حرّك كايين جسده المرهق بالقوة، فمنذ البارحة، كان عدد الوحوش التي انهمرت فجأة هائلًا، حتى اضطر إلى خوض معارك أطول من المعتاد بلا فسحة للراحة، مستنزفًا الكثير من طاقته الأورا.
لكن ما أرهقه حقًّا لم يكن جسده بقدر ما كان إنهاكًا نفسيًّا أثقل عليه.
ومع ذلك، وعلى الرغم من جسده المكدود وروحه المجهدة، كان شعوره الداخلي مفعمًا بالانتعاش والبهجة.
والسبب ببساطة، أنّه كان متوجّهًا الآن إلى مكتبه حيث تنتظره فيلوميل.
تسارعت خطاه مدفوعًا برغبة عارمة في أن يضمّها بين ذراعيه بأسرع وقت ممكن.
كان جاك واقفًا يحرس أمام المكتب، وما إن رأى كايين حتى انحنى برأسه تحية، ردّ كايين بإيماءة مقتضبة وهمَّ بالدخول مباشرة.
لكن جيك استوقفه: “سعادتك، لدي ما أبلغه إليك.”
التفت كايين و يده لا تزال قابضة على مقبض الباب. “ما الأمر؟”
“لقد جاء صاحب السمو الأمير الثالث ليزور الآنسة فيلوميل، رغب في التحدث إليها على انفراد، لكنها رفضت، فدار بينهما حديث أمامي… إلا أن…”
تردد جيك وهو يفكّر إن كان عليه أن يروي تفاصيل الحوار، غير أنّ كايين قطع عليه الكلام: “الباقي سأسمعه منها بنفسي.”
“أجل.”
تبدلت ملامح كايين قليلاً، فخف البريق الذي كان يشعّ من عينيه. لكن ما إن ولج إلى الداخل ورأى فيلوميل غافية على الأريكة حتى انفجرت ابتسامة عفوية على محيّاه.
استفاقت فيلوميل من صوت فتح الباب، فهرع إليها كايين على الفور. “فيلوميل.”
“لقد عدت؟”
رفعت إليه وجهًا لا يزال ينوء بآثار النعاس، مبتسمة وهي تمدّ يديها نحوه، وما إن التفّت ذراعاها حول عنقه حتى أحاطها هو الآخر بضمّة محكمة.
أمال كايين رأسه فوق كتفها، مداعبًا إياها بحركات صغيرة، ارتعشت كتف فيلوميل من الدغدغة فابتسمت، ثم مرّرت أصابعها خلال خصلات شعره، مستمتعة بملمسها الحريري وهي تنساب بين أناملها.
“كيف قضيتِ يومك؟” سألها.
“لقد كان مرهقًا، كثرت الإصابات، فلم أجد وقتًا لألتقط أنفاسي، وأنت، سيدي الدوق؟ أرجو أنك لم تتعرض لأذى؟”
“لا، أنا بخير.”
خفف عناقها ثم جلس على الأريكة، مسندًا ظهره إليها فيما أبقاها في حضنه من الخلف، متشابكًا معها، وبينما كان يلفّ خصلة من شعرها بأصابعه قال: “وأنتِ؟ لم تتأذي صحيح؟”
ابتسمت.. “طبعًا لا، لو كنت تأذيت لعرفتَ أنت أولًا.”
“صحيح.”
أومأ دون أن يجادلها.
أغمضت فيلوميل عينيها وهي تتلذذ بلمساته التي تسرّبت إلى فروة رأسها، أما هو، فراح يطبع قبلة رقيقة على صدغها، ثم أخذ يتنقّل ببطء نحو خدّها، حتى التقت شفاههما في قبلة لينة متأنية.
لم يعد ثمة عجلة، فسمحا لأنفسهما أن يتذوّقا بعضهما بحذر متمهّل، فيما كايين يثبّت وجهها بكفّيه ليغوص أكثر فأكثر.
لم تعد فيلوميل بحاجة إلى التوقف لتلتقط أنفاسها؛ فقد تعلّمت كيف تحتفظ بفسحة من الهواء، فطال التقبيل بينهما بلا انقطاع.
شعر كايين بدفئها يقترب شيئًا فشيئًا من حرارته، فارتسمت على شفتيه ابتسامة خفيفة.
ثم طبع على شفتيها الرطبتين قبلة مازحة صغيرة، تلتها قبلات متفرقة كالندى.
وبينما كانت تلهث قليلًا، تذكرت فجأة أمرًا مهمًا. صحيح… ويستون!
كانت تعتزم إخباره بمجرد وصوله، لكن انشغالها بقبلاته جعلها تنسى كليًا.
“سيدي الدوق، لدي ما أقوله لك.”
“نعم، قولي.”
ورغم جوابه، لم يتوقف كايين عن تقبيل بشرتها برفق وكأن شفتيه تأبى أن تبتعد عنها. فأدركت أنه من الأسرع أن تتابع حديثها بدلًا من محاولة إيقافه.
“لقد جاءني الأمير الثالث في وقت سابق اليوم.”
وبمجرد أن ذُكر اسم ويستون، عادت إلى ذهن كايين كلمات جيك التي سمعها عند الباب.
توقف لحظة، لكنه ما لبث أن تابع تقبيل خدها. “أجل.”
