“ماذا تقولين يا ليزي! ه-هذا… لقد التقطته فقط من على أرضية الغرفة…!”
“ولهذا السبب أسألك، لماذا تلتقطه أصلًا؟ هذا يثير الاشمئزاز.”
اقتربت منه بخطوات هادئة وأنا أبتسم.
“سمعتك قبل قليل تقول شيئًا ممتعًا… أنك أمرت بإرسال الفرسان إذا لم تعد، صحيح؟”
“ل-ليزي….”
“همم… كنت تظن أنك ستكون في أمان هكذا، أليس كذلك؟ لكن ماذا لو أعادوا العربة وهي محمّلة بجثة فقط؟ وإذا تظاهروا أنها تعرّضت لهجوم في الطريق، فلن تستطيع أن تُحمّل كايين أي مسؤولية.”
“ل-ليزي، ما الذي تقولينه بحق السماء-!”
“أو ربما يعذبونك حتى تفقد عقلك تمامًا ثم يعيدونك. عندها، مهما كنت تهذي بكلام، فلن يصدقك أحد.”
“ليزي!”
“أن تظن أنك ستكون في أمان بهذا القدر فقط… ألا تعتقد أن خيالك ضيق جدًا يا أخي العزيز جيليان؟”
رسمت ابتسامة دافئة على وجهي وأنا أنظر إلى جيليان الذي كان وجهه قد شحب بالكامل.
استخدمت كلمة أخي العزيز التي يعشقها دائمًا، ومع ذلك لم يرتح مظهره.
لكنني واصلت ببرود:
“طبعًا أنا لا أريد أن يحدث أي من ذلك. لذا من الأفضل أن توقّع على العقد بهدوء….”
ثم تابعت بابتسامة مشرقة لا تناسب كلماتها:
“ثم اختفِ من هنا.”
“آه، وبالمناسبة، لا داعي لأن تتفاخر وتقول إنك ستأخذني معك.”
نظرت إلى عينيه المرتجفتين وقلت:
“… فبمظهرك الحالي، إن سمحت لك بالخروج ستفرّ هاربًا وحدك على الفور.”
ظل جيليان يحدّق بي بذهول وكأنه لا يصدق ما يسمع.
شعرت كذلك بنظرات أركل الثاقبة على جانبي وجهي.
وبينما ظل جيليان يحرك شفتيه بلا صوت، تمتم أخيرًا غير مصدّق:
“ل-ليزي، لقد… لقد جننتِ تمامًا.”
“على العكس، لم أكن في كامل وعي مثلما أنا الآن.”
“كم هو أمر مثير للشفقة… حتى ذلك الوغد جين مصيره مؤسف. أن تكون أخته المشهورة بالحياء والهدوء قد جُنّت، فهذا يعني أن طريق زواجها قد أُغلق تمامًا.”
نقر جيليان بلسانه باستهزاء.
اكتفيت بالنظر إليه بدهشة.
حتى في هذه اللحظة، لا يزال يثرثر بتفاهات. يا له من رجل عجيب.
“لكن…”
قالها أخيرًا وكأنه اتخذ قرارًا حاسمًا.
“رغم كل ذلك، يمكنني أن أضمك إليّ.”
مد يده نحوي وهو يقول بيقين وحزم:
“حالما نخرج من هذا المكان ستعودين إلى رشدك. اتبعيني يا ليزي.”
“واو… لا أجد حتى ما أقوله.”
“وإن لم ترغبي، فسآخذك بالقوة. هذا من أجلك. هيا تعالي يا ليزي!”
تقدم بسرعة وأمسك بمعصمي بقوة.
“تعالي! لنخرج من هذا المكان الملعون فورًا. لقد بدأت أشعر أنني أفقد عقلي هنا. حين نعود إلى عائلة موريل، ستستعيدين استقرارك.”
“مضحك… ولماذا عليّ أن أذهب معك إلى موريل؟”
“لأن هذا كله من أجلك يا ليزي. كوني مطيعة واتبعيني-!”
لكن قبل أن يكمل، صرخ فجأة:
“آاااااه!”
انهار أرضًا وهو يمسك بذراعه.
معصمه الذي كان يمسكني به التوى وتحول لونه إلى الأزرق الداكن.
