“لم تكن لدي أي نية لفعل ذلك، لكن فجأة جاءت الآنسة ناديا في ليلة ما قبل حفل الخطوبة وطلبت مني أن أهرب معها، قالت إننا يمكن أن نذهب في رحلة قصيرة، ونعود قبل شروق الشمس… لم أكن أعلم أبداً أن الأمور ستنتهي بهذا الشكل.”
“…ناديا تركت لي رسالة، كتبت فيها أنها ستغادر معيشتها للبحث عن السعادة مع خطيبي.”
“ماذا؟ هذا غير صحيح على الإطلاق، فيلوميل!”
هز إيمون رأسه بشدة.
“لا يمكنني أبدًا أن أكون في علاقة كهذه مع الآنسة ناديا!”
“إيمون.”
ناديت اسمه، وكان يبدو وكأن عبئًا قد أُزيح عن صدره بمجرد أن تحدثت.
“نعم، فيلوميل لقد انتهى غضبك الآن، صحيح؟ تعالي لنذهب إلى قصري، أمي وأبي سيقبلونك أخيرًا، وبالنسبة للدوق، سيتعين عليك إلغاء الخطوبة ، لقد كنتِ خطيبتي في الأصل أليس كذلك؟”
“كنت أظن أنني قد فهمتك بعد سنة من علاقتنا، لكن يبدو أنني كنت مخطئة.”
“ماذا…؟”
“توقعت على الأقل أن تكون أول كلماتك هي ’أنا آسف‘.”
حتى لو كنت تنوي تبرير أفعالك، توقعت أن تبدأ باعتذار، ولو كان اعتذارًا شكليًا فقط.
“ماذا…؟”
كان وجه إيمون يبدو وكأنه تلقى صفعة قوية، فقط حينها أدركت أنه لم يكن ينوي الاعتذار لي أبدًا.
“ربما لأنني قابلت شخصًا جيدًا مؤخرًا، بدأت أتوقع المزيد من الآخرين أيضًا.”
شعرت بنظرة كايين نحوي، لكنه لم يكن سوى ظلاً في خلفيتي بينما بقيت عيناي مثبتتين على إيمون.
“إلغاء الخطوبة؟ ولماذا أترك خطيبي الحالي، الذي يبدو أفضل منك بكثير، ويمتلك المال والسلطة، بالإضافة إلى أنه يهتم بي؟”
“فيلوميل، جميع النبلاء الكبار متشابهون إنهم أشخاص فظيعون!”
“أفضل من أن يكونوا قبيحين مثلك.”
“ماذا؟ ماذا قلتِ؟”
بمجرد أن أسأت إلى الشيء الوحيد الذي كان يفتخر به، وهو مظهره الجيد نوعًا ما، تغيّر تعبير وجه إيمون تمامًا.
“ومنذ متى أصبحتِ مفتونة بهذا النوع من الرجال؟ هل كنتِ تخططين منذ البداية للعب بي؟ كنتِ دائمًا تفكرين في الزواج برجل آخر، أليس كذلك؟”
“لماذا تقول ما كان يجب أن أقوله أنا؟ لقد رأيتك بعيني أكثر من مرة وأنت تواعد سيدات أخريات أثناء علاقتنا.”
ومع ذلك، كنت دائمًا أتحمل محاولاته المتكررة لتبرير تقاربه الجسدي معي بحجة أننا على وشك الزواج.
كم مرة اضطررت للتفكير بعمق للهروب من تلك المواقف؟ لم يكن لديه الحق مطلقًا أن يقول ما قاله.
“هاه، وكيف أغريتِ الدوق؟ آه، لا داعي لأن تخبريني من المؤكد أنكِ استخدمتِ… جسدكِ.”
“انستي!”
صوت كايين كان صارخًا وحادًا، مما جعلني أنا وإيمون نلتفت إليه في الوقت ذاته.
نظر إلي كايين بجدية، ثم قال بهدوء ولكنه كان يمتلئ بالغضب المكبوت:
“هل تخرجين معي؟ إذا بقيت هنا ولو للحظة أخرى، أشعر أنني قد أمزق فمه.”
“…انتظر قليلاً.”
