ألا يجوز للشرير أن يستمتع بالتدحرج [ 20 ]
“سأقولها مرة أخرى. إن تجرأتَ على المساس بليزي ولو لمرة…”
تألّقت عينا ناران بوميض حاد.
“فسوف تموت على يدي، أيها الوغد.”
“كَح! كَح… هذا الوغد الصغير اللعين…!”
تمتم كالاين، وقد شحب وجهه إلى زرقة الموت وهو يلهث بيأس.
“أتفكر بقتل عمّك… يا قمامة؟”
تطلع إليه ناران بوجه جامد، خالٍ من أي انفعال.
“لستُ قمامة.”
“ماذا قلت؟”
“إن كنتُ أنا قمامة… فقد قالوا إنك أنت قمامة نووية.”
“ماذا… ما الذي تهذي به؟”
نظر إليه كالاين كما لو أنه جنّ، بينما ارتسمت على شفتي ناران المستغرق في ذكرياته ابتسامة خفيفة.
‘إن كنتَ أنت قمامة… فأنا قمامة نووية.’
“قال لي أحدهم: ناران، إن كنتَ قمامة، فأنا أسوأ منك بمئة مرة.”
“لا أعرف ما تعنيه القمامة النووية، لكني أعلم يقينًا أن هذا الوصف لا يليق بليزي… ولهذا فأنا لستُ قمامة.”
“تتفوه بالهراء! ناران، أنت على خلاف إخوك وأختك، لا تملك أي قدرة… مجرّد قمامة بائسة.”
“كفى هراء.”
“كَح! يا لك من وقح… منذ المرة الماضية وأنت تتجاوز حدودك—”
“ألم أقل لك إنني لم أعد طفلاً بعد الآن يا عمّي؟”
قالها ناران وهو يثبت عينيه في عيني كالاين.
“فإن ذكرتَ اسم ليزي بلسانك مرة أخرى…”
لكن كلماته انقطعت فجأة.
تجعّدت ملامحه، وانزلقت يده التي تقبض على عنق خصمه بلا حول ولا قوة.
تراجع وهو يكمّ فمه بارتباك.
“أوغ… كَح…!”
ارتج جسده باجترار مؤلم، وتسرّب الدم من بين أصابعه.
تنفس كالاين الصعداء بعدما أفلت من قبضته، ورسم على شفتيه ابتسامة خبيثة.
“أخيرًا بدأتْ مفاعيلها بالظهور.”
“ماذا فعلتَ بي—؟”
“اعتبره درسًا لتأديب ابن أخ وقح.”
أخرج من جيبه قنينة صغيرة، هي ذاتها التي استعملها في التجربة السابقة حين حقن جسد ناران.
“أكنتَ تظن أيها الأحمق، أني سأسمح لك بامتلاك قوة هائلة مثل المانا بلا وسيلة ردع؟”
اقترب من ناران الذي سقط على الأرض ممسكًا صدره، وأطبق بقدمه على يده بقسوة.
“الدواء الذي شربته… لا يُظهر المانا فحسب، بل له أثر آخر. يبدو أن الأول فشل، لكن الثاني نجح تمامًا.”
“أوغ… اااه…”
“ما دخل جسدك… هو سمّ سحري. وأنا وحدي من يملك القدرة على التحكم في انتشاره.”
قبض على رأس ناران وشدّه إلى الخلف.
“وأنا وحدي أيضًا من يملك ترياقه. فلتصغ جيدًا لعمّك يا عزيزي.”
“سوف… أقتلك…”
“احذر ألفاظك. بيدي أن أوقف السم عن الانتشار… أو أجعله يبلغ قلبك في لحظة. كهذا مثلاً.”
مع كلماته، اتسعت عينا ناران.
“هيييك… هاااه…!”
زمّ شفتيه وهويتنفس بصعوبة وعيناه تتلوّيان بالألم.
نظر إليه كالاين برضا بارد.
“مثير للشفقة.”
ثم مرر يده على شعره المبتل بالعرق وهو يهمس:
“هكذا يكون جزاء من لا يعرف قدره. أحمق. أنت لا تزال قمامة أدنى من إخوتك.”
“…….”
“لو كانت مارثا تلك الداهية، لما وقعت في هذا الفخ. أما أركل، فلا سبيل أن تجدي معه هذه الشعوذة أصلاً. أفهمت الآن أيها الصغير؟”
اقترب وهمس في أذنه:
“أنت في الماضي والحاضر سواء، مجرد قمامة عاجزة.”
“أنا… أنا…”
ارتجف بصر ناران، ثم أطبق شفتيه بصمت.