وقف أركل أمامه، ينظر إليه ببرود بينما كان وهج قاتم من الهالة تحيط بجسده.
إنها كانت قوته السحرية.
“لا تجرؤ على لمسها.”
“أآغغ… أ-أنت… أيها الوحش!”
“ربما أنا كذلك.”
“وتظن أنك ستنجو بعد هذا الفعل-!”
“لكن يبدو لي أنك أكثر قبحًا من أي وحش.”
تجمدت عينا أركل عليه وهو يتكلم ببرود.
فصرخ جيليان، يائسًا:
“أيها الوحش! لا تنظر إليّ بتلك العيون!”
“حين أغادر هذا المكان سأخبر الجميع! سأفضحك أمام العالم! أركل كايين هاجمني مستخدمًا قوة شيطانية! يجب القضاء عليه فورًا! وإن تجرأت على تحريك إصبعي حتى-!”
“طالما أنك لا تمسّ ليزي أليهايم، فليست لديّ أي مصلحة في جسدك الحقير.”
“أاااه… أيها اللعين…!”
حوّل جيليان نظره إليّ فجأة وهو يصرخ:
“ليزي، ألم تري بنفسك؟! إنه وحش شرير! ساعديني على النهوض فورًا!”
“هاه؟”
“يجب أن نهرب من هنا معًا! هيا، أسرعي-!”
ابتسمت براءة وقلت:
“لكن الصفقة لم تنتهِ بعد يا أخي العزيز جيليان.”
بدت ملامحه وقد سئم تمامًا، فهز رأسه قائلاً:
“إذن… لقد استسلمتِ تمامًا لذلك الوحش. أيتها العاهرة النجسة.”
“أوه يا إلهي.”
لم أكن أتوقع هذا القدر من الشتائم. رفعت كتفيّ بلا اكتراث، لكن عينا أركل ضاقتا بحدة.
وقف جيليان مترنحًا، وحدّق بي وهو يقول:
“ألا تشعرين بالخزي؟! لقد مُنحتِ لقب القديسة، ومع ذلك اخترتِ أن تلطخي نفسك مع أحد نسل الشياطين… حين يعلم أخوك بهذا سيفرح كثيرًا!”
“آه نعم، حسنًا.”
لم أشعر بأي شيء تجاه ذكر أخٍ لم أره يومًا.
وبالنسبة إلى لقب قديسة، كم مرة قلت لهم إنه ليس صحيحًا؟ ولم يصدقني أحد.
“لقد أحسنت إليك كثيرًا… وكل هذا ذهب سدى. غبية ناكرة للجميل… سأفضح كل شيء. عن هذا الوحش الذي يستعمل قوة الشيطان، وعن هذه المرأة التي التصقت به بلا ذرة خجل-!”
لكن ما إن تقدم أركل نحوه خطوة واحدة حتى صرخ جيليان بفزع:
“توقف! إن لمستني، فاعتبرها إعلان حرب من كايين ضد موريل!”
أخرج من جيبه كرة صغيرة تشبه الأداة السحرية.
“بلمسة واحدة فقط، سأستدعي فرسان العائلة. أحسنت إذ أحضرتها معي. خطوة أخرى فقط وسأضغط عليها!”
‘لا أريد أن تكبر الأمور أكثر من هذا.’
شدت بخفة على طرف ثوب أركل.
“دعنا لا نتحرك الآن.”
“…..”
وكأنه فهم قصدي، توقف أركل مكانه.
“جيد.”
أخذ جيليان نفسًا متقطعًا وهو يبتسم بمرارة، ثم بدأ يتراجع بخطوات مترددة نحو الباب.
وفي يده كان لا يزال يقبض بإحكام على الأداة السحرية.
قال بسخرية:
“هكذا كان يجب أن يكون منذ البداية. ألم يعلموك وأنت صغير أن وريث عائلة كبرى لا يمد يده بوقاحة إلى وريث عائلة أخرى؟ ذلك بمثابة إعلان حرب.”
لكن فجأة—
“إذن، بهذه الطريقة لن يكون لديك اعتراض، صحيح؟”
جاء صوت بارد متجهم، وفي اللحظة نفسها، انطلق شيء نحو الأداة السحرية التي كان يمسكها جيليان.
طاخ!
ذلك الشيء أصاب الهدف بدقة محطمًا الأداة إلى شظايا متناثرة.