سكبتُ كوب الشاي الذي كنت أحمله مباشرة على إيمون.
“هاه! هاا!”
فوجئ إيمون بالماء الساخن يتناثر عليه، فقفز فجأة من مكانه.
“ماذا تفعلين؟!”
“ألا تدركين مكانتك حقًا؟”
أمسكتُ بيد كايين التي كانت ترتجف بشدة، وأنا أشد قبضتي ايضًا.
“لما لا تحاول التفكير قليلاً بعقلك الفاسد هذا.”
نهضتُ أنا وكايين من مقاعدنا، وأضافتُ بصوتٍ هادئ:
“لكن أتعلم شيئًا؟ أنت في ورطة كبيرة بالفعل.”
“…ماذا؟ لا، فيلوميل! لحظة! آآآه!!”
حاول إيمون الاقتراب مني بسرعة، لكن كايين دفع الطاولة بقدمه ليوقفه.
إيمون مسح ركبته التي ارتطمت بالطاولة ثم مدَّ يده نحوي مجددًا.
“كنت غاضبًا فقط! لحظة، فيلوميل!”
لم ألتفت أنا وكايين وراءنا بينما خرجنا من غرفة الاستقبال، وأغلقنا الباب خلفنا.
وجه كايين كان بائسًا حينما توجه إلى سيباستيان الذي كان في الخارج ينتظر، وأصدر أوامره بصوت منخفض:
“ضعه في سلة القمامة في الأحياء الفقيرة.”
“نعم، سيدي.”
كان صوت سيباستيان مشدودًا، وشعرت أنه كان متأثرًا أكثر من المعتاد، حتى الابتسامة الهادئة التي كان يظهرها دومًا قد اختفت.
“يا آنسة.”
“سيدي.”
ناديتُ كايين قبل أن يتحدث.
“نعم، قل لي ما لديك.”
“…هل يمكنني أن أصعد أولًا؟ أريد أن أكون وحدي.”
تردد كايين قليلاً قبل أن يهز رأسه بقلق، وقال بصوت منخفض:
“إذا كان ذلك سيعطيك القوة أو العزاء، افعلي ما تشائين.”
“هل تريد أن تواسينني؟”
“نعم.”
نظرتُ إلى كايين بتعب، ثم مددتُ يدي بشكل ضعيف.
“إذن، هل يمكن أن تحتضنني مرة واحدة؟”
لم يتردد كايين، بل اقترب مني دون أي تعبير مفاجئ أو تردد، ثم انحنى ليأخذني في أحضان قوية، لدرجة أن قدميّ كادت أن ترفع عن الأرض.
كان شعورًا غريبًا، لكن الطمأنينة التي غمرتني كانت تزيل القلق تدريجيًا من قلبي الذي كان ينبض بسرعة.
وكنت أسمع ضربات قلبه من خلف صدره الذي كان يلامس خدي، مما جعلني أبتسم بابتسامة صغيرة.
“لماذا قلبك ينبض أسرع من المعتاد، سيدي؟”
“…أنا غاضب، هذا كل ما في الأمر.”
صوته كان يتردد في أذني مباشرة فوق رأسي، محاكيًا همسات غير مفهومة.
“أحضنتك من أجل راحتك، لكنني أنا من أشعر بالهدوء الآن.”
“قلبك لا يزال ينبض بسرعة، أليس كذلك؟”
“…هذا ما يعبر عن حالتي.”
ابتعد كايين تدريجيًا، تاركًا جسده الدافئ الذي كان يحيط بي يبتعد، وكأنني شعرت ببرودة المكان بعد رحيله.
ولكن، رغم كل شيء، كان هناك دفء طفيف ما يزال يعبق في الأجواء.
“يا آنستي، استمتعي بنوم هادئ وعميق، وعندما تستيقظين، ستكونين قد وجدتِ كل شيء مُرتبًا من قبلي.”
لم أكن أدري تمامًا ماذا يقصد بترتيبه لكل شيء، ولكن بمجرد سماع هذه الكلمات، غمرني شعور مفاجئ بالنعاس وكأنني فقدت القدرة على مقاومته.
ابتسمت ابتسامة هادئة، ثم أومأت برأسي بخفة.
