هل من الخطأ أن يعجبني رؤية الشرير يتألم [ 39 ]
بالطبع، بما أنّ لاكو لم يكن ليفكّر أصلًا في التأمين وما شابهه، فقد شحب وجهه حتى صار أزرق.
“لا يمكن أن يجد هذا المكان أبداً…!”
تمتم لاكو كأنّه يكلّم نفسه، فأطلقتُ ضحكةً ساخرة.
‘لقد تركتُ هديةً لأجْل أركل.’
وعندما رأيت حجر التصوير يتدلّى من عنق أركل وهو يخرج من بين غبار التراب، أيقنت أن الهدية قد وصلت كما ينبغي.
‘قبل أن أفقد وعيي، أسقطتُ حجر التصوير على الأرض، بعد أن فعلت خاصية التسجيل فيه!’
ولحسن الحظ، كان لاكو منشغلًا بالفرار فلم ينتبه للأمر، كما أن صرخات أركل التي دوّت من بعيد غطّت على صوت سقوط الحجر.
وبفضل المشهد الذي انبعث منه، استطاع أركل أن يهتدي بسهولة إلى هذا المكان.
‘لقد كان من حسن حظي أنني صمّمت المقدمة بذلك الشكل.’
ففي سبيل خلق أجواءٍ مرعبة أقرب إلى أفلام الرعب، ملأت مقدمة الفيلم بمشاهد صامتة من أماكن متفرقة في كيلستون.
ولهذا السبب لم يلحظ لاكو أن الحجر قد بدأ تشغيل التسجيل على الفور
نعم… أفلام الرعب هي الأفضل.
‘وبالتالي، نهايتك قد حانت.’
نظرتُ إلى لاكو بعين راضية.
كان قد عضّ على أسنانه بشدة وشرع في تفعيل السحر الأسود.
”ɵʞØßŋđ، Øßŋ، ɵʞØßŋđ…كـههه.”
لكنّ أركل اندفع نحوه في لحظة، فأمسك قفاه بيد واحدة.
دووم!!
طار لاكو عاجزًا عن المقاومة، وارتطم بشدة بالجدار المقابل.
“غكخ-!”
تشقّق الجدار، وراح لاكو يسعل دمًا أحمر قانيًا.
‘يا للعجب…’
رجل بجسامة أركل نفسها لم يستطع أن يثبت في وجهه لحظة واحدة.
كان هذا أوّل مرّة أرى أركل يقاتل حقًا، وشعوري كان غريبًا.
‘بل هل يمكن أن يُسمّى هذا قتالًا؟ إنّه أشبه بضربٍ من طرف واحد…’
لاكو، الذي لُقّب بعبقري الشعوذة، لم يكن خصمًا هيّنًا.
وكما توقّعت، استعاد تركيزه وبدأ بأصابع سريعة يشكّل طلاسم للهجوم المضاد، لكن…
طَق!
“آآآااه!!”
كان أركل قد اقترب بخطوة، وأمسك معصمه بلا مبالاة ثم لواه.
وبينما دوى صوت العظام المتكسّرة، صرخ لاكو بألم، ثم رمق أركل بنظرة ملؤها الكراهية والموت.
“تجرؤ… تجرؤ…! لن يسرق أحد الحاكمة مني!!”
“…….”
“سأجعلك تدفع ثمن تدنيسك للمعبد!”
عصر الكلمات بصعوبة، فيما راحت عيناه تتحولان إلى السواد.
‘هذا… يبدو خطرًا فعلًا…!’
راقبتُ أركل بقلق، لكنّه لم يظهر أدنى اضطراب.
“غخ…!”
مدّ يده ببطء وأمسك وجه لاكو بكف واحدة.
“إنها ليست حاكمة… بل زوجتي.”
ومع كلماته، سحق رأس لاكو بالجدار.
دووم!
انفجر صوت مدوٍّ وصيحة ألم.
دووم!
ثم مرة أخرى.
دووم!!
ومرة ثالثة.
وفي اللحظة نفسها تقريبًا:
ىأوه… يمكنني تحريك جسدي الآن!’
استطعتُ أن أتحرّر من الجمود الذي كبّلني.
أسرعتُ نحو حيث يتصاعد الغبار، فرأيت جثة لاكو ملقاة تحت الجدار بلا حراك.
وبسقوطه فاقدًا الوعي، انحلّ السحر الذي قيّدني أيضًا.
‘يا إلهي… ما هذا الحال؟’
كان لاكو في حالة مزرية لا توصف، فيما ظلّ أركل واقفًا فوقه دون أن تصيبه أدنى خدش.