لقد كان مجرد سكين مطبخ.
جمد جيليان مكانه وعيناه متسعتان وهو ينظر إلى بقايا الأداة المدمرة.
“ه-هـاه…؟”
ثم دوى صوت مألوف:
“لا تقلق، فهذه ليست إلا خادمة تجرأت على التصرّف بوقاحة… أيها النبيل عديم الأدب.”
أدرت رأسي نحو مصدر الصوت، وفعلاً كان الوجه الذي أعرفه.
خادمة بشعر أحمر ونظرات متعالية.
“سيلفيا!”
تقابلت أعيننا للحظة، لكنها سرعان ما أشاحت بوجهها وقد بدا الارتباك عليها.
وقالت بلهجة حادة وكأنها تتحجج:
“ما زلتُ مدينة لكِ… لا أكثر.”
لكن وجنتيها كانتا محمرتين بشكل واضح.
“كلام سيلفيا صحيح يا سيدي.”
ظهر عند جانبها واحد تلو الآخر باقي الخدم العاملين في القصر.
“لو قيل إن الخدم ارتكبوا وقاحة دون علمك، فلن تقع أي مشكلة عليك.”
“صحيح، أنت والآنسة لِيزي لا علاقة لكما بما حدث.”
“وكيف تجرؤ أن تهين سيدة طاهرة مثل الآنسة لِيزي؟!”
رغم أن آخر جملة بدت غريبة نوعًا ما، إلا أنني سارعت لأتظاهر بالحزن.
“أيها الأعزاء… صحيح أن هذا الرجل وصفني بـ امرأة عاهرة، ونجسة ناكرة للجميل، لكن لا بأس… أنا بخير.”
“أيها المجرم الوغد!”
صرخ الخدم بغضب، وانقضوا نحو جيليان.
“ل-لا تقتربوا!”
ارتبك جيليان وانتزع السكين العالق في الأداة السحرية، ووجهه نحوهم.
لكن إحدى الخادمات صاحَت غاضبة:
“كيف تجرؤ أن تلوّح بتلك الأداة أمام الآنسة لِيزي!”
ثم أطلقت ركلة سريعة أطاحت بالسكين من يده، قبل أن تسدد لكمة مباشرة إلى وجهه.
“الآنسة لِيزي رقيقة القلب وضعيفة! كيف تجرؤ!”
هذا الذي تفعلينه ليس رقة بالضبط، أتعلمين؟
صرخ جيليان وهو يمسك أنفه قبل أن يسقط أرضًا مرة أخرى.
ثم اصطف الخدم حوله يحيطونه من كل الجهات.
“الآنسة لِيزي لا يجب أن ترى سوى أشياء جميلة وظريفة، وأنت تجرؤ على تشويه بصرها!”
“كككآآآآه!”
لم أستطع رؤيته وسط الحلقة، لكن صرخاته المروعة كانت تتردد في أرجاء القاعة.
“صحيح! يجب أن ترى وتسمع ما هو جميل فقط، أتفهم؟!”
“آآآآغغ!”
وهل هذه الصرخات البائسة أصوات جميلة بنظركم؟
حتى هوان بدا أنه يفكر مثلي وهو يحدق في المشهد بوجه مشدوه وعينين نصف مغمضتين.
أما أركل، فوقف يتأمل الخدم بلا أي تعبير، ثم استدار نحوي وتقدم.
“كيف ترغبين أن نتعامل مع هذا الرجل؟”
“هممم…”
تظاهرت بالتفكير.
“هل تودين كما قلتِ سابقًا أن نعيد عربته محملة بجثته فقط؟”
هززت رأسي نافية.
“لا، يجب أن نُنهي الصفقة أولًا. هوان، هل معك العقد؟”
“نعم، ها هو.”
أخرج هوان العقد من صدره، فأخذته منه وتقدمت بخطوات هادئة نحو جيليان.
حين اقتربت، تراجع الخدم قليلًا ليفسحوا لي الطريق.
كان جيليان جاثيًا على الأرض وجسده يرتجف وجهه مبللًا بالدموع والمخاط.
انحنيت أمامه، أتأمله قليلًا قبل أن أتمتم:
“همم… ليس كل وجه باكٍ يكون جميلًا كما يقولون.”
“ل-لِيزي… أرجوكِ، أنقذيني…!”
