حتى من بعيد، كان من السهل رؤية أن وجه إيمون قد غُطيّ بالندوب، ندوب قاسية، كأنها خُدشت بأظافر وحش.
وما إن شعر بنظراتهم حتى رفع يده ليتلمس وجهه.
“هل يجدر بي أن أشكرك لأنك تعرفتِ عليّ رغم أن وجهي صار هكذا؟”
“لماذا أنت هنا؟”
لم ينتظر كايين حتى يُكمل إيمون كلامه، بل سأله مباشرة.
هزّ إيمون كتفيه بلا مبالاة.
“ولماذا لا أكون هنا؟ أنا ساحر، أو لعل الأدق أنني لستُ ساحرًا بالمعنى الحرفي… في البداية، كان هناك ساحرًا هالك الجسد يحاول الاستيلاء على جسدي، لكن، وبطريقة ما، انتهى بي الأمر إلى هذا الحال.”
ثم التفت بعنف، وصرخ بصوت أجشّ مختلف:
“اخرس ونفّذ الخطة بسرعة!”
لكن إيمون عاد يواجههما، مكملاً:
“جسد واحد يضم شخصيتين مختلفتين… لقد كان عذابًا لا يُحتمل، شعرتُ برغبة في تمزيق جلدي بالكامل… “
رفع أظافره، وخدش ندبةً ببطء، لم يكن الجرح عميقًا، لكنه ترك خطًا أحمر فوق أثر الندوب القديمة.
يكفي النظر إلى وجهه المشوّه ليدرك المرء مقدار العذاب الذي قاسى منه.
إلا أن كايين سأله ببرود:
“ثم ماذا؟”
ثم ألقى نظرة خاطفة على فيلوميل قبل أن يصرف بصره عنها.
“أتريد أن تقول إنك أتيتَ بنا إلى هنا لأجل هذه الترهات؟ لا بد أن هناك سببًا آخر.”
ارتجف حاجبا إيمون، وارتعشت نظراته.
“… فيلوميل، أليس لديكِ ما تقولينه لي؟”
ابتسم كايين بتهكّم:
“يبدو أن شعبيتكِ قد ازدادت مؤخرًا، من ناديا أليس، إلى ويستون، وصولاً إلى إيمون كيبان.”
“لكنها ليست الشهرة التي أرجوها.”
نقر كايين بلسانه ساخرًا.
“ربما علينا أن نُعجّل بحفل الزواج إذن.”
لم يبدُ على كايين وفيلوميل سوى الدهشة العابرة، ثم تعاملوا مع الأمر ببرود، وهو ما ترك إيمون في حيرة وغضب.
لم يكن هذا ما أراده، كان يريد أن يُصيبهم الذهول، أن يراهم مذعورين مرتجفين، لكنهما لم يبديا أي أثرٍ لذلك.
حين حاولت شخصية الساحر السيطرة عليه من جديد، صرخ إيمون:
“اصمت! قلت لك إنني سأدبّر الأمر!”
هزّ رأسه بعنف، ثم رمقهم بعينين تقدحان بالجنون، كان واضحًا أنه لم يعد بكامل قواه العقلية، فشدّ كايين قبضته على يد فيلوميل ليمنحها الطمأنينة.
رغم أنه تعمّد أن يبدو هادئًا ومازحًا، فإنه كان يدرك أن إيمون خطر داهم.
“فيلوميل…”
ولم يخفِ ضيقه من كثرة ترديد إيمون لاسمها.
قال إيمون بغليان:
“لقد دُمّرت حياتي بسببكِ أنتِ وناديا.”
“ماذا؟”
“لقد تآمرتما عليّ، أنتِ وناديا، لا فرق.”
تدخلت فيلوميل لأول مرة بصوت متفاجئ.
“أنا من دمّرت حياتك؟”
“نعم!”
“لا، إيمون، با أنا من يملك الحق في قول ذلك، أنت الذي هجرتني يوم خطوبتنا.”
قالت كلمتها بهدوء، لكن كايين شعر بالنار المشتعلة في صدرها.
صرخ إيمون متلعثمًا.
“ذلك لأن…”
قاطعته بمرارة:
“أي إنسان يمتلك ذرة من ضمير لا يترك خطيبته وحيدة في قاعة الخِطبة، لم تفكر للحظة بي، وأنا أواجه الجميع وحدي.”
“… لكنني عدت! عدت سريعًا! لم يستغرق الأمر سوى أسابيع قليلة، لا عامًا كاملاً، ومع ذلك، في هذه الفترة القصيرة كنتِ قد فسختِ الخطوبة وارتبطتِ بآخر! من الذي خان الآخر يا ترى؟”
احمرّت عيناه، وارتعش جسده من شدة الغضب.
