“لقد استيقظ أربعة من الوحوش، وقد استيقظ أحدهم أولًا، وأثناء استكشافنا للسهول الثلجية، استيقظ ثلاثة آخرون في وقت واحد، تمكّنا من القضاء على اثنين، بينما الوحش الأخير تكفّلت به القديسة بنفسها.”
قالت ناديا بابتسامة وهي تنهض من مكانها وترفع نقابها قليلًا وتنظر إلى من حولها:
“لم أفعل سوى ما كان عليّ فعله.”
“كما هو متوقّع من القديسة!”
لكن الوحيد الذي تفاعل مع كلماتها كان يوهانس فقط.
“… على أي حال، لنكمل، هناك أمران يتعيّن علينا القيام بهما الآن.”
نظر ديل إلى ناديا بطرف عينه، ثم تجاهلها تمامًا.
أما ناديا، فلم يلتفت إليها أحد، فظنت أن السبب هو أن الوقت لا يزال باكرًا، والجميع لم يفق من النوم بعد، فجلست مجددًا في مقعدها.
“أولًا: الحراسة، الوحش الذي لم نتمكن من قتله في البداية، عاد وهاجم القصر بعد ثلاثة أو أربعة أيام، صحيح أن بصر الوحوش ضعيف، لكن سمعها وحاسّة الشم لديها قوية جدًا، لهذا السبب يجب تعزيز الحراسة، فقد تعود مرة أخرى إلى القصر.”
ثم انتقل إلى النقطة الثانية:
“يجب علينا معرفة سبب استيقاظ الوحوش، وكيف يحدث ذلك.”
وهذه كانت الأهم.
لأن معرفة السبب قد تقود إلى طريقة تمنع استيقاظها من الأساس.
ثم التفت كايين نحو ناديا وسألها:
“لكن لدي سؤال للقديسة… هل يمكنها تهدئة الوحش بدلًا من قتله؟”
توجّهت الأنظار كلها نحو ناديا.
ناديا، التي كانت قد سرحت قليلًا من طول حديث ديل، ارتبكت فجأة ونظرت حولها بسرعة.
“نعم؟”
قطّب كايين حاجبيه، فأسرع ويستون، الذي كان واقفًا خلف ناديا كحارس مرافق، وانحنى وهمس لها:
“يسألون إن كان بمقدورك تهدئة الوحش يا قديسة.”
“آه، ذلك؟ هممم… وهل من حاجة لتهدئته؟ فأنا، قديسة من الإله، يمكنني هزيمته بقوة النور، أليس كذلك؟”
تدخّل يوهانس مؤيدًا بحماسة:
“القديسة محقّة! فهي تملك طاقة روحية أكبر من القديسة الثانية التي عاشت قبل مئتي عام، لهذا فهي قادرة على القضاء على الوحوش! لقد رأيتم ذلك بأنفسكم البارحة، أليس كذلك؟”
لكن لم يرد عليه أحد، فاكتفت ناديا بابتسامة خجولة.
“حضرتك، سأُريكم مرة أخرى إن أردتم، البارحة اندفعتُ دون أن أشعر، لأنني أردت إنقاذ الناس فحسب.”
كان كايين يحدّق في تلك الابتسامات المتبادلة بين يوهانس وناديا بوجه ممتعض.
منذ أن دخل قاعة الاجتماع، وجبينه معقود، ولم يُبدِ أي بوادر لتهدئة غضبه.
لوّح بيده، فاقترب ديل ليقطع حديثهما:
“وبالحديث عن القديسة، أود أن أُبلغ المعبد أننا نرغب في أن تنضم إلى فريق الاستكشاف بدلًا من الحراسة.”
“انتظر، استكشاف؟”
تقدّم ويستون خطوة إلى الأمام وقال:
“بما أن الأمر يمسّ سلامة القديسة، فأسمحوا لي أن أتحدّث، القديسة لم يمضِ وقت طويل على ظهور قواها، لذلك لا تزال غير مستقرة، يجب أن تبقى داخل القصر.”
رفع كايين حاجبه ساخرًا:
“غير مستقرة؟ لقد رأيت بنفسي قوتها الروحية وهي تقتل الوحش بالأمس.”
لم يكن واضحًا لماذا جاء ويستون بنفسه ليحرس ناديا في الشمال، لكن ما كان واضحًا أكثر هو أن تصرفاته تجاوزت الحماية العادية، وكأنها محاولة لإخفاء أمرٍ ما، لا لحمايتها.
“كلام دوق ويندفيل صحيح، إن كانت ستبقى داخل القصر، فما الحاجة لقدومها إلى الشمال أصلاً؟”
تدخّل ثيودور أيضًا.
“ذاك لأنني… لم أكن أعلم أن الوضع سيكون بهذه الخطورة…”
لكن ثيودور قاطعه بنبرة صارمة:
“لم تكن تعلم؟”
عندما التقت عينا ويستون بثيودور، عجز عن قول أي شيء.
قبل عشر سنوات، كان ثيودور ينظر إليه بنظرة دافئة، لكن تلك النظرة اختفت تمامًا.
عضّ ويستون شفته وأدار بصره.
“ليس هذا ما أعنيه… أعني، فقط كنت أريد أن أتجنّب الأخطار قدر الإمكان…”
“أها.”
قاطع كايين حديثه.
“أي أنك تعني أن القديسة يجب أن تبقى داخل القصر، آمنة، لا تقوم بأي شيء خطر؟”
لمّا لم يجب، أطلق كايين ضحكة ساخرة.
“وقاحة لا توصف. إن كان هذا رأيك، فالأفضل أن تعود إلى المعبد فورًا.”
ثم حوّل بصره إلى ناديا.
كانت ناديا تحدق في كايين بشرود، لكنها فزعت عندما واجهتها نظرته الباردة.
