“آه، هل تقصد ذهابي إلى كيلستون؟ هل علمت بذلك من الآنسة مارثا بالفعل؟”
“…….”
لم يكن الأمر قد أُعلن رسميًا بعد، فتساءلت بدهشة من أين سمع به، غير أن أركل ظلّ صامتًا لا يجيب.
كانت عيناه الحمراوان تحدّقان بي بثبات، إلا أنّه كان من الأصعب من المعتاد أن أقرأ ما يخفيه في داخله.
‘ما الأمر؟ يبدو وكأنه يريد أن يقول شيئًا…’
قلت له بهدوء:
“ألا ندخل أولًا ونتحدث بالداخل؟”
دخل أركل خلفي إلى الغرفة دون أن ينبس بكلمة.
“لابد أنك تفاجأت كثيرًا حين سمعت. لم يكن في نيتي إخفاء الأمر.”
“…….”
“آسفة لأني لم أخبرك مسبقًا. لكن صدقني، لا داعي للقلق إطلاقًا!”
ابتسمت ابتسامة دافئة.
“فبما أنك والآنسة مارثا منحتماني المال، فهو يكفي لاستئجار كل فرقة المرتزقة تاشين وزيادة، هذا إلى جانب أن فرسان أسرة كايِين سينضمون أيضًا.”
قال بلهجة منخفضة:
“أهذا لأجل معالجتهم؟”
“صحيح. لكن ليس بدافع الواجب فقط. الأمر ببساطة لأنني أريده من قلبي.”
“أما أنا فلا يعجبني ذلك.”
“ماذا؟”
رمقته باستغراب من كلامه المفاجئ.
ثبت بصره عليّ وقال بوجه جامد لا يظهر أي انفعال:
“لقد قلتِ لي من قبل إن علي أن أظهر لكِ الاحترام كي تتمكني من إظهار قوتك المقدسة.”
“هذا صحيح…”
‘ولكن، لماذا يذكر ذلك الآن…؟’
وفيما أنا بانتظار تتمة كلامه، إذا به فجأة ينحني على ركبة واحدة.
“أركل؟”
رمشت بعيني مرتبكة.
جثا أركل على الأرض ورفع بصره إليّ بعينين ما زلت عاجزة عن استكشاف خباياها.
ثم تمتم بصوت خافت:
“المسيني.”
امتلأ رأسي بعلامات الاستفهام دفعة واحدة.
‘هكذا فجأة؟ حسنًا… لا أنكر أني لا أمانع، لكن الأمر مباغت جدًا! لماذا الآن…؟’
وكأنه يجيب على تساؤلاتي، قال بنبرة هادئة لا تخلو من الإصرار:
“لا أطيق أن يقول لك الآخرون مثل هذا.”
كان وجهه بلا تعبير، غير أن في عينيه الحمراوين بريقًا غريبًا لم أعهده من قبل.
وهو الذي لم يكن يعاني من امتلاء مخزن السحر لديه، لم أرَه بملامح كهذه قط.
رفع يده ببطء وأمسك يدي، ثم وضعها على وجنته.
تمامًا كما فعل يوم هدّأتُ مخزن سحره لأول مرة.
قال بنبرة متصلبة:
“لا أحب أن تفعلي هذا مع غيري.”
“…….”
“أريدكِ أن تلمسيني أنا وحدي.”
“لكن لا يمكنني التفريط بفرسان أسرة كايين الأعزاء.”
“ليكن، أما الغرباء من غيرهم فلا أقبل.”
الغرباء؟ لعله يقصد فرقة المرتزقة تاشين…
وأخيرًا بدأت أدرك سبب تصرفه هذا.
“هل الأمر أنك تكره أن أستعمل قوتي لصالح الآخرين؟”
“…هل خيّبتُ ظنكِ؟”
رفع بصره إليّ مترقبًا ردة فعلي.
“أتظنين أنني أناني؟”
لم يكن شعوري خيبة أمل، لكنني دهشت فعلًا؛ إذ إن أركل المعتاد على إظهار اللامبالاة تجاه كل شيء، بدا مختلفًا الآن.
‘حقًا… قوتي هي الطريقة الوحيدة لتهدئة مخزن السحر. من الطبيعي أن لا يرغب في أن يأخذها الآخرون منه.’
