في الصفحة الأخيرة من الرسالة كان توقيع والد ليزي، رون أليهايم بخط يده.
إذن فهي حقًا من كتابته.
ولهذا أصابني الذهول أكثر.
‘…هل أليهايم مكان منغلق لهذه الدرجة؟’
لم يكن في الرسالة أي ذكر لعملية إنقاذي أو أي معلومة كما توقعت.
كل ما احتوته هو وصايا بألا أنسى اعتزازي بكوني من أليهايم، ووعد بتشديد حمايتي بعد استعادتي.
لكن كلمة حماية تلك، بالنظر لما كتبه رون أليهايم، لم تكن سوى قيد وسجن.
[… أظن أنه من الأفضل أن نُقلّص وقت خروجك أكثر. فحتى ساعتان في اليوم كانتا كثيرًا. من الآن فصاعدًا، نصف ساعة يوميًا فقط، وبإذني وبصحبة الفرسان.]
‘أليس هذا إساءة معاملة؟’
والأسوأ ما جاء بعد ذلك:
[إياكِ أن تدعين أوغاد كايين القذرين يفسدون روحك البيضاء النقية. كما قلتُ لكِ دومًا، فإن فقدانك للنقاء يعادل فقدانك للحياة.]
عذرًا يا أبي، لكن روحي فسدت قبل أن يُفسدها أحد.
ولو كان فقدان النقاء يعني فقدان الحياة، لكنتُ قد متُّ مئة مرة، بل عشرة آلاف مرة من قبل.
وانتهت الرسالة بكلمات عن أن فخر الانتماء إلى أليهايم سيحفظني.
‘دفع مالًا طائلًا لكالاين فقط ليوصل لي هذه التفاهة؟’
يبدو أن المال فائض عندك يا أبي.
طويت الرسالة بعنف وأعدتها إلى الظرف ثم رميتها على الأرض بلا مبالاة.
بدأت أفهم لماذا خاطر جين أليهايم وتسلّل وحده إلى بيت كايين لإنقاذ ليزي.
‘أيعقل أن خروجها كان لا يتجاوز ساعتين في اليوم؟ أي قدر من المبالغة في الحماية هذا؟’
ربما لأن ليزي الأصلية كانت هادئة ومطيعة، لم تعترض قط واتّبعت أباها.
‘لا، مستحيل! أنا لا يمكن أن أعيش هكذا. أفضل أن أبقى رهينة إلى الأبد.’
لقد جربت في حياتي السابقة العيش بلا أي حرية، وأعلم أن حياة بلا إحساس ليست حياة أصلًا.
العودة إلى أليهايم تعني بالنسبة لي الموت.
‘كنتُ أنوي العودة معهم ما لم يكن هناك سبب قوي للبقاء، خصوصًا أن جين سيأتي حتمًا لإنقاذي ما دمت هنا….’
بلعت ريقي ونظرت إلى الورقة الملقاة أرضًا.
‘لكنني للتو وجدت سببًا قويًا.’
من البداية لم يكن ممكنًا أن أعيش في أليهايم بهدوء وراحة كما كنت أتصور.
‘في هذه الحال…’
لم يبقَ سوى خيار واحد:
أن أرسخ قدمي هنا وأجمع المال، وحين يكفي المبلغ أستقل بنفسي.
وكما نجحتُ في الصفقة السابقة مع جيليان، فالأمر غير مستحيل.
‘ولتحقيق ذلك، عليّ أن أثبت قيمتي أكثر أمام أركل.’
ولحسن الحظ جاء كالاين كايين في الوقت المناسب.
غادرت الغرفة بخفة لأبحث عن هوان.
‘هوان يملك وصولًا مباشرًا إلى دفاتر بيت كايين، أليس كذلك؟’
فذلك الكالاين، لم يكتفِ ببيع أسرار بيت كايين لسنوات، بل اختلس أموالهم خفية.
وحين علمت مارثا بالأمر لاحقًا حاولت إعدامه، لكنه كان قد فرّ بالفعل ومعه المال إلى بلاد أخرى.
أما أنا الآن، فسأبحث عن الوثائق السرية التي أخفاها كالاين وأدلة الاختلاس وأعرضها على أركل.
‘عذرًا يا كالاين كايين، لكنك ستغادر فور وصولك. فواحد يكفي ليستنزف دماء عائلة كايين.’
وفوق ذلك، نظرته الغريبة إلى قدرتي على الشفاء أقلقتني.
حين رآني، كانت عيناه مثل وحش يتأمل فريسة موسومة يفكر كيف سيلتهمها.
‘مهما كان ما يدور في ذهنك، يبدو أنك تخطط لاستغلال قوتي…’
تظن أن الأمر سيكون سهلًا؟
سأستغلك أنا قبلك.
تسارعت خطواتي نحو مكتب هوان.
❖ ❖ ❖
في طريق عودتي بعد لقائه، شعرت بالارتياح.
لحسن الحظ كان هوان في إجازة ولم ينشغل بعمل.
لكن ما إن دخلت مكتبه، حتى شحب وجهه وصاح:
“أنا مشغول—!”
على الأقل ضع مجلتك قبل أن تقول ذلك.
ابتسمتُ ابتسامة ملاك وقدمت له قائمة بالوثائق التي أريد فحصها.
