وما إن اقتربت تلك الخطوات الثقيلة خلف ظهرها، حتى استدارت في اللحظة نفسها وأشهرت السيف بضربة سريعة.
“آااخ!”
صرخة ممزوجة بالألم مزّقت سكون الليل، فقفزت من الفراش مبتعدةً قدر ما استطاعت.
وقبل أن تشعل الضوء للتأكد من هوية المتسلل، انفتح الباب بقوة.
“آنسة فيلوميل!”
اقتحم جيك الغرفة خلال ثوانٍ معدودة إثر سماعه الصرخة، ووقف حائلًا أمامها يحميها.
“يا سيدتي! ما الذي جرى؟!”
وفي تلك اللحظة اندفعت صوفيا، التي كانت نائمة في الغرفة الصغيرة المتصلة بغرفة فيلوميل، وقد ارتبكت تمامًا.
“صوفيا! أشعلي الضوء!”
صرخت بها فيلوميل، فأسرعت مذعورة تشعل الأنوار، فيما كان جيك قد أمسك بالمتسلل الذي حاول الفرار وقيّده.
وحين أضاء المكان، لمعت عينا فيلوميل للحظة وهي تحدّق في الرجل الممسوك، ثم ضيّقت حاجبيها بحدة.
“فيلوميل!”
كان الباب نصف مغلق، لكنه انفتح بعنف حتى كاد ينكسر، وظهر كايين وفي حركة غريزية، جذبها إلى صدره وحاصرها بذراعيه.
“ما الذي…”
بتر عبارته، وقد وقعت عيناه على الأسير. وتمتم بنبرة ثقيلة:
“… ويستون.”
كان المتسلل ليس سوى ويستون.
التفت كايين نحو فيلوميل باضطراب، لكنّها بادرت سريعًا:
“أنا بخير، لم يمسّني بسوء.”
“أأشهرتِ السيف؟”
“نعم.”
“أريني يدك.”
أخذ كايين كفها، يتفقدها بعناية.
فهي ليست فارسة، ولا تجيد الإمساك بالسيوف، وكان من المحتمل أن تؤذي نفسها.
وحقًا، كانت راحتها متورّمة قليلًا من شدّة قبضتها المتوترة.
“فـ… فيلوميل! لدي ما أقوله! أستطيع أن أوضح الأمر! لا بد أن تسمعيني… أآخ!”
لكن جيك دفع منديلًا في فم ويستون ليخرسه، قبل أن يتمادى.
سرعان ما استيقظ الجميع على هذه الفوضى.
وما إن وصل الخبر إلى ولي العهد، حتى نطق بكلمات غير متوقعة.
“تصرفوا كما ترونه مناسبًا.”
فهم كايين على الفور مقصده.
“أتقصد… أن نتولى عقابه بأنفسنا؟”
“نعم، في الحقيقة، إن إبقاءك ويستون حيًّا بدلًا من قتله أمر أشكرك عليه، لكن بعد أن ارتكب جريمة كهذه، فلن يجد جلالة الإمبراطور ما يقوله دفاعًا عنه، سأهتم أنا بمسائل البلاط، أما أنتما، فيمكنكما أن تنزلا به العقوبة التي ترونها.”
لقد كان ويستون متواطئًا مع السحرة.
وكان ذلك كافيًا لإعدامه بلا محاكمة.
ومع ذلك، سلّمه كايين للوليّ العهد حيًّا رغم العداوة الطويلة بينهما.
وكان ولي العهد ينوي، في سره، أن يسلّمه لكايين لاحقًا ليقرر مصيره، غير أنّه لم يتخيّل قط أن يستغل ويستون غفلة الحرس ليتسلل إلى غرفة فيلوميل.
“من الآن فصاعدًا، اسم ويستون سيُمحى من سجل العائلة الإمبراطورية.”
قال ولي العهد بحزم.
“وبعد هذا، لست معنيًا بما سيحدث له.”
كذلك فعلت ناتاشا وثيودور، فوكلوا مصيره إليهما.
ومع انقضاء الصخب، غرق كايين وفيلوميل في صمت الفجر، كلّ يغوص في أفكاره.
ـ”فيلوميل.”
“كايين.”
ناديا بعضهما في اللحظة ذاتها، ثم تبادلا ابتسامة هادئة، وتشابكت أيديهما.
“القرار لكِ.”
“ماذا؟”
“لقد ارتكب ويستون في حقك جريمة عظيمة.”
“لا… هذا ليس لي، هذا دينك أنت، دين عشر سنوات كاملة.”
ربّتت بخفة على يده، مضيفةً:
“سأتبع قرارك.”
شدّ كايين أصابعها بين أصابعه، ومسح ظهر يدها بحنان، لكن فيلوميل كانت تعرف أنّه غارق في صراع داخلي.
عندها دخل جيو ليكسر الصمت الطويل.
“ويستون ما يزال يطلب لقاء السيدة فيلوميل.”
“هو؟”
“نعم، منذ رحلتكم إلى السهول الثلجية وهو لا يكفّ عن ذلك، كنت أنوي أن أُعلمكم صباحًا، لكن… ما حدث الليلة جعلني أبلغكم الآن، كذلك الأمر بالنسبة لـ ايمون كيبان.”
زمّ كايين شفتيه بضيق.
“حقًا… لم أرَ وقاحة كهذه.”