ولذلك فقط كان أركل يتصرّف بهذه العاطفة الملحة. وقد بدا لي الأمر مفهومًا تمامًا.
حين صمتُّ قليلًا، قال بخفوت:
“يبدو أن خاب ظنكِ بي.”
فهززت رأسي مبتسمة ابتسامة مشرقة:
“أبدًا!”
“…….”
انحنيت قليلًا حتى اقترب وجهي من وجهه، ثم وضعت يدي الأخرى على خده وقلت:
“أتعلم؟ حتى هذه الملامح جميلة.”
“…….”
في كل مرة أرى وجهًا جديدًا من وجوهه، يزداد شوقي لرؤية كل ما يمكن أن يظهره هذا الرجل من ملامح.
‘نعم… أجمل لحظاته حين تُلوّنها المشاعر.’
لكن ما لم أتوقعه، أن أركل يتمنى أن يحتكر قوتي لنفسه…
فابتسمت مازحة بنبرة ماكرة:
“لم أشعر بخيبة أمل… لكنني أشعر أنك وقح قليلًا.”
“…….”
“حين تريد شيئًا تصبح بهذا القدر من الصراحة، لِمَ لم تكن هكذا من قبل؟”
في القصة الأصلية لم يكن يطلب شيئًا أبدًا، لكن يبدو أنني أنا من جعلت أركل يمتلك ما يرغب فيه.
‘أعني، قوة الطاقة المقدسة.’
لا، في الأصل كانت هذه قدرة ليزي، فهل يصح أن أقول إنني من صنعت الرغبة له؟ على أية حال.
لا أعرف لماذا يريد احتكار قدرتي، لكن بالنسبة إليّ كان هذا أفضل بكثير.
فمع وجود أركل إلى جانبي، لا حاجة بي إلى إنفاق مال طائل لاستئجار فرقة المرتزقة.
أمام رجل قادر إن أراد على إفناء الإمبراطورية كلها وحده، فما حاجتي بآخرين؟
وبالرغم من أنني تظاهرت أمام مارثا بأن المال لا يهمني، إلا أنني لم أكن حقًا أريد تبديد شيكٍ ثمين كهذا.
‘إنه مالي الذي جنيته بدم قلبي… وهكذا سأنقذه.’
وفوق ذلك…
عيون أركل التي كانت دومًا خاوية كالميتة، صارت تتلألأ بوميض مختلف.
صحيح أن وجهه الجامد كان جميلًا على نحو غير واقعي، لكن حين دبّت فيه الرغبة بدا أجمل أضعافًا.
ولأنني أرغب في رؤية كل وجوهه، كان إدراكي أن ما يطلبه صار بيدي بمثابة امتلاك طوق يمسك برقبته.
‘الطاقة المقدسة، هاه… أشعر أنني أستطيع استغلالها لتسييره كما أشاء.’
لكن وعلى عكس هذه الأفكار المظلمة، رسمت على شفتي ابتسامة هادئة.
“حسنًا.”
ابتعدت عنه قليلًا وقلتها بارتياح.
ظل أركل جاثيًا على ركبته يحدّق بي بصمت وكأنه لم يتوقع أن أوافق بهذه السهولة.
“إن رافقتني، فسأكون شاكرة لك، بل إن الآنسة مارثا ستطمئن أكثر. أعتمد عليك.”
قلتها وأنا أبتسم بخفة، فنهض أركل ببطء.
“ألستِ غاضبة؟”
“غاضبة؟ أنا؟ ولمَ؟”
رفعت كتفيّ مبتسمة بلا اكتراث.
لكن أركل لم يبتسم قط. بل سأل بصوت منخفض كأنه يبوح بسرّ:
“وهل تقبلين بهذا الجشع من جانبي؟”
‘يقصد رغبته في احتكار قوتي.’
أما بالنسبة لي، فالأمر أصلًا في صالحي.
رؤية وجه أركل وهو يتوق لشيء، والشعور أن زمامه بين يدي… كان أعظم مكسب.
أومأت برأسي بحزم.
“قلتُ لك من قبل، أليس كذلك؟”
“…….”
“أجمل ما فيك حين تكون صريحًا.”
“…….”
أدار بصره جانبًا وهمس:
“…أشكرك.”