“قديسة السماء… لأي سببٍ أتيتِ إلى الشمال؟”
“لأقضي على الوحوش، وأنقذ الشمال، بالطبع.”
“ولكنك تجلسين صامتة دون أن تنطقي بكلمة، حتى بعد ما سمعتهِ للتو؟ تنوين البقاء هكذا؟”
“أ… أنا فقط تفاجأت لا أكثر. الذهاب إلى الهضبة الثلجية ليس أمرًا صعبًا، أستطيع الذهاب بالتأكيد!”
“يا قديسة!”
ناداها ويستون بجزع، لكن كلماتها كانت قد خرجت فعلًا. ابتسم كايين بخفوت، ثم أخفى ابتسامته على الفور.
“بما أن القديسة تقول هذا، ما رأيك يا ويستون؟”
حرّك ويستون شفتيه بتردّد، ثم أغمض عينيه بقوة.
“… سألتزم برأي القديسة.”
“جيد. إذن سنتوجّه إلى الهضبة الثلجية اليوم. والدي، هل اكتملت الاستعدادات للاستكشاف؟”
“ما إن نقرر الانطلاق، يمكننا المغادرة.”
“مفهوم. ليبدأ الجميع بالاستعداد، سنغادر بعد ساعة.”
بكلمات كايين، انتهى الاجتماع.
ناديا، غير مبالية بنظرات ويستون الحادّة، أدارت رأسها لتنظر إلى كايين.
كان مظهره، وهو يتحدث بنبرة صارمة خلال الاجتماع، في غاية الجاذبية.
نعم… من حسن حظي أنني قررت التقرّب منه.
رغم أن غياب فيلوميل عن الاجتماع اليوم أزعجها، إلا أن وجه كايين كان كفيلًا بجعلها تنسى ذلك الضيق تمامًا.
وحتى لو كانت فيلوميل حضرت، لكان الأمر أسوأ.
فهي لا تملك منصبًا رفيعًا مثل البقية، ولا قدرات مميزة مثلها.
ولو تجرأت على الحضور، لكان ذلك مزعجًا للغاية.
ناديا كانت تشعر للمرة الأولى بصدق أنها حقًا “القديسة”. ففي السابق، لم تكن تملك حتى حق الدخول إلى قاعة مثل هذه، تمامًا مثل فيلوميل.
ثم نظرت إلى ويستون بطرف عينها.
“يا قديسة، هل يمكننا التحدث قليلًا؟”
كايين أجمل منه بكثير مهما نظرت إليه… لا شك أنه قدري.
كان وجه ويستون يبدو أقبح كلما نظرت إليه، لذا أدارت ناديا رأسها بسرعة للأمام وقالت بلا مبالاة:
“لاحقًا. لقد طلب الدوق أن نستعد، أليس كذلك؟ لقد سمعت بنفسك، أليس كذلك؟”
كان ويستون يدرك تمامًا أنه الآن ليس في موقع ولي العهد الثالث.
ومع ذلك، سماعها تناديه بـ “سيّد” علنًا أمام الناس، أثار ضيقه.
لكن تلك لم تكن المشكلة الأهم.
المشكلة الحقيقية أن ناديا خرجت عن الخطة، وقررت فجأة الذهاب إلى الهضبة الثلجية.
وكان على وشك أن يُمسك نفسه ليُعيد الحديث مجددًا، حين…
“فيلوميل؟”
استدار كل من ناديا وويستون نحو مصدر الصوت.
كانت فيلوميل تقف خلف باب قاعة الاجتماع المفتوح، ترتدي عباءة من الفرو فوق ثياب خفيفة.
شعرها كان متناثرًا بانسيابية، ووجنتاها متوردتان بلون خفيف، مما منحها هالة ناعمة ومنعشة.
بدا مظهرها معاكسًا تمامًا لناديا، التي استيقظت منذ الفجر واهتمت بأدق تفاصيل مظهرها.
قالت ناديا بنبرة غير راضية:
“لماذا خرجتِ؟ ألم تقولي إنكِ لن تحضري الاجتماع؟”
“شعرت أن وجودي لن يُفيد، فلو حضرت الاجتماع قد أكون عبئًا فقط. جئت لأني استلمت رسالة من سيباستيان.”
“ولِمَ تتكبدين هذا العناء بنفسك؟”
“لأنها رسالة مهمة. ومن غيري سيوصلها إذًا؟”
أخذ كايين الرسالة بلا مبالاة ووضعها في جيبه، ثم أمسك يد فيلوميل، وبيده الأخرى مرّرها على وجنتها.
“وجهك محمرّ. هل واجهتِ الرياح الباردة؟ لماذا لم ترتدي المعطف؟”
“ذهبت فقط إلى البيت الزجاجي قليلًا.”
“ولِمَ أنتِ من ذهب؟”
“السيدة ناتاشا مشغولة بالاجتماع، وأنا لدي وقت فراغ.”
نظراتهما، وطريقة حديثهما، كانت مليئة بالدفء والنعومة.
هالة من الحنان والرقة كانت تحيط بهما، كأنها فقاعة يمكن أن تنفجر لو لمساها أحد.
“من الآن فصاعدًا، حتى لو خرجتِ لدقيقة، خذي المعطف معكِ دائمًا. لا، بل يجب أن أُخبر جيك بذلك بنفسي.”
“لا تفعل. السير جيك هو حارس، ليس خادمة.”
أجابت فيلوميل وهي تهز رأسها برقة.
ثم التقت عيناها بعيني ناديا، التي كانت تحدق فيهما من وراء كتف كايين. وما إن أدركت ناديا أن فيلوميل لاحظتها، حتى أدركت أنها تأخرت لحظة.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 92"