ابتسمت له بابتسامة لطيفة، كأنني ملاك يمد يد النجاة:
“قلتُ لك سابقًا يا أخي العزيز، لا أريد أن تحدث أمور غير سارة. إذن، ما رأيك أن تُنهي الأمر ببساطة بالتوقيع هنا؟”
ناولته العقد مع قلم.
“سأفعل! سأفعل!”
خطف القلم والعقد بيد مرتجفة، وسارع إلى التوقيع بخط مضطرب.
“الحمد لله، تم الأمر بسلام!”
تألقت عيناي وأنا أستعيد العقد منه، ثم التفتُّ بحماس نحو أركل أريه الأوراق الممهورة.
“أرأيت يا أركل؟! الآن منجم وينسيل صار ملكًا لعائلة كايين!”
“صحيح.”
“ألم أقل إنني سأنجح في إتمام الصفقة؟!”
قلت ذلك بابتسامة عريضة متحمسة، فأجابني أركل بصوت منخفض:
“نعم.”
هاه؟ هل ابتسم للتو؟
لثانية خاطفة، بدا لي أن زاوية شفتيه ارتفعت قليلًا.
ثم التفت نحو هوان قائلًا:
“ادفع المال للضيف.”
وأدار ظهره ليغادر القاعة.
“سأتقدم أولًا.”
“حسنًا يا سيدي. اترك لي أمر الترتيبات هنا.”
لكن قبل أن يخرج، توقف والتفت نحوي.
“ليزي أليهايم.”
“نعم؟”
“مكتبي في الطابق الثالث. سأنتظرك هناك.”
“هـاه؟”
“لقد وعدتُك بأن أحقق طلبك.”
“آه…!”
صرخت متذكرة.
هز رأسه قليلًا مبتسمًا بسخرية خفيفة.
“تنسين الأمر رغم أنكِ ربطتِ الوعد حتى بإصبعكِ… يبدو أنكِ حقًا مشتتة.”
ثم أكمل سيره وخرج من قاعة الوليمة.
مهلاً لحظة…
لقد ابتسم مرة أخرى.
لم تدم سوى لحظة عابرة، لكنني رأيت بوضوح مسحة ابتسامة على ملامحه الجامدة.
وقفت هناك مذهولة محدقة في المكان الذي غادر منه.
ذلك الوجه الذي تجلّت عليه المشاعر للحظة قصيرة… كان جميلاً بشكل لا يوصف.
—
ترجمة : سنو
انشر الفصول في جروب التيليجرام أول. وممكن لو انحظر حسابي بعيد الشر بتلاقوني هناك
بس اكتبو في سيرش التيليجرام : snowestellee
او هذا اللينك صوروه وادخلو له من عدسه قوقل: https://t.me/snowestellee
✨ انضم إلى المجتمع – منتديات الموقع
📢 المنتدى العام
عـام
مجتمع تفاعلي يضم منتديات لمناقشات الروايات، تحليلات المانهوا، الاقتراحات، والإعلانات. هنا يشارك الأعضاء أفكارهم، يتبادلون الآراء، ويصنعون بيئة حوارية حيّة تعكس شغفهم.
منتدى يجمع عشّاق المانهوا في مكان واحد، من محبي القراءة إلى المترجمين والمهتمين بآخر التحديثات.
هنا نناقش الفصول، نتابع الأخبار ، نشارك التسريبات، ونوصي بأفضل الأعمال...
منتدى مخصص لمحبي الروايات ، سواء المؤلفة بأقلام عربية مبدعة أو المترجمة من مختلف اللغات.
هنا نشارك الروايات الأصلية، نناقش الفصول، نتابع التحديثات، ونتبادل التوصيات...
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا جاءني رجل وسيم للغاية بوجه غاضب ، وأعطاني أوراق الطلاق؟’ “ما الذي تتحدث عنه أيها الرجل الوسيم؟ لم ألتقِ بك من قبل ، ناهيك عن الزواج بك ، لماذا تعطيني...مواصلة القراءة →
كيم مين ها البالغة من العمر 20 عامًا ، طالبة جامعية عادية. من السخف أن تستيقظ في عالم مختلف تمامًا بعد حادث مفاجئ … ‘لماذا...
التعليقات لهذا الفصل " 12"