قال ثيودور مبلّغًا كايين، بعد أن التقاه على عجل بعد غروب الشمس، بـ عدد الوحوش.
“خلال الفجر، بلغ عدد الوحوش التي ظهرت ستين وحشًا، وهو العدد نفسه كما البارحة.”
“لن اعود اليوم ، سأبقى معك.”
وكان السبب وراء قرار ثيودور هو تلقيه معلومة بأن ويستون سينفذ خطته اليوم.
“ليست هناك مشكلة في أن أبقى بلا نوم لِـ ليلةً واحدة، زوجتي زارتني وغادرت بالفعل.”
قال كاين متسائلًا بقلق:
“هل ستكون بخير حقًا؟”
فربت ثيودور على كتفه مبتسمًا وقال:
“لستُ من الكِبَر بحيث تنهكني ليلةٌ بلا نوم، يا فتى.”
فقال كايين بحزم:
“إذن، سأكلف نفسي بمراقبة السور.”
عندها عقد ثيودور حاجبيه قليلًا، وسأله:
“هل تقلق على الآنسة فيلوميل إلى هذا الحد؟”
رد كايين دون تردد:
“بالطبع، إن حدث شيء، يجب أن أكون قريبًا بما يكفي لأهرع إليها فورًا.”
وبينما كانا يتبادلان هذا الحديث البسيط، دوّى صوت البوق في الأرجاء، فعاد كل منهما إلى موقعه.
قبض كايين على مقبض سيفه ورأى الوحوش تنقضّ بسرعة نحو السور، لكن كل انتباهه في الحقيقة كان موجّهًا إلى فيلوميل، ومع ذلك، لم يكن في وسعه الآن سوى أن يمنع الوحوش من اجتياز السور، فسرعان ما ألبس سيفه هالة الأورا وأهوى به، ليسقط الوحش أرضًا بلا مقاومة.
على الرغم من أنّ فيلوميل كانت منشغلة بعلاج الجرحى غالب الوقت ، الا انها احسّت بتغير الأجواء عن الأيام الماضية بشكل واضح ، لم يكن السبب فقط أنها كانت تراقب نادية ويوهانس بين الحين والآخر وقد بدا عليهما التوتر، بل كان هناك إحساس مختلف يتنامى بداخلها.
وما إن أعادت نظرها إلى ناديا، حتى التقت عيناها بعيني ويستون، الذي كان يحدق بها بنظرة غامضة، رغم أنه قد حذرها بالأمس، لكنها تجاهلت تحذيره وجاءت على ايّ حال.
مرّت ساعة منذ بدء الجولة الأولى من القتال، حينها اقترب كين من خلفها وهمس بتحذير:
“سيدة فيلوميل، أظن أن الأمر سيبدأ قريبًا، كوني حذرة من فضلك.”
فأجابته بوقار. “نعم، يا سير كين.”
كان كين يراقب ناديا عن كثب طوال الوقت، فسرعان ما التقط إشارات سلوكها المريب.
وفي اللحظة التي بلغ فيها التوتر ذروته، دوّى صوت بوق مختلف عن المعتاد.
أدركت فيلوميل بالفطرة أن الخطة قد بدأت. ولحسن الحظ، لم يكن هناك جريح بين يديها، فالتفتت فورًا إلى مصدر الضجيج.
كان الصوت قادمًا من جهة ناديا، ومن هناك، كان هناك وحش يتسلق السور.
طوال الأسابيع الماضية من القتال، لم يحدث قط أن تجاوز وحش السور.
لكن سكان الإقليم لم يصابوا بالذعر، بل تحرّكوا بهدوء وفقًا لتعليمات ناتاشا.
كان الوحش قد تسلق عند السلم، لكنه حين عجز عن احتمال الهجمات المتساقطة عليه من الجانبين، انكمش بجسده فجأة، ثم بدل اتجاهه نحو ناديا.
“آه!”
صرخت ناديا لا إراديًا وهي تطلق طاقتها المقدسة، غير أنها أغمضت عينيها بإحكام، فانحرفت طاقتها عن مسارها وأخطأت إصابة الوحش.
زمجر الوحش واندفع ساقطًا من على الدرج، ليجد نفسه تمامًا داخل حدود السور، وعلى الفور، أشهر كين وجاك سيوفهما ووقفا أمام فيلوميل لحمايتها، فيما حاصر الفرسان الوحش من كل جانب، إذ كان قد وُزّع الحرس مسبقًا استعدادًا لأي ظرف طارئ.
ثم دوّى صوت البوق مرتين متتاليتين، وهو الإشارة التي تعني أن أعدادًا من الوحوش تتقدم، لم يكن هناك وقت لإضاعة الجهد على وحش واحد.
صاح ديل وهو يهرع من فوق السور: “طوّقوا الوحش!”
تحرك الفرسان في انسجام، فيما زمجر الوحش من وسط الدائرة، وقد أدرك أنه محاصر، ارتجف الجو بصوته الحادّ حتى كاد يمزق الآذان.
كانت فيلوميل تراقب المشهد، وجهها متشنج من الفزع، لكنها لم تُبعد ناظريها عنه، كان من حسن الحظ أنه لم يتجاوز السور سوى وحش واحد، لذا بقي الجميع متماسكًا، وإن ساد الجو توتر يكاد يخنق الأنفاس.
اقتربت صوفيا من فيلوميل وهي ترتجف لكنها مدت ذراعيها لتحميها بجسدها: “آنستي، تراجعي إلى هنا!”