خبا البريق من عينيه، وغشاهما السواد.
ارتسمت على وجه كالاين ابتسامة ساخرة:
‘أخيرًا عرف قدر نفسه… هذا الوغد الصغير.’
بدا ناران كدمية انقطع خيطها. أسهل ما يكون على التحكم.
لكن فجأة—
دوّى صوت ارتطام قوي، وانفتح باب القبو بعنف.
اندفعت أشعة الضوء إلى الداخل، كاشفة امرأة ذات شعر فضي متلألئ وقفت في العتبة شامخة.
وما إن رأت المشهد داخل القبو، حتى شهقت وهي تغطي فمها بصدمة.
بدت مقدسة، رقيقة، أقرب إلى الملاك…
لكن ما فاض من فمها كان نقيض ذلك تمامًا:
“أيها الـXXX، ماذا فعلت بصغيري؟!”
❖ ❖ ❖
“ليزي…؟”
تمتم ناران الملقى على الأرض، محدّقًا في وجهي بذهول، والدم يلطّخ شفتيه.
“كيف جئتِ… كَحح!”
تقطعت كلماته بسعال دموي حاد.
“ناران!”
صرختُ وأنا أندفع نحوه، لكن كالاين اعترض طريقي بعينين لامعتين.
“يا للصدفة السعيدة. كنتُ بحاجة إلى مساعدة القديسة، فها هي قد جاءت بنفسها.”
ثم مدّ يده نحوي وهو يلعق شفتيه.
“إن قاومتِ… ستؤذين با صغيرتي.”
لكن—
بووووم!
دوى صوت ضربة صاعقة، وارتدّ رأس كالاين إلى الجانب وهو يتلوى من الألم.
“ومن قال إنني سأُؤذى، أيها العم؟”
كانت سيلفيا.
ركلته بالضربة ذاتها التي حطمت التمثال، فصرخ وهو يقبض على أنفه وقد سال الدم بغزارة.
يبدو أن عظم أنفه قد تحطم.
‘لو أنها سحقت جمجمته تمامًا لكان أفضل… مثل ذلك التمثال سابقًا.’
ومع ذلك، رفعتُ إبهامي لسيلفيا علامة الإعجاب قبل أن أتخطى كالاين وأهرع إلى ناران.
‘هذا الدم… هل أصيب بأذى داخلي؟’
فتح ناران عينيه بجهد، يحدّق بي وهو على شفا الإغماء.
“ناران، هل أنت بخير؟ أين تؤلمك الإصابة؟”
“ليزي… سامحيني…”
“ماذا؟”
ارتجف صوت ناران بخفة.
“لأنني… لم ألتزم بوعدنا بتناول الفطور معًا…”
أمضيت النظر إليه بهدوء، ثم ابتسمت ابتسامة رقيقة، ومددت يدي لأمسح وجنته بلطف.
“ألم أقل لك؟ سأشاركك كل وجبة فطور مدى حياتي.”
“لكن… ليزي… قريبًا…”
“قد تكون اختياراتي غريبة أحيانًا، لكن ما أقول ألتزم به دومًا.”
تبادلت معه النظرات قائِلة:
“سأبقى هنا. لن أذهب لأي مكان.”
اتسعت عينا ناران على الفور.
“لكن، لكن…”
عضّ شفتيه بشدة.
“…كان كلام أركل صحيحًا. حينها كنتُ عنيدًا، لكني أعلم حقيقةً أن وجود ليزي هنا باستمرار قد يسبب حربًا…”
ارتفعت نبرته تدريجيًا.
“لهذا أردت القوة. لو لم أكن عديم الفائدة كما أنا الآن… لو كنت أملك قوة مثل أخي أركل…!”
“لا حاجة لذلك.”
قطعتُ كلامه بحزم.
“لأنك الآن كافٍ كما أنت، طفل جميل، محبوب، وثمين.”
رغم أنني الوحيدة التي ترى ذلك، كنت أحب قراءة الروايات الأصلية لأنني أحب مشاهدة الشخصيات تتعرض للأذى، لكن رؤية وجه ناران المغطى بالدم كانت تمزق قلبي.
‘كيف يمكن أن يُساء لطفلٍ بهذا الجمال…’
مسحت بلطف آثار الدم على شفتيه بمنديل من كمّي، فأطلَّ ناران عليّ بابتسامة ضعيفة.
“ظننتُ أنكِ غاضبة… لكنكِ لطيفة حقًا يا ليزي.”
“……”
“فلنتناول الفطور معًا غدًا، لا نغيّب هذا الوعد.”
أغمض ناران عينيه ببطء، وكأن وعيه غادر جسده.
