأسي متظاهرة بالعلم.
“ولهذا السبب التجأ إلى الدين. قد يكون صارمًا بعض الشيء، لكنه لن يلجأ إلى القتل أبدًا. كما تعلمين، هو رجل يسلّم أمره للقدر. فلا داعي للقلق.”
قال جين ذلك بصوت هادئ واثق.
فوجدت نفسي مضطرة إلى تصديقه.
“إذن، فليس من داخل أليهايم…؟”
ابتسمتُ ببرود ورميت طُعمًا جديدًا:
“شكرًا يا أخي. لن يكون ثمة من يستغلني ذريعة ليعاقب كايين، أليس كذلك؟ فلكايين من الأعداء ما يكفي.”
قال جين مبتسمًا بخفوت وقد أطرق حاجبيه:
“مع أنك اخترتِ الانتماء إلى هذا البيت، إلا أنكِ لا ترحمينه في حكمك. همم… لم أفكر في الأمر من قبل. لكن، نعم… قد يحدث حقًا أن يتخذك أحدهم ذريعة.”
‘أجل، هكذا… والآن أسرعْ واستحضر في ذهنك من قد يكون همس في أذنك بذلك في القصة الأصلية!’
وبينما كان جين يفكر بوجه أكثر جدية، تذكر فجأة وقال متنهّدًا:
“الآن تذكرت، تلقيت رسالة منذ وقت ليس ببعيد. من شخص قال إنه يريد مساعدتي في العثور عليك.”
‘ها هو!’
فسارعتُ أسأله:
“من كان؟”
“كان موقّعًا بالحرف الأول فقط “K”. وقال إنه سيفصّل الأمر حين نلتقي.”
“وهل التقيت به؟”
“لا. بينما كنت أفكر، جاءتني دعوة من كايين. وهكذا التقيت بك. فلم يعد ثمة داعٍ للذهاب، أليس كذلك؟”
أطلقت تنهيدة داخلية عميقة.
‘صحيح أن جين لن يتسلل مجددًا إلى كايين، لكن يجدر بي التأكد مما حدث.’
“أخي، هل يمكن أن تعطيني تلك الرسالة؟”
“أعطيك إياها؟ لا بأس… لكن أليست بلا فائدة الآن؟”
ترددت لحظة، ثم قررت استخدام شخصية ليزي كما عُرفت بها:
“ربما لا أعرف من هو، لكن ما دام قد حمل همي، فهذا فضل يستحق أن أحفظه. أريد الاحتفاظ بها، ستمنحني القوة كلما نظرت إليها.”
ابتسم جين وكأن كلامي ذكّره بشيء:
“صحيح… لقد جاءت رسائل وهدايا كثيرة باسمك حين اختفيت من أولئك الذين أسديتِ لهم العون.”
لابد أنه يقصد أولئك الذين عالجتهم ليزي.
فهي كأشهر قديسة في الإمبراطورية، كان لها فضل على الناس من مختلف الطبقات.
‘ألم تكن تعالج الفقراء بلا مقابل أحيانًا…؟’
ابتسم جين ابتسامة شاردة وهو يقول:
“لم تكن أسرتنا فقط من قلِق لأجلك، بل الجميع. وحين أعود إلى أليهايم سأرسل لكِ كل شيء. ومن بينها الرسائل التي طلبتِها.”
“شكرًا لكَ يا أخي.”
ابتسمتُ بعاطفة وكأنني متأثرة.
وحقًا، تأثرت قليلًا.
‘من بين مرضى ليزي كان لا بد أن يوجد نبلاء أثرياء كُثر، فهل تلك الهدايا منهم؟ حقًا، من يفعل خيرًا يجني ثمرته…’
طبعًا، لم أكن أنا من فعل ذلك بل ليزي الأصلية، لكن لا بأس.
‘الغنيمة ليست معدومة تمامًا! الحرف K… حين أحصل على تلك الرسالة يجب أن أحقق في الأمر بدقة.’
وكان ما يزال عندي سؤال آخر أريد طرحه على جين.
“آه، صحيح… بخصوص اللورد بارون…”
لمّا فتحت الموضوع على استحياء، بدأ جين يسرد المعلومات بسهولة:
“آه… لقد دهشتِ، أليس كذلك؟ لم أُحسن حتى تعريفه لك. إنه فارس مقدّس تابع للعائلة الإمبراطورية. والحقيقة أن بعد اختفائك، أبي…”
توقف جين عن الكلام مرتبكًا، لكنّ الخطوط العريضة اتضحت لي.
“لا تقصد أن أبي قرر خطبتي له من تلقاء نفسه؟”
“في الواقع، كان هو من تقدم للخطبة أولًا… لكن نعم، يمكن القول إن الأمر كذلك.”
حاول جين التملص، ثم تنهد مستسلمًا لما قلت.
“لم يُعلَن ذلك رسميًا، لكن جميع من في أليهايم يعرفون به. جاء اللورد بارون فجأة وقال إنه يريد أن يخطبك. فأجابه والدي بأنك مفقودة، لكنه قال إنه إن أصبح خطيبك رسميًا فسيعثر عليك لا محالة. وهكذا…”
‘إذن، جعلني ربّ أليهايم مخطوبة لرجل لم أكن حتى حاضرة في المجلس لأقول رأيي.’
وبما أن بارون فارس مقدّس، فلا بد أن سيد أليهايم وضع ثقته فيه أكثر.
