هل من الخطأ أن يعجبني رؤية الشرير يتألم [ 41 ]
“لا يزال بيت أليهايم يظنون أنك مختطفة.”
‘أليست تلك حقيقة؟’
لمعت هذه الفكرة في ذهني، غير أنني لم أنطق بها، بل اكتفيت بالإصغاء إلى حديث مارثا.
“لا حاجة لأن نغذي العداء تجاه بيت كايين عمدًا. أرى أنه من الأفضل أن نُعلن الأمر قبل أن يقدموا هم على تصرفات مزعجة. ما رأيكِ؟”
“هممم…”
تأملت قليلًا.
‘بالفعل كلامها صحيح.’
إن استمر الحال هكذا، فلن يقتصر الأمر على بيت أليهايم وحدهم، بل سيتكون لدى سائر النبلاء أيضًا انطباع سلبي عن بيت كايين.
وفوق ذلك كله…
‘بهذا الشكل، قد تسير الأحداث كما في الرواية الأصلية.’
أعني الرواية التي فيها يتسلل أخي جين أليهايم إلى قصر كايين لإنقاذي، فيتسبب في شقاق بين الإخوة الثلاثة من كايين.
صحيح أنني لم أمت كما في الرواية، وأن أشياء كثيرة تغيّرت، لكن من الأفضل قطع أي احتمال مهما كان ضئيلاً منذ البداية.
أما ما إن كان أليهايم سيقبلون خبر الزواج بهذه السلاسة… فذلك أمر مجهول.
“حسنًا. هذا مثير للحماسة!”
أجبت بحزم، فبدا على مارثا شيء من الدهشة، إذ لعلها ظنت أنني سأتردد.
“حين يتعافى جلالة الإمبراطور تمامًا، أنوي إقامة حفل يتضرع فيه الجميع من أجل سلامة العرش والإمبراطورية. وسأعلن خبر الزواج في تلك المناسبة.”
وكما هو متوقع من بطلة بارعة التفكير مثل مارثا، كانت خطتها محكمة.
فالناس الآن ينظرون إلى بيت كايين بريبة بسبب إشاعة اختطافي.
ولو أقيم حفل في ظل هذه النظرة، فلن يرغب أحد في حضوره.
‘لكن إن كان الحفل مكرَّسًا من أجل العرش….’
عندها سيُلام من يتخلف عن الحضور.
ثم إن الحفل سيُقام مباشرة بعد الفضل الذي أحرزه بيت كايين في فك لعنة الإمبراطور، مما يجعل البلاط نفسه أكثر تقبّلًا، وبالتالي سيكون التغيب أصعب.
“إنها فكرة رائعة. إن فعلنا ذلك فحتى بيت أليهايم سيضطرون إلى الحذر.”
ارتسمت على محيّا مارثا ابتسامة راضية، وكأنها تقول ‘أحسنتِ فهم المقصود.’
وأضافت:
“بالطبع. فالحفل يحمل اسم العرش، ولا يجرؤ أحد على التصرّف فيه بطيش.”
أي أن خبر زواجي من أركل مهما بدا صادمًا، فلن يجرؤ أحد على الوقوف في وسط القاعة والصراخ:
“أنا أعترض على هذا الزواج!”
ابتسمت مندهشة من دقة خطتها.
‘كنت محتارة متى وكيف أفصح عن خبر الزواج… فإذا بها تُمهّد لي الساحة بأكملها.’
ثم قالت:
“إذن فلنُخبر أركل وناران بذلك في مائدة الإفطار غدًا.”
وبينما كنت أهم بالخروج من مكتبها، نادتني مارثا وسلمتني صكًا على بياض:
“هذه مكافأة على جهدك في هذه المسألة. وقد أضفت إليه ثمن ما فعلتِه بجعل الساحر يلتزم حدوده.”
وكان المبلغ هذه المرة أيضًا يكفي ليصيبني بالدوار.
أسرعت أخفي الصك في جيبي.
“…سأبذل جهدًا أكبر.”
لم أجد غير ذلك جوابًا.
ضحكت مارثا وهي تخلع نظارتها لتلمّعها بمنديل.
“في الحقيقة، كنت أود الاستماع إلى تقرير موضوعي عني بعد غياب طويل…”
والمقصود بـ”التقرير الموضوعي” هو المديح المبالغ فيه الذي اعتدت إغداقه عليها.