لمحت تحت قميصه آثارًا حمراء على جسده.
رفعتُ طرف قميصه بصمت…
‘يا إلهي…’
عضضت شفتيّ بلا كلام.
لم يمض سوى أيام قليلة على وصول كالاين هنا، ومع ذلك كان جسد ناران مليئًا بالجروح كما لو تعرض لسنوات من الإساءة.
حينها تأكدت.
هذه بلا شك امتداد للإساءة التي بدأت منذ طفولته.
‘تذكرت أن كالاين قال إنه عمل في برج السحر في شبابه…’
لا أعلم الهدف بدقة، لكنه كان يختبر ناران منذ زمن.
‘هل هذا سبب اهتمام ناران بالتعذيب؟’
يبدو أن طفولته مع معاملة كالاين القاسية علّمته العنف دون وعي.
نهضت ببطء ونظرت إلى كالاين.
كان ساقطًا أمام سيلفيا، يركع ويداه خلف ظهره صارخًا:
“هذه الخادمة الغبية… ما هذا الذي تفعلينه بسيدك!”
سخرت سيلفيا منه قائلة:
“ومن الذي تقول إنه سيدي؟”
ابتسمت بسخرية وأضافت:
“سيدي هو ذلك الشاب ناران، الذي يرقد هناك…”
“أخخخ!”
صرخ كالاين حين لوت سيلفيا ذراعه.
ابتسمت سيلفيا لي وقالت:
“أما هذه، فهي ليزي أليهايم، الواقفة هنا.”
“ايتها المجنونة…”
“ماذا نفعل بهذا الوغد؟”
سألتني سيلفيا دون اكتراث لكلام كالاين.
“نخلع ذراعه ببساطة؟”
“أخخخ!”
صاح كاللاين مرة أخرى.
“لا، سيلفيا.”
أغلقت أذني وأقتربت منهما.
“هذا لا يجوز.”
بدا كالاين مرتاحًا حين أوقفت سيلفيا.
“صحيح، القديسة لا ينبغي أن تفعل هذا. القديسة رحيمة بطبيعتها، أليس كذلك؟”
“صحيح.”
“حقًا، أنت لطيفة. كفى لعبًا، حرريني الآن وأريني رحمتك.”
“حسنًا.”
أجبت فورًا، وارتسمت الدهشة على وجه سيلفيا.
“حقًا ستغفرين له؟ لكن…”
“أيتها الخادمة، لا تتدخلي!”
قاطعها كالاين بحدة، ثم ابتسم ابتسامة شريرة ليّ.
“حسنًا، أيتها القديسة… تقدمي…”
نظرت بصمت حول المختبر على الأرض، فوقع بصري على سيخ حديدي صغير.
‘هذا مناسب.’
التقطته وابتسمت، متوجهة إلى كالاين:
“سأمنحك رحمة خاصة. اختر: العين اليمنى أم اليسرى.”
تجمد وجه كالاين الذي كان يبتسم بثقة.
“…ماذا؟”
“قلت لك: هل ستتخلى عن اليمنى أم اليسرى.”
“هاهاها، أنتِ مسلية جدًا… لكن لا أشعر برغبة في المزاح الآن—”
“ليست مزحة.”
ارتجف حين سمع صوتي الهادئ.
“لسنا هنا للعب. سيلفيا، أمسكيه جيدًا.”
“إ-إيتها المجنونة-ابتعدي-!”
قبضت على وجه كالاين، فصرخ كالمجنون.
“أخبرني بسرعة! سأمنحك رحمة خاصة وسأترك لك العين التي تختارها.”
“أيتها المجنونة!”
قالت وهي تضغط السيخ على عينه:
“إن كسرنا ذراعًا أو اثنين سيلتئمان بسرعة، لكن ما فعلته بناران يظل أثره مدى الحياة. أليس هذا عدلًا؟”
“هراء…! أنتِ ضعيفة جدًا على مثل هذا—”
“أنا أستطيع! كنت أحلم بتجربة هذا كلما شاهدت الأفلام.”
ربما لم يفهم كالاين كلامي تمامًا، لكنه أدرك أنني لا أتهوّر.
“أيتها المجنون! أتطنين بعد هذا ستبقين سالمة؟!”
اقتربت بالسيخ أكثر، فصرخ وهو يحاول التملص طالبًا الصفح.
“أتريدني أن أسامحك؟”
أومأ كالاين بجنون:
“أرجوك، أرجوك!”
ابتسمت له بلطف:
“إذن أخبرنا أيها الوغد، ماذا فعلت بصغيري.”
*****
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول. وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
التعليقات لهذا الفصل " 20"