قالت فيلوميل بهدوء وهي تنظر إلى كايين الملقى على السرير.
“ابقَ مستلقيًا، سأقوم بتفقد الكوخ أكثر قليلًا، ربما أجد شيئًا نسدّ به جوعنا.”
في حالته الراهنة، فإن خروجه للصيد لن يجلب له سوى إطالة فترة النقاهة.
أما فيلوميل، فلم تكن تملك القدرة على الصيد، فلم يبقَ لها سوى الأمل بأن يحتوي الكوخ على شيء يصلح للأكل.
وبالفعل، بدا أن حدسها أصاب.
إذ لم تمضِ دقائق على تفتيشها المطبخ حتى عثرت على ثلاث رزم من اللحم المجفف وبعض الفاكهة المجففة.
كل كيس من اللحم احتوى على ما يقارب عشر شرائح، والفاكهة المجففة لم تكن بالقليلة.
بدا أنها تكفيهم ليصمدوا بخير مدة خمسة أيام كاملة.
أخذت فيلوميل تتفحص اللحم المجفف وتشمّه بحذر، وبعد أن تأكدت من سلامته، أشعلت نارًا صغيرة باستخدام مخطوطات الأرواح.
لم تكن تلك النار كالنار العادية، فهي لا تستطيع إشعال الخشب، ولهذا استعملت المخطوطات المستهلكة كوقود.
دفّأت اللحم حتى لان قليلًا، ثم حملته واقتربت من كايين.
كان قد استغرق في نوم عميق، وجهه الشاحب يلمع تحت ضوء النار الخافت.
وضعت فيلوميل اللحم قربه بصمت، ثم نظرت إليه مطولًا.
السرير لم يكن صغيرًا، لكنه بدا ضيقًا مع طول جسد كايين وضخامته، بحيث لا يتسع لشخصين.
ولهذا اكتفت فيلوميل بلفّ نفسها بغطاء سميك وجدته أثناء بحثها، وما إن خفّ عنها التوتر بعد أن أنهت علاجه حتى داهمها النعاس، واستسلمت لنوم عميق.
لكنها فتحت عينيها فجأة على ثِقلٍ دافئ فوق صدرها. رغم أن الرؤية كانت ضبابية بفعل النوم، إلا أنها عرفت فورًا من هو.
“دوق..؟”
ابتسم كايين قليلًا وهو يغطيها باللحاف.
“استيقظتِ؟”
ارتبكت فيلوميل وهي تنهض جالسة: “لماذا… لماذا أنا على السرير؟”
“أنا من نقلتك.”
سارعت بالاعتراض:
“أنا بخير، يجب أن تستلقي أنت!”
لكن يده امتدت لتثبّت كتفها. كانت قبضته ضعيفة، لكنها دافئة.
ذلك الدفء جعلها تجفل؛ إذ لا تزال حرارة جسده الباردة قبل ساعات عالقة في ذاكرتها. أمسكت يده بكلتا يديها وهمست.
“إنها دافئة… الشكر للإله.”
أراد أن يجيبها، لكن ما شغله أكثر هو ارتجاف أصابعها الدقيق.
وضع كفه الآخر فوق يديها المرتجفتين وربت عليها. “أنا بخير حقًا، فيلوميل، لا تتنازلي عن السرير.”
هزت رأسها بعناد.
“من المستحيل أن تكون بخير خلال ساعات قليلة! أما أنا، فلم أُصب بأي أذى، السرير لك.”
ابتسم كايين بخفة. “إذًا فلننم معًا.”
شهقت بدهشة. “… كنت تخطط لذلك منذ البداية، أليس كذلك؟”
لم ينفِ ولم يؤكد، بل اكتفى بابتسامة هادئة جعلت قلبها يزداد اضطرابًا.
قال بعدها بجدية وهو يرفع كتفيه. “مهما فعلتِ، سأفعل معك. إن اخترتِ النوم على الأرض، فسأنام معك هناك، وإن فضّلتِ السرير، سأبقى بجانبك، يقولون إن الزوجين جسد واحد، في الشدة والراحة معًا.”
ترددت قليلًا، ثم استسلمت لوجاهة كلامه. “حسنًا… لكن استلقِ قليلًا لأتفقد جرحك.”
كانت متأكدة أن وقتًا طويلًا قد مرّ، فقد تلاشى الإرهاق واصبح ذهنها صافيًا، أما جرحه الكبير، فكان يستلزم تغيير الضماد بشكل منتظم.
أطاعها كايين واستلقى على بطنه، ففكت الضماد برفق، وما إن رأت ما تحته حتى شهقت بدهشة. “هذا… كيف…؟”
الجرح الغائر قد امتلأ بلحم جديد بدأ يتكوّن!
أجابها ببساطة. “قلت لك إنني أتعافى بسرعة.”
لم يكن المتجاوز شخصًا عاديًا.
قدرته على استخدام الأورا لم تكن سوى وجه واحد لقوته؛ فجسده بأكمله قد صُمم ليتحمل ما لا يستطيع البشر تحمله، وكانت قدرته على التعافي شبه خارقة.
