كان محتوى الرسالة التي تسلّمها كايين من وليّ العهد كالآتي:
لقد تسلل أحد السحرة إلى جانب المعبد، وجاء متخفّيًا برفقة المجموعة إلى القلعة الشمالية.
عدد الموفدين من قِبل المعبد بلغ عشرين شخصًا، باستثناء ناديا و ويستون، اللذين كان احتمال كونهما ساحرين ضعيفًا للغاية، فهذا يعني أنّ بين الثمانية عشر الباقين يوجد ساحر مختبئ لا محالة.
قال كايين بنبرة جادة: “هل لاحظتم أي أمر غريب أثناء تفتيش الأمتعة؟”
هزّ ثيودور رأسه نافيًا. “لم يكن هناك شيء.”
والواقع أنّ العثور على الساحر بمجرد تفتيش الأمتعة أمر مستحيل أصلًا.
فالساحر لا يتميّز بملامح خارجية واضحة، ولا يحتاج إلى أدوات خاصة لإجراء الطقوس؛ إذ يكفيه دمُه الخاص ليُفعّل السحر.
وفوق ذلك، كان معظم الكهنة يرتدون زيّ المعبد الذي يشبه العباءة، يخفي وجوههم تمامًا، حتى إن التعرّف على الوجوه لا يجدي نفعًا كبيرًا في النهاية.
تردّد صوت في المجلس: “سؤال مختلف قليلًا… هل يُحتمل أن يكون الدم الذي تحمله ناديا هو دم الساحر نفسه؟”
فبعدما افترقت عن فيلوميل، ظهرت صلة بينها وبين ذلك الساحر، ولم يكن ثمّة تفسير منطقي سوى أنّها حصلت على الدم عبره.
تمتم أحدهم، والوجوم يخيّم على الجو: “إن كان الأمر كذلك… فربما ناديا أليس هي من سَتُجري الطقوس بنفسها.”
جُمدت الأجواء في القاعة تمامًا.
فالسحرة يملكون طقوسًا رهيبة، تكفي لإيقاظ وحوشٍ كانت نائمة منذ مئتي عام.
والآن، من يُحتمل أن تجري الطقوس في هذا المكان بالذات هي ناديا نفسها.
غير أنّ أحدهم عقّب قائلًا: “لكن من ذكره وليّ العهد قد لا يكون ناديا أليس، فمن الممكن أنّ الساحر شخص آخر.”
ردّ كايين بنبرة حاسمة: “إذن علينا أن نتحرّك على أساس وجود ساحرَين، أحدهما ناديا أليس، والآخر مجهول بيننا.”
قاطعت ناتاشا لتُنهي الحديث: “على أيّ حال، أنتم جميعًا مُرهَقون اليوم، عودوا للراحة الآن؛ فالتفكير وأنتم متعبون لن يُثمر سوى أوهام بلا فائدة، فيلوميل، أحسنتِ اليوم، لا تقلقي، فالحراسة الليلية موكلة لآخرين، ارتاحي بطمأنينة، كايين، اصحبها إلى غرفتها.”
أجبرتهما كلمات ناتاشا على مغادرة القاعة.
في الممرّ، وقفا مترددَين لحظة، ثم امتدّت أيديهما تلقائيًا لتمتزج في قبضة دافئة.
ابتسم كايين وهو يقول: “سأوصلكِ.”
ابتسمت فيلوميل بخفة.
ورغم ضيق الوقت، وشحّ الفرص التي تجمعهما، كان مجرّد السير معًا كهذا كافيًا ليملأ قلبها بالرضا، إنّه لحظة صغيرة من سعادة تخصّهما وحدهما.
سألها كايين: “هل تناولتِ غداءكِ كما ينبغي؟”
“نعم، تناولت الغداء وشربت الحليب أيضًا.”
كان كلاهما مدركًا لقيمة هذه الدقائق، فسارا بخطًى ليست بطيئة ولا سريعة، متعمدَين تبادل حديث يومي بسيط، وكأنهما يصونان لحظتهما.
قال كايين بابتسامة ماكرة: “حقًّا؟ سأتحقق من كين بنفسي، فاستعدي.”
ضحكت بخفة: “أقول الحقيقة، لا تُرهق السير كين؛ لقد عانى بما يكفي اليوم.”