ثم نظر نحو فيلوميل وقال بسخرية رقيقة:
“أكرر ما قلته من قبل: إن شعبيتك مزعجة للغاية.”
ابتسمت فيلوميل بمرارة:
“صدقني، لا تروقني هذه الشعبية.”
لم تكن في حياتها مطمعًا للكثيرين كما هي الآن، لكنها لم تجد لذلك أي نفع.
“أتريدين معرفتهم بما سيقولون؟”
“بصراحة… أشعر بفضول.”
فقد سبق لهؤلاء أن غرقوا في أوهامهم، وغضبوا عليها مرات لا تُحصى، كانت تتساءل أي وهم آخر صنعوه هذه المرة.
ثم أردفت بحزم:
“لكنني لن ألتقيهم، آذاني لا تستحق عناء الاستماع لتفاهاتهم.”
ابتسم كايين راضيًا.
“فكرة رائعة، لا ينبغي أن تلوث هذه الأذنين الثمينتين.”
ومد يده ليلمس طرف أذنها، يضغط بلطف على شحمتها الناعمة، ثم أمر جيو.
“أخبرهم أن يخرسوا جميعًا، أو لتُكمم أفواههم.”
“أمرك، سيدي الدوق.”
وخرج جيو، فعاد الحديث مجددًا إلى مصير ويستون.
أدركت فيلوميل من نبرة كايين أنّه اتخذ قراره أخيرًا.
لكنها سألته بقلق:
“هل ستكون بخير مع هذا القرار؟”
“نعم.”
كان جوابه حاسمًا، بلا أثر لندم أو تردد.
“الآن… أنتِ بجانبي، لا أريد أن أعيش للثأر فقط، أريد أن أحيا.”
كان ذلك القول ما طالما انتظرته منه.
لقد عاش كايين عقدًا كاملًا مهووسًا بالانتقام.
حين التقت به لأول مرة، كان رجلاً حادًّا، مرهفًا كحد السيف.
وكانت تخشى أن يُمحى فجأة بعد أن ينتهي ثأره، أن يتلاشى كما يتلاشى الدخان.
لهذا، فكرت أحيانًا أنه لو قتل ويستون بيده، فقد يملأ ذلك الفراغ بداخله.
لكنّه اختار غير ذلك.
اختيار لم تكن تريده تمامًا… وفي الوقت نفسه، كانت تريده من أعماقها.
كايين لن يقتل ويستون بيده.
لقد أدركت فيلوميل أنّ رغبتها في رؤيته يقتصّ بنفسه لم تكن إلا خوفًا… خوفًا من ألا تستطيع أن تملأ الفراغ الذي سيتركه الانتقام في حياته.
لكن الآن… لم تعد تخاف.
فقد امتلأ قلبها باليقين، ليس يقينًا مغرورًا، بل طمأنينة حقيقية..أنّها ستبقى معه، وأن حياتهما معًا ستملأ ذلك الفراغ شيئًا فشيئًا.
ـ”كايين.”
رفعت نظرها إليه بعزم جديد.
“سأملأ ما تبقى من حياتك، فلنتزوج.”
حدّق بها كايين بذهول لبرهة، ثم في لحظة خاطفة جذبها بين ذراعيه، ارتبكت قليلًا، لكن سرعان ما انفجرت بالضحك.
“أنتِ مخطئة”
قال وهو يشدها إلى صدره.
“لقد امتلأتُ بكِ حتى آخر قطرة، لا مكان لشيء آخر.”
ابتسمت فيلوميل بعناد محبب:
“إذن لنوسّع المساحة أكثر، فكلما ازدادت، كان ذلك أجمل.”
ضحك كايين بدوره، ورفع وجهها إليه.
“فيلوميل…”
كان نظره إليها مختلفًا هذه المرة.
“دعيني أملأ أنا أيضًا ما تبقى من حياتك.”
فأشرق وجهها بابتسامة تغمرها السعادة.
“املأ حياتي بك… كما سأملأ حياتك بي.”
“سأفعل… حتى آخر أنفاسي.”
تلاقى شفاههما في قبلة صافية، وفي اللحظة التي سبقتها، همس أحدهما ــ أو كلاهما معًا.
“أحبك.”
لم يهم أيهما همس بها، فقد كانت الحقيقة واحدة… كايين يحب فيلوميل، وفيلوميل تحب كايين.
لقد كان قلباهما في انسجام كامل، حتى إن الهمس بدا وكأنه صدى مشترك من روحيهما معًا.
🔖 نهاية القصة الرئيسية: «تزوجتُ البطل بدلًا من البطلة».
انتهت قصة كايين وفيلوميل بأجمل نهاية ممكنة… كانت الرواية قريبة جدًا من قلبي، وأجواؤها الدافئة وعلاقة الأبطال كانت فعلاً تغذي الروح. استمتعت بكل لحظة قضيتها معهم، وأتمنى إنكم استمتعتم مثل ما أنا استمتعت ❤️🩹
كانت قصة قصيرة، لكن مليانة بالأحداث والمشاعر. أشكر كل شخص وصل معي لهالحلقة، وشكرًا من القلب لحبكم لفيلوميل وكايين حتى النهاية 🥹
باقي لنا ١٥ فصل جانبي، بنزلهم بعد استراحة بسيطة… كامل الحب، المترجمة بينا.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 121"