بعد أن أنهينا كل الاستعدادات، ركبتُ العربة المتجهة إلى كيلستون برفقة أركل.
وما أثار دهشتي أن الفرسان المرافقين لنا كانوا أكثر بكثير مما توقعت.
‘لو كان الأمر بيد مارثا لكانت بالتأكيد خفّضت عدد الحرس، بما أنّ أركل سيرافقني…’
اقترب التابع الواقف بجانب قائد الفرسان، وانحنى احترامًا لنا وهو يقول:
“أُرسل لتحيتكما بالنيابة عن الآنسة. ويُؤسفها أن تخبركما أنّها لم تتمكن من مرافقتكما بسبب تدهور حالتها الصحية.”
كانت مارثا قد أوصتني بالحفاظ على السر، لذلك تخلّت عن الرحلة بحجة المرض.
وبما أنّها عادت من العاصمة وظلّت تعمل دون راحة يومًا واحدًا، لم يشكّ أحد حين قيل إنها سقطت بسبب الإرهاق.
كنت أتساءل ما العذر الذي ستتخذه، لكن اتضح أن لا شيء أنسب من ادّعاء المرض.
“قالت الآنسة إنها جمعت نخبة مميّزة من الرجال لحراستكما حتى تعودا سالمين.”
ابتسمت قائلة بمرح:
“مع وجود أركل لا أشعر بالقلق، لكن… الأمر أصبح أكثر طمأنينة!”
فارتجف أركل ارتعاشة خفيفة وهو واقف صامت إلى جواري، ثم قال بوجه واثق:
“بالطبع، أنا وحدي قادر على حماية السيّدة.”
وأضاف بجدّية:
“لكن… الحذر الزائد لا يضر. هذا ما تعلّمته من ميادين القتال.”
أجبته بابتسامة:
“بالتأكيد، بالتأكيد.”
وأنا أومئ برأسي، فكرت أنّ مارثا لم تُقلّص عدد الحرس على غير المتوقع.
وبدا أنّ أركل يشارك الفكرة نفسها، إذ تمتم وكأنه يحدّث نفسه:
“لم أتوقع أن توافق أختي… أحسنتُ صنعًا باتّباع نصيحتي.”
“ها؟” تجهمتُ.
‘متى أعطيتها مثل هذه النصيحة؟’
لكن أركل ابتسم بخفة وكأن الأمر لا يستحق التوضيح، ثم قال:
“لنركب.”
أمسكت بيده وصعدت العربة، ثم جلس هو مقابلي وأغلق التابع الباب بعد أن انحنى مرة أخرى.
وما لبثت العربة أن انطلقت بأصوات سنابك الخيل، متجهة نحو كيلستون، أرض الموتى الأحياء.
❖ ❖ ❖
داخل العربة المتمايلة.
‘إن نجحتُ في هذه المهمة فسأكسب ثقة مارثا بلا شك. وفوق ذلك…’
أخذتُ أعبث بالتعويذة البيضوية المعلّقة في عنقي.
لقد استعرتها من هوان، وهي أداة سحرية تُسجّل شكل الأشياء بواسطة المانا… حجر التصوير!
بكلمة أخرى: كاميرا.
وقد سعيت لأيام حتى حصلت عليها، ودرست طريقة استخدامها جيدًا.
‘أرض الزومبي… من الطبيعي أن أوثّقها بالصور!’
وفجأة اهتزت العربة قليلًا، ففتح أركل عينَيه ببطء بعد أن كان مغمضًا.
لمح التعويذة في يدي، فتغيّر بريق عينيه.
قلت مبتسمة:
“طلبتُ من هوان أن يحضرها لي. هناك أشياء أودّ أن أترك لها سجلًا في هذه الرحلة.”
لكن ملامح أركل ازدادت غرابة، واكتفى بالقول بعد أن تنحنح:
“فهمت.”
ثم أخذ يُحدّق في زجاج النافذة ويرتّب شعره بعناية.
نظرتُ إليه بدهشة، فقال بنبرة جادّة دون أن يغيّر تعابيره:
“إن كان لا بدّ أن يُسجَّل شيء، فأحبّ أن أبقى بمظهر أنيق.”