رفع حاجبَيه مصطنعًا الغيرة: “إذن خطيبتي تهتمّ برجل آخر أكثر مني؟ هل ينبغي أن أشعر بالخذلان؟”
لم تعد فيلوميل تنطلي عليها مثل هذه الحيل، فاكتفت بأن تُسند رأسها إلى كتفه بدلًا من الرد.
ضاق كايين بعينيه بعدما أدرك أنّ حيلته المعتادة لم تنجح هذه المرة.
ثم همس بخبث: “أعدكِ… لن أضايق كين إن حصلتُ على قبلة صغيرة على الخد.”
حدّقت به مذهولة: “هل كنتَ تنوي مضايقته فعلًا؟!”
فأجاب بجدّية متصنّعة وملامح متبرّمة:
“بالطبع، ألم أقضِ الوقت كله إلى جانبك من دون أن أظفر بما يكفي منكِ؟”
“لكننا لم نمكث طويلًا أصلًا، كنا نتنقل بلا توقف باحثين عن الجرحى.”
“إذن… هل ستُقبّليني أم لا؟”
اقتربا من باب غرفتها، ولم يبقَ لهما إلا ثوانٍ قليلة، ترددت فيلوميل لحظة، ثم رفعت يدها لتحتضن وجهه، وارتفعت على أطراف أصابعها.
وبينما كانت تقصد خدّه، وجدت شفتيها تلامسان شفتيه مباشرة.
اتّسعت عيناها دهشة، وحاولت الاحتجاج، لكن ما إن فتحت فمها حتى استغلّ كايين اللحظة ليعمّق القبلة، ويمتصّ أنفاسها بشغفٍ مُحتجز منذ زمن.
ارتجف جسدها خطوة إلى الوراء حتى التصق بالحائط، لكنه حمى رأسها بكفّه من أن ترتطم، ثم غاص أكثر في قبلته.
وبعد وقت بدا طويلًا، انفصلت شفتاهما، كانت تلهث فيلوميل بحثًا عن هواء،ومع ذلك لم يكتفِ، بل واصل يطبع قبلات صغيرة على أطراف شفتيها وخدّيها كمن ينهل بظمأ.
ابتسم وهو يلامس بأنفه أنفها: “كنتُ راضيًا بالخدّ، لكن… ما إن أدرتِ رأسكِ حتى وقعتُ على شفتيكِ صدفة.”
تأفّفت: “إنك… إنك لا تعرف معنى الضمير!”
ضحك برضا: “إذن أنتِ تعترفين بأنني بلا ضمير.”
وحين ابتعد قليلًا، تنبّهت إلى أنّها ،من دون أن تدري ، كانت تقبض على عباءته بشدة حتى تجعّدت، فخجلت وأشاحت بوجهها.
فتح كايين باب غرفتها بيده، وقال بهدوء: “ادخلي وارتاحي، فيلوميل.”
“وأنتَ أيضًا، لا تُجهد نفسك أكثر من اللازم، وحاول أن تنام مبكرًا.”
ابتسم بلطف: “بما أنّكِ تقلقين عليّ، فلا بد أن أمتثل فورًا وأذهب للفراش.”
وقبل أن تغلق الباب، استدارت فجأة، وخطفت منه قبلة صغيرة أشبه بالعضّة على خدّه، ثم أسرعت إلى الداخل وأغلقت الباب خلفها.
تركته مذهولًا في الممر، يلمس خدّه حيث بقي الأثر، ويضحك ضحكة خافتة لا إرادية.
حتى بعد أن عاد إلى مكتبه، ظلّ يتحسّس خدّه، شاعِرًا بإحساس غريب لم يجرّبه من قبل.
قاطعه صوت جيو: “يا دوق؟”
انتبه كايين فجأة: “آه… ماذا قلتَ؟”
“السير كين جاء لمقابلتك.”
“أدخِله.”
دخل كين، بينما أزاح كايين الرسالة التي كان يكتبها لوليّ العهد، وسأله مباشرة: “هل اكتشفت شيئًا؟”
كان قد أوصاه قبل ذلك، أن يراقب عن كثب قوّة ناديا كلما خرجوا لجلب الجرحى، فلا يكتفي بحراسة فيلوميل.
أجاب كين: “حتى الآن، لم ألاحظ شيئًا غير مألوف.”