“لكن… قال لي شيئًا غريبًا، طلب مني ألا أخرج من القصر غدًا، ثم ناداني باسم ميل.”
ارتفع رأس كايين عند هذه الكلمات. بينما بدت فيلوميل شاردة، حاجباها متقاربين في حيرة.
“أظن أن الأمير الثالث قد أيقن بهويتي الحقيقية، ويبدو أنه ينوي تنفيذ خطته غدًا، لكن ما لا أفهمه… هو لماذا يخبرني بذلك أصلًا؟”
“أمّا أنا… فأظنني أعرف السبب.”
“حقًا؟ ما هو؟”
أخذ كايين خصلة من شعرها وقبّل نهايتها: “لأنه لم يستطع أن ينساك، ما زال يحتفظ بذكراك من عشرة أعوام.”
“ماذا؟! أنت تقول إن ويستون…؟”
نطقت باسمه من شدّة دهشتها،عندها ضاق كايين بعينيه، وقد أثارت غيرته سماع اسمه يتردّد على شفتيها. لكنها لم تلاحظ، واستطردت وهي متعجبة: “ويستون ليس ناديا، أيعقل أن يحنّ إلى من أراد قتلها؟ هذا غير منطقي!”
“برأيي هما سواء، ثم لا تقولي ويستون… قولي الأمير الثالث.”
“ها؟”
“لا يعجبني أن أنصت لاسمه يخرج من فمك.”
أطرقت لوهلة، ثم تنبهت أنها تلفّظت باسمه بالفعل.
“على أي حال… الأمير الثالث ليس بكامل وعيه، هذا مؤكد.”
“بل كان هكذا منذ البداية، منافق لا أكثر.”
ارتسمت على شفتي كايين ابتسامة ساخرة وهو يستحضر صورته.
“سأخبر والديّ بهذا أيضًا.”
“نعم، ينبغي أن يعلما.”
تردّد كايين قليلًا ثم قال بنبرة حازمة: “إياك أن تخرجي من القصر غدًا.”
“ماذا؟” سألت بدهشة. “لماذا؟”
“ألستِ تتساءلين إن كانت ناديا آليس ستستهدف فقط أهل الإقليم؟ قد تتظاهر بالنقاء والعطف، لكنها في الحقيقة قد تحاول قتلك.”
فكرت فيلوميل قليلًا ثم هزت رأسها: “لو كان لدى ناديا عقل، أو بالأحرى لو كانت بشرًا بحق، لما خطرت لها مثل هذه الفكرة.”
قهقه كايين بمرارة: “حتى الحيوانات أذكى من ناديا آليس.”
“… لا أستطيع معارضتك في ذلك.”
حرّكت عينيها جانبًا وهي تجيبه.
“لكن البقاء حبيسة القصر يثقل نفسي، أعلم أنني لا أقوم بالكثير، لكن فكرة أن أظلّ آمنة وحدي بينما غيري في الخطر… وأيضًا، قد يكون هذا بالضبط جزءًا من خطتهم.”
لم تكن تثق بويستون إطلاقًا، فلم يخطر ببالها ولو للحظة أن تحذيره نابع من حرص صادق على سلامتها.
“قد تكونين محقة، الاحتمال قائم.”
“أرأيت؟ لذا سأتصرف كالمعتاد، فالسير كين والسير جاك إلى جانبي، ولن أكون وحدي.”
“صحيح أنّهما قويان… لكن لا تنسي، ليسا من المتجاوزين، إن داهمتنا عدة وحوش معًا فلن يفلحا.”
“لكن يمكنهما على الأقل أن يكسبا بعض الوقت ريثما تصل.”
أطلق كايين تنهيدة محبطة.. “تجيدين الجدال.” فابتسمت له ابتسامة مرحة، مما جعله يرسل إليها نظرة غامرة بالعمق والحرارة.
وإذ أدركت فيلوميل مغزى تلك النظرة، أسرعت بإدارة وجهها قليلًا وسألت فجأة: “وبالنسبة إلى التعزيزات… هل ستصل قريبًا؟”
“بعد يومين على الأرجح.”
“هذا أسرع مما توقعت.”
“لقد أخبرت سمو ولي العهد مسبقًا أننا سنطلب الدعم قريبًا.”
لم تكن تعلم حتى قدومها إلى الشمال أنّ كايين على تواصل دائم مع ولي العهد.
“هل سيأتي ولي العهد بنفسه؟ لو حضر، فالأمير الثالث سيجد نفسه مقيد الحركة تحت ناظريه.”
أومأ كايين: “أجل، لكن تخيلي إن اكتشف ولي العهد بنفسه الدليل القاطع لإدانة ويستون، سيكون ذلك أكثر إثارة.”
وبينما يتحدث، انزلقت يده على خصرها تصعد رويدًا نحو كتفيها، حاولت أن توقفها لكنها وجدت نفسها منقلبة في حضنه قبل أن تدرك.
“ألم ننتهِ من الكلام بعد؟”
لم يمنحها فرصة للجواب، بل ختم حديثها بقبلة جديدة، صحيح أنها قالت كل ما لديها، لكنها كانت تتمنى لو أنه يخلد للراحة بدلًا من أن يستهلك نفسه أكثر.
غير أنّه لم يُبد أي نية للتوقف، فاستسلمت، وأراخت جسدها بين ذراعيه، تلفّ ذراعيها حول عنقه.
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 108"