“هل نبدأ حالًا؟”
فما من شيء لا أفعله من أجل مارثا.
وكنت قد استدعيت في رأسي بعضًا من تعليقاتي المتملقة القديمة لأعيد استخدامها، لكن مارثا قالت بهدوء:
“لا، لا بأس. لا بد أنك متعبة. خذي قسطًا وافيًا من الراحة الآن.”
‘حتى لو أمرتني بلعق حذائها لفعلت…’
لكنني في الواقع كنت مرهقة حقًا، فابتسمت مودعة وغادرت.
“آه، صحيح.”
سمعت صوتها من خلفي.
“سأعدّ لك هدية زواج خاصة.”
‘……’
‘عاشت البطلة!’
إن الآنسة مارثا كايين هي النور والملح الحق في هذا العالم.
❖ ❖ ❖
في صباح اليوم التالي، كما وعدت، أعلنت مارثا في مائدة الإفطار أنها ستقيم الحفل، وفيه ستُعلن زواجي من أركل.
فتوقف أركل عن الحركة برهة، وتفاجأ الخدم بعض الشيء، ثم سرعان ما هنّأونا بصدق.
“الآن سيعلم الجميع أن السيدة ليزي من أسرة كايين!”
“وسيستطيع بيت كايين التباهي بانتماء السيدة ليزي لهم!”
عمّ الفرح بينهم… إلا شخصًا واحدًا.
“…….”
كان ناران قد بدا بوجه متجهم، ثم نهض فجأة من مكانه، وحاول جاهدًا أن يرسم ابتسامة على شفتيه المرتعشتين.
“مبا… مب، مبرو… مبا… ليزي… اللعنة! لا أستطيع!”
ثم استدار واندفع راكضًا خارج القاعة.
كان المشهد يعيد إليّ ذكرى اليوم الأول الذي أعلنت فيه أنني سأرتبط بعقد زواج مع أركل.
“اللعنة!”
حتى دون أن أراه، كنت أعرف من تبعه إلى الخارج.
في المرة الأولى ارتبكت، لكن في المرة الثانية لم أعد أجد الأمر ذا بال.
‘سأذهب لاحقًا لأهدّئ من روع ناران وسيلفيا.’
فكرت وأنا أتابع تناول شريحة الستيك بهدوء.
أدركت حينها أنني من حيث لا أشعر، قد بدأت أكتسب خبرة جيدة في التعايش داخل أسرة كايين.
❖ ❖ ❖
بعد أن دللتُ ناران وسيلفيا واحدًا تلو الآخر، عدتُ إلى غرفتي لأقضي بعض الوقت بمفردي.
‘إلى الآن كل شيء يسير على ما يرام.’
لقد أمسكتُ بالساحر ــ الإوزة التي تبيض ذهب المستقبل ــ وروّضته.
ثم نلتُ ثقة مارثا بإنابتي عنها في الذهاب إلى كيلستون، وفوق ذلك حصلت على مصروف وفير.
لكن لماذا أشعر…
‘كأن شيئًا ما ناقص…’
آه!
قفزت من مكاني.
“فيلمي!!”
كنت مشغولة بالاهتمام بأمور أخرى فلم أجد وقتًا لمشاهدته ولو مرة واحدة!
وكان حجر العرض لا يزال معلقًا على التمثال في زاوية الغرفة.
أسرعت فأخذته وذهبت إلى هوان.
“هوان! الأمر عاجل! هل تعلّمني كيف أوصل المقاطع ببعضها؟!”
فتحت الباب فجأة وأنا أتكلم، فارتاع عوان حتى كاد يصاب بسكتة.
ثم عدّل نظارته ليهدّئ من روعه وقال:
“…عُدتِ بخير إذن. يسعدني أن أراكِ مجددًا.”
وأدركت أنها أول مرة أراه بعد عودتي من كيلستون.
كان قد تغيّب عن مائدة الإفطار بسبب انشغاله، لكنه على ما يبدو قد سمع بخبر زواجي من أركل.
قال بجدية:
“ما يقلقني هو أن الحفل سيكون في الحقيقة بمثابة أول ظهور رسمي لكم في المجتمع المخملي، ولذلك أمام النبلاء الآخرين…”
كان يريد التوسع في الحديث، لكنني قاطعته:
“الآن! لا يهمني نبلاء لا أعرفهم أصلًا! القلق من الآن لن يغير شيئًا، فما جدوى الانشغال بتفاهات كهذه؟!”