كانت ناديا قد واجهت الوحوش على الأسوار، وكما لاحظ كايين من بعيد، فقد اجتذبت المزيد من الوحوش إلى الجهة التي تقف فيها.
وفي كل مرة أطلقت نورها، هرعت الوحوش نحوها بلا توقف، وبعد ساعات قليلة، عادت إلى الداخل، بعدما أنهكها استهلاك طاقتها الروحية الكبيرة في وقت قصير.
وبسبب ذلك، لم تتح للاثنين فرصة كافية لمراقبة أدائها بدقة.
أكّد كين: “سأراقبها بتمعّن في المرة المقبلة.”
ردّ كايين بنبرة حازمة: “لكن اجعل فيلوميل أولويتك، قد يستغلّ المعبد أو ويستون أي ثغرة للانقضاض عليها.”
ما إن سمع كين اسم ويستون حتى تذكّر ما حدث قبل ساعات، لكن الأمر كان غامضًا جدًا، لا يصلح لأن يُرفع كتقرير واضح. فتردّد قليلًا، ثم التزم الصمت، وانسحب.
***
قالت فيلوميل وهي تُحصي: “صوفيا، كم تبقّى معنا من الضمادات؟”
“من عشرة صناديق لم نستهلك إلا واحدًا، ما زال لدينا ما يكفي.”
“والشاش؟”
كانت فيلوميل تحصي المخزون عبر صوفيا التي تتردّد على المخزن بدلًا عنها.
ففي حال تزايد الجرحى فجأة، قد ينقص العتاد الطبي، لكن بحسب ما سمعته من صوفيا، لا داعي للقلق حاليًا، فشعرت بالاطمئنان.
ثم التفتت إلى كين وسألته: “السير كين، ماذا عن الوحوش؟”
“لقد انسحبوا مبدئيًا، لكن أتوقّع موجة ثانية بأعداد أكبر.”
مسحت فيلوميل العرق عن جبينها وهي تتمتم: “إذن علينا أن نستعد لاستقبال المزيد من الجرحى.”
كانت قد قضت نحو ساعتين بالفعل في مداواة المصابين، ورأت بأمّ عينيها كيف أنّ بقايا الوحوش ما زالت تهاجم بلا هوادة. لذا أيقنت أنّ الجولة الثانية قادمة لا محالة.
قالت لأحد الجرحى وهي تسلّمه الشاش والضمادات: “انتبه أثناء غسل جرحك، سأعطيك ضمادات كافية لتغيّرها بانتظام.”
شكرها بحرارة، وغادر القلعة بعد أن حُكم عليه بالراحة لعدم قدرته على القتال مجددًا.
في تلك اللحظة، ساد لغط صغير عند الأسوار.
“آه! يا حضرة القديسة!”
التفتت، لترى يوهانس ينزل من السور وهو يُسند ناديا.
كان يتصبّب قلقًا وهو يثرثر:
“تمهّلي، انزلي بحذر! هل أصابك مكروه؟! هل تشعرين بالتعب؟!”
ابتسمت ناديا برقة وهي تجيب: “كيف أشعر بالتعب وأنا أحمي الأرواح؟ يؤلمني فقط أن قوتي لا تكفي أكثر.”
صوفيا، التي رأت المشهد، التصقت بفيلوميل وهمست في أذنها بتهكّم:
“يبدو أنّ هذين الصرصورين دخلا أخيرًا إلى الداخل.”
إلى كل من عاش القصة، وتأمل تفاصيلها، وضاع بين سطورها…
تبقّى فقط ٢٢ فصل على نهاية القصة الرئيسية.
اتمنى تتحمسوا وتنتظروا النهاية الجميلة..رح ارفعها لكم قريبًا
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة لغيرتها … لم تكن المشكلة اني دخلت القصة او ان روحي في جسد ايفا الشريرة بل المشكلة ان ايفا لديها أربعة وأربعون يوما فقط للعيش وبعدها سيتم قتلها من قبل...مواصلة القراءة →
استيقظت ووجدت روحي -في رواية كنت اقرأها- في جسد الأميرة ايفا ، الشريرة التي كانت تغار من البطلة لانها أقل شأنا منها وتضايقها بافعالها نتيجة...
التعليقات لهذا الفصل " 100"
122فصل بس💖 اخف رواية مرة علي
مشكورة على الترجمة الحلوة💕💕