“حسنًا، سأفعل ذلك.”
ظل كايين يراقب حتى دخلت فيلوميل إلى غرفتها، لم يتحرك حتى أغلق الباب خلفها.
حينها، محا كايين الابتسامة التي كانت على شفتيه.
“جيو.”
اقترب جيو منه في الحال، متجهًا نحوه بسرعة.
معًا، انطلقا نحو المكتب.
“أريدك أن تكتشف كل شيء عن عائلة اللورد كيبان.”
عندما بدأ التحقيق في أمر العروس المحتملة، تم فحص كل شيء يتعلق بإيمون كيبان، خطيب فيلوميل، كان من الضروري جمع تفاصيل دقيقة عن كل من كان في محيطه.
لكن ذلك كان متعلقًا فقط بـ “إيمون كيبان” ذاته.
أما الآن، فقد أصبح من الضروري جمع معلومات عن “عائلة اللورد كيبان” بالكامل.
توقف كايين عن السير، فجأة وثبت في مكانه.
“تخلص من كل الأثاث في غرفة الاستقبال، غير ورق الجدران هناك، بل، غير ورق الجدران في كل أنحاء القصر، وقم بتطهير الهواء كذلك ، تخلص من جميع الأدوات التي لمسها إيمون كيبان، بما في ذلك فناجين الشاي التي استخدمها.”
بالطبع، لا يمكن للجراثيم أن تنتقل بتلك الطريقة، لكن مجرد حقيقة أن شخصًا مثل إيمون قد وطأ هذا المكان كانت وحدها كفيلة بأن تجعل المكان غير مرغوب فيه.
“لقد تصرف بتعجرف فاحش”، فكر كايين.
استطاع كايين أن يستنتج، من خلال بضع كلمات فقط نطق بها إيمون، ما كان يخطط له بحق مع فيلوميل.
استأنف خطواته نحو المكتب، كانت خطته واضحة: جمع كل الأدلة الممكنة قبل أن تستيقظ فيلوميل.
وبمجرد أن تختار فيلوميل الخطة التي تناسبها بعد سماع الشرح، سيكون من السهل عليه القضاء على إيمون دون أدنى تأخير.
***
“حسنًا، الجميع قد استلم الأوراق؟ إذاً، لنبدأ.”
رفع جيو نظارته، ثم بدأ يكتب على السبورة بهدوء وعناية.
“هنالك عدة خطط مطروحة، ولكن الخطة الأساسية تنقسم إلى خيارين، الأمر يعود لاختياركم، آنسة، الرجاء النظر في الصفحة الأولى.”
وفقًا لتوجيهات زيو، بدأ الجميع بمراجعة الصفحة الأولى من التقرير.
“هنالك خياران: الموت السريع والموت البطيء المؤلم، لكل منهما ميزاته وعيوبه، الأول سريع، ويمنح الشخص شعورًا بالراحة الفورية، لكنه يعجل بنهاية حياته، أما الخيار الثاني، فهو أطول وأكثر تعقيدًا، يتطلب صبرًا وألمًا شديدًا، لكنه سيمنح شعورًا عميقًا بالانتقام العذب.”
“آنستي، الخيار بيدك، اختاري ما تشائين.”
قال كايين بابتسامة رقيقة، وكان واضحًا أنه كان يتوقع هذا الاختيار.
“الأخير.”
“كما توقعت.”
ثم أضاف كايين مبتسمًا ابتسامة ساحرة، كما لو أنه كان يشاطرها نفس الرغبة.
“أنا أيضًا أتفق مع ما قالته السيدة.”
قالت صوفيا، التي كانت قد حضرت هذا الاجتماع عن غير قصد، وهي تهز رأسها بحماس.
“أرغب في التخلص من ذلك الوغد في الحال، ولكنني أريد أن أشعره بنفس العذاب الذي عاشت فيه سيدتي طوال عام كامل.”
“صحيح، لكن اهدئي صوفيا.”
لم أتمالك نفسي من أن أمسح بيدي على رأس صوفيا الناعمة، التي كان الغضب يتطاير من عينيها، كما لو أنها على وشك الانفجار.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 23"