“…لكنني ما زلت قلقًا على أي حال-“
“أقدّر قلقك يا هوان، لكن ما فائدة أن تقلق؟ أياً يكن ما سيحدث، فالتعامل معه شأني أنا.”
“…….”
“لذا علّمني بسرعة كيف أصل المقاطع. أريد أن أصنع تحفة لن يتكرر مثلها!”
بدا وكأنه يرغب في قول المزيد، لكنه اكتفى بزفرة خافتة ثم قال: “حسنًا.”
وبمساعدته بدأت أصل وأقص وأحرر المقاطع التي جمعتها في حجر العرض.
بفضل معرفتي بقوانين أفلام الرعب، لم يكن العمل صعبًا، لكن ما لم أتوقعه هو أن هوان جبان إلى حد لا يُصدق.
“…ثم تضغطين على هذا الزر- آه!! أوقفيه، أوقفيه بسرعة!”
“إذن هذا هو الزر الصحيح، صحيح؟”
“قلت لكِ أوقفيه حالًا!! أعلم أنكِ لم توقفيه بعد، فما زلت أسمع الصوت!”
ولأنه كان يغمض عينيه ويغطي أذنيه في مشاهد ليست مخيفة أصلًا، لم ننته من العمل إلا مع حلول المساء.
“شكرًا يا هوان. أظن أنني الآن أستطيع التعامل مع الحجر بمفردي.”
“…….”
“هل ترغب برؤية النسخة النهائية؟”
“…لا داعي.”
شعرت أن عينيه ازدادت شحوبًا.
وحين هممت بالخروج من المكتب صاح مذعورًا:
“رجاءً، لا تغلقِ الباب بالكامل!”
فخرجت تاركة الباب نصف مفتوح كما طلب.
وفي طريقي إلى الغرفة، بينما كنت أعبر الرواق، أضاء البرق السماء من خلف النافذة.
‘هذا الجو مثالي لمشاهدة فيلم رعب!’
سعدت بالفكرة وأسرعت في خطاي، لكن عندها خطر لي خاطر:
“لنعد إلى المنزل ونشاهد فيلمًا معًا.”
‘آه، هكذا قلت لأركل من قبل.’
ترى هل يتذكر أركل ذلك الوعد؟
‘هل أعرض عليه أن نشاهد الفيلم معًا؟’
❖ ❖ ❖
ذهبت إلى غرفة أركل، لكنها كانت خالية.
فسألت إحدى الخادمات التي مرّت صدفة، فأخبرتني أنه في ساحة التدريب بالحديقة.
“برغم هذا المطر الغزير؟!”
سألتها بدهشة، فأومأت مؤكدة.
“صحيح. أظنه لن يعود إلا بعد ساعات. هل أبلغه أن السيدة ليزي قد جاءت لزيارته؟”
“همم… لا، سأذهب إليه بنفسي.”
قد يكون مجرد وهم، لكن منذ عودتي من كيلستون بدا أركل مختلفًا.
كان صموتًا منذ البداية، وتغلب عليه مسحة قاتمة، لكنه صار أكثر كآبة الآن.
‘بل وكأنه يتجنبني عمدًا…’
‘هل يريد أن يفسخ عقد الزواج؟’
كان شعورًا مزعجًا.
‘من الأفضل أن أواجهه مباشرة، فهذا أسرع طريق.’
وبإرشاد الخادمة اتجهت إلى ساحة التدريب في الحديقة.
“من هنا سأتولى الأمر وحدي.”
قلت مبتسمة، وتناولت منها المظلة عند بوابة الحديقة.
أومأت الخادمة عائدة إلى الداخل.
وبينما كنت أقترب، أبصرت أركل يتدرّب على المبارزة تحت المطر.
“واو…”
رغم أن الطقس لا يصلح للتدريب، كانت حركاته بديعة إلى حد الإعجاب.
وفوق ذلك، بدا منظره تحت ضوء القمر ساحرًا إلى درجة أنني نسيت السبب الذي جئت من أجله.
****
فتحنا انا وصديقاتي المترجمات قناة خاصة بتسريب الروايات واعلانات الفصول وفعاليات وأيضا طلبات وحروقات … واذا اختفيت بتلاقوني هنيك
هاد رابط القناه اعملو سكرين شوت وادخلو لعدسه قوقل منه:
https://t.me/+OedqgPvPKXoyZDFk
التعليقات