‘…هل يظن أنني أريد تصويره؟’
في حين أن ما أردته هو صور للجثث المتحركة البشعة، لم يسعني أن أقول الحقيقة أمام وجهه الذي بدا وكأنه ينتظر شيئًا.
تابع قائلاً وهو يعدّل خصلات شعره:
“سأبذل جهدي كي تتمكّني من حفظ الكثير من الجمال خلال هذه الرحلة.”
ضحكتُ بتكلّف وأومأت:
“هاها… نعم.”
وظلّ منشغلاً بعدها بتسوية ياقته، يتمتم بين الحين والآخر:
“كان ينبغي أن أرتدي ثوبًا آخر.”
❖ ❖ ❖
لا أدري كم مضى من الوقت، لكنني أفقت من غفوتي فجأة.
خارج النافذة كان الليل قد أرخى سدوله، والمناظر غارقة في الظلام.
قال أركل الجالس مقابلي:
“لقد وصلنا.”
وبينما أخذت العربة تُبطئ، توقّفت أخيرًا.
فتح السائق الباب بحذر، فنزل أركل أولًا ومدّ يده إليّ.
أمسكتها ونزلت، فرأيت قرية تبعد قليلًا عنا.
‘تلك إذن… كيلستون.’
كانت تقع عند سفح جبل شاهق، تغمرها طبقة كثيفة من الضباب.
وخلف أركل تمتم قائد الفرسان وهو يحمل مصباحًا بيده.
لأنها قرية قائمة عند سفح جبل شاهق، كانت تغمرها طبقة كثيفة من الضباب الرمادي.
تمتم قائد الفرسان وهو واقف خلف أركل يحمل مصباحًا:
“من الخارج تبدو كأنها قرية عادية…”
فأجبته باقتضاب:
“لا، ليست كذلك.”
فالتفت إليّ بنظرة متسائلة، فأكملت ببرود:
“انظر، مع كل هذا الظلام لا يوجد بيت واحد مضاء. هذه ليست قرية طبيعية.”
ابتلع ريقه بصمت وقال متوترًا:
“…حقًا، معكِ حق.”
وبين صفوف الفرسان خلفه، ارتسم التوتر على وجوه الجميع.
‘ولِمَ لا؟ فالأمر أشبه بدخول بيتٍ مسكون.’
حتى الساحر الذي ألقى علينا جميعًا تعاويذ حماية من السحر المقدس بدا وجهه متوترًا.
لم يكن متأكدًا من فاعلية تلك التعاويذ، لكنه لم ينسَ أن يغطي بها أركل وبِي أيضًا.
عندها التفت أركل إلى الفرسان وقال بلهجة حازمة:
“هدفنا هو العثور على الساحر الذي تسلل إلى هنا. سأدخل مع من أُعيّنهم بنفسي. واتركوا الخيول في الخارج.”
ثم أشار إلى بعض الفرسان بأصابعه، والتفت إلى القائد:
“أنت تبقى هنا في الانتظار. إن لم أعد قبل طلوع الشمس، تعالوا للبحث عنا.”
“لكن… هل سيكون ذلك بخير؟”
فأجابه أركل ببرود:
“اهتمّوا بأنفسكم. إن لم أرجع، فالمسؤولية كلها تقع على عاتقكم. ولهذا أبقيت العدد الأكبر معك.”
“…مفهوم.” أجاب القائد بوجه صارم.
ثم التفت أركل إليّ، وفكر لحظة قبل أن يقول:
“السيّدة ستبقى هنا…”
قاطعتُه بسرعة:
“سأذهب معك. وجودي بجانبك هو الأمان بالنسبة لي، وأنت أيضًا تعتقد ذلك، أليس كذلك؟”
صمتَ أركل، فنظرتُ إليه بعزم وأضفت:
“وفوق ذلك… أنت بحاجة إليّ.”
أدركتُ من نظرته أنه يفهم ما أعنيه: إن أصابته نوبة فقدان السيطرة على السحر، فلن يقدر غيري على التعامل معها.
توسلت إليه بعيني:
“أرجوك يا أركل…”
طالت لحظة الصمت، ثم استدار نحو الفرسان الذين اختارهم وقال:
“إن حدث شيء، تكون سلامة السيّدة أولويتكم المطلقة.”