“خلال خمس ساعات ممكن، أليس كذلك؟”
بلهجة لطيفة قلتها، لكنه نظر إلي كأنني شيطان.
“لماذا تعاملونني هكذا…؟ إنها أول إجازة لي منذ شهر. أرجوك…”
“صفقة جيليان موريل. بفضلي حصلتَ على منجم وينسيل، صحيح؟”
“…….”
“والآن، هذه صفقة أكبر. كنتُ أنوي أن أخبر أركل بأن لهوان فضلًا في الأمر… لكن إن لم ترغب، فسأبحث عن شخص آخر.”
أدرت ظهري وكأنني حزينة.
“انتظري.”
كان صوته حاسمًا.
ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتي، لكنني تظاهرت بالهدوء وأنا أستدير نحوه.
رفع هوان نظارته، وانعكس بريق على عدستيها.
“- ثلاث ساعات تكفي.”
ممتاز.
رفعت إبهامي له بإعجاب.
‘كل مرة يتذمر، لكنه يطيع جيدًا.’
وفي طريقي للخروج راضية…
‘مهلًا، ما هذا؟’
توقفت وأدرت رأسي.
لم يكن أحد خلفي، لكنني سمعت بوضوح وقع خطوات.
حين أسرعت خطاي، تسارعت معها، وحين توقفت، توقفت هي أيضًا.
‘أحدهم يتبعني.’
توقفت قليلًا ألتقط أنفاسي، ثم انطلقت بسرعة في الممر.
والذي ورائي أخذ يعدو بدوره.
‘إن لم تخني ذاكرتي، فهناك مكان مناسب خلف ذلك الركن…’
انعطفت بسرعة إلى اليمين واختبأت خلف صف من التماثيل.
“هَاه… أين اختفت؟”
وما إن اقترب الذي كان يتبعني…
“المعذرة.”
دَفَعتُ التمثال وأسقطتُه.
فقد يكون من تبعني جاء ليهاجمني، لذلك أردتُ أن أقيّد حركته.
‘هيا، الآن عالق تحتَه… دعني أرى وجهك!’
لكن ما سُمِع كان صوت تحطّم شيء، لا صوتَ جسد عالق تحت التمثال.
-بووم!
-قعقع!
كان ذلك صوت التمثال الحجري الصلب وهو يتفتّت إلى شظايا.
ومع انقشاع الغبار وتساقط الفتات، تمكّنتُ من رؤية وجه مَن هشّم التمثال بركلة دوّارة.
“سيلفيا؟”
تقابلت عيوننا للحظة، قبل أن تُدير رأسها بسرعة، وقد احمرّ جانب أذنها بلون شعْرها نفسه.
“أأنتِ التي كنتِ تلاحقينني؟”
“هـاه… لا تَتوهمي! لم يكن الأمر قلقًا أو شيئًا من هذا القبيل.”
بعيدًا عن أن تكون قلقة علي، لقد بدت كأنها تُهاجمني!
ثم إن تدميرها التمثال بركلة كهذه لا يترك مجالًا لإنكار سوء الفهم.
لكن سيلفيا تصرّفت كأنها لم تفعل شيئًا، ولم تُلقِ نظرة حتى على شظايا التمثال المتناثرة على الأرض.
“أ-أبداً لم أتبعك لأني قلقة من تجوالك وحيدًا… ولم أختبئ خوفًا من أن تكتشفيني….”
كانت تبوح بكل شيء دون أن أسألها.
فاكتفيتُ بالابتسام وإيماءة خفيفة:
“فهمت.”
“لكن… لماذا شعرتِ بالقلق لكوني أتجوّل وحدي؟ لقد كان الأمر عاديًا من قبل.”
“قلتُ لك إنني لم أقلق!”
صرخت سيلفيا محرجة، ثم تمتمت وكأنها تحدث نفسها:
“لأن… لأنهم قالوا لي أن أحذر من ذلك الرجل.”
“ذلك الرجل؟”
“كالاين كايين.”
ضيّقتُ عينيّ عند سماع الاسم.
‘ذلك العم… هل يخفي ما هو أكثر مما أعرف؟’
فكّرتُ في الأمر.
حين وصلني خبر عودته، كانت ردود فعل أركل وناران غريبة نوعًا ما.
‘هما لا يعرفان بعد أنه اختلس الأموال وسرّب الأسرار. ورغم ذلك كان رد فعلهما غريبًا… لا بد أن هناك شيئًا آخر.’
“ولماذا يجب أن أحذر منه؟”
تردّدت سيلفيا قليلًا، ثم قالت بحذر:
“عندما جئتُ أول مرة إلى بيت كايين، كانت هناك سيدة عجوز علّمتني العمل. لقد خدمت في البيت طويلًا. وقد أوصتني بشدّة أن أتجنّب كالاين كايين. لم تُخبرني السبب، لكنها قالتها بجدية…”
نصيحة مريبة ومثيرة للقلق.
ففركتُ ذقني متأملًا:
“هممم…”
“ما أعنيه هو… أنّكِ تحتاجين الآن إلى حارس شخصي. ليس أنني أريد ذلك بالضرورة، لكن… إن رغبتي… فـ… قد أكون أنا.”
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 18"