‘إذن لم يكن مجرد كلام… لقب “الأقوى في هذا العالم” كان حقيقة)’
شعرتُ بوضوح بماهية الرجل الذي كنت أعيش معه طوال هذه المدة.
“أركل.”
ناديتُه شاكرةً لأنه أنقذني، غير أنّ شيئًا ما في حالته بدا غير طبيعي.
“…….”
لم يردّ، ولم يلتفت إليّ، بل ظلّ محدقًا في لاكو المغمى عليه واقفًا بلا حراك.
‘ما الأمر؟ إنّه ليس كما اعتدتُ أن أراه.’
“…اختفِ.”
تمتم بصوت منخفض، فسرعان ما أحاطت به هالة سوداء.
“اختفِ.”
كان صوته باردًا، خاليًا تمامًا من أي مشاعر.
وعيناه الحمراوان القاسيتان بلا روح كانت تحدّقان في جسد لاكو الملقى، فإذا بالدم ينفجر من فمه وعينيه بجنون.
“……!”
“أركل!”
ناديتُه مجددًا، لكنّه لم يُجِب هذه المرّة أيضًا.
ناديتُ اسمه مرة أخرى، لكنه لم يجبني هذه المرة أيضًا.
عندها فقط أيقنتُ أنه لم يعد في حالةٍ تسمح له بالتفكير السليم.
بكلمة أخرى… لقد فقد عقله.
‘لكن لاكو لم يبدِ أي مقاومة تقريبًا، فلماذا إذن…؟ آه.’
تذكرت فجأة أنّ أركل كان في حالة انفجار مخزون لطاقة السحرية قبل أن أفقده.
أيعني هذا أنّه إن لم يستطع السيطرة على نفسه ينتهي به الحال هكذا…؟
الهالة السوداء التي تحيط به ازدادت كثافة شيئًا فشيئًا، حتى بدا وكأنه قد سلّم جسده كلّه لقوة السحر.
“أركل–”
كما فعلتُ يوم حاول قتل سيلفيا في المزرعة، أمسكتُ بذراعيه بكلتا يديّ.
“لا داعي لقتله.”
ردّدتُ الكلمات نفسها التي قلتها في الماضي، لكن أركل هذه المرّة لم يتوقف.
الهالة السوداء لم تختفِ بل ازدادت قتامة، فيما كان لاكو الملقى أرضًا ينزف بغزارة حتى بدا أنّ موته وشيك.
‘لا جدوى… لا يسمعني على الإطلاق. إذن….’
لم يبقَ سوى حلّ واحد.
اعترضتُ طريقه ووقفتُ بينه وبين لاكو، ثم رفعتُ بصري إليه مباشرة.
“هاي. لِمَ لا ننظر في عيني بعضنا ونتحدّث قليلًا؟”
“…….”
وأخيرًا التقت عينانا، لكنني لم أعلم: هل كان ينظر حقًا إليّ، أم أنّني صادفْتُ نظراته فقط؟
على أي حال، لم يكن هذا المهم الآن.
“ألن تكفّ عن هذا الآن؟ وإلّا فسأكون أنا من يموت.”
وبما أنني أقف حائلًا أمام لاكو، أصبحت أنا في مرمى بصره، أي أنّ أي هجومٍ يوجَّه سيكون نحوي أنا.
“…آه.”
وكما توقّعت، شعرتُ بسائل ساخن ينساب من فمي.
لمستُه بأصابعي فإذا هو دم أحمر.
“انظر… إنني أنزف.”
لوّحتُ بيدي متصنّعةً الدلال، لكنه لم يُبدِ أي ردّة فعل.
“آه… سأموت حقًا على هذا الحال!”
صرختُ متعمّدةً المبالغة، لكن ذلك لم يكن بعيدًا عن الحقيقة.
‘آه… ليتَه يستعيد وعيه سريعًا.’
شعرتُ بأن جسدي كله يلتوي من الألم، وأيقنت أنّه إن استمرّ الأمر هكذا فسألفظ أنفاسي بين فينة وأخرى.
ومجدّدًا اندفع الدم من فمي، فمسحتُه بظاهر يدي وأنا أنظر إليه.
“هل تقدر ألّا تحزن إذا متّ؟”
“…….”
“هل تستطيع ألّا تحزن مطلقًا إذا قتلتني بيديك؟”
“…….”
“برأيي لا. لأنك لستَ إنسانًا أجوفَ بلا قلب كالـرجل الحديدي. ألم أقل لك من قبل إنك جميل حين تكون صريحًا؟”
“…..!”
اهتزّت عيناه الحمراوان قليلًا وتشنّجت ملامحه، ثم رفع يديه ليقبض رأسه وهو يطلق صرخة ممزّقة.