“أمرك.” أجابوا بصوت واحد.
ومع ذلك لم يطمئن، فأمر ستة فرسان أن يحيطوا بي من جميع الجهات، حتى شعرت أني لا أستطيع رؤية الطريق.
‘بهذا الشكل… لن أرى شيئًا حولي!’
سمعت صوت أركل من الأمام يقول:
“سأتقدم في المقدمة.”
‘أخيرًا بدأنا التحرك.’
وسرت ببطء داخل كيلستون، خلف الفرسان.
القرية بدت من بعيد عادية، لكن…
‘لا يزال بيت واحد لم تُشعل فيه النار.’
يزيد الضباب الكثيف من رهبة المكان، وكأننا نسير وسط وهم.
تمتمت دون وعي:
“لا أثر للحياة هنا.”
فارتجف الفارس الذي يسير بجانبي وهمس بصوت متقطع:
“لـ… لا تقلقي يا سيدتي. لن يمسّك مكروه ما دام السيّد معنا… لا داعي للخوف مطلقًا.”
‘كأنه يحاول إقناع نفسه!’
أما أنا، فلم أشعر بالخوف، بل كان الأمر مشوّقًا للغاية.
‘وكأنني داخل فيلم رعب!’
خطر في بالي مشهد من فيلم قديم يظهر فيه رجل عاري الصدر برأس مثلث…
‘سايـــلنت هيل! كم كان فيلمًا رائعًا. فجأة اشتقت لمشاهدته!’
( ساينلت هيل بالاصل سلسلة لعبة رعب تجننن !! احبها تجنن كتير وفي لها افلام مقتبسه كمان تجنن!! فيه جزء لعبة بينزل تصنيفه 19+ من كثر الرعب والدموية وتم حظره في دوله نسيت اسمها بس لن اهزم رح العبها!! مقدر امسك نفسي الالعاب الرعب عشقي البطله ذوقي وتوأمي المفقود (≧∀≦) )
لكن صوت الفارس المرتجف أعادني للواقع:
“ستكونين بخير يا سيدتي. وجود السيّد معكِ يكفي. لا داعي للرهبة… أبدًا.”
‘فعلاً يتحدث وكأنه يُخدّر نفسه.’
تابعت السير، ورغم طول الطريق لم يظهر لا موتى أحياء ولا حتى فأر.
ثم سمعت فارسًا في المقدمة يقول:
“لقد توغلنا كثيرًا… ما رأيك أن نستريح قليلًا؟”
ساد الصمت لحظة، ثم أجاب أركل:
“حسنًا.”
توقفنا في ساحة خالية تتوسطها نافورة مهترئة، فوقها تمثال غراب صدئ.
ولم يكن هناك أثر للماء.
قال أركل بصرامة:
“استريحوا، لكن لا تغفلوا الحراسة.”
جلس الفرسان متعبين على حافة النافورة، لكنهم ظلوا في حالة يقظة.
أما أركل فظل متماسكًا، يراقب المكان بوجه جامد.
‘ربما أجلس أنا أيضًا قليلاً…’
اقتربت، فتنحى الفرسان مفسحين لي مكانًا.
شكرتهم بإيماءة وجلست على الحافة.
شعرت براحة كبيرة حين هدأ جسدي، فأغمضت عيني لبرهة.
‘ربما أنصح أركل أن يستريح بدوره…’
“أركل…”
لكن قبل أن أفتح عيني جيدًا، باغتني صوته الحاد:
“سيّدتي!”
كان قد اندفع نحوي فجأة، وطوّق كتفي بذراعه وأحاطني بجسده، ثم دوّى صوته العميق الذي لم أسمعه منه من قبل:
“الجميع في وضع القتال!”
لم يكن عسيرًا أن أفهم ما يحدث.
‘لقد ظهروا…’
حاولت التحرك لألتفت، لكنه شدّني أكثر وقال بصرامة وهو يطالعني بعينين جادتين:
“لا يا سيّدتي. لا تتحركي. ابقي قربي… ولا تفارقي جانبي أبدًا.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 34"