“لن أنسى أبدًا ما فعلت بي. استعملتني للهوك، والآن… جاء دوري لأستعملك.”
كل ذلك فقط كي لا يترك ليزي ترحل.
لأول مرة في حياته، وُلد في داخله شيء لا يستطيع الاستسلام بشأنه، حتى لو بدا أشبه بحلمٍ لا يليق بإنسان مثله.
‘لا يمكن أن أخسرها… أبدًا.’
ظل كالاين يحدّق في ناران بعينين حائرتين، ثم ابتسم ببطء وهو يومئ برأسه:
“حسنًا… أيًّا كان السبب.”
تلألأت عيناه ببريق طامع:
“ما دمتَ ستقدّم لي جسدًا للتجارب مجانًا، فلا بأس.”
ثم مدّ يده ووضعها على كتف ناران، فتشنج جسده.
“فلنذهب إذن. آن الأوان أن ألهو قليلًا مع ابن أخي.”
سكت ناران بلا كلمة، ومسح كل أثر عن وجهه قبل أن يتحرك أولًا.
ضحك كالاين ساخرًا وهو يتمتم خلفه:
“يا لك من صبي وقح.”
لكن داخله كان يضطرم:
‘أيها الغرّ المغرور… تظن أنك ستستعملني؟ تافه!’
لم يتغاضَ إلا كي لا يضيّع هذه الفريسة الثمينة.
‘سأحرص بنفسي على تأديبك أيها الجاحد.’
راح يتبعه بعينين ملؤهما الغلّ.
❖ ❖ ❖
مرّت ساعة منذ أوكلت لهوان مهمة التحقيق.
وبينما كنت أتمشّى في الغرفة، أستعيد في ذاكرتي ما أعرفه عن كالاين.
إذ كان بطل الرواية الأصلية جين أليهايم، لم يرد ذكر كالاين إلا نادرًا، أقل حتى من إخوة كايين الثلاثة.
‘وكل ما ظهر عنه… أنه كان يتجسّس ويسرّب أسرار أسرة كايين، ما أثار غضب مارثا فحسب.’
لم أستطع أن أسترجع شيئًا آخر مهما أجهدت ذهني.
‘هل كنت متوهّمة فقط؟’
شعرت بغصّة، كأن هناك سرًا لم يُكشف بعد.
‘ربما أذهب غدًا لناران وأدعوه لنتناول الفطور سويًا… قد ينعش ذلك مزاجي.’
تخيلت وجهه المشرق حين يسمع الدعوة، كأنها منحتْه الدنيا وما فيها.
‘سيبتسم بتلك البراءة اللطيفة مرة أخرى… أليس كذلك؟’
فتحت الباب فجأة وخرجت، فارتبكت سيلفيا التي كانت واقفة أمامه:
“إلى أين تذهبين؟”
ابتسمت وقلت:
“لأرى صغيري.”
تسعت عيناها دهشة:
“ص-صغيرك؟”
“ستفهمين حالًا.”
وتبعتني في حيرة، حتى وقفت أمام غرفة ناران.
هناك فقط أدركت وفغرت فاها.
“تقصدين أن الصغير هو السيد ناران…؟”
ضحكت قائلة:
“بالطبع، إنه ملاكي الصغير.”
ظلت تحدّق بي في ذهول، أما أنا فطرقت الباب قائلة:
“ناران، إنها ليزي.”
انتظرت أن يفتح مبتسمًا، لكنه لم يظهر.
“ما رأيك أن نتناول الفطور معًا صباح الغد؟”
لكن لا جواب.
‘لعل ظرف لا يسمح له بالخروج؟’
توجهت إلى ورشته، لكن بابها كان مقفلًا بإحكام.
لا أثر له في أي مكان.
سألت سيلفيا بقلق:
“حتى هنا ليس موجودًا؟”
هزّت رأسها بارتباك، وفجأة ظهرت خادمة تحمل غسيلًا.
“أوه، آنستي ليزي. إن كنتِ تبحثين عن السيد الثالث، فقد خرج منذ الصباح الباكر.”
بادرت أسألها:
“إلى أين ذهب؟”
أجابت بتردد:
“على ما يبدو إلى الجناح الغربي… مع السيد كالاين.”
تلاقى بصري مع سيلفيا في لحظة صاعقة.
‘كالاين… ذلك الوغد؟! ومع ناران معًا؟’
بل ومنذ الفجر؟! حتى ورشته التي يحبها أهملها…؟
إن كان ناران قد ترك تنظيف ورشته الصباحي، فلا بد أن وراء ذلك سببًا وجيهًا.
‘لا يمكن أن يكون السبب مجرد تعلقه بالعم… ناران لم يكن يستقبله بتلك الحفاوة أصلًا.’
ما زلت أذكر بوضوح تلك اللحظة حين أُخبر بخبر عودة كالاين؛ كيف أظلمت عيناه فجأة.
حتى سيلفيا التي تبادلني النظرات أدركت أن في الأمر ما يثير الريبة.
وفجأة خطر ببالي ذلك الوجه الذي بدا على كالاين حين أبدى اهتمامًا بقدرتي على الشفاء.
“ما الذي يوجد في الجناح الغربي؟”
“إنه المكان الذي اعتاد السيد كالاين أن يقيم فيه قديمًا. الدخول إليه مقيَّد، لذا لا أعلم بالتفصيل، لكني سمعت أن فيه أدوات عجيبة كثيرة… حتى إن البعض شبّهه ببرج السحر!”
“قوّة تثير فضولي لأختبرها…”
شعرت بكل شعرة في جسدي تنتصب.