“كان أبي يقول إنكِ ستعجبين به لا محالة لو التقيتهِ…”
‘فعلتُ حسنًا أنني لم أرجع إلى أليهايم. هم ليسوا أشرارًا، لكن لو عدتُ لكنت مضطرة للتخلي عن اختياري والعيش وفق ما يفرضه ربّ العائلة.’
قال جين بابتسامة محرجة:
“لكن بما أن الأمور آلت إلى ما هي عليه الآن، لا أعلم ما الذي سيفعله اللورد بارون بعد ذلك…”
“ومتى ظهر اللورد بارون؟”
“بعد وقت قصير من وصول تلك الرسالة… عندها فقط أدركت كم من الناس يريدون إنقاذك.”
قال جين ذلك ممتنًّا، أما أنا فلم أستطع تقبّل الأمر.
‘ما السبب في أن يصبح خطيبي فجأة؟ لماذا أراد إنقاذي؟ والأغرب من هذا كله…’
فلو كان الأمر كذلك، ألم يكن يفترض أن يكون بارون هو الذي يتسلل إلى كايين لإنقاذ ليزي بدلًا من جين، كما في الأصل؟
لم يكن الأمر بلا دلائل.
‘إن لم يظهر في القصة الأصلية رغم أهميته، فذلك يعني أنه قُتل أو صار عاجزًا قبل أن تبدأ الأحداث…’
أو احتمال آخر:
‘أنه لم يكشف عن نفسه، بل كان يدير الخيوط كلها من وراء الستار.’
أي أن بارون هو نفسه الذي أرسل الرسالة بحرف K، الخصم الخفي الأكبر.
وزمن ظهوره يطابق تمامًا.
‘أرسل الرسالة، ثم ضاق صدره فقرر الظهور بنفسه…’
كنت أود ألا أتورط معه، لكن لم يبقَ سوى أن أبحث عنه أكثر.
“…ليزي؟ ليزي…؟”
كنت أضغط صدغي مغمضة العينين حين سمعت صوت جين المرتبك يناديني.
‘رأسي سينفجر، فلماذا يزعجني هكذا؟’
فتحت عينيّ، فإذا بجين وجهه شاحب تمامًا وهو يشير نحو باب التراس.
من خلال النافذة الصغيرة في الباب، كانت مارثا تنظر نحونا.
حرّكت شفتيها بكلمات لم أسمعها.
‘الحمد لله، لا صوت.’
كدتُ أرتبك للحظة، لكن ما دامت لم تسمع صوتنا، فحديثنا السابق في أمان.
طرقت مارثا على الزجاج ثم حرّكت شفتيها تطلب فتح الباب.
فتحتُ الباب مصطنعة الدهشة:
“المعذرة يا آنسة مارثا، لم أعلم أنه مقفل. أليس أخي هو من دخل وأغلقه؟ يبدو أنه أقفله عن طريق الخطأ.”
“آه؟ نعم، ربما… آسف.”
دخلت مارثا بخفة، وهي تنقل بصرها بيني وبين جين.
“هل كنتما في حديث مهم؟”
“لا، كنت أخبره فقط كيف قضيت وقتي. واطمأن أنني بخير.”
“الخدم يقولون إن الـعرض شارف على الانتهاء.”
‘أوه، لقد مر الوقت سريعًا.’
“شكرًا لإخباري يا آنسة مارثا. عليّ الذهاب إذن.”
ثم التفتُّ إلى جين:
“أخي، استمتع بما تبقى من الحفل. سأكتب لك لاحقًا.”
“آه… نعم…”
“فلنذهب يا آنسة مارثا. آنسة مارثا؟”
لكنها لم تتحرك.
كانت عيناها البنفسجيتان الباردتان مثبتتين على جين أليهايم المرتعد.
‘ما الأمر؟ هل تشك فينا؟’
ازداد شحوب جين أكثر وهو يرتجف خوفًا من هالتها المخيفة.
“……”
“هيك…!”
اقتربت منه مارثا، فأطلق صوتًا غريبًا وكاد يصاب بنوبة.
كانت هذه ثاني مواجهة بين البطلة والبطل، لكنها لم تشبه إطلاقًا ما كنت أتخيله.
‘إذا كان يخاف منها هكذا، فكيف صور المشاهد الرومانسية الممنوعة معًا؟’
وبينما أفكر هكذا، ضربت مارثا الحائط بيدها بجانب جين وحاصرته.
حدّقت فيه بنظرات افتراس، وسألته بصوت منخفض:
“ما اسم أختك؟”
“…آه… ليزي أليها…”
لكن ما إن رأى جين وجهها المتجهم حتى غيّر كلامه بسرعة:
“لا، كايين… ليزي كايين.”
“تفهم بسرعة… يعجبني ذلك.”
“ها… هاهاها…”
ابتسمت مارثا راضية، وأسقطت يدها فابتعدت عنه.
‘إذن كانت تخشى أن يأخذني معه.’
رغم أن البطلة باغتته وثبتته على الحائط، لم يبدُ جين مأخوذًا بها.
بل جلس على الأرض منهارًا كأن ساقيه لم تعودا تحملانه.
قالت مارتا وهي تدير له ظهرها:
“أراك لاحقًا. هيا يا ليزي.”
لوّحت بيدها وخرجت من التراس.
‘على كل حال، لا بأس… مظهرهما معًا لا يبدو سيئًا.’
وبهذه الأفكار، تبعتها عائدة إلى قاعة الحفل.
****
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام كملفات، وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 53"