“كنتُ مستعدًا لأن أغفر لكِ كل شيء، رغم أنكِ امرأة خفيفة لا تؤتمن! كنتُ مستعدًا أن أقبلك مجددًا… لكنكِ جعلتِني… هكذا!”
أدركت فيلوميل أنه ألقى كل أسباب شقائه على كاهلها، ومع هذا، لم تعد تشعر بالغضب.
بل رسمت على شفتيها ابتسامة هادئة، ابتسامة لم تلائم الموقف، فأربكت إيمون وأخرسته.
قالت بهدوء لاذع.
“أدركت الآن أن هذه أول مرة أراك فيها مع ناديا منذ ذلك الحين، والحق أنكما تبدوان مناسبين جدًا لبعضكما، يبدو واضحًا سبب ارتباطكما، أوه… لحظة، ألم تنفصلا؟ غريب، فقد كنتما متناسبين إلى حدٍ كبير.”
تبادل إيمون وناديا النظرات، ثم تشوّهت ملامحهما في الوقت ذاته.
كل منهما احتقر الآخر في سرّه.
كيف يمكن أن يليق بي هذا الوجه الممسوخ؟ – فكرت ناديا.
كيف يمكن أن ارتبط مع مثل هذه المرأة القذرة الحقيرة؟
– تمتم إيمون في داخله.
اشتعل الغضب فيهما معًا، إذ بدا لهما أن قيمتهما لم تتجاوز هذا المستوى.
صرخ إيمون بجنون.
“اخرسي! أتظنين أنكِ ستبقى متعجرفة هكذا إلى الأبد؟!”
وبينما كانت كلماته ما تزال في الهواء، أمسك شعر ناديا فجأة وجذب رأسها بقسوة.
صرخت متألمة، لكنه لم يُعرها اهتمامًا، بل أخرج خنجرًا صغيرًا ووضعه على عنقها.
ارتجفت ناديا من الهلع وأطلقت صرخة أخرى.
“اصمتي! وإلا مزّقتُ عنقكِ حالًا!”
شعرت برعب حقيقي، وكتمت صرخة كانت على وشك الانفجار.
أما فيلوميل وكايين فلم يُبديا تأثرًا كبيرًا.
بدا الأمر وكأن حياتها أو موتها لا يعني لهما الكثير.
ضحك إيمون بسخرية وهو يرى لامبالاتهما.
“لو كان القتل وحده هو مقصدي، لفعلت ذلك منذ زمن.”
قالها بلهجة مبهمة أيقظت في كايين قلقًا غامضًا. تذكّر على الفور كيف كانت الوحوش تنجذب دومًا نحو ناديا.
تابع إيمون بابتسامة مقيتة:
“أتدرون؟ لقد كانت ناديا جسدًا مكتملاً بشكل عجيب، أعظم مما ظننت، شربت من دمي، فامتلكت قوة روحية، إلى جانب قدرة غريبة… هل تعرفون ما فعلتُ بها؟”
ثم، دون تردد، غاص خنجره في عنقها.
لم تخرج منها صرخة،عينان متسعتان، وجسد ينهار أرضًا، والدم يفور من جرح عميق غمره الحمرة الداكنة.
شهقت فيلوميل وارتعشت رموشها وهي تحاول صرف بصرها.
لقد كرهت ناديا، وامتلأ قلبها نفورًا منها، لكنها لم تتمنَّ يومًا موتها، كل ما أرادته هو ألا تراها مجددًا في حياتها.
لم يخطر ببالها قط أن تُقتل ناديا أمامها هكذا. فاض قلبها بخفقٍ متسارع.
شعر كايين بارتباكها، فمدّ إبهامه يربّت على ظاهر يدها برفق، التفتت إليه، ولم تستطع الابتسام، لكنها أومأت إيماءة خفيفة.
في تلك الأثناء، ابتسم إيمون راضيًا وهو يراقب الدم يتسرب إلى الأرض البيضاء.
“ألا يثير فضولكم ما الذي أصبحت عليه كـ جسد مكتمل؟”
ظن أنه أخرسهم صدمة، فانفجر ضاحكًا.
“لقد أيقظت الوحوش… جعلتها تراها كأمّ لها.”
وما إن أنهى كلماته حتى انتشرت موجات مشؤومة من السحر.
شعر كايين على الفور بعشرات، بل مئات الكيانات تهتزّ تحت الأرض.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 116"