‘لا يمكن….’
التفتّ إلى سيلفيا فجأة.
“سيلفيا، خذيني حالًا إلى الجناح الغربي.”
“…..!’
ترددت لحظة، ثم أومأت برأسها.
“حسنًا. سأحميك أنا.”
في صوتها الثابت قوة جعلتني أبتسم لها بثقة.
وبينما هممت بالسير خلفها، توقفت فجأة.
“آه، لكن قبل ذلك… ثمة مكان يجب أن أذهب إليه أولًا!”
التفتت سيلفيا إليّ.
“تقدّمي أنتِ، سأحرس المؤخرة.”
رفعتُ لها إبهامي مطمئنًا، ثم أسرعت في خطاي.
❖ ❖ ❖
الجناح الغربي، في الطابق السفلي.
“تبا… فشل مرة أخرى؟”
تمتم كالاين باللعنات وهو يشيح بنظره عن ناران الممدد على السرير الكبير.
ببطء، اعتدل ناران جالسًا.
جلده البادي من بين أزرار قميصه المفتوح، كان ملطخًا بندوب حمراء أرجوانية.
رغم أن جسده بدا منهكًا، فإن ملامحه ظلت بلا تعبير، وعيناه الياقوتيتان اللتان طالما تلألأتا بالحياة كانتا الآن غارقتين في ظلمة ثقيلة.
“حقًا لا تشعر بشيء؟ ها، أيها الصغير… ناران؟ ناران كايين!”
لكن صوته المرتفع لم يصل إلى أذني ناران.
فهو كان غارقًا في ذكرياته.
“ناران، كل هذا من أجلك.”
هكذا قال له ذات يوم: إنه يساعده لأنه عاجز وضعيف.
“مارثا ذكية سريعة البديهة، وأركل يمتلك قوة وحشية. أما أنت يا ناران…”
اقترب منه كالاين وفي يده قارورة زجاجية تحوي سائلًا مجهولًا.
قبض على ذراع الطفل المرتجف بعنف، وأمسك بوجهه ليفتح فمه قسرًا.
“ألا تريد أن تصبح قويًا مثل أركل؟ ألا تريد أن تُعترف بك مثل مارثا؟ هذا الدواء سيفجر قواك السحرية. كل هذا من أجلك. اشرب بهدوء.”
“لا يا عمي…! إن تقيأت كالمرّة السابقة…!”
هز ناران رأسه بقوة، فاشتعلت نظرة كاللاين قسوة.
“أيها الوغد عديم الفائدة! إن نجح هذا العقار فستزداد ثروة عائلة كايين! ربّيتك بشق الأنفس، فلتكن ذا نفع على الأقل!”
زمجر وهو يمسك خدي الطفل بين قبضتيه.
وامتلأت عينا الصغير بالدموع.
نظر إليه كالاين بازدراء، ثم أطلق نقرة لسان مستاءة:
“تسك، كفى. خطأي أنني علّقت آمالي على قمامة مثلك… ستظل كذلك ما حييت.”
أدار ظهره عنه، لكن الطفل المنكمش تمتم بصوت مبحوح:
“انتظر يا عمي… س-سأشرب.”
ابتسم كالاين فجأة:
“نعم، نعم. لا يمكنك أن تظل عبئًا إلى الأبد.”
وصب السائل في فمه على عجل.
ابتلع ناران وهو مغمض العينين بشدة.
ظل كالاين يترقب متوترًا…
“كهاه— أواه…! كح، كح…!”
وما لبث أن انفجر ناران سعالًا وهو يتقيأ دمًا.
فزمّ كالاين وجهه بغيظ.
“اللعنة… أأغير العيّنة؟ كنت أظن أن دماء أركل التي تجري فيك ستجعل الأمر ممكنًا!”
رفع ناران عينيه الدامعتين نحو ظهر عمه.
كان يتوق أن يسمع منه كلمة واحدة لم يقلها قط:
أنك لست قمامة.
…والآن بعد سنوات، كان ناران يحدّق بالصمت ذاته في ظهر كالاين، بينما يتكرر المشهد نفسه.
لقد كبُر جسده، فرفع كالاين من قسوة التجارب.
مزّق لحمه، سقاه العقاقير، حقنه بسوائل مجهولة، حتى خُيّل له أنه على شفير الموت.
لكن—
‘كنا قد اتفقنا أن نتناول الفطور معًا…’
فقط استحضار هذا الخاطر جلب إلى قلبه سكينة غريبة.
صحيح أنه كان ينوي استغلالها من البداية، فالقديسة صاحبة قدرة الشفاء لا بد أن تكون ورقة رابحة في أي مكان.
لكن أن ينتهي الأمر بأن كل ما يفعله معها هو تناول فطور مشترك…!
ابتسم بسخرية من نفسه.
وبينما كان يبتسم، كان كالاين يحدق في القارورة ويهدر بين أنفاسه:
“لا جدوى… يجب أن أحضرها بنفسي.”
“…تحضر من؟”
“فتاة أليهايم. أحتاج أن أستوضح بشأن قدرتها على الشفاء أيضًا…”
لكنه لم يكمل عبارته.
إذ نهض ناران فجأة وأمسك بياقته بقوة.
“ليست فتاة، إنها ليزي أليهايم. وجرّب فقط أن تذكر اسمها بهذه الطريقة مرة أخرى… سأقتلك.”
نظرة ناران المليئة بالنيّة القاتلة كانت صادقة بلا ريب.
*****
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول. وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 19"