لكن أركل كان قد حوّل بصره نحو أخيه ناران الملقى على الأرض بعيدًا.
كانت ليزي وسيلفيا عند جانبه تفحصانه وهو فاقد الوعي.
قبض أركل يده حتى بيّنت عروقه وهو ينظر إلى أخيه الذي تقيأ دمًا وسقط مغشيًا عليه.
وحينها تسللت إلى ذهنه ذكريات من طفولته.
“ناران ضعيف يا أركل، لا يملك أي قوة بخلافك. لهذا السبب عليك أن تتحمل المسؤولية وتحميه مهما حصل. هذا ما كان والداك يتمنّيانه أيضًا.”
هزّ أركل رأسه بصمت، فابتسم كالاين آنذاك برضا.
“عندما تذهب إلى الحرب، ستصبح قويًا لا محالة. أنا من يصنع منك رجلًا قويًا.”
“إذن سأتمكن من حماية ناران؟”
“بالطبع. ما دمت بعيدًا، فسأتولى أنا رعايته بنفسي.”
“وعدٌ إذن.”
“ثق بعمّك.”
أومأ أركل برأسه مرة أخرى.
وقبل أن يغادر الغرفة، استوقفه كالاين:
“سأمنحك نصيحة خاصة، يا ابن أخي. في ساحة المعركة… الأفضل أن تتخلى عن مشاعرك.”
“ماذا تقصد؟”
“رغم صغر سنك، فأنت قوي إلى حد يشبه الوحوش، لذا لستَ مهددًا بالموت بسهولة. لكن المشاعر… هي ما سيضعفك تدريجيًا.”
“…….”
“احفظ كلامي: تخلَّ عن مشاعرك. اللحظة التي تبوح فيها بما تشعر به… ستكون قد ضعفت. وعندها لن تتمكن من حماية أي أحد. عد سالمًا وساعد عمّك، أليس كذلك؟”
“اعتنِ بناران.”
وهكذا في سن الرابعة عشرة، خرج أركل إلى الحرب.
خمسة أعوام من الدم والحديد مضت، وهو يجزّ رقاب المتمردين في ممالك أخرى كمرتزق، ولا شيء يتردّد في ذهنه سوى وصية واحدة:
“تخلَّ عن مشاعرك.”
إظهار المشاعر يعني الضعف.
والضعف يعني العجز عن حماية أي أحد.
حتى إذا عاد بعد خمس سنوات، وقد أصبحت أخته مارثا رأس العائلة، وعمّه قد غادر القصر، تلبية لنداء مارثا رجع أركل إلى أراضي كايين.
وحين التقى من جديد بأخيه الذي شبّ فجأة، استقبله ناران بنظرة احتقار.
ــ “تنحّ جانبًا. لا تنظر إليّ بتلك العيون.”
“…….”
“ماذا؟ أتراك أنت أيضًا تراني قمامة؟ حملًا ثقيلًا لا فائدة منه؟ لدرجة أنك فضّلت ميادين الحرب على أن تطيق النظر إليّ؟”
“ناران.”
“أبغضك. توسلت إليك يومها ألا تذهب…
لكنك تجاهلت كل كلماتي.”
“…….”
“بالطبع، كلماتي لم تكن تعني لك شيئًا على الإطلاق.”
قالها ناران ببرود، ثم أدار ظهره ومضى.
وقف أركل ساكنًا يراقب ظهر أخيه وهو يبتعد.
“لم يكن الأمر كذلك… لم أعتبرك يومًا عبئًا… كنت سعيدًا بلقائنا مجددًا.”
لكنه كان قد نسي منذ زمن طويل كيف يعبّر عن مشاعره.
ربما لم تعد لديه مشاعر أصلًا، وربما توهم فقط أنه لا يزال يشعر.
‘ومهما يكن… لا فرق.’
فكر أركل بعينين جامدتين.
وفي الحاضر، وبينما كان شاردًا يتأمل وجه ناران المغشي عليه، اخترق سمعه صوتٌ مألوف:
“أركل!”
كانت ليزي تنظر إليه بقلق ظاهر على وجهها.
“هل أنت بخير؟ وجهك شاحب.”
“…كيف حال ناران؟”
“ما زال يتنفس، لكن…”
ترددت ليزي لحظة، ثم تابعت بصوت حاسم:
“يجب أن نتخذ إجراءً فوريًا. وإلا ستكون حالته في خطر.”
صمت أركل، ثم تقدم بخطوات غاضبة نحو كالاين وأمسك بتلابيبه رافعًا إياه عن الأرض.
“ما الذي فعلته بناران؟”
“ك… كَهك…!”
“تكلم. وإلا قتلتك.”
كان كالاين يختنق وهو يلهث بصعوبة، ثم تمتم بصوت متقطع:
“س… سمّ. سمٌّ لا أتحكم فيه إلا أنا.”
“الترياق.”
“لا وجود لأي ترياق في الدنيا! هذا الطقس السحري من ابتكاري وحدي… أنا وحدي أستطيع إيقافه.”
ارتسمت ابتسامة ماكرة على شفتيه:
“ما رأيك بصفقة يا ابن أخي؟ أوقف انتشار السم مقابل أن تطلق سراحي.”
“…….”
“ما الذي تتردد فيه؟ ليس أمامك خيار آخر.”
“بل هناك خيار.”
التفت أركل وكاللاين معًا نحو مصدر الصوت.
كانت ليزي أليهايم، تشير إلى نفسها بابتسامة واثقة:
“أنا.”
***
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام كملفات، وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
عالم الأنمي
عـام
منتدى يجمع عشاق الأنمي من كل مكان!
شاركنا انطباعاتك، ناقش الحلقات والمواسم الجديدة، تابع آخر الأخبار، وشارك اقتراحاتك لأفضل الأنميات التي تستحق المشاهدة.
سواء كنت من محبي الشونين، الرومانسية فهذا القسم هو موطنك!
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
التعليقات لهذا الفصل " 21"