لكن فيلوميل لم تستطع تجاهل ذلك الشعور الغريب الذي يعتريها منذ لحظات، كان الأمر غير منطقي؛ وحش واحد فقط اجتاز، في حين كانت التوقعات أن يتدفق أكثر ، والأسوأ أن الوحوش الأخرى واصلت الاندفاع من خارج السور، قبل أن يتمكنوا حتى من القضاء على هذا الداخل.
تسارعت دقات قلبها وهي تتلفت من حولها. الجميع منشغل بالوحش الذي اخترق السور… الجميع باستثناء ثلاثة أشخاص: هي نفسها، وناديا التي كانت تحدق بها، وويستون الذي ظل يرمق جهة أخرى بطرف عينه.
بحسها الغريزي، تبعت نظرات ويستون، فرأت أرضًا خالية، قريبة جدًا منها، لكن فجأة، أخذت تلك البقعة الأرضية تتحرك وكأنها تنتفخ.
صرخت فيلوميل في اللحظة التي دفعت فيها صوفيا جانبًا:
“سير جيك!”
ارتطم جسد صوفيا بالأرض مع صرخة قصيرة، وفي اللحظة نفسها التفت جيك، الذي كان يراقب الوحش، ليصد ضربة باغتتهم من الخلف.
رنين معدني دوّى حين اصطدم سيفه بجسم مجهول انحرف بعيدًا، كان الهجوم موجهًا نحو فيلوميل مباشرة.
في لحظة خاطفة، كانت قد أخرجت من جيبها مخطوطة الأرواح وأمسكت بها بيديها تمهيدًا لتمزيقها.
لهثت بعمق بعدما نجت بأعجوبة: “هاه… هاه…”
لكن الأمر لم ينتهِ بعد، فقد تصدى جيك للوحش المنقضّ نحوها، فيما وقف كين حائلًا دونها.
انكمشت فيلوميل خلفه، وعيناها لا تفارق ويستون، أما ناديا فقد بدت مذهولة وهي تحدق بها، بينما كان ويستون يشيح ببصره بعيدًا في كل مرة.
صرخت فيلوميل وهي تلمح ما يحدث:
“انتبهوا إلى الأرض!”
وبالفعل، لم تمضِ لحظات حتى بدأت الأرض في مواضع عدة تتشقق وتنتفخ، لتخرج منها أذرع الوحوش، لو لم تحذرهم، لكانوا جميعًا وقعوا في الفخ بلا استعداد.
صاح ديل بصوت جهوري:
“احذروا الأرض! الوحوش تحفر طريقها إلى داخل السور!”
أهوى ديل بسيفه على الوحش الذي اخترق السور بادئًا، ليعيد السيطرة على الوضع.
خرج من باطن الأرض عشرة وحوش، عددها ليس كبيرًا لكنه أربك الدفاعات.
احتضنت فيلوميل صوفيا بذراعها، وعيناها تجولان بسرعة، سرعان ما أدركت أن الوحوش كلها تظهر تحديدًا في المواقع التي تتمركز فيها لعلاج الجرحى، عندها عضت شفتها السفلى بمرارة.
“ناديا…!”
لقد اتضح كل شيء، إن الهدف لم يكن سوى حياتها، كانت غافلة، ولم تحسب حسابًا أن ناديا قد تجرؤ على محاولة قتلها علنًا بهذه الطريقة.
والأسوأ، أن الوحوش اتخذت منها هدفًا مباشرًا، كأن ثمة من وجّهها لتهاجمها وحدها.
صرخ ديل بعدما أدرك ما يجري: “احموا الآنسة فيلوميل!”
أسرع الفرسان لدعم كين وجيك، لكن الوحوش كانت كثيرة، فيما لا تزال الهجمات مستمرة على السور، كان الوضع عويصًا فلم تصل اي تعزيزات بعد.
في تلك اللحظة ركض هارنين من الداخل مناديًا: “سيدتي!”
التفتت فيلوميل نحوه وقد ازدادت الإصابات من حولها، حينها مزقت إحدى مخطوطات الأرواح الطارئة، فانفجرت ألسنة النار وأحرقت وحشًا قريبًا.
زمجر الوحش وهو يتلوى من الألم، وقبل أن تتمكن من استخدام مخطوطة أخرى، استدعى هارنين روحًا قتالية، فالتفت بعض الوحوش عن فيلوميل واتجهت نحوه.
رفعت صوفيا رأسها وهي تضم فيلوميل لتقيها، ثم صاحت نحو ناديا: “ايتها القديسة! اقضي على الوحوش بسرعة! هيا!”
كانت صيحتها قوية بما يكفي أن يسمعها الجميع رغم ضجيج المعركة.
ارتبكت ناديا للحظة، إذ كانت خطتها تنهار أمام عينيها، لكن صوت صوفيا أيقظها من شرودها.
لم يعد بوسعهم استدعاء دعم من الخارج بسبب فيضان الوحوش خلف الأسوار، والأسوأ أن الأداة السحرية التي تنقل الأصوات تعطلت فجأة.
ومع أن الموقف كان فوضويًا، إلا أن كلمات صوفيا وصلت واضحة إلى الجميع، إن لم تبادر ناديا الآن، فسوف تُترك فيلوميل تواجه خطرًا محققًا، وقد تُصاب إصابة بالغة أو تلقى حتفها في غضون دقائق.
وقفت ناديا أمام مفترق حاسم: إما أن تنقذها وتفشل خطتها، أو تتراجع وتتركها تموت.
تساقط العرق البارد من بين أصابعها وهي تفكر: “يمكنني أن أشاهد موتها بأم عيني… لكن إن لم أساعدها الآن، فلن يكون لهذه الخطة أي معنى.”
ظلّت عيناها معلقتين على فيلوميل، وهي تتأرجح في صراع داخلي مرير.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 109"