أي جرح مهما بلغ عمقه، سرعان ما يتوقف نزفه ويبدأ بالالتئام خلال يوم واحد.
ورغم شرحه لها من قبل، إلا أن فيلوميل لم تستوعب وقتها، إذ كان كل ما يشغلها هو الدماء النازفة.
أما الآن، فقد بقيت تحدّق مذهولة في الجرح المتعافي.
اقترب منها كايين وسأل بصوت خافت وهو يشيح بنظره.
“فيـلوميل… هل يبدو لك هذا مقززًا؟”
كان قلقًا؛ إذ بالنسبة له هذا طبيعي، لكنه أدرك أن في نظر الآخرين قد يبدو غير مألوف.
لم يرد أن تراها تتقزز منه.
لكنها أجابته بجدية عجيبة.
“هل دمك أخضر؟”
“… ماذا؟! لا.”
“هل لديك عين ثالثة؟”
“بالطبع لا.”
“إذن لا مشكلة.”
نطقت بصدق تام.
“المتجاوزون ليسوا بشرًا عاديين أصلًا، لو كانت قدراتكم الجسدية مثلنا تمامًا، لكان ذلك هو الغريب حقًا، لذا… ما دمت لست مخلوقًا بعين زائدة أو دم غريب اللون، فلا داعي لأن تفكر هكذا.”
انفجر كايين ضاحكًا وهو يهز رأسه. “معك حق.”
ثم سمح لها بدهن ظهره بالمرهم، وبينما كانت تنشر الدواء على جلده، لاحظت تفاصيل جسده لأول مرة.
الكوخ مظلم، لا يضيئه سوى لهيب صغير، لكن في ذلك الضوء المتراقص برز ظهره العريض بوضوح؛ عضلات متناسقة، قوية، ممتلئة دون فراغ.
لم يكن صلبًا خشنًا، بل بدا وكأن كل جزء قد شُكّل بعناية.
لم تستطع منع يدها من تتبع العمود الفقري نزولًا ببطء، فارتجفت عضلاته تحت لمستها.
“فيـلوميل…؟”
رأت أذنه تحمر بخجل، فانتفضت فورًا وسحبت يدها.
“انتهيت… من دهن المرهم.”
شعرت بوهج يعلو وجهها، لكنها شكرت الإله أنه لا يراها.
تنحنحت لتخفي ارتباكها وقالت: “على أي حال، تحتاج إلى ملابس، لا يمكنك البقاء عاري الصدر هكذا.”
نظر حوله قليلًا ثم سحب اللحاف ولفّه حول جسده.
ابتسم بمكر. “لكن لا يزال هناك أمر أهم لم أفعله.”
“ماذا تقصد؟”
قبل أن تكمل، جذبها إليه فجأة، فأطلقت صرخة قصيرة.
وجدت وجهها مدفونًا في صدره الدافئ، وذراعاه تطوقان خصرها بإحكام.
“أحتاج أن أضمك.”
ارتجفت، وقد التصقت به تمامًا، تشعر بحرارته تشتعل في كل مكان تلمسه. “مـ… ما هذا؟!”
“الحفاظ على حرارة الجسد، لا أكثر.”
تلعثمت وهي تحاول أن تبرر، لكن كلماته التالية زادت ارتباكها: “ثم لا تنسي أنك من مزّقت ملابسي.”
اتسعت عيناها: “لم أفعل! كنت أعالجك وحسب!”
ضحك ضحكة قصيرة واستلقى بها مجددًا: “مجرد مزاح… فلنبقَ هكذا معًا.”
أمام صوته الدافئ وهمسه القريب، لم تستطع المقاومة أكثر، فاستسلمت وارتخت بين ذراعيه.
شدّه ذلك إلى أن يضمها بقوة أكبر وهو يهمس: “أتدرين ما أكثر ما فكرتُ فيه وأنا أقاتل الوحش؟”
رفعت رأسها قليلًا: “ماذا؟”
“كنتُ أتمنى أن نسقط سويًا في جزيرة نائية، ولا يجدنا أحد إلا بعد أسبوع.”
ضحكت فيلوميل بخفة.
الحقيقة أنها لم تستطع الادعاء بأنها لم تراودها أمنيات شبيهة.
لم يتسنَّ لهما في اليوم الواحد سوى ساعتين بالكاد يقضيانها معًا، والبقية يمرّ في انتظار اللقاء التالي.
قالت بصوت رقيق: “يبدو أن أمنيتك تحققت بشكل ما.”
“صحيح… ولهذا أشعر بسعادة غامرة.”
لم تكن بحاجة لرؤية وجهه لتدرك ابتسامته؛ يكفي أن تسمع نبرته، وتشعر بجسده وهو يحتك بوجهها بمرح.
ابتسمت هي الأخرى برفق.
ثم، بصوت بطيء متردد، ناداها: “فيـلوميل…”
“نعم؟”
اقترب أكثر وهمس في أذنها: “أحبك.”
لكنها لم تجب… إذ كانت قد غرقت في نوم عميق بين ذراعيه.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 118"