‘هل… هل يخجل الآن؟ ما أروعه!’
تأملته مبتسمة ابتسامة راضية كابتسامة أمّ ترى طفلها.
“سأتحدث مع أختي، أما أنتِ فارتاحي.”
قال وهو يهم بالخروج، ثم توقّف عند الباب ونظر إليّ:
“هل لي بسؤال أخير؟”
“ما هو؟”
ثبت نظره عليّ وقال بهدوء عميق:
“…أيجوز لي حقًا أن أرغب بكِ؟”
كان صوته وادعًا متماسكًا، لكنه حمل نذير خطر لحظةً عابرة.
‘على أية حال، كلما رغبت بي أكثر، ازداد نفعي.’
“بالطبع.”
أجبت مبتسمة بلا تردد.
تغيّرت ملامحه قليلًا.
فتح عينيه بدهشة للحظة، ثم…
‘هاه؟ الآن…؟’
ابتسم.
كانت أول ابتسامة حقيقية أراها منه.
ذلك الفم المتصلّب ارتسم عليه قوس رقيق لطيف.
ومن بين شفتيه انطلقت نغمة عذبة:
“إذن سأرغب بكِ كما أشاء.”
انحنى برأسه تحيةً ثم غادر الغرفة.
في النهاية، وفّرت المال، وتيقنت أن زمام أركل صار في قبضتي. غير أنني بقيت مذهولة للحظة من كلماته الأخيرة.
‘مهلاً… قال إنه يرغب بي؟’
ثم هززت رأسي.
‘لا بأس… لقد اختصر قوله إنه يريد قوتي فحسب. ليس إلا.’
هكذا تجاهلت الأمر.
❖ ❖ ❖
في مكتب مارثا.
من غير حاجة إلى مقدمات، أعلن أركل ببرود أنه سيرافق ليزي إلى كيلستون.
فأجابت مارتا ببرود أيضًا: “إن كان هذا اختيارك….”،
لكنها في أعماقها هللت سرورًا.
منذ أن سمعت طرق الباب، خالجها شعور بأن خطتها قد نجحت.
قال أركل:
“أرى أن قلَقكِ قد زال لمجرد أنني سأرافقها.”
“نعم، ولأن…”
“ولأنكِ قررتِ أن تخفّضي النفقات، أليس كذلك؟”
ارتبكت مارثا وارتعش جسدها قليلًا وهي تحدّق به.
“إنك ترافقها بنفسك، فيكفينا قلة من الفرسان، وبالطبع ستنخفض النفقات….”
صحيح أنها فرحت في داخلها بالتوفير، لكنها ظنت أن أخاها سيتقبّل الأمر بصدر رحب إن شرحت بهذا القدر.
كما اعتادت منه دومًا أن يكتفي بعبارة “فهمت” بملامح ضجرة وينهي الحديث.
لكن.
“يا أختي ما أشدّ تدقيقك!”
“ماذا؟”
واصل أركل ببرود:
“ليزي وافقت على الذهاب إلى أرض الموتى الأحياء من أجلكِ أنتِ وحدك. وكان حريّ بك أن تزوّديها بفرسان أسرة كايين جميعهم، لا أن تنشغلي بتوفير القليل من المال. أرجو ألا يكون كلامي جارحًا، لكنكِ لا تبدين حريصة بل بخيلة حدّ الشح.”
“…مع أنك تقول دائمًا إنك لا تفهم الناس، إلا أنك الآن صريح أكثر مما ينبغي.”
قالتها مارثا وهي تكبح غيظها بصعوبة، فارتسمت على شفتي أركل ابتسامة هادئة.
كادت قبضتها أن تنطلق نحوه لولا أنه همس:
“قالت عني جميلًا.”
“ماذا؟”
“قالت إنني حين أكون صريحًا… أبدو جميلًا.”
ابتسم لنفسه ابتسامة راضية، ثم التفت إلى مارثا وسألها:
“وأنتِ؟ أترين صراحتي جميلة أيضًا؟”
“…أتسخر مني يا هذا؟”
****
فتحنا انا وصديقاتي المترجمات قناة خاصة بتسريب الروايات واعلانات الفصول وفعاليات وأيضا طلبات وحروقات … واذا اختفيت بتلاقوني هنيك
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 33"