“آغغ… آآآه…!! أآآاااه!!”
جثا وهو يئنّ على الأرض كأنّ ساقيه خانتاه.
تقدّمتُ مترنّحة وجلست أمامه، ثم همستُ له:
“يؤلمك، أليس كذلك؟ يمكنني أن أريحك.”
“آهغ… آآه… ها… ها…”
“اطلب ذلك.”
“ها… ها…”
رفع رأسه ونظر إليّ بعينين زائغتين، وهمس بصوتٍ متوسّل:
“…أريدكِ أن… تلمسيني. أرجوكِ.”
احتضنتا كفيّ وجهه، ثم أطبقتُ جبيني على جبينه وهمستُ مطمئنة:
“أحسنت.”
“هُوه…”
بدأ تنفّسه المتقطّع يهدأ شيئًا فشيئًا.
ومضى وقت لا أدري كم طال.
“ليزي”
“هل عدتَ إلى وعيك؟”
“لقد… لقد كنتُ للتو على وشك أن…”
توقف عن الكلام، ثم أمسك كتفيّ وحدّق بي.
شعرتُ أنّ عينيه تتجهان نحو فمي.
“…….”
رفع يده ببطء، ولمستني أصابعه وهي تمسح برفق الدم العالق عند شفتي.
“آسف.”
همس بكلمةٍ واهنة، فابتسمتُ له مطمئنة:
“لا بأس، فأنا بخير. لنعد الآن… ونشاهد فيلمًا سويًا.”
❖ ❖ ❖
بعدها حملني أركل على ظهره وخرج بي من غرفة لاكو.
لم أكن عاجزة عن المشي تمامًا، لكنني لم أعارض، إذ لم أعلم كم سيطول الطريق.
ولحسن الحظ كان أركل يذكر الطريق الذي سلكه.
وبعد مسيرٍ قصير، التقينا بالفرسان الذين استعافوا من صدمتهم وكانوا يبحثون عنا.
وبأمرٍ من أركل، أحضروا ااكو الذي كان مقيّدًا فاقد الوعي، ودارت نقاشات حول مصيره.
“لنأخذه إلى كايين.”
كان هذا ما أصررتُ عليه حتى اتفقوا عليه.
بدا أركل غير راغب، لكن عندما قلتُ إنّ لـ لاكو قيمة لا بد أن ننتفع بها، أومأ أخيرًا.
حتى الفرسان اقتنعوا حين طمأنتهم أنّه لن يحاول المقاومة.
“لقد ضربه أركل حتى لن يعي شيئًا لأسبوع كامل.”
“آه… لهذا يبدو هكذا.”
“إذن فلا خوف.”
عُدنا إلى القرية، واستعرنا عربة كبيرة من أهل كيلستون، عدّلناها قليلًا ووضعنا فيها لاكو.
“حين نلتقي ثانيةً… سأكون ممثلًا حقيقيًا.”
“هذا رائع. المرة القادمة يمكنك أن تطمح حتى إلى التمثيل العاطفي.”
“سأتدرّب، فالوقت أمامنا طويل… لذا عودي إليّنا لا محالة.”
“أعدك.”
ابتسمتُ وأنا ألوّح بيدي لـ كان ولسكان القرية، حتى غابوا عن ناظري.
❖ ❖ ❖
أرهقني ما جرى أكثر مما ظننت، فنمتُ طوال الطريق في العربة.
وعندما عدنا إلى مقاطعة كايين، استقبلتنا مارثا أمام القصر بنفسها.
لم تترك لنا حتى فرصة لإلقاء تحية الشوق، بل أخذت أركل فورًا إلى مكتبها لتسمع تقرير البعثة.
ولو كان طبعها كعادتها لجرّتني معها أيضًا، لكنها ما زالت ممتنّة لي لأني ذهبتُ إلى كيلستون بدلًا عنها، فأذنت لي أن أستريح أولًا.
كنتُ بالفعل مرهقة، فاتجهتُ إلى غرفتي وسقطت على السرير راغبةً في نومٍ عميقٍ مريح.
لكنني… لم أستطع.
فقد وصلني خبرٌ صاعق: لاكو قد استعاد وعيه.
*****
فتحنا انا وصديقاتي المترجمات قناة خاصة بتسريب الروايات واعلانات الفصول وفعاليات وأيضا طلبات وحروقات … واذا اختفيت بتلاقوني هنيك
هاد رابط القناه اعملو سكرين شوت وادخلو لعدسه قوقل منه:
https://t.me/+OedqgPvPKXoyZDFk
التعليقات